حملة التوقيف عن العمل بسبب الإضراب بقطاع التربية الوطنية: أي موقف نقابي؟
يعد الحرمان من الدخل من خلال التوقيف عن العمل أحد وسائل القمع التي تلجأ لها الدولة لمواجه مطالب الشغيلة، وهذا التوقيف عن العمل هو مقدمة لعقوبات إدارية ومالية مختلفة الحدة، عقوبات قد تصل للطرد من العمل. كما أنه قد تصعد الموقف إزاء جزء من الموقوفين ليصل للمتابعة القضائية والسجن.
وإذا كانت الحركة العمالية والنقابية قد خبرت مختلف صنوف التنكيل من الطرد من العمل إلى السجن والاغتيال (عبد الله مناصر، مصطفى لعرج، الفريزي..)، أو مواجه المحتجين بالرصاص في الانتفاضات الشعبية المتكررة التي عرفتها مختلف مناطق البلاد في العقود السابقة. فمن المفترض أن يكون رد القيادات النقابية المركزية سواء القطاعية أو الوطنية، حازما على حملة التوقيف عن العمل التي استهدفت المئات من النقابيات والنقابيين بقطاع التعليم. على اعتبار أن هذا التوقيف طعنة حادة في نضال الشغيلة ومحاولة لتكسير عزيمة النضال لديها.
هكذا كان واجبا على القيادات النقابية الخمس بالتعليم، أن توقف كل تفاوض مع الوزارة في ضل حملة التجويع المسعورة لمئات النقابيين والنقابيات، كرد بالمثل على الوزارة التي رفضت التفاوض في ضل الاحتجاجات. النقابات المكافحة الوفية لعلة تواجدها عليها رفض التفاوض تحت سياط التجويع والتهديد بالطرد من العمل وبالسجن. بل عليها الدعوة للنضال لمواجهة ذلك.
عدم مواجهة إجراءات الوزارة نضاليا وإجبارها على التراجع عن سياسة تجويع وإرهاب الشغيلة، يعد وصمة عار في وجه كل منظمة نضال نقابي وفية لعلة وجودها. غير أن فداحة التهاون من طرف القيادات النقابية التعليمية الخمس هو عدم إطلاقها لحملة تضامن مالي مع الموقوفين والموقوفات لإبطال مفعول سياسة التجويع الوزارية. على اعتبار أنها الأكثر وعيا بخطورة التوقيف عن العمل وضرره بالنسبة للحركة النقابية وحركة النضال بشكل عام، وإدراكها لهدف الدولة منه وهو إعطاء درس سلبي للقطاعات الأخرى، بعد الدرس النموذجي في النضال الذي سطرته شغيلة التعليم العمومي على امتداد ثلاثة أشهر.
كان ولازال واجبا على القيادات النقابية التعليمية الخمس تجنيد مواردها المالية وإحداث صندوق مركزي للتضامن مع الموقفين والموقوفات عن العمل و إطلاق حملة تضامن مالي وسط المناضلين والمناضلات، وعموم الشغيلة حتى يتم توفير أجور الموقوفين مهما طالت مدة التوقيف. وبالتالي ضمان كرامة الموقوفين وأسرهم وحمايتهم من التجويع التي أرادته الوزارة لهم. وتوجيه رسالة لكل الشغيلة المناضلة بأن التنظيمات النقابية ومنضمات النضال لا تتخلى عن أعضائها وقادتها. وأن التضامن المادي والمعنوي بين مكونات الشغيلة جزء أساس في النضال. وأن ذلك هو الكفيل بتحقيق مكاسب للشغيلة على درب تحررها من كل أشكال القمع والاستغلال والاضطهاد.
إن كل منظمات النضال النقابي وكل المناضلات والمناضلين النقابيات والنقابيين مدعوات ومدعوين لبناء حركة تضامن وطنية مع الموقوفين والموقوفات عن العمل، تجمع بين أشكال نضال ميداني وتضامن مالي، حتى يتم تحصينهم ومعهم أدوات النضال ضد تعديات الطبقة البورجوازية ودولتها.
بقلم، أ.د. نقابي، فبراير2024
اقرأ أيضا