التلقيح العالمي: انعدام مسؤولية مأساوي لدى دول البلدان الغنية
ارتفع بشكل خاص معدل انتشار جائحة كوفيد- 19، في الأسابيع الأخيرة، في البلدان النامية. وينبه عديد من العلماء- إزاء هذا الارتفاع المقلق- إلى أن رفع نسبة التلقيح الضعيفة في هذه المناطق يتطلب توقف الدول الغنية عن احتكار الجرعات !
بطء تقدم عملية التلقيح على الصعيد العالمي
كانت البرازيل والهند تشهدان، منذ بضع أسابيع، نسب عدوى مرتفعة جدا. لكن مؤخرا، أصبحت بلدان مثل البنغلاديش وكولومبيا وتونس وزامبيا وناميبيا وبلدان أخرى هي الأكثر تعرضا للإصابة.
يعود السبب جزئيا لظهور الفيروس المتحور “دلتا”، الأكثر عدوى، المتعرف عليه في أكثر من 110 بلدا.
يحفز عددُ الإصابات المرتفع ظهورَ متحورات مماثلة: كلما زاد عدد الإصابات ارتفع خطرُ الطفرات المسببة لأخطر المتحورات وأشدها مقاومة.
وفي وجه هذه الجائحة، فقط مواجهة منظمة يمكنها أن تتيح خفض عدد الإصابات على المستوى العالمي. ما سيخفض ظهور متحورات أكثر فتكا. و كما أوضح مدير منظمة الصحة العالمية: لن يكون أحد بمأمن من الفيروس ما لم يكن العالم بأكمله آمنا.
لا بد إذن، من أجل حماية الاشخاص الأكثر عرضة للإصابة وكذلك لتفادي ظهور متحورات جديدة، ضمن جملة أمور أخرى، أن تجري عملية التلقيح في جميع البلدان وليس في البلدان الغنية وحدها . لكن التفاوتات الاقتصادية بين الدول تتجلى كذلك في الحق في اللقاح: إذا كانت 25% من سكان العالم قد تلقت على الأقل جرعة واحدة فإن هذا الرقم ينخفض الى 1% في البلدان الأفقر. في مقال حديث لمجلة ” Nature “، يتوقع علماء أنه يتعين بهذه الوثيرة على معظم سكان تلك المناطق الانتظار إلى غاية 2023 للحصول على التلقيح.
نظام كوفاكس: طحين قليل من جعجعة كثيرة
لم يفلح نظام كوفاكس Covax ، المفترض أن يتيح التلقيح في البلدان الضعيفة او المتوسطة بفضل مساعدات من بلدان أغنى، سوى في اتاحة 100 مليون جرعة لحد الآن، مقارنة بـ 3.4 مليار جرعة مقدمة في العالم. ليس الأمر نقصا في الكلام الفارغ أو الوعود الجوفاء، فقادة البلدان الغنية يلتزمون ماديا في بعض الحالات لشراء اللقاح إلا أنهم يصادرون الجرعات المنتجة لفائدة بلدانهم.
ما يجب أخذه بالاعتبار- كما أوضح ذلك ممثل للاتحاد الافريقي- ليس هو الالتزامات، بل بالأحرى عدد الجرعات التي تصل إلى مطاراتنا. دون الحديث عن الرخص لشركات الدواء التي لا تمر عبر القطاع العام والتي تمنع بلدان افريقيا وأمريكا الجنوبية من إنتاج لقاحاتها بنفسها.
المشكل في الواقع أعمق من مسألة اللقاح: يَنتُج انفجار عدد الإصابات عن حالة البنيات التحتية الصحية أوعن غياب التدابير الفعالة منذ أكثر من سنة، في بلدان تخضع لقانون السوق وإمبريالية القوى العظمى.
من جهة أخرى نقص اللقاحات والعلاجات ضد السل والملاريا أو داء فقدان المناعة المكتسبة أمر متكرر في بعض المناطق، ليس لعدم وجودها بل لنقص المال.
إن إمكانات التطور في عصرنا عظيمة تماما مثل تقدم الطب. لكن التعاون بين القادة على صعيد عالمي، سواء تعلق الأمر بإنهاء الحروب أو المجاعات أو الجوائح، آيل للفشل في مجتمعنا الرأسمالي. لذا تقتضي تلبية حاجات البشرية جمعاء في المجال الصحي كما في مجالات أخرى انتزاع السلطة من كبار هذا العالم.
Arthur Gourtand
المصدر: https://www.convergencesrevolutionnaires.org/Vaccination-mondiale-l-irresponsabilite-dramatique-des-Etats-des-pays-riches?navthem=1
ترجمة المناضل-ة
اقرأ أيضا