حرب رب العمل لاجتثاث العمل النقابي بفندق كنزي منارة بلاص- مراكش
قام رب عمل فندق ماكنزي منارة بلاص بمراكش بطرد عشرة من عاملات وعمال الفندق، بداية شهر مارس. اختار رب العمل اليوم العالمي للنساء 8 مارس إعلام العاملات وزملائهن بقرار الطرد.
أُسِّست المجموعة الفندقية في فبراير من سنة 2009، وكان تسمى قبل ذلك “قصر المنارة”. “يقع هذا الفندق الفاخر في منتزه تبلغ مساحته 40468.54 متر مربع في مراكش”. [https://www.booking.com]. وصنفه موقع المسافر العربي كأفضل فندق بمراكش [https://www.ar-traveler.com]. وهذا ما يفسر حدة الهجوم لاجتثاث النقابة، فالأعمال الناجحة تتناقض دائما مع تنظيم العمال- ات للدفاع عن حقوقهم- هن.
فرط استغلال
أ. هشاشة أوضاع الشغل
للتحكم في اليد العاملة وتشديد استغلالها، التجأ صاحب الفندق كغيره من أرباب العمل، إلى ما تتيحه له مدونة الشغل من تنويع الأوضاع القانونية لشغيلة الفندق. يبلغ عدد العمال- ات 220 فردا، ضمنهم 90 يشتغلون بعقود غير محددة المدة وحوالي 130 بعقود محددة المدة، يجري تجديد عقودهم مرة كل ثلاثة أشهر مع شركة وساطة MANPOWER. كما يجري اللجوء إلى العمل الموسمي في ذروة الموسم السياحي.
ب. ساعات العمل
قبل انتظام العمال- ات في النقابة، كان رب العمل يفرض عليهم- هن وتيرة عمل قاسية، تخالف ما تنص عليه مدونة الشغل من حقوق الشغيلة. فساعات العمل عادة ما تتعدى الثماني ساعات لتبلغ 12 ساعة. وفي بعض الحالات يتم المناداة على العمال للعودة إلى الفندق للعمل حتى بعد إنهاء فترة العمل. استطاع العمال- بعد تأسيس النقابة فرض ثمان ساعات منذ سنة 2012.
أما العمل الليلي فقائم بشكل دائم، حيث يجري الاشتغال بثلاث ورديات (فرق): العمل بالتناوب بثلاث فرق، تشتغل كل فرقة مدة 8 ساعات. لكن العمل الليلي لا يعوَّض عليه، تتساوى أجور العمال الليليين مع أجور عمال النهار.
ج. أجور بؤس قضمها رب العمل بدعوى الجائحة
تغلب الأجور الدنيا في حدود 2300 درهم وهي دون الحد الأدنى للأجور القانوني: عمال وعاملات المطبخ، النظافة، العاملات اللواتي يشتغلن في تنظيف وإعداد غرف الفندق. وحتى أجور البؤس تلك يجري تأخيرها وإبطاء رفعها:
– عند تأخر صرف الأجور يجري الانتظار إلى حين صرفها وقد يصل التأخير لمدة 15 يوم.
– أجور العمال المرسمين تُصرَف من طرف الفندق. بينما أجور العمال المؤقتين عبر شركة الوساطة MANPOWER.
– لم تشهد الأجور أي ارتفاع باستثناء بعض التعويضات، ولا ترتفع أجور العمال في فترات الذروة وازدهار القطاع السياحي.
– اقتطاع 500 درهم من الأجر شهريا مقابل الاستفادة من التغذية بالفندق والنقل من والى الفندق.
– يؤكد العمال أن الفندق هو الوحيد الذي لم يتوقف عن العمل خلال جائحة كورونا، واستمر في استقبال السياح وكذا الأطر الطبية العاملة في مواجهة وباء كورونا. ورغم ذلك، ففي الفترة الممتدة بين شهر مارس 2020 إلى شهر مارس 2021، لم يتجاوز مبلغ الأجور المؤداة 2000 درهم للعمال- ات الذين يقل أجرهم عن 5000 درهم، وأداء %50 للعمال الفائقة أجورهم 5000 درهم.
