اغتيال الجنرال سليماني: ضدّ الإمبريالية الأمريكية وحُلفائها، تضامناً مع الشّعوب المُضطهدة
6 يناير، 2020
اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة، يوم 3 يناير في بغداد، هو بمثابة صاعقة رعدية في سماء مضطربة بالفعل. إنه عتبة عالية جدا تخطاها دونالد ترامب، وستكون نتيجة ذلك الرئيسية تعميق الفوضى في المنطقة.
الرد القادم
قاسم سليماني شخصية أساسية في النظام الإيراني. قائد فيلق القدس، وحدة النخبة في الحرس الثوري، كان يعتبر الرجل الثاني في النظام، خلف آية الله خامنئي، القائد الأعلى الحالي للثورة الإسلامية. من خلال مهاجمة سليماني، قرر ترامب بالتالي توجيه ضربة شديدة، مخاطرا بإثارة رد أو أكثر من رد فعل كبير من قبل إيران التي أظهرت، في الأشهر والسنوات الأخيرة، أنها قادرة بالفعل على التصرف عسكريا أبعد ما يكون عن حدودها.
لم يطل انتظار “النتائج”، ففي غضون أيام قليلة أعلنت إيران تحررها من الاتفاقية النووية، عن طريق تخطي الحد الأقصى لعدد أجهزة الطرد المركزي، وصوت البرلمان العراقي على نص يدعو إلى رحيل القوات الأمريكية التي ما زالت متمركزة في العراق. كما أعلنت إيران عن نيتها “الانتقام” عسكريا لاغتيال الجنرال سليماني، دون الإفصاح بالضبط عن نوع الرد المخطط ومداه. الأهداف المحتملة هي الجنود والسفن و/أو القواعد الأمريكية في المنطقة، وكذلك حلفاء الولايات المتحدة. هناك شيء واحد مؤكد: إيران سترد، بشكل مباشر أو من خلال إحدى الجماعات المسلحة المرتبطة بها، بقدر ما أن الإهانة التي سببتها وفاة سليماني لا يمكن أن تظل، في نظر النظام والإيرانيين، دون رد فعل.
من جهته، أعلن دونالد ترامب، الذي صفق له نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتنق “الاغتيالات المستهدفة”، أنه إذا ردت إيران، فإن الولايات المتحدة ستشن عملية واسعة النطاق ضد 52 موقعًا “على مستوى عالٍ للغاية ومهم جدًا لإيران وللثقافة الإيرانية”. إنه تصعيد لفظي يتوجب أن يؤخذ على محمل الجد باستحضار مزاج ترامب وتصوره للسياسة، التي يراها مجال الرجال الوحشيين والعدائيين، متجاهلاً العواقب المحتملة للقرارات التي يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل متسلسلة لا يمكن السيطرة عليها. دليل من بين أمور أخرى عن عقلية ترامب: تم اختيار العدد 52 في إشارة إلى 52 رهينة في السفارة الأمريكية بإيران عام 1979…
معاداة الإمبريالية، لا المعسكراتية
تحدث ماكرون، الأحد 5 يناير، عبر الهاتف مع ترامب ليؤكد له “تضامنه الكامل”. وعلمنا أيضا بواسطة بيان صحفي من قصر الإليزيه، أن “[ماكرون] أعرب عن قلقه بشأن الأنشطة المزعزعة للاستقرار من قبل قوة القدس الموجودة تحت سلطة الجنرال قاسم سليماني، وأشار إلى الحاجة لأن تضع إيران الآن حدا لذلك وتمتنع عن أي تصعيد عسكري من شأنه زيادة تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي”. إنه موقف في خدمة أباطرة الإمبريالية الأمريكية، في أعقاب العدوان الملحوظ، يؤاخذ الدولة المعتدى عليها ويدعم الدولة المعتدية.
