لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم
بقلم، كميل داغر
المصدر: almodon.com/culture/2019/12/7/ لا-ندعن-المارد-المندفع-في-لبنان-يعود-إلى-القمقم
في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، كتب رئيس حركة Objectif-France، الفرنسي من أصل جزائري، رفيق سماتي، في صحيفة كونتربوان Contrepoints، ما يلي: “تشترك الفترات ما قبل الثورية في أن القادة السياسيين والنخب القائمة في تلك اللحظة يكونون عاجزين دائماً عن تصور السيرورة الثورية الجارية. وفي حال ادركوا ذلك، يُظهرون عجزاً عن مواجهة هذه الظاهرة، بفعل موقف دفاعي مرتبط بالحفاظ على مصالحهم الشخصية.
غير ان علامات الإنذار تتضاعف على كل مستويات المجتمع، وعلى صعيد كل الاجيال، وفي كل الاوساط الاجتماعية… ينمو التذمر والغضب، ويحِلُّ التحدي حيال المؤسسات، بحيث ينبغي أن يكون المرء أعمى لكي لا يرى ذلك!(…)
وهذه مسألة ثابتة منذ اكثر من ألفي عام. فأباطرة روما المتهاوية كانوا اول من لم يعوا سيرورة الانهيار، مختارين أن يعطوا الاولوية للمتعة على المدى القصير. وهاكُمْ مثالاً رمزياً آخر: في 14 تموز/يوليو 1789، في حين كانت الثورة الفرنسية في أوجها، سأل لويس السادس عشر مساعده لاروشفوكو، بسذاجة: “هل هذا تمرُّد؟”، فأجاب لاروشفوكو: “كلا، يا صاحب الجلالة، إنها ثورة”.
والسبب وراء إيراد هذا الوصف الطويل، نسبياً، لفشل كثيرين، ليس فقط في توقع الثورات، بل كذلك في التعرف عليها، بعد حدوثها، والاعتراف بحقيقة حدوثها، أن عدداً كبيراً من الناس، ولا سيما في الضفة المقابلة لما يتفجر اليوم في شوارع لبنان وساحاته، مصرون على الإشارة إليه على أساس أنه مجرد “حراك”، فيما أيُّ نظرة موضوعية، وعلمية إليه، تؤكد صحة ما يهتف به الفاعلون لهذا الحدث التاريخي العظيم، في تلك الشوارع والساحات – حتى وهم يتلقون شتائم أزلام النظام القائم، وضرباتهم، وهجماتهم الحاقدة – صارخين، في وجه هؤلاء، من غير ما ضغينة: ثوره! ثوره! ثوره!
هذا وقبل ان نستفيض في تحليل ما يجري، منذ السابع عشر من تشرين الاول/أكتوبر الماضي، وفي تبيان مدى جسامة مهمة بهذا الحجم، وصعوبات تقدمها نحو النصر، وشروط ذلك – سواء على صعيد بلورة برنامجها، وإنضاج عملية ظهور القيادة القادرة على الاضطلاع بما تطرحه من مهام، أو على مستوى حيازة تلك الدرجة من الفطنة، لا بل الإبداع، اللازمة لخوض مواجهة طويلة ناجحة مع قوى الثورة المضادة، وهي قوى لا مجال للاستهانة بما تمتلكه من إمكانات – سيكون من الاهمية بمكان أن نشير إلى واقع لا يمكن تجاهله، وهو ان الثورة الراهنة لا يمكن ان تحجب ما سبقها من مقدمات، منذ أواخر شباط/ فبراير 2011، ومروراً بذلك الصيف “الحار جداً”، على المستوى الاجتماعي، صيف العام 2015!
مقدمات الثورة الراهنة
كان الشكل الذي اتخذته استجابة الشعب اللبناني لثورات الربيع العربي يتمثل في تلك المظاهرات الثلاث التي حصلت اولاها في 27 شباط/فبراير 2011، انطلاقاً من مار مخايل/الشياح إلى قصر العدل، وتعمَّد الداعون إليها ان تسلك الطريق ما بين الشياح وعين الرمانة، التي كانت أول خط تماس في الحرب الطائفية اللبنانية، في العام 1975. وقد كانت شعارات تلك التظاهرة، عدا رفض أي حرب جديدة، تحقيق الدولة العلمانية الديمقراطية. وهو ما تكرر في المظاهرة الثانية، من الدوره إلى شركة كهرباء لبنان، بعد أسبوع او أكثر قليلاً، ليبرز أيضاً، في المظاهرة الثالثة، من ساحة ساسين(الأشرفية) إلى الصنائع، أمام وزارة الداخلية، في عشرين آذار/ مارس من ذلك العام. وقد توقف الامر عند هذا الحد، بسبب بؤس الموقف الذي اتخذه جزء اساسي من اليسار التقليدي اللبناني، بعد المظاهرة الاخيرة، التي جمعت ما يزيد على العشرين ألفاً. وهو كان يدعم عبره موقف حركة أمل، الطائفية الشيعية، المَرْضي عنه من جانب حزب الله، والمتمسك بإلغاء الطائفية السياسية، على أبعد تقدير.