– – يؤكد العمال- ات أن جزءً من أجورهم تقاضوها عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهي تعويضات صندوق كورونا المخصصة للقطاعات المتضررة، وهذا رغم أن الفندق ظل مشتغلا وبنسبة ملء مهمة.
د. التضحية بصحة العمال-ات
– هناك مجموعة من العمال والعاملات أصيبوا بعدة أمراض مزمنة نتيجة العمل: السكري والضغط، وأمراض المفاصل ARTHROSE. ولا يتوفر الفندق إلا على ممرضة تقدم بعض الإسعافات الأولية، عكس ما ينص عليه الباب الثالث من مدونة الشغل “المصالح الطبية للشغل”، من ضرورة توفر المقاولات التي تشغل ما لا يقل عن خمسين أجيرا على مصالح طبية للشغل.
– اشتغل الفندق في فترة كورونا واستقبل الأطقم الطبية وتأكدت إصابة مجموعة من العمال- ات والعاملات بفيروس كوفيد- 19 والذين نقلوا العدوى لأفراد عائلاتهم، وفرض عليهم الفندق عدم التصريح بإصابتهم بالفيروس مخافة أن ينتشر خبر إصابة عمال الفندق ويتم إغلاقه.
عمال- ات الفندق: تاريخ من النضال النقابي
أُسِّسَ المكتب النقابي بالفندق سنة 2012 تحت لواء الاتحاد العام الديمقراطي للشغالين، وبعدها مباشرة جرى طرد أعضاء وعضوات المكتب النقابي.
خاض للعمال- ات اضرابا ووقفة احتجاجية لمدة ثلاث ساعات أمام الفندق. ولكسر الإضراب استقدمت إدارة الفندق عمالا من فروع أخرى، إلا أن المضربين وضحوا لهم خلفية الإضراب وأن الإدارة تريد استعمالهم لتكسير الإضراب. كما استُقدِمت عناصر من حراس الأمن الخاص مزودين بالكلاب لترهيب العمال المضربين وتكسير اضرابهم، وحضور قوات القمع.
لاقى الإضراب تضامنا من طرف مجموعة من القطاعات المنتمية للنقابة: سائقو الطاكسيات، سائقو النقل السياحي، عمال المقاهي والمطاعم… وقد نتج عن صمود العمال والتضامن معهم استدعاؤهم للحوار وتم تحقيق مجموعة من المطالب: إرجاع المطرودين- ات، الاعتراف بالمكتب النقابي كممثل للعمال- ات، تخصيص مقر للنقابة بالفندق، ثمان ساعات عمل يوميا، الاستفادة من صندوق الأعمال الاجتماعية COS في الأعياد، الاستفادة من التعويضات عن الأمراض.
الطرد لاجتثاث النقابة
لا بد إذن أن العمل النقابي أصبح يؤرق رب العمل الناجح، والذي لم تتأثر أعماله طيلة فترة الحجر وما تلاها، رب العمل الذي استغل مبرر الجائحة والأزمة للتخلص من النقابة التي يضمن وجودها حقوق العمال والحدود الدنيا من استقرار الشغل.
ابتداء من فاتح مارس بدأ إرسال استدعاءات لأعضاء وعضوات المكتب النقابي وبعض العمال والعاملات للحضور إلى جلسة استماع استنادا إلى الفصل 62 من مدونة الشغل، بمبرر “ارتكاب خطأ جسيم يتمثل في السب الفادح وتحريض بعض العمال على عدم القيام بعملهم”. وفي جلسة الاستماع يجري تسليم كل عامل-ة تم استدعاؤه قرار الطرد الكتابي الذي أُعِدَّ مسبقا. عكس ما جرى تضمينه في الاستدعاء الموجه للعمال- ات من أن الجلسة مخصصة “لأن تتاح لك فرصة الدفاع عن نفسك بالاستماع إليك من طرف مشغلك”.
