نداء من نقابيي/ات تيار المناضل-ة إلى مؤتمر النقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش) العاشر
أيّها المُناضلون والمُناضلات الحاضرون-ات بالمؤتمر العاشر
تحية عُمالية عالية، مع التمنيات بنجاح المؤتمر بما يفيد النّضال النقابي بالتعليم ومُجمل كفاح الطبقة العاملة.
تُنظم نقابتنا ن.و.ت –ك.د.ش مُؤتمرها الوطني العاشر في لحظة مطبوعة باشتداد العدوان على خدمة التعليم العمومية وعلى شغيلتها وعامة طبقة الأجراء. إذ يشهد المغربُ اتساع ضرب حقوق الطبقة العاملة وسائر الفئات الشعبية بوتيرة متسارعة. فاستمرار استحواذ أقلية على ثروة البلد وتكالب الاستعمار الجديد، يعني للشغيلة وسائر الجماهير الشعبية تشديد الاستغلال بتدمير ما تبقى من مكاسب على صعيد تشريعات العمل، وتعميم هشاشة الشغل بأشكال العمل المسماة غير نمطية. ويعني هذا في التعليم والوظيفة العمومية عامة فرض العمل بعقود، وسعي لتعميمه عبر مشروع التوظيف الجهوي، وإسناد العديد من الوظائف إلى القطاع الخاص، وإحكام استغلال الشغيلة بتقنيات تدبير قوة العمل التي برهنت على همجيتها في القطاع الخاص، ونسف مكاسب أنظمة التقاعد… ما يعني على صعيد سياسي توطيد الاستبداد بتصعيد الهجوم على الحريات واضطهاد الأصوات الحرة، ولا شك أن مشروع قانون المنع العملي للإضراب سيمثل، في حال فرضه، تحولا تاريخيا خطيرا يمهد الطريق لمزيد من استعباد الاجراء لدرجة القهر. كما يعني تكريس مصادرة السيادة الشعبية بآلية سياسية استبدادية مقنعة واستمرار التفريط في السيادة الوطنية بمواصلة التبعية للمؤسسات المالية للرأسمال العالمي والتطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم.
لقد وضع مقرر السياسة التعليمية، المعروض على المؤتمر العاشر لن.و.ت الأصبع على مكمن الداء بتشخيصه لما حل بخدمة التعليم العمومية بما هو تنفيذ الدولة المغربية لسياسة النيوليبرالية التي ترعاها المؤسسات المالية الدولية.
والحال أن الهجوم النيوليبرالي لا يقتصر على التعليم، فهو ذاته الذي يدمر خدمة الصحة العمومية، ويسعى إلى تفكيك ما تبقى من قوانين الشغل، وقانون الوظيفة العمومية (ليس النظام الأساسي الجديد غير إحدى معاول هذا الهدم)، و إلى ضرب مكاسب أنظمة التقاعد، ويفتح ألف باب وباب للرأسمال الخاص، من قبيل التدبير المفوض وشراكة القطاعين الخاص والعام، ومجمل ما يسمى “نموذجا تنمويا جديدا”. لهذا نُواجه كحركة نقابية، في قطاع التعليم وبصفة عامة، تحدى التصدي للهجوم النيوليبرالي على الصُّعد كافة، واستجلاء البديل الاقتصادي والاجتماعي النقيض للنيوليبرالية التي ليست سوى تنويع من الرأسمالية. وجلي أن الخطوة الأولى على هذا الطريق هي نبذ أضاليل ما يسمى “الشراكة الاجتماعية” التي تعمل الدولة باسمها لاستقطاب الحركة النقابية لتكون طرفا في مباركة السياسة النيوليبرالية والمشاركة في تنفيذها. النقابة ليست شريكا للدولة، وإلا فهي فاقدة لاستقلالها، وبالتالي لم تعد أداة نضال المأجورين والمأجورات. النقابة تنظيم الشغيلة من أجل تحسين أوضاع العمل والحياة، والنضال من أجل بديل مجتمعي خلو من الاستغلال والاضطهاد. لذا يمثل تعزيز بناء النقابة وسيلة أساسية لمواجهة السياسة النيوليبرالية، ما يقتضي الانفتاح على القوى العاملة الفتية من أجراء الدولة، وفروع الإنتاج والخدمات في القطاع الخاص، لاسيما أن جيلا بكامله من الأطر النقابية يتوارى أو يكاد بفعل التقاعد. ولا شك أن كسب الشباب يتطلب أن تبرهن النقابة أنها أداة دفاع حازم عن مطالبهم وفضاء لا يخنق آرائهم ومبادراتهم وأنها ليست مجرد مكمل للدولة للالتفاف عليهم.