ثم جاءت انتفاضة صيف 2015 المصغَّرة، وقد فجرتها فضائح السلطة القائمة، في ما يخص قضية النفايات، التي تركتها تتعفن في الشوارع والطرقات العامة، وشاطئ البحر، وضفاف الانهر، ووسط الغابات، وباختصار، في كل مكان، في الوقت نفسه الذي عمدت فيه، مراراً، إلى حرق ما تستطيع حرقه منها، مع ما كان يرافق ذلك من غيوم الدخان الكثيفة التي كانت تنبعث من عملية الحرق تلك، محولة معيشة الناس إلى جحيم حقيقي، ومعرضة إياهم لشتى الامراض الخطيرة، ولا سيما مرض السرطان، المتفشي بكثافة، تعبيراً عن مدى استهتار تلك السلطة بحياتهم، وبيئة بلدهم، وامتناعها عن حل تلك المشكلة، بالطرق الحضارية المعتمدة عبر العالم، ولا سيما عن طريق الفرز من المصدر. وهي الانتفاضة التي وصل تعداد متظاهريها في يوم 29 آب/أغسطس، من الصنائع إلى ساحة الشهداء، إلى أكثر من 120 ألفاً، قبل ان تنجح هذه السلطة في إخمادها بشتى أشكال القمع، ومن ضمنها تحريك رموزٍ فيها لأزلامهم، بحيث يشاركون الأجهزة الرسمية حملات التصدي العنيف لغضبة المواطنين المنتفضين.
وبالطبع، فالشعاران الأهم اللذان برزا خلال كل من تحركات 2011 و2015، ألا وهما علمنة الدولة والمجتمع، من جهة، وحماية البيئة، من جهة أخرى، لا يمكن إلا أن يكونا جزءاً لا يتجزأ من برنامج الثورة الراهنة، التي سنرى انها من الغنى بحيث ستزداد بروزاً، بقدر ما قد تطول وتتجذر، وجوهها المتعددة، بما هي ثورة ثقافية، واجتماعية – اقتصادية، وسياسية، في الوقت عينه. وهو ما سنفصِّله – قبل أن نستشفَّ البرنامج المناسب للمضي بها إلى النصر، وأشكال القيادة التي ينبغي إنضاج عملية ظهورها، كشرط اساسي لبلوغ ذلك – في النقاط التالية:
1 – ثورة ثقافية، قبل كل شيء
حين يشاهد المرء الندوات الفكرية والسياسية، في الخيام المنصوبة في ساحات هذه الظاهرة الخاصة جداً – التي تشكل منذ اقل بقليل من شهرين مَعْلماً استثنائياً في حياة هذا البلد الذي طالما تصوره كثيرون، تجنياً، مجرد امتداد في عصرنا الراهن، للنزعة التجارية البحتة، لدى الفينيقيين القدماء الذين سكنوه، قبل آلاف الأعوام –، ويلاحظ كذلك هذا النقاش المعمم المحتدم، فيها، كما في شتى وسائل التواصل الإلكتروني، لدينا، يظهر له بمنتهى الوضوح ان ما يحصل مدرسةُ تكوينٍ كبرى تشمل ربما مئات الالوف من الناس، وسيرورةُ إشاعةٍ للوعي ليس لها مثيل، وولادةٌ فكرية وسياسية جديدة لا يمكن إلا ان تترك بصماتها التغييرية بعمق لا يضارعه عمق على هذه الكتلة الهائلة من الناس، حتى ولو قُضيَ على هذا الطور من الثورة اللبنانية بالهزيمة والخذلان. إن ما يحصل ثورة ثقافية، قبل كل شيء، ستترك آثارً يصعب محوها، ليس فقط في هذا البلد الصغير، بل كذلك، ربما، عبر العالم، تماماً كما فعلت ثورة الـ68، في فرنسا.