يتعلق الأمر إذن بطرد تعسفي ولأسباب نقابية، في خرق سافر للمادة 36 التي تمنع العقوبات التأديبية لأسباب الانتماء النقابي أو ممارسة مهمة الممثل النقابي. لذلك فإن تهمة التحريض على عدم القيام بالمهام، يدخل في نطاق الحريات النقابية.
لكن رب العمل يريد أن يتخلص من العمال- ات دون احترام مدونة الشغل، التي استند إلى فصلها 62، دون بقية الفصول، ومنها الفصل 63: “يقع على عاتق المشغل عبء إثبات وجود مبرر للفصل، كما يقع عليه عبء الإثبات عندما يدعي مغادرة الأجير لشغله”. وبدل إثبات مبرر الطرد استغلت إدارة الفندق حضور المعنيين- ات لجلسة الاستماع قصد تسليم قرارات الطرد.
وما يثبت نية اجتثاث النقابة، أن إدارة الفندق التي لجأت إلى المادة 62 من مدونة الشغل، تجاهلت منطوق المادة 38 من نفس المدونة، التي تنص على أنه حتى في حالة ثبوت الخطأ الجسيم فعلى المشغل أن “يتبع بشأن العقوبات التأديبية مبدأ التدرج في العقوبة. ويمكن له بعد استنفاذ هذه العقوبات داخل السنة أن يقوم بفصل الأجير؛ ويعتبر الفصل في هذه الحالة فصلا مبررا”… لكن رب العمل مر مباشرة إلى السرعة القصوى وسلم قرارات الطرد للمعنيين- ات.
قرر العامل- ات المطرودون-ات والمكتب الجهوي للاتحاد العام الديمقراطي للشغالين بالمغرب، إضرابا ووقفة احتجاجية يوم الأربعاء 10 مارس لكنها أُجِّلَت بسبب اتصال السلطات لتنظيم جلسة صلح مع المشغل يوم الخميس 11 مارس. عُقد الاجتماع بمقر باشوية المشور القصبة، حضره رئيسة الجهة لمفتشية الشغل، والباشا والقائد والممثل القانوني للفندق ومندوب العمال (لم يعترف به العمال المطرودون من العمل كممثل للعمال ورفضوا التعامل معه). موضوع الاجتماع النظر في الطرد التعسفي إلا انه لم يسفر إلى أي نتيجة بسبب تشبث ممثل الشركة بعدم إرجاع المطرودين ورفض وجود النقابة في الفندق. وتم تأجيل الاجتماع إلى موعد لاحق.
سيدخل عمال- ات الفندق في إضراب واحتجاج ابتداء من يوم الأربعاء 17 مارس. تقع على عاتقنا مهمة الانخراط في نضال عاملات وعمال فندق كنزي منارة بلاص- مراكش، لأن نجاح رب العمل في طرد النقابيين- ات سيكون فاتحة حرب شعواء على النقابة في باقي القطاعات. التضامن العمالي حيوي ومطلوب، فما يقع حاليا لعمال- ات الفندق ليس إلا صورة عما ينتظر عمال- ات بقية القطاعات.
لقد سبق أن نجح إضراب عمال- ات الفندق سنة 2012 بفضل تضامن قطاعات عمالية أخرى، ونجاح إضراب واحتجاج مارس 2021 رهين بهذا التضامن الذين علينا أجمعين التعاون على حفزه.
علينا الحذر من دعوات “الحوار” المتكررة، والتي يلجأ إليها رب العمل كلما دعونا إلى إضراب أو احتجاج. القصد منها هو تأجيل الاضراب، والدخول في متاهة الاعلان والتأجيل، يكسب معها رب العمل وقتا ويتدنى استعداد القاعدة العمالية. ويقوم رب العمل بإلغاء جلسة التفاوض أو يرفض الحضور فيها ما أن يقوم العمال بتعليق الإضراب وتأجيل النضال.
الإضراب هو الوسيلة الوحيدة للضغط على رب العمل في جلسة التفاوض. الإضراب حق عمالي، ولا يتناقض مع عقد جلسة تفاوض، بالعكس فإن تنفيذ الإضراب يشكل ضغطا فعليا على رب العمال أثناء التفاوض.
مراسل الجريدة- مراكش
اقرأ أيضا