كما يجب الانكباب على العمل لتنظيم الأقسام ضحية هشاشة الشغل، وإيلاء اهتمام أعظم بالمرأة العاملة. وقد أكدت التجربة أن التنظيم النقابي الجاذب للشغيلة هو التنظيم الديمقراطي (حرية التعبير عن الرأي المخالف، التكوين، تعميم المعلومة…) القائم على مشاركة فعالة من الأعضاء بعكس نقابة التفويض التي تكرس السلبية والاتكالية. كما يستدعي توطيد النقابة العمل لتجاوز النزوع الفئوي المُشتت لقوتنا، وضم مختلف الأجراء حول مطالب موحدة وخوض كفاحات موحدة، بارتباط مع باقي مكونات مركزيتنا ك.د.ش وسائر تشكيلات الحركة النقابية المغربية، وصولا لبناء الجبهة النقابية الموحدة المبنية من تحت على أساس برنامج نضالي عمالي شامل بوجه هجمات رأس المال.
ولاشك ان ساحة النضال الاجتماعي كما هي اليوم تقتضي انفتاح النقابة على باقي المكونات من تنسيقيات وجمعيات، وتفاعلها مع الحراكات الشعبية التي باتت فاعلا بارزا كما دل حراك الريف-جرادة. وهذا المنظور الوحدوي هو الذي سيسير قدما بالجبهة الاجتماعية التي تمثل مركزيتنا فاعلا أساسيا فيها.
هذا على صعيد نقابي، أما على صعيد جبهة النضال من أجل الديمقراطية التي لنقابتنا فيها تجربة عقود، فيلزم إعمال الفكر النقدي في مجمل التجربة وما انتهت إليه (ما سمي حكومة تناوب وتداعياته) لاستجلاء سبيل نضال جماهيري لإنهاء الاستبداد، وهو ما أعطت عنه حركة 20 فبراير صورة أولية.
أيها المناضلون والمناضلات بالمؤتمر الوطني
جلي أن الطور الراهن من الهجوم النيولبرالي، الذي تسعى الدولة إلى جر القيادات النقابية إلى التصديق عليه، قوامه:
1-نظام أساسي جديد لأجراء-ات التعليم سينسف المكاسب الجوهرية مقابل تنازلات مادية طفيفة، سرعان ما تستعيدها الدولة أضعافا.
2- تطبيق الإجراءات “المعيارية” لأنظمة التقاعد التي ستقلص مبلغ المعاش وترفع سن التقاعد في مهنة باتت صعبة مُنهكة لصحة الشغيلة البدنية والنفسية بأمراض عديدة ما من قانون يعتبرها مهنية.
3-تكبيل الشغيلة بقانون إضراب سيجعل سلاح دفاعهم الوحيد مستحيل التطبيق أو فاقدا لقوة الضغط؛ ما سيجعل كل الشغيلة عزلا في مواجهة ضربات تنهال من كل حدب وصوب.
هذا ما يملي ضرورة خطة نضالية للدفاع عن المدرسة العمومية المجانية والجيدة، ورفض كل تنويعات ضرب ركائزها لصالح القطاع الخاص، والتصدي لكل ما ينال من مكاسب الوظيفة العمومية، والنضال ضد التشغيل بعقود وضد العمل المؤقت وضد إسناد الخدمات الدائمة لمقاولات التدبير المفوض وصفقات هدر المال العام بتهيئة الظروف لإسناد مهام تربوية وإدارية لجهات خارجية عن القطاع. وعلى صعيد حق التقاعد، علينا رفض أي مساس بالمكاسب، فالدولة هي التي تنسف الصناديق بسياسة الامتناع عن التشغيل. وفوق هذا وذاك لا تفريط في حق الإضراب، فهو سلاح الدفاع عن المكاسب والحقوق وتطويرها.
بناء على هذه الرؤية الإجمالية نتوجه نحن نقابيو-ات تيار المناضل-ة إلى رفاقنا المؤتمرين-ات، وكافة أعضاء النقابة، بنداء توطيد ممارسة نقابية طبقية تقطع مع أوهام “الشراكة الاجتماعية” عبر التشبت باستقلال نقابة الشغلية عن الدولة التي ليست غير المعبر الجماعي عن مصلحة البرجوازية التي تصعد عدونها علينا اليوم تحت راية النيوليبرالية.
إن حركتنا النقابية في منعطف خطير يتطلب الوعي النضالي المتقد والنقد الجريء والاقتناع التام أن المستقبل لنضال الشغيلة الموحدة في مواجهة أرباب العمل ودولتهم.
نقابيو/أن تيار المناضل-ة
19 مايو 2022
اقرأ أيضا