هذا وإن ما نحاول تسليط ضوء ساطع عليه لا يقتصر على ما ذكرناه اعلاه، بل يتمثل في تحولات غير مسبوقة طرأت على واقع هذا البلد الذي كانت نجحت الطبقة الحاكمة فيه في إحداث انشطار طائفي ومذهبي خطير داخله، ولا سيما على امتداد الفترة التي تلت نهاية الحرب الاهلية الاخيرة، وحتى بداية هذا الخريف، وهو خريف يبشر بأن يكون اجمل، ربما، من أي ربيع! إن نزول الناس، من كل الطوائف والمذاهب، منذ 17 الشهر قبل الماضي، إلى شوارع مدنه وقراه، بهذه الطريقة المختلفة تماماً، وقد بدا انهم تجاوزوا فجأة ومن دون سابق إنذار، كل خلافاتهم التاريخية البائسة، المرتبطة بما يتوزعون عليه من انتماءات جَذرُها الدِّينُ وتفرعاته، وما يتلازم معه من إيديولوجيا متخلفة قاتلة، ليكسبوا بالمقابل، وبكل هذه التلقائية النادرة، وعياً جديداً، إنما ليعبِّر بالتحديد عن حدوث ما كان يعتبره كثيرون، على سبيل التحايل والنفاق، مدخلاً لا مجال للقفز عليه إلى إلغاء الطائفية من النصوص، ألا وهو سبق إلغائها في النفوس! إن ما يقوله الناس اليوم في شوارع مدنهم وقراهم، وساحاتها، أشبه بالمعجزة. إنها لسيرورة متقدمة حقاً لإزالة الطائفية من النفوس، وهي، بالضبط، أحد مظاهر ما نرى فيه ثورة ثقافية، بامتياز.
كما أن ظهور المرأة الساطع في هذه السيرورة، ليس فقط كمناضلة بل كذلك كمضطلعة بأدوار قيادية، سواء في ما يتعلق بقضايا تحررها الذاتي، بوصفها امرأة فاقدة للكثير من الحقوق الطبيعية الخاصة بها، في ظل الواقع السائد لدينا، ومفتقدة للمساواة الحقيقية مع الرجال، أو بخصوص قضايا تحرر المجتمع ككل، إنما هو تعبير بارز آخر عن حقيقة ما يحدث الآن، بما هو بالضبط، وقبل كل شيء، ثورة ثقافية.
وهذا الأمر ليس بغريب على الإطلاق، ففي معظم الاندفاعات إلى التغيير الثوري في العالم الحديث، بوجه اخص، ومنذ ثورة 1789 الفرنسية، وكومونة باريس 1871، مروراً بثورة 1917 الروسية، ووصولاً إلى الآن، كانت المرأة في الصفوف الاولى لهذه السيرورة. وعديدة هي اسماء الثوريات اللواتي برزن خلال الثورة الفرنسية، كمدام رولان، وأولمب دو غوج، وإبان كومونة باريس، كلويز ميشال. وربما لأجل تميز دورهن، كان قيادي كبير في الثورة الفرنسية، كميرابو، قد أعلن منذ 240 عاماً: « Tant que les femmes ne s’en mêlent pas, il n’y a pas de véritable revolution ». أو “طالما بقيت النساء غير منخرطات، في الثورة، لن تكون هناك ثورة حقيقية”.
هذا في حين أورد ليون تروتسكي في كتابه الشهير، “تاريخ الثورة الروسية”: “كانت المرأة هي الأشجع والأشد عزماً فيما تعلق بمناشدة الجنود على التمرد وحثهم على رفض أوامر قادتهم، ودعوتهم لترك الخدمة العسكرية والانضمام إلى صفوف الثوار. وكانت قدرة المرأة على كسب الجنود حاسمة في إطاحة القيصر، الذي كان يعد واحداً من أشد الطغاة وحشية في أوروبا بأسرها”.
وبالطبع، هنالك عوامل عديدة اخرى تؤكد طابع ما يجري حالياً، بما هو تعبير عن ثورة ثقافية، ومن ذلك أن ما كان يغلب في معظم الثورات التاريخية إنما هو مشهد القتال والعنف، فيما تظهر لدينا، كما لو كانت مجالاً للفرح وصورة لأبهى الاعياد. والكل يذكر الفرق الفاقع بين احتفال السلطة، في اليرزه – حيث لاحظنا وجوهاً رئاسية(نسبة للرؤساء الثلاثة) كالحة، وسط استعراض عسكري رتيب وممل- واحتفال الثورة، في ساحة الشهداء، بعيد الاستقلال، قبل أسابيع قليلة، وسط معالم الاستبشار والامل والفرح. وهو الامر الذي ينسجم إلى حد بعيد مع السمة الأخيرة التي سنوردها بخصوص ما تبتدعه عبقرية شعبنا، ألا وهي سلمية هذه الثورة، على الرغم من فداحة الاستفزازات وأعمال القمع التي تتعرض لها. وهو واحد من الدروس، التي استخلصها فاعلو المرحلة الثانية من الثورات العربية، من المشكلات الجسيمة التي اعترضت بعض من سبق أن انخرطوا في طورها الاول.
هذا ولقد كان معبراً جداً رد المشاركين في الثورة اللبنانية على غزوة أنصار السلطة، بإيعاز من قادة بعض اطرافها، في اتجاه عين الرمانة، المتمثل بلقاء المحبة والسلام، الذي جرى في عين الرمانة – الشياح، بين أمهات شبان المنطقتين وشاباتها، وإعلان الملتقيات أن الحرب الاهلية لن تقع بعد الآن، ناهيكم عن الهتاف الذي بات مشهوراً على ألسن المتظاهرين والمتظاهرات:
“إنتو الحرب الاهليه
ونحنا الثوره الشعبيه”.
