لُولا 3: أملٌ جديدٌ لليسار البَرازيلي؟
بقلم كارلوس. ن Carlos N
أُعيدَ من جديد، يومَ 30 أكتوبر، في الدقيقة 45 من الشوط الثاني، انتخابُ لويس ايناسيو دا سيلفا (حزب الشغيلة) رئيساً لجمهورية البرازيل، ذلك بعد أسابيع توتر سياسي وقلق في سياق الدور الأول. قلق حقيقي لأن ما شهدنا منذ الانقلاب القانوني-البرلماني لعام 2016 كان تواليا لهزائم المعسكر التقدمي.
يجب أن نكافح من أجل تنصيب لولا
طُعم الانتصار مر، لأن أقصى اليمين تطور مؤسسيّاً، بانتخاب برلمانيين وحكام ولايات، فضلا عن كون بولسونارو توطد بصفته زعيمَ المعارضة على صعيد وطني. ويجب، من الآن فصاعدا، أن نقاتل لتأمين تنصيب لولا رغم محاولة انقلاب بولسونارو. ستنفتح عندئذ نافذة عريضة من التحديات والفرص بسعة ومضمون لا سابق لهما منذ أيام يونيو 2013 [1].
أول تلك التحديات هو التصدي للمعارضة، المكونة من سياسيين محترفين متحدرين من قطاعات “الوسط الكبير”[°] وأقصى اليمين، المتنفذة والمسلحة وبمستوى من الاستفزاز غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الجديدة. لذا يكمن أول تحدٍّ لليسار في تأمين رئاسة لولا في السنوات المقبلة، كي لا يُعزل بانقلاب قانوني-برلماني كما جرى لديلما روسيف (من حزب الشغيلة) في 2016، أو يكون ضحية انقلاب، وحتى اعتداء بدني.
يتوقف رفع هذا التحدي على المساحة السياسية التي قد ننتزعها لصالح لولا إبان ممارسة سلطته، التي ستضفي بنحو ديالكتيكي دينامية على قاعدة اجتماعية تعبانة، وجائعة، وفاقدة لأوهامها وعاطلة عن العمل. إلى أين قد تسير حركة جماهيرية مناهضة للنظام يسارا؟
شهد العام 2019 نهوضا نضاليا طلابيا ضد سياسات بولسونارو التعليمية، وتعبئات ضد تدمير غابات الأمازون. وفي 2020 في عز جائحة كوفيد-19 أفضت مظاهرات حركة السود البرازيلية المناهضة للفاشية، وتعبئة المساندين المنظمين، و أجراء Uber ، إلى حملات انتخابية ظافرة للمعسكر التقدمي. وفي 2022 خضنا حملة انتخابية أتاحت رفع نسبة التصويت لصالح لولا في الدورين الأول والثاني، وأتاحت آنذاك بناء أنوية قاعدية، بالنظر إلى الطابع الملح لصد بولسونارو وانتخاب لولا.
لا غنى عن التعبئة في الشارع
أتاحت التعبئة للدور الثاني، بأسلوب “كل شيء أو لا شيء”، فرصة لليسار ليعيد تنظيم نفسه انطلاقا من قطاعات مفككة التعبئة، لكنها رأت في حملة لولا لحظة للتجمع ولو مؤقتا. ولن يواصل نشاطه، من بين هذه المجموعات المتشكلة دعما للرئيس، غير قسم منها، لكن إذا اقترحنا عملا ملموسا وراسخا في واقع الأقاليم، سيكون ممكنا تنظيم هؤلاء الأشخاص. يمكن لهذه المتحدات أن تكون صلة بين أكثر مقترحات لولا تقدمية والمطالب المحلية، تلك التي نوقشت إبان الحملة، ومعارضة حكومات اليمين وأقصى اليمين التي تنبجس بكل مكان في البرازيل [على صعيد الولايات].