يجب أن نعلن، بصوت عال وواضح، إدانتنا لاغتيال سليماني، ومعارضتنا مغامرات ترامب وحلفائه العسكرية الفتاكة، بما في ذلك فرنسا، ونطالبهم بوقف جميع تدخلاتهم العسكرية وتدخلاتهم في شؤون المنطقة الداخلية. لكن هذا لا ينبغي أن يقودنا إلى إعادة إضفاء صبغة القوة المعادية للإمبريالية على إيران، وتقديم سليماني كشهيد وصديق للشعوب المضطهدة. هذا الأخير هو في الواقع، من بين مآثر الأسلحة البغيضة الأخرى، الشخص الذي قاد التدخل الإيراني في سوريا، والذي هدف إلى تدمير الانتفاضة المناهضة للأسد، إلى جانب القوات الروسية، مما أسفر عن مئات الآلاف من القتلى وملايين اللاجئين والمهجرين. لم يعلن ترامب عن شن حرب فحسب، بل ألقى برميل زيت على نار منطقة حيت تستعر المنافسات الإمبريالية وطموحات الإمبرياليات الإقليمية والسياسات الاستبدادية لسحق الشعوب. وبالتالي، فإن إحدى عواقب اغتيال سليماني قد تكون هي إضعاف الحركة الشعبية في العراق، باسم الوحدة الوطنية والتضامن مع إيران ومعارضة الولايات المتحدة الأمريكية. ناهيك عن القوى التقدمية الإيرانية، بعد أقل من شهرين من الانتفاضة ضد غلاء المعيشة الباهظة وضد النظام، والتي تم قمعها بوحشية.
لا تستطيع معاداة الإمبريالية أن تنأى بنفسها عن تناقضات الوضع الدولي والإقليمي والاستسلام للاختصار المتمثل في رؤية بالأسود والأبيض للديناميات الاجتماعية والسياسية. إن العدوان الذي ترتكبه الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون بهذا المعنى إعاقة لإيران وسياستها التوسعية والرجعية، داخل حدودها وخارجها، ولا لسياسة تحالفها مع روسيا بوتين الإمبريالية. سيكون ذلك ضررًا بليغا على القوى التقدمية الإيرانية، وشعوب المنطقة، والفرق الدقيق في التحليل لا يعني بأي حال من الأحوال إضعافا للمعارضة المطلقة للسياسات الإمبريالية للولايات المتحدة وحلفائها، بل هو على خلاف ذلك. لكننا لا ننسى القوى الإمبريالية والرجعية الأخرى، وبالتالي نأخذ لحسابنا كلمات رفاقنا في تحالف الاشتراكيين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “في ظل كل هذه التطورات، لن تكون معارضة الضربات الإمبريالية الأمريكية والتهديدات بالحرب ضد إيران والعراق فعالة إلا إذا كانت متجذرة بالتضامن مع القوى التقدمية والثورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأن تعارض في الوقت عينه جميع الحكومات السلطوية والقوى الإمبريالية في المنطقة.”(1).
جوليان سالانج
تعريب جريدة المناضل-ة
(1) HYPERLINK “https://allianceofmesocialists.org/oppose-u-s-and-iran-war-by-showing-solidarity-with-uprisings-in-the-mena-region/?lang=ar&fbclid=IwAR1gB5-L5k11agYFih_6xV9O26CtGtSg-p2ShH0mHGOCKcCIIYC_65l2pV0” https://allianceofmesocialists.org/oppose-u-s-and-iran-war-by-showing-solidarity-with-uprisings-in-the-mena-region/?lang=ar&fbclid=IwAR1gB5-L5k11agYFih_6xV9O26CtGtSg-p2ShH0mHGOCKcCIIYC_65l2pV0
المصدر: HYPERLINK “https://npa2009.org/actualite/international/assassinat-du-general-soleimani-contre-limperialisme” https://npa2009.org/actualite/international/assassinat-du-general-soleimani-contre-limperialisme
اقرأ أيضا