2 – ثورة اجتماعية – اقتصادية
في “اعترافات” الكثيرين ممن تكلموا، رجالاً ونساءً، امام وسائل الإعلام، في ساحات مختلف المناطق اللبنانية، وعلى منابر تلك الساحات، على حالة البؤس التي تعانيها عائلاتهم/ن، عزوا سبب التحاقهم/ن بتلك الساحات إلى هذا الواقع. وهو البؤس بالذات الذي وصل إلى حد شنق المواطن العرسالي، ناجي الفليطي، نفسه، لأنه عاطل عن العمل، منذ اشهر، ومدين للدكنجي بمئات ألاف الليرات، وعاجز عن استجابة رغبة طفلته، ابنة الست سنوات، في أكل “منقوشة زعتر”! وذلك عائد، كما بات معروفاً، وكما يعلن معظم المتظاهرين، إلى حالة الفساد المعمم، المستشرية في كل دوائر السلطة اللبنانية، بحيث يتحول قادة البلد إلى مجرد ناهبين لقوت الشعب، ومستحوذين على عشرات المليارات من الدولارات الأميركية، عبر الصفقات المخجلة، في مختلف إدارات الدولة ومؤسساتها، فيما يحرمون المواطنين من ابسط الخدمات، في شتى المجالات، كالكهرباء الخاضعة للتقنين منذ عشرات السنين، والمياه النظيفة، والبيئة غير الملوثة، والأطعمة غير المسرطنة، وما إلى ذلك. كما يحمِّلون الدولة اللبنانية أكثر من مئة وعشرين ملياراً من الدولارات، كديون بفوائد جرمية فاحشة، لصالح المصارف واصحابها، وبين هؤلاء قسم لا يستهان به من السياسيين. وهي ديون تصل خدمتها سنوياً إلى ما يقارب الـ40 بالمئة من مجمل الموازنة، بحيث بات واضحاً أن أصل الدين قد استوفته تلك المصارف مرات عديدة، وباتت الدولة، الممتنعة عن اعتماد سياسة تنموية حقيقية تشجع الاقتصاد الإنتاجي، بدلاً من الانخراط حتى العظم في تسهيل الامور امام اقتصاد ريعي يستنفد امتصاص ثروات البلد المادية والبشرية، باتت تبدو هكذا عاجزة عن تأمين أي فرص عمل مشروعة ونظيفة للمواطنين. ومن ضمن هؤلاء المواطنين حائزون على شهادات جامعية، بعشرات الآلاف، إذا لم يكن أكثر، بحيث لا يجد هؤلاء من افق امامهم سوى الهجرة، أو التسكع الذليل أمام أبواب رموز السلطة البرجوازية الطائفية، علهم يحصلون منهم على العمل في دوائر الدولة. وهي دوائر تكتظُّ بآلاف قابضي الرواتب من دون عمل حقيقي يقدمونه للدولة والمواطنين، وذلك لقاء التحول إلى أزلام لأولئك الرموز، واصوات انتخابية مرتشية تجدد هيمنتهم على هذه السلطة، في إطار سياسة المحاصصة المعتمدة، على المكشوف، في دهاليز هذه الاخيرة. وهي محاصصة لا تتورع عن الدخول إلى “قدس أقداس” السلطة البرجوازية المحلية، المتمثل بقضاء يُفترض أن يكون مستقلاً بالكامل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فيما هو يخضع بعمق لكليهما، بنتيجة ذلك، ولأن وجود القضاة، وارتقاءهم، ومناقلاتهم، باتت ترتهن كلياً بإرادة اركان تينك السلطتين.
ومن الواضح أن سياسة الاستدانة المتواصلة، منذ سنوات طوال، من المصارف الأجنبية، والبنك الدولي، ومؤسسات دولية مالية أخرى (عبر عمليات تأخذ عناوين متراتبة، كباريس واحد واثنين، وثلاثة)، والتي كان آخرها يتمثل في اتفاقية سيدر المعروفة، التي وعدت عبرها تلك المؤسسات بإقراض السلطة اللبنانية 11 مليار دولار، لقاء اعتماد هذه الاخيرة سياسة تقشف خانقة، هذه السياسة أوصلت البلد إلى حافة الإفلاس الشامل، وجعلت السلطة المشارإليها تعمد إلى سياسة ضريبية جائرة تحابي كبار المتمولين، والمصارف من بينهم، فيما تستهدف عرق جبين الطبقات الوسطى، والدنيا بوجه أخص. فجاءت الضريبة على مخابرات الواتسب، في الاخير، لتقصم ظهر البعير، كما يقولون، وتشكل سبباً مباشراً، بين اسباب اخرى كثيرة، لما نشهده من انفجار للثورة الاجتماعية، الآن.
