نسوانية لأجل الــ 99% – بيان؛ أطروحة 9. بنضالها لمنع تدمير الرأسمال للأرض نسوانية الـ99% نسوانية اشتراكية بيئية
بقلم، تشينسيا أروتسا Cinzia Arruzza * تيتي باتاشاريا Tithi Bhattacharya** نانسي فرايزر Nancy Fraser***
إن أزمة الرأسمالية أزمة بيئية أيضا. فقد سعت الرأسمالية دوما إلى زيادة أرباحها بالاستحواذ- أو ببساطة سرقة- الموارد الطبيعية، معتبرة إياها مجانية ولامتناهية. تقوم الرأسمالية، الميّالة هيكليا إلى تملك الطبيعة (استنفاذ الأراضي، إفقار الثروات المعدنية أو تسميم الهواء والماء…) بلا أدنى اعتبار لتجدد الموارد، بالإخلال دوريا بتوازن شروط تطورها ذاتها. ليست هذه أول مرة تحدث في تاريخ الرأسمالية أزمةٌ بيئيةُ. لكن لا ريب أن هذه هي الأوسع والأعمق. إن تغير المناخ الذي يهدد الكوكب اليوم نتيجةٌ مباشرةٌ لاستغلال الطاقات الأحفورية من قبل الرأسمال لصالح الصناعة. ليست “البشرية” بوجه عام من استخرج الكربون المترسب طيلة مئات ملايين السنين تحت القشرة الأرضية، بل رأس المال- والرأسمال هو من استهلكها في طرفة عين دون اكتراث بتجددها أو بعواقب التلوث ونفث غازات الدفيئة. ولم تقم التطورات المتتالية (من الفحم إلى البترول ثم تقنية التقصيف(*) والى الغاز الطبيعي) سوى بزيادة نفث الكربون، وتم تفريغ “المخرجات” بكيفية غير متناسبة على المجموعات الفقيرة، ضحية العنصرية غالبا، بالشمال كما بالجنوب.
إن كانت الأزمة البيئية الراهنة مرتبطة مباشرة بالرأسمالية، فإنها تعيد إنتاج اضطهاد النساء وتفاقِمُه. فهن يوجدن، بتمثيلهن زهاء نسبة 80% من اللاجئين بسبب المناخ، في المقدمة. وتتكون قوة العمل الزراعية في بلدان الجنوب، بأغلبيتها العظمى، من النساء، اللائي ينهضن أيضا بالقسم الأكبر من مسؤولية عمل إعادة الإنتاج الاجتماعية. وتواجه النساء الجفاف، والتلوث وفرط استغلال الأراضي: هن من يمنح الغذاء واللباس والمأوى لأسرهن. وبالنحو ذاته، النساء ضحايا العنصرية هن الأكثر قابلية للتضرر في بلدان الشمال: ضحايا عنصرية بيئية، وهن الأعمدة الرئيسة للمجموعات المعرضة للفياضانات وللتسمم بالرصاص.
كما أنهن في مقدمة النضالات ضد هذه الكارثة البيئية المحدقة. قبل عقود عديدة، كانت ناشطات اليسار المتجمعات في Women Srike for Peace يعترضن على الأسلحة الذرية التي وضعت السترونتيوم 90 في عظامنا. تخوض النساء اليوم نضال Water Protectors[1] ضدPipeline Dakota Access بالولايات المتحدة الأمريكية. وساندن في البيرو ماكسيما أكونْيا التي انتصرت ضد عملاق المناجم الأمريكي Newmont[2]. وتعترض نساء شمال الهند على بناء ثلاثة سدود لتوليد الكهرباء. ويناضلن عبر العالم ضد خصخصة الماء والبذور ومن أجل الحفاظ على التنوع الحيائي وزراعة مستدامة.
تبتكر هاته النساء أشكال جديدة من النضالات المندمجة: يتعارضن مع التيارات البيئية التقليدية التي تعتقد أن الدفاع عن “الطبيعة” والرفاهية المادية للمجموعات البشرية أمران متنافران. وتمثل هذه الحركات، برفضها فصل المسائل الايكولوجية عن تلك المرتبطة بإعادة الإنتاج الاجتماعية، بديلا مناهضا للرأسمالية وللصناعة عن التيارات المساندة لمشروع “رأسمالية خضراء”، الذي لا يفعل أي شيء لإنهاء احترار المناخ، ويتيح اغتناء من يضاربون على :”رخص نفث غازات الاحتباس”، و”خدمات المنظومات البيئية” و”تعويض الكاربون” و”المشتقات البيئية”. وعلى نقيض من مشاريع “المالية الخضراء” هاته، التي تعتبر الطبيعة تجريدا كميا خالصا، تُركّز نضالات النساء على العالم الواقعي، حيث العدالة الاجتماعية ورفاهية المجموعات البشرية والحفاظ على الطبيعة غير البشرية متداخلة بنحو غير قابل للحل.
إن تحرر النساء وحماية كوكبنا بوجه المصيبة البيئية يسيران يدا في يد- نحو تجاوز الرأسمالية.
ترجمة : جريدة المناضل-ة
(*): التقصيف-fracturation: طريقة مستعملة في استخراج المحروقات لزيادة نفوذية الشريحة المنتجة بإحداث تقصفات فيها.
[1]- حركة معرضة لبناء انبوب بترول في داكوتا، لاسيما من قبل الهنود الأمريكيين.
[2]: مكسيما أكونيا، فلاحة من البيرو، خاضت طيلة سنوات عديدة نعركة قانونية ضد إحدى أمبر شركات المناجم بالعالم، واصبحت رمز النضال من أجل الحفاظ على البيئة.
================
- تشينسيا أروتسا Cinzia Arruzza : أستاذة فلسفة في New School for social Research في نيويورك. لها مؤلفات عديدة تستكشف العلاقات بين الاشتراكية والنسوانية.
** تيتي باتاشاريا Tithi Bhattacharya: أستاذة ومديرة برنامج Global Studies في جامعة بوردو Purdue [انديانا]. تقيم مؤلفاتها تقاطعا بين النظرية الماركسية ومسائل الجندر.
*** نانسي فرايزر Nancy Fraser: أستاذة الفلسفة والسياسة في New School for social Research بنيويورك. لها مؤلفات عديدة، وهي إحدى الممثلات الرئيسة للنظرية النقدية في العالم الناطق بالانجليزية .
اقرأ أيضا