سيكون الرئيس الجديد، والحالة هذه، بحاجة إلى التعبئة في الشارع كي يبقى في وظيفته. بيد أن لولا هو قبل كل شيء مسير للرأسمالية البرازيلية. إن الطريقة التي سيكون مستعدا للدخول بها في مواجهة مع البرجوازية التي تساند بولسونارو – أو التي عارضت بصراحة حكومته-هو أحد العناصر الأساسية للظرفية في الأمدين القريب والمتوسط.
وزن الظرفية الدولية
تنيخ الظرفية الدولية، في غضون ذلك، بثقلها في اتجاهين متناقضين. ففي أمريكا اللاتينية يُبدي اليسار، بفضل انتخاب غوستافو بترو في كولومبيا، وغابريال بوريك في التشيلي، فهما أكبر للنقاش حول ملحاحية المسألة المناخية، وقد كان خطاب الأول في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2022 لحظة قوية. ومن شأن هذا أن يحدو بلولا إلى دفاع أشد عن غابات الأمازون، و الطعن ليس فقط في اجتثاث الغابة غير المشروع، بل حتى المشروع نظريا، رغم اقتراب نقطة اللاعودة، أي نقطة دخول الامازون دوامة تدمير ستفضي إلى خسائر لا تعوض تتكبدها الحياة البشرية على الأرض.
ومن وجه آخر، ستشهد أوروبا، حتى قبل تنصيب لولا، نهاية العام 2022، نقصا محتملا في وقود التدفئة المنزلية في فصل الشتاء، أي الغاز، روسي المصدر، في سياق الهجوم الروسي على أوكرانيا، ما قد يؤجج الأمزجة ويدفع قدما بأقصى اليمين، المعزز بصعود “ما بعد الفاشية” المزعومة في إيطاليا في الانتخابات الأخيرة.
نفس جديد لليسار
ثمة إذن في البرازيل نفس جديد لليسار، الذي يجب عليه أن يتدارك الوقت الضائع، إذ لن يكون ثمة فرصة ثانية. يجب ان نستلهم أفضل أشكال التنظيم القاعدي لدى حركة الفلاحين معدومي الأرض، وكذا حملات التضامن ضد الجوع إبان جائحة كوفيد-19 وبعدها في أمريكا اللاتينية، والحركات المرتبطة بالفلاحة الايكولوجية والتغذية بدون سم، والشباب من أجل المناخ، والمجموعات القاعدية الحزبية والتي في طور تشكل حزبي التي تتنظم حول نطاقات اقليمية، مثل تجارب جبهة “شعب بلا خوف” في مدينة ساو باولو.
لا ننخدعنَّ، فلن نُمنحَ هذه المساحة على طبق. فمقاومة لولا وفريقه الحكومي المحتملة للمسائل التي تطرحها النضالات المناهضة للعنصرية، والنسوية، والخاصة بمجتمع الميم، ومن أجل المناخ، والخاصة بالمطالب الاقتصادية التي تدخل في مواجهة مع التنظيم الاجتماعي التاريخي للبرازيل، ستكون حاسمة.
يضمن الوسط الكبير أصواتا في البرلمان، لكنه لا يحشد قطاعات عريضة، بينما بوسع اقصى اليمين فعل ذلك، وبوسعنا نحن ان نقوم به مرة أخرى. مهما يكن من أمر، كان مساء يوم الأحد احتفالا بحكومة لولا الثالثة، وأملا جديد لليسار البرازيلي
بقلم: كارلوس. ن، عضو تيار Insurgência في حزب الحرية والاشتراكية.
المصدر: https://lanticapitaliste.org/actualite/international/lula-iii-un-nouvel-espoir-pour-la-gauche-bresilienne
ترجمة المناضل-ة
- تعبئات جماهيرية في البرازيل ضد غلاء المعيشة مع مظاهرات و اعتصامات في ما لا يقل عن 350 مدينة.
اقرأ أيضا