3 – ثورة سياسية
لقد كان المطلب الاساسي الذي ثمة ما يشبه الإجماع عليه استقالة حكومة الحريري، وتشكيل حكومة مستقلة من خارج الطبقة الحاكمة، ورموزها المتناوبة على الحكم، تعمل على إصدار قانون جديد للانتخابات، وتقريب موعد الانتخابات لاختيار مجلس نيابي، على اساس لبنان دائرة واحدة، والنسبية، وذلك خارج القيد الطائفي. وعلى الرغم من الممانعة الشديدة من جانب حزب الله، فقد استقال الحريري، ونجحت الحالة الثورية في إفشال ترشيحين لرئاسة الوزارة لا يحوزان تأييدها، هما الخاصان بمحمد الصفدي، الغارق في الفساد، وبالنائب والوزير الاسبق، بهيج طباره.
وبالطبع، إن الموقف الاهم الذي يجعل من هذا الانفجار الشعبي الواسع جداً ثورة سياسية، ايضاً، إنما هو ذلك الذي يعلن رفض كامل المنظومة السياسية التي حكمت لبنان، في الثلاثين سنة الماضية، عبر شعار “كلن يعني كلن”، وهو الشعار ذاته، الذي سبق ان رفعته مظاهرات صيف العام 2015. هذا مع العلم ان سيرورة مؤلمة طويلة لا بد من أن تسبق وضع هذا الشعار موضع التنفيذ، إزاء موازين القوى التي لا تزال راجحة لصالح الطبقة الحاكمة، على رغم الوهن العميق الذي بدأ يدب في مفاصلها، سواء بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي الزاحف الذي تسببت به سياساتها، على مدى عقود، بالتلازم مع الفساد المنقطع النظير الذي يدخل إلى عمق اعماق القوى والرموز التي تتشكل منها، أو بسبب الانفجار الشعبي المعمم، المنوه به، أعلاه، والمستمر، منذ اكثر من خمسين يوماً.
ماذا تعني “السيرورة المؤلمة الطويلة”، وما مقوماتها؟
نقول “سيرورة مؤلمة طويلة”، لأنه، على الرغم من عظمة ما يجري، واستثنائيته، والوعود الكبرى التي يحفل بها، لا تزال تسيطر عليه درجة مؤثرة جداً من العفوية، وإن كانت ظهرت، إلى الآن، وإن بصورة جنينية، إجمالاً، نقاط برنامجية اولية، تظهر معالمها، بوجه أخص، في النقاشات داخل الخيام المنتشرة في الساحات، كما في النشاطات التي يقوم بها المتظاهرون، وهتافاتهم، امام مراكز السلطة، على اختلافها، كالمصرف المركزي، أو بعض الوزارات، والإدارات، أو في المواقع المتعرضة للنهب والسطو، كالاملاك البحرية، وغيرها، أو في أي أماكن رمزية أخرى. وهي نقاط تتعلق برفض الانقسام الطائفي، والتطلع إلى قيام دولة مدنية، علمانية، إلى هذا الحد أو ذاك، والقضاء على الفساد، في أجهزة الدولة والإدارة، واستعادة الثروات المنهوبة، سواء منها المالية أو العقارية، ومحاكمة المسؤولين عن نهبها، وبالتالي ضمان استقلال القضاء المفترض ان يتولى ذلك، وإعادة النظر العميقة بسلطة المصارف، ضمن النظام القائم، والتعبير عن الحاجة لضمان ولو حد ادنى من العدالة الاجتماعية، وتأمين فرص عمل حقيقية للمواطنين والمواطنات، عموماً، وللشبيبة بينهم بخاصة، وإبعاد شبح الجوع والمرض عن الناس، وتأمين المساواة الفعلية بين الرجال والنساء، وحماية الحريات الديمقراطية، واعتماد سياسة جدية لحماية البيئة، وما إلى ذلك.
وبالطبع، فإن ثمة، في كل ذلك، كما في الدعوات إلى النشاطات المختلفة، وتنظيمها، في شتى المناطق اللبنانية، ولا سيما في ما يتعلق بتنظيم الاحتفال المدني بعيد الاستقلال، في 22 الشهر الماضي، في ساحة الشهداء، درجة ولو جنينية من القيادة، وإن تكن تغلب عليها اللامركزية.
