تزنيت نضالاتُ أُسر فقيرة ضدّ شركة «العُمران»
يتنامى استياء ملحوظ داخل المدن المغربية احتجاجات متوالية ضد الشركات العقارية، خاصة ضد الغش في مواد البناء أو لعدم مطابقة التصاميم الورقية للواقع، أو ضد اختفاء أصحاب تلك الشركات بعد اكتشاف أن المشروع وهمي وأنهم ضحية عملية نصب واحتيال.
تأتي في المقدمة الاحتجاجاتُ ضد عدم الوفاء بمواعيد تسليم الشقق والتماطل المتعمد الذي قد يتجاوز عقدا من الزمن، كما هو حاصل حاليا مع عشرات المنخرطين في مشروع «السلام- العين الزرقاء» للسكن الاقتصادي بمدينة تزنيت، الذي تشرف عليه شركة «العمران» الذراع العقاري للدولة.
منذ 2010، تاريخ تقديم المنخرطين لملفات الاستفادة من المشروع، مرورا بسنة 2012 تاريخ بداية تحويل الدفعات المالية، ووصولا إلى 2021 والنتيجة الشركة قبضت ثمن الشقق والمنخرطون مازالوا عرضة للتشريد، علما أنهم من الأسر الفقيرة ومنهم أرامل وذوي إعاقة، دفعوا أموالا من سنوات كدحهم، للشركة أملا في التخلص من أهوال الكراء… ليجدوا أنفسهم بعد عقد من الزمن وهم بين مطرقة الكراء الشهري المكلِّف وسندان الشركة التي مازالت تماطل وتتلاعب بمصير هذه الأسر. دفع هذا الوضع الأسر المتضررة لطرق جميع الأبواب من أجل الحصول على حقها من مسؤولي الشركة محليا وإقليميا ووطنيا، والنتيجة دائما أعذار وأكاذيب ووعود زائفة. الأمر الذي دفعهم إلى الاحتجاج والضال من أجل حقهم المشروع، حيث بدأوا بوقفات أمام مقر الشركة ثم باعتصام سرعان ما تدخلت السلطات بالقوة وفضته ، ليقرروا بعده نقل احتجاجاتهم الى مقر العمالة، التي سعت إلى امتصاص الاحتجاجات بالتدخل لدى الشركة، التي تبين أنها انتهت للتو من انجاز التصاميم الهندسية والطبوغرافية ودفتر الشروط الخاص بالمشروع وأنها بدأت في إجراءات التحفيظ -بعد عقد من الزمن-.
رَدُّ المتضررين محسوم مالم يتم تسليم المفاتيح والعقود فلا شيء سيوقف نضالهم.
أغنياء في القصور وفقراء في «قبور الحياة»
ينعم الأغنياء في هذا البلد في القصور والفيلات والإقامات الراقية، متمتعين فيها بكل وسائل الراحة من حدائق ومسابح… بينما يقبع الكادحون والفقراء داخل البيوت الطينية و»القصديرية»، أو مكدسين في صناديق اسمنتية تسمى «سكنا اقتصاديا», اقتنوها مقابل أقساط وفوائد شهرية سيدفعونها طيلة 25 سنة سيعيشون خلالها أسرى وعبيدا لأخطبوط الأبناك، المستفيد الثاني من كعكة الاستثمار العقاري ان لم يكن المستفيد الأول وهو مايؤكده حجم الديون التي قدمها للأسر والأفراد، حيث بلغ مجموع قروض السكن التي قدمتها مختلف الأبناك حوالي 30 مليار دولار بمعدل سنوي بين 35 و40 مليار درهم. /بنك المغرب/
ثروة أباطرة العقار وأخطبوط الأبناك في تزايد
منحت هذه الحكومة سنة 2019 هدايا ضريبية للباطرونا بلغت 34 مليار درهم، استحوذ قطاع العقار على نصيب الأسد منها. يعفى ما يسمى « المنعشون العقاريون» من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل والضريبة على الشركات ومن رسوم التسجيل، بالإضافة إلى الضرائب والخدمات المحلية لدى الجماعات، دون أن ننسى استفادتهم من الأراضي عبر التفويت أو مقابل أسعار زهيدة وعبر ترحيل سكانها الأصليين مقابل تعويضات زهيدة. كل هذه الهدايا مقابل تقديم صناديق اسمنتية من 45 الى 60 مترا مربعا، لا تتوفر فيها شروط الجودة المطلوبة، تتخلل كثيرا منها شقوقٌ وتصدعاتٌ بُعَيْدَ تسليمه، مما يفرض على مشتريها ميزانية إضافية للصيانة والإصلاح تضاف إلى الثمن الزائد عليها والذي لا تصرح به الشركات في عقود البيع (النوار).
