-الحجر الصحي من أجل التفكير في المدرسة وفي الإنسان، ترجمة فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة الموقوفة
عبرت أم أستاذة عن قلقها بسبب انحرافات التعليم عن بعد عبر مسطحات في زمن الحجر الصحي، وطرحت تفكيرا شاملا بخصوص البعد الإنساني للمدرسة.
المصدر: https://plus.lesoir.be/291593/article/2020-04-01/le-confinement-pour-penser-lecole-et-penser-lhumain
أنا أم لثلاثة مراهقين، يتوصلون منذ بداية الحجز الصحي بواجبات من قبل أساتذتهم عبر مسطحة. إذا كُنْتُ بداية ضروريا أن يحافظوا على ارتباطهم بالمدرسة وأن تكون برامجهم اليومية منظمة تبعا لهذه الروابط، إلا أنه سرعان ما ظهرت المقاربة إشكالية.
في الواقع، يجد أبنائي أنفسهم أمام حلقات دراسية، تتطلب ساعات طويلة من العمل اليومي لمسايرتها. بالإضافة إلى أن العديد من الأساتذة لا يحترمون “الدورية” الوزارية (القاضية بعدم إرساء موارد جديدة وإنما الاكتفاء بدعم وتقويم المكتسبات السابقة، المترجم)، ويستمرون بالتقدم في المقرر الدراسي تحت ضغط التهديد: “سيتم امتحانكم في هذه الدروس عند العودة إلى الأقسام”. إنه الشطط في استعمال السلطة!
أعتقد أن هذا النوع من التدريس بلغ حدوده المضرة. يعيش أطفالنا اليوم وضعا مقلقا للغاية، فهل يجب إضافة توتر المدرسة إلى هذا الحجر الصحي الرهيب؟ هل أصبح، تسكع مراهقينا وبقاؤهم حالمين وممارستهم للرياضة أو حتى انغماسهم في متابعة مسلسلات “نتفليكس” لبعض أسابيع، أمرا خطيرا لهذه الدرجة؟ أي مجتمع إنتاجوي هذا الذي نعيش فيه حتى تصبح صفات مثل الملل، والبطء وعدم الإنتاج صفات ملعونة لهذه الدرجة؟ كأستاذة كنت شاهدة على مناقشة قاسية عبر منصة المؤسسة حيت أشتغل. أصيبت إحدى تلامذتنا بفايروس كورونا وطبعا ليست بحالة تسمح بإنجاز الواجبات المنزلية، رغم ذلك أصر بعض الزملاء على أن تنجز فروضها في أسرع وقت ممكن! يبدو لي هكذا أننا فقدنا كل حس سليم! في الأيام العادية، عندما يتغيب تلميذ، لم يكن أحد ليتجرأ بمطالبته بإجراءات مماثلة.
نظام تعليم عن بعد لا تربوي بشكل مرعب.
أريد أن أتجاوز بتفكيري إطار الأزمة الصحية التي نشهدها اليوم. بدأ التعليم في بلجيكا يأخذ منحى ساهمت الجائحة في تسريعه، حيث تميل المؤسسات التعليمية أكثر فأكثر إلى اختيار المدرسة الرقمية. من بين الوسائل المستعملة نجد مجلة القسم على الإنترنيت.
يسمح هذا التطبيق (وعبر إشعارات على الهاتف) للمدرسة بتقديم تقرير آني للآباء عما يحدث في المدرسة: نتائج أبنائهم وتصرفاتهم داخل القسم وبرمجة واجباتهم المنزلية… الخ. أعتقد أنه باسم الشفافية، أصبحت هذه الوسيلة تنحرف بنا نحو الرقابة وكل ما يرافقها من ممارسات شاذة: فقدان حس المسؤولية (أصبح البرنامج الرقمي هو الذي يتكلف بإخبار الآباء والأمهات بالمعلومة)، فقدان الثقة (التلميذ لم يعد محتاجا ليبين أنه موضع ثقة، فكل شيء قيل عبر التطبيق)، وتدخلٌ دائم في حياة الأسرة بسبب هذه التطبيقات. انحرافات هذا النوع من الوسائل متعددة. يكفي أن نتجه بأنظارنا نحو الصين لنعرف أي مدى يمكن أن يبلغه مستوى الترصد والمراقبة الرقميين. هل سيتم تنقيط أبنائنا وتحديد مواقعهم كما يحدث مع المواطنين الصينيين؟ وماذا عن الأساتذة؟ هل سيتم تنقيطهم حسب نسبة نجاح تلامذتهم في الامتحانات الخارجية؟ وحسب جودة دروسهم عبر تقنية العرض المباشر؟ وحسب كمية رسائل التشجيع المرسلة إلى تلامذتهم؟ هل سيخضعون قريبا لنفس مصير البائعات- ين في المحلات التجارية الكبرى، حيث الزبون مدعو لتقييم الخدمة المقدمة بعد التبضع؟
مستقبل المهنة وتطورها
بصراحة، أنا قلقة بخصوص مستقبل مهنتي. ربما تصبح الدروس التي نقدمها اليوم في زمن الكورونا عبر تقنية العرض المباشر هي القاعدة، وبهذا تتغير مهنة التدريس جذريا. في الحقيقة، لماذا الذهاب إلى المدرسة (حيث البنايات متهالكة ومستهلكة للطاقة) في الوقت الذي سيصبح فيه الأساتذة مجهزين لتقديم الدروس أمام الكاميرا انطلاقا من منازلهم؟ لماذا الاستمرار في تقديم دروس حضورية داخل مباني في حين أصبح كل شيء في مرمى اليد على الشاشات الموجودة بالمنزل؟
لماذا؟ لأنه قبل أن تكون المدرسة مكانا لنقل المعرفة واكتساب المهارات، فهي المكان الأمثل حيث يتعلم الطفل العيش مع الآخرين.
المدرسة هي المكان الذي يشكل إنسانيتنا، هي التي تسمح لنا بالتواجد وسط تعددية لا منتهية من الوجوه والمزاجات والطباع وسط أجساد تتعرق، تمزح، تتعارك، تتحد، تتنافر، تتجاذب، تبحث عن ذواتها، تتناغم وتنسجم وتنمو، معا. كل ما ينقصنا في هذا الحجر الصحي تمنحنا إياه المدرسة. هذا الكنز، في نظري، هو أثمن ما يوجد في مجتمعنا. هل سنستطيع الحفاظ عليه رغم تخفيضات الإنفاق؟ رغم لوبيات المسطحات الرقمية الضخمة؟ رغم هوسنا بالمنافسة والمردودية؟ رغم ميلنا شبه المرضي للشاشات؟ لا شيء من كل هذا يستطيع تعويض التواصل المباشر، هذا على الأقل ما يجب نستوعبه بفضل الجائحة؟
ترجمة فريق الترجمة بجريدة المناضل-ة الموقوفة
اقرأ أيضا