غير ان تغييراً حقيقياً للنظام القائم إلى الآن لا يمكن إلا أن يصطدم بمقاومة شرسة للغاية من جانب الطبقة الحاكمة، بما هي تشكل معقلاً مدججاً بشتى الأسلحة، سواء منها المادية، او الإديولوجية، وجاهزاً لممارسة أقصى قدراته القمعية، سواء مباشرة، اي عبر أجهزة السلطة، العسكرية، أو عبر القاعدة الشعبية التي لا يزال يمتلكها، في معرض الدفاع المستميت عن مصالحه وامتيازاته. وسبق أن شاهدنا صورة اولية عن ذلك، ولا سيما عبر هجمات جماعات من هذه القاعدة ضد الساحات والشوارع، ومناطق التجمع الأخرى، في بيروت بالذات، كما في المناطق المختلفة، القريبة منها والبعيدة. وقد بلغت تلك الاستماتة، أحياناً، مبلغاً مخيفاً، بما يوحي بأن هذه الطبقة قد لا تمتنع، في دفاعها عن مصالحها، حتى عن ممارسة مسعى جر البلد بأسره إلى أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، إذا اقتضى ذلك دفاعُها هذا. ومن الواضح، حتى هذه اللحظة، أنها لا تريد أن تقدم أدنى تنازل جدي لأكثر بوضوح من مليوني شخص، من اصل ملايين لبنان الاربعة، تناوبوا على التعبير عن مشاركتهم في الثورة الراهنة، بنزولهم إلى شوارعها وساحاتها، والهتاف بشعاراتها. وقد برز ذلك، بصورة صارخة، عبر تأخير عملية تشكيل حكومة جديدة أكثر من 50 يوماً، حكومة لن تكون، حين سيتم تقديمها للشعب اللبناني، تشبه أحلام هذا الشعب وطموحاته، لا من قريب ولا من بعيد.
لأجل ذلك، فإن معركة أهلنا الثائرين ستطول، وبقدر ما قد يتمكن هؤلاء من إطالة مواجهتهم للسلطة المسؤولة عن آلامهم، وخلق أشكالٍ من هذه المواجهة تنم عن نسبة عالية من الذكاء والفطنة، بقدر ما يمكن ان يذللوا العقبات الكأداء التي يضعها، وسيضعها، النظام القائم في وجههم. وبين أهم ما ستتطلبه هذه المواجهة التمكن من إنتاج البرنامج المناسب للخروج من المأزق الراهن، ولكسب الجزء الاكبر ممن لا يزالون على ولائهم لأطراف النظام السائد إلى صفوف ثورتهم؛ وفي الوقت عينه إنضاج عملية ظهور القيادة المناسبة، هي الاخرى، لخوض مواجهة سلمية ظافرة ضد رموز السلطة القائمة.
أفكار سريعة، بخصوص البرنامج…
إن من وصلوا ببلدنا وشعبنا إلى هذا الوضع الكارثي، المنذر بأسوأ المصير، بسبب جشعهم المخيف، ولا مبالاتهم بآلام شعب بغالبيته الساحقة، وافتقارهم، بالتالي، لأبسط الاخلاق الإنسانية، سيواصلون، على الارجح، سيرهم في هذا الاتجاه، وتعريض لبنان للمزيد من الكوارث، مع ما يعنيه ذلك من اندفاعٍ أسرع فأسرع، في الانهيار الاقتصادي- الاجتماعي المتمادي. فالمصارف التي استنزفت ثروة شعبنا ودمه لن تقدم شيئاً لإنقاذه. على العكس، ففي سياق تحقيقها أرباحاً لصوصية جرمية طائلة، في العقود الثلاثة الغابرة، تواطأ معها واضع الهندسات المالية المريبة المتتالية، حاكم البنك المركزي، رياض سلامه، الذي يقال إنه، حتى في عز الكارثة الحالية، سهَّل لهذه المصارف عملية تهريب مليارات الدولارات من موجوداتها، فضلاً عن تحويله إليها حوالى المليار والثمانمئة مليون دولار، بمثابة خدمة غير مستحَقة لديونها للدولة اللبنانية، وامتناعه عن اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون اتخاذ جمعية المصارف قراراتها المشبوهة بخصوص العلاقة بدائنيها من ابناء الشعب اللبناني، ولا سيما تقنينها للمبالغ التي يتم السماح لهم بسحبها من المصارف التي يتعاملون معها، واشكال تسليمها لهم.
إن بلدنا أمام منعطف مصيري بالغ القتامة، فيما لو لم يتم اتخاذ التدابير الإنقاذية المناسبة. ونحن، بالإضافة للنقاط البرنامجية التي وردت في مطلع الفقرة السابقة من هذا المقال، بعنوان ” ماذا تعني “السيرورة المؤلمة الطويلة”، وما مقوماتها؟”، والتي ننظر إليها كجزء لا يتجزأ من برنامج انتقالي للمرحلة الراهنة، نرى من الضروري إيراد سلسلة اخرى منها، تندرج في وضع اقتصاد بلدنا في طريق مختلفة بالكامل عما اعتمدته الطبقة الحاكمة، سابقاً، هي طريق الإجهاز على طابعه الريعي النيوليبرالي، لصالح اقتصاد إنتاجي يضطلع فيه عماله ومستخدموه، والموظفون ضمنه، دوراً أساسياً في عملية تسييره، ولا سيما في قطاعه العام الذي يجب تعزيزه وتطويره، بدلاً من خصخصته، كما كانت تخطط الحكومة الأخيرة لفعله، في ما سمته ورقة إصلاحية هي، ربما، الاخطر في تاريخ البلد.