خدمة رأسماليي العقار خلف واجهة محاربة دور الصفيح والسكن غير القانوني
لا يحظى حق الحصول على سكن ملائم ويراعي قدرة الكادحين الشرائية إلا باعتباره مدخلا آخر لمراكمة أرباك الشركات العقارية. الأمر الذي جعل حجم الخصاص يبلغ أكثر من مليون سكن، وسيرتفع الى أكثر من مليوني سكن في سنة 2025، اذ يبلغ معدل الشقق المنجزة سنويا في العقدين الأخيرين 150000 شقة. مما يعكس نفاق وحقيقة من تخدم مخططات الدولة. ولعل أبرزها برنامج «مدن بدون صفيح» الذي انطلق منذ 2012، وكان هدفه الرئيس القضاء على «مدن الصفيح « وإعادة إسكان 270 ألف أسرة , حيث كانت النتيجة ازدياد الأسر في هذه «المدن» إلى 450 ألف أسرة. كما أكد تقرير «المجلس الأعلى للحسابات» لسنة 2020، أمام البرلمان على فشل برنامج «مدن بدون صفيح» في تحقيق أهدافه، ليلقى مصير برنامج سابق هدف إلى انشاء مدن جديدة (تامسنا بالرباط وتامنصورت بمراكش). أما مخطط القضاء على المنازل الآيلة للسقوط فيستمر مسلسله مع مواسم تساقط الأمتار، مخلفا المزيد من المآسي في الأرواح والممتلكات، علما أن 46 ألف بناية مهددة بالسقوط على قاطنيها في كل لحظة.
الرد الشعبي والعمالي دفاعا عن حق السكن
يريد البورجوازيون بقيادة دولتهم، أن يعيش الكادحون منعزلين ومشتتين ليسهل اخضاعهم لجشعهم، وأرباحهم ولسحقهم كلما تمردوا على الغلاء والتجويع، لهذا لا سبيل أمام الكادحين الا الوحدة والتضامن والنضال، لقهر كل المستغلين من أصحاب الشركات الرأسمالية والمستفيدين من الوضع الراهن، من أجل أن لا يخضع حق السكن لمنطق السوق ويصبح بضاعة تدخل ضمن ثقافة الاستهلاك الرأسمالي.
البديل في النضال من أجل تأميم قطاع الإسكان، لتأمين السكن اللائق للفئات الكادحة والمعطلين، وضمان السكن للفئات الأخرى بأسعار مقبولة تراعي دخلها.
علينا النضال من أجل نزع العقار والسكن من يد القطاع الخاص والشركات، وجعله استثمارا عموميا تتكلف به الدولة (وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان والتعمير وإعداد المدينة)، ورفع الميزانية المخصصة لهذا القطاع العمومي عبر سن سياسة ضريبية تصاعدية في حق شركات العقار واسترداد كل الإعفاءات الضريبية السابقة.
ستضمن سياسة إسكان عمومية- تحت رقابة شعبية- الحصول على سكن لائق وبأسعار تراعي القدرة الشرائية للشغيلة والكادحين، بدل ترك الأمر لقوانين السوق التي تتحكم فيها الشركات العقارية الكبرى.
اقرأ أيضا