معلمو الأردن، بعد وقف الإضراب؛ مكاسب يجب أن تصان
صادف اليوم العالمي للمدرس، في الأردن اتفاقا تاريخيا وهاما، لفائدة الشغيلة التعليمية وأسرهم، وكذا لصالح للطلاب وأولياء أمورهم. فقد جرى رفع الإضراب الأطول في تاريخ البلاد( دام أربعة أسابيع متتالية).
توصلت الحكومة إلى اتفاق مع نقابة المعلمين اشتمل على حزمة اجراءات لتحسين الواقع المعيشي لهذه الفئة، والارتقاء بمستوى أدائها وضمان عودة الطلبة إلى مدارسهم. وفي مقدمة تلك الاجراءات إقرار علاوة تضاف إلى علاوة الـ 100% التي يتقاضاها المعلمون.
سياق إضراب المعلمين
جاء الإضراب وسط أزمة اقتصادية في الأردن أثرت على الحالة المعيشية للأردنيين، وفي سياق حيث رفعت الحكومة أسعار الخبز وبعض السلع وضريبة الدخل استجابة لشروط البنك الدولي، ما أدى إلى احتجاجات أطاحت في النهاية برئيس الحكومة هاني الملقي. كما أن الإضراب بدأ بعد أسبوع واحد فقط على بدء أكثر من مليوني طالب وطالبة عامهم الدراسي الجديد، أكثر من مليون و400 ألف طالب وطالبة منهم، يدرسون في نحو أربعة آلاف مدرسة حكومية. كما يأتي الإضراب في سياق الرفض المستمر لوزارة التربية والتعليم الاستجابة لمطالب المعلمين، مؤكدة أن “كلفة علاوة الـ 50% التي تطالب بها النقابة تصل إلى 112 مليون دينار (أكثر من 150 مليون دولار) وأنها تنزل بثقلها على خزينة الدولة”. وتفيد الأرقام الرسمية أن معدل الفقر ارتفع العام الماضي إلى أكثر من 15 بالمئة، ونسبة البطالة إلى أكثر من 19 بالمئة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
ويشهد الأردن ارتفاعا في الأسعار وأزمة اقتصادية متفاقمة في ظل دين عام ناهز الأربعين مليار دولار. وقد رفعت الحكومة الأردنية مطلع العام الماضي أسعار الخبز وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد التي تخضع، بصورة عامة، لضريبة مبيعات قيمتها 16 بالمئة، إضافة الى رسوم جمركية وضرائب أخرى.
المكاسب بعد شهر من الإضراب
في سياق التصعيد بين الشغيلة التعليمية والدولة، أعلنت الحكومة الأردنية، السبت 5 اكتوبر، التوصل إلى اتفاق بشأن الرواتب مع نقابة المعلمين لإنهاء إضراب بدأ قبل شهر، شريطة العودة إلى الفصول الدراسية في اليوم التالي .
حصل الاتفاق بعد أن بدأت المفاوضات بلقاء بين وفد حكومي ترأسه وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين، ووزير الصناعة والتجارة طارق الحموري وبين نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة وممثلين عن النقابة. فبعد لقاءين استمرا لأكثر من 10ساعات، جرى الاتفاق بين الحكومة والنقابة على علاوات تراوحت بين 35% و65% حسب الرتب، كما جرى استحداث رتبة جديدة للمعلم القائد وصلت علاوتها إلى 75%
شمل الاتفاق كذلك، عددًا من التسهيلات في مجالات الصحة، والقروض السكنية، والإسكانات الحكومية، إضافة إلى تسهيلات لمصلحة النقابة لتأسيس شركة تمويل للمعلمين، ضمن القوانين والأنظمة المعمول بها، والعمل على تعديل نظام صندوق ضمان التربية بالتوافق مع النقابة، ومشاركة هذه الأخيرة في إدارة الصندوق من خلال أعضاء تسميهم، وإيجاد آلية منتظمة لمنح قروض ميسرة للتعليم والسكن من مختلف الفئات، بحسب نص الاتفاق.
وأقر الاتفاق أيضًا اعتماد أكاديمية التدريب التابعة لنقابة المعلمين، واعتماد شهادات التدريب الصادرة عنها، ما دامت تحقق الشروط المنصوص عليها في وزارة التربية والتعليم. هذا يعني أن أكاديمية النقابة ستصبح، إلى جانب أكاديمية الملكة رانيا، مزود خدمة معتمد للتدريبات التي يتطلبها الترقي المهني في الوزارة.
وعود الدولة ومهام النقابين الكفاحيين
معروف عن الدولة التابعة للمؤسسات المالية العالمية، أنها تتنكر لوعودها بمجرد زوال أسباب الوعد والعهد، لهذا فان الاتفاقات التي تجري بين العمال و الدولة البرجوازية، يجب أن تحصن بنضال واستماتة المنظمات العمالية، التي تدافع عن المكتسبات الشعبية. إن أول ما يجب أن تخشاه حركة المعلمين هو تبقرط نقابتهم، و انصهارها في مؤسسات الدولة، وتصبح كابحا لقوى النضال الشعبي، ما يمنح الفرصة للدولة كي تقوض مكاسب الشغيلة، وتذر الرماد في أعينهم بتحقيق مطالب هامشية. هذا ما يلقي على عاتق التقدميين واليساريين مهام صيانة أدوات النضال العمالي والانغراس في الأوساط العمالية والشعبية فذاك هو السبيل الوحيد لصون المكاسب.
بقلم، معاد حسون
اقرأ أيضا