وفي إطار ذلك، لا بد من إلغاء كل المراسيم التطبيقية لقانون النفط والغاز المعتمد، لصالح إقرار إنشاء مؤسسة وطنية لاستخراج النفط والغاز، ولتسويقهما، وتصنيعهما، يتولى عمالها وموظفوها التسيير الذاتي في اعمالها كافة. على ان يتم الرد ايضاً على إغلاق المصانع والورش، وعلى تسريح العاملين فيها، من جانب اصحابها- وهي سيرورة نرى معالمها واضحة، وستستفحل لاحقاً لدينا – باعتماد الطريقة التي لجأ إليها العمال الأرجنتينيون، خلال موجة إقفل المصانع في بلدهم، في أزمته المالية والاقتصادية الخانقة، في اوائل القرن الحالي، ألا وهي إعادة فتحها وتسييرها تسييراً ذاتياً. فضلاً عن إخضاع العملية الإنتاجية، في كل تلك المعامل والورش، لرقابة عمالية وثيقة، ومحاسبة صارمة وعادلة في الوقت عينه.
هذا بالإضافة إلى نقاط برنامجية أخرى نلخصها في ما يلي:
– إلغاء الدين الداخلي العام، بما هو دين جرمي قائم على النهب المصرفي غير المشروع للمال العام، والدخول في مفاوضات سيادية مع الدائنين الخارجيين، عنوانها الاساسي إعفاء الدولة اللبنانية من هذا العبء الثقيل على اقتصاد البلد وحياة شعبه، ولا سيما ان معظمه تحول إلى جيوب اللصوص في السلطة اللبنانية.
– استعادة كل الاملاك العامة التي تم وضع اليد غير المشروع عليها، في ظل الحكومات المتعاقبة منذ العام 1990، مع تدفيع مصادريها ومستثمريها ما يعادل الأرباح التي استحصلوا عليها بنتيجة مصادرتهم لها.
– اعتماد السلم المتحرك للاجور، وساعات العمل، بما يؤمن الأجر العادل للمنتجين، ويفتح الأبواب واسعة امام إيجاد فرص عمل للعاطلين عنه.
– تشجيع الزراعة، من ضمن سياسة اجتماعية مدروسة بعناية لحماية الإنتاج المحلي، وضمان مصالح العاملين في هذا القطاع، والمردود العادل لهم.
– تأميم الاوقاف، ودراسة استخدامها في إطار سياسة اقتصادية وطنية تخدم عملية تعزيز القطاع العام، وإيجاد فرص عمل إضافية.
– اعتماد سياسة إنماء متقدمة للمناطق المهمشة، في الشمال والبقاع والجنوب، لتحريرها من العوز والفاقة، وضمان الحياة الكريمة لأبنائها، واستعادتها إلى الوطن.
– إقرار قانون ضمان الشيخوخة، وإعادة تفعيل عملية إعطاء القروض الإسكانية، واستعادة كل الاموال التي اقتطعت من صندوقه لصالح جمعيات نساء وأقارب الرؤساء، ورجال السياسة وباقي الناهبين للمال العام.
– تأميم المصارف، مع حفظ حقوق الدائنين المتوسطين والصغار، وضمان مصالح العاملين فيها، بما يتناسب مع مصالح المجتمع. وقد كانت خطوة من هذا النوع أساسية – بالإضافة إلى اعتماد الخطط الخمسية في التصنيع، وبناء الكادر العلمي المتخصص – في الإصلاحات التي اعتمدتها كوريا الجنوبية للانتقال من بلد متخلف فقير إلى مرتبة الاقتصاد العاشر في العالم. وهو ما يمكن ان يستفيد لبنان من دروسه في بناء اقتصاد اجتماعي متقدم، تساهم في ازدهاره الاستفادة من مؤهلات خريجي الجامعات، والمدارس المهنية، واستعادة الادمغة المهاجرة، بحثاً عن العمل، في الخارج، وذلك في إطار رؤية مستقبلية لدور لبنان الاقتصادي، ضمن منطقة عربية بالغة الغنى، وكثيفة السكان، وعظيمة المساحة، تندرج منذ العام 2011 في سيرورة ثورية لا بد من ان تفتح الابواب امام تحررها من السيطرة الاستعمارية الجديدة، واستعادة الهيمنة على ثرواتها الهائلة، وتوحيد قواها وإمكاناتها، ليس فقط في مواجهة الإمبريالية العالمية، بل ايضاً في مواجهة الدولة الصهيونية، على الطريق إلى مجتمع ديمقراطي اشتراكي موحد، يضمن الحقوق الكاملة للنساء، والقوميات المضطهدة، في كامل المنطقة المشار إليها.
.. وبخصوص القيادة
في المقابلة التي اجراها دارن روزو، لصالح مجلة Marxist Left Review ، الأسترالية، مع المفكر الماركسي اللبناني، جلبير الاشقر، أستاذ دراسات التنمية والعلاقات الدولية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، ومؤلف عدد واسع من الكتب عن المنطقة العربية، بوجه خاص، بينها كل من “صدام الهمجيات”، و”الشعب يريد”، و”انتكاسة الانتفاضة العربية”، يقول الأشقر، تحت عنوان “الثورات التي لا تموت، في الشرق الاوسط وشمال افريقيا”، ما يلي: “السؤال الكبير الآن هو: هل ستنجح الحركات الشعبية في الجزائر والعراق ولبنان في إيجاد طرق للتنظُّم، مثلما فعل إخوانهم وأخواتهم في السودان، من أجل تعظيم تأثير نضالاتهم، وتحقيق خطوات كبرى نحو إنجاز أهدافهم، أم ستنجح الطبقات الحاكمة في قمع كل من هذه الانتفاضات الثلاث، ونزع فتيلها؟” ويضيف: “من دون أن أكون متفائلاً، بسبب الطبيعة الآثمة للغاية للأنظمة التي تحكم هذا الجزء من العالم، لديَّ الكثير من الأمل. مع ذلك، يستند أملي إلى معرفتي بوجود إمكانات تقدمية هائلة، في حين أدرك تماماً أنه من أجل تحقيق ذلك، هنالك حاجة للكثير من النضال، والتنظيم، والفطنة السياسية”.
إن الكاتب يشدد كثيراً على مسألة التنظيم، وهو على حق، حيث أنه لم يحصل ان انتصرت ثورة حقاً من دون ان تكون لها القيادة المناسبة. وهذا لا يعني بالضرورة ان تأخذ هذه القيادة طابع الحزب، أياً يكن شكله وطبيعته، إذ قد تتنوع هذه، وفقاً لكل بلد، بحيث قد تتشكل من جبهات، أو تجمُّع منظمات شعبية، بينها النقابات، والجمعيات المهنية، وما إلى ذلك. المهم ان يتمكن هذا الشكل أو ذاك من القيادة من إحراز ثقة الكتلة الشعبية، المفترض ان تضطلع بعملية التغيير الثوري. وهو ما يجب العمل، منذ الآن، على إنضاجه، بحيث تصبح الظروف جاهزة لاستناح الفرصة التاريخية، التي بدأت تظهر ملامحها الاولى، في 27 ت1/ أكتوبر الماضي، في مدىً قد لا يكون بعيداً، بالضرورة.
هل يمكن، على عكس صاحب “الشعب يريد”، أن نجمع إلى الامل التفاؤل؟ ليس هذا مستحيلاً، ولا سيما إذا أخذنا بالاعتبار مدى خطورة المأزق الذي أوصلتنا إليه الطبقة الحاكمة لدينا، والبؤس الذي دفعت إلى منحدراته الوعرة غالبية ً كثيفة من الشعب اللبناني، مع القدر العظيم من وعي هذا الواقع، الذي نجده، ليس فقط لدى الجماهير الشعبية الأكثر تأذياً منه، بل كذلك لدى قسم وازن من الإنتليجنسيا اللبنانية. وهو ما تعبر عنه، أخيراً، المخرجة السينمائية، نادين لبكي، التي وصفت، قبل سنوات من بدء ثورة أهلنا، جزءاً هاماً من المشهد الذي تسبَّب بهذه الثورة، في فيلمها، كفرناحوم، الحائز على جوائز عالمية عدة، والتي تقول، امام جمع كبير من المغتربين اللبنانيين، أثناء استلامها الأخيرة بين هذه الجوائز، قبل أيام، في العاصمة الاميركية، واشنطن، متوجهة إليهم، بوجه أخص: “الطريق طويل ومليء بالعقبات، لكن الرحلة تستحق العناء، فعندما ترون هذا التصميم في عيون مئات الآلاف من الناس والطلاب في شوارع بيروت، ستعرفون ما أتحدث عنه. إنه جيل كامل قرر أن يأخذ مصيره بيده، أولئك الذين نسميهم جيل الألفية قرروا استعادة لبنان وعدم تركه يضيع مرة أخرى. سيكونون هم الذين سيجلسون تحت الأشجار التي سنزرعها اليوم، ولن يسمحوا بمستقبل أقل سطوعًا مما يستحقون. تعالوا وكونوا جزءًا من ولادة أمتنا الجديدة، لبنان الجديد، البلد الذي طالما حلمتم به. تعالوا تملكوا أرضاً أو منزلاً أو شجرة تحت سمائه، تعالوا لزيارته كل عام، دعوا أطفالكم يقضون الصيف هناك، نحن جميعاً في مهمة. هذه هي اللبُنَة (الصخرة) في جدار الإنسانية التي سنضيفها. لنجعل هذه النقطة الصغيرة على خريطة العالم، التي تسمى لبنان، مصدر إلهام حقيقي للعالم”.
اقرأ أيضا