عزلة نضال التنسيقية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية غير المدمجين في السلالم المناسبة
كثر الحديث عن التنمية المستدامة المزعومة، دون الاكتراث بالواقع المزري الذي تعيشه الموارد البشرية ،حسب عرفهم الذي يجعل من الإنسان شيء يوظفونه حسب حاجياتهم، كرافعة أساسية لتجويد المرفق العمومي. جسدت حكومة الواجهة بشكل واضح تعليمات مؤسسات المال العالمية، وعلــــــــى رأسها صندوق النقد الدولي. وتبـــــقى تكريس دونية الموظف العمومي، والجماعي بصفة خاصة، من أبرز سماتها التعدي على الشغيلة، ممـــا جعل شغيلة قطاع الجماعات الترابية تبقى استثناءا لاسيما على مستوى الترقية بالشهادة المحصل عليها وذلك أسوة بباقي القطاعات التي حذت هذا الحذو كل ذلك في ظل إطار عام:دستور سنة 2011،استقلالية الجماعات الترابية ودور الرؤساء في تدبير شؤون الموظفـــين بمختلف درجاتهم طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي 113.14المتعلق بالجماعات الترابية مما يجعل الاستقلالية المزعومة للجماعات الترابية مجـرد وهم .الأمر الذي حتم على موظفي الجماعات الترابية خوض نضالات منذ سنة 2011 في إطار التنسيقية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية غير المدمجين في السلالم المناسبة .فما هو السياق العام لنضال هده الفئة؟وماهي السبل الكفيلة لتجاوز كل العراقيل التي تعرقل تنفيذ مطلبها والمتمــــــــــثل في التسوية الشاملة وبأثر رجعي إداري ومالي؟
قامت وزارة الداخلية سنة 2008 بعملية إحصاء للموظفين المجازين، استنادا على المادتين الأولى والثانية من مرسوم رقم2.06.625 الصادر في 12 من جمادى الثانية 1428(28 يونيو 2007)، المتعلق بإجراءات استثنائية لتعيين الموظفين الحاصلين على إجازة للتعليم العالي فـــي إطـار متصرف مساعد والأطر المماثلة حيث تنص المادتان على ما يلي:
المادة الأولى»بالرغم من جميع الأحكام النظامية المخالفة، تفتح خلال أربع سنوات ابتداء من تاريخ نشر هذا المرسوم، مباريات مهنية لولوج درجة متصرف مساعد ،أو إحدى الدرجات المماثلة ،لفائدة موظفي الإدارات العمومية ،المرسمين الحاصلين على إجازة التعليم العالي أو ما يعادلها «.
المادة الثانية»تفتح المبارة المهنية ،سنويا بقرار للسلطة الحكومية المعنية، يحدد فيها تاريخ ومكان إجراء المبارة ،وعدد المناصب المتباري بشأنها وتاريخ إيداع الترشيح ،ولائحة الوظائف المراد شغلها ومقراتها تخصص لهذه المباراة ،خلال الثلاث سنوات الأولى، حصة من المناصب تحتسب على أساس عدد المرشحين المتوفرين، على الشروط المحددة ،في المادة الأولى أعلاه وذلك كما يلي:
ـ ثلث عدد المرشحين في السنة الأولى2 ـ نصف عدد المرشحين في السنة الثانية 3ـ الباقي مجموع عدد المرشحين في السنة الثالثة .
وتفتح المباراة إن اقتضى الحال، خلال السنة الرابعة للمرشحين الحاصلين على الشروط المحددة أعلاه»
وتبعا لذلك أصدرت وزارة الداخلية، قرار إدماج الموظفين الحاصلين ،على الإجازة في درجة متصرف مساعد السلم العاشر عبر ثلاث دفعات 2008و2009و2010(بالضبط آخر دفعة استفادت من الإدماج هي الفئة التي توفرت على شروط الترسم بتاريخ 31 دجنبر 2010).
و قد ثمن الكل هذه المبادرة، التي أقدمت عليها وزارة الداخلية إنصافا لهذه الفئة من الموظفين، التي ثابرت واجتهدت لنيل هذه الشهادة الجامعية.وخلال مناقشة مشروع المالية، لسنة 2011 اقترح على وزير المالية والاقتصاد ،الفرقاء النقابيين والسياسيين ،العمل على طي ملف المؤقتين نهائيا ،وهذا ما تم فعلا حيت خصصت المادة31 من قانون المالية رقم 43.10 لسـنة 2011 ،الصادر بالجريدة الرسمية تحت عدد 5904 بتاريخ 30 دجنبر 2010 ،لترسيم جميع الأعوان المؤقتين .وبالفعل أقدمت جل الإدارات العمومية على ترسيم المؤقتين بتحديد تاريخ 01.01.2011 تاريخ الترسيم واستثني موظفي الجماعات المحلية .
وفي سياق الربيع الديمقراطي ،حيث تأثر المغرب أيضا فتم تأسيس التنسيقية الوطنية لحملة الشهادات الغير مدمجين بالسلم العاشر 29مارس 2011 ،فخاضت هذه الفئة نضالات ،واحتجاجات سلمية ،أمام وزارة الداخلية، المديرية العامة للجماعات المحلية ،ووزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية. وبعد الضغط بمعية النقابات، قامت وزارة الداخلية بطلب الاستشارة من وزارة الوظيفة العمومية وتحديت الإدارة عبر رسالة تحت عدد 1421 بتاريخ 13 يونيو2011 ،حول ترسيم الأعوان المؤقتين العاملين ،بالجماعات الترابية ،وكدا في إمكانية استفادتهم من الزيادة المحددة في 600درهم ،التي جاءت نتيجة الحوار الاجتماعي (26ابريل 2011).وجاء رد وزارة الوظيفة العمومية وتحديت الإدارة ،بعد ثلاث أشهر ونصف تقريبا ايجابيا ،عبر رسالة تحت عدد5795 بتاريخ 28 شتنبر 2011 وذلك استنادا لمبدأ المماثلة وبناء على ذلك قامت وزارة الداخلية ،بإصدار المنشور الوزاري رقم 57بتاريخ 25اكتوبر 2011 ،وانتظرت التنسيقية قرارا جريئا من الوزارة الوصية لإدماج حملة الشواهد في السلم العاشر ،أسوة بباقي القطاعات (التعليم والعدل وغيرها)،لكن تم إصدار قرار جائر وفردي ومعيب، دون التنسيق مع النقابات القطاعية، يقضي بترسيم كافة الأعوان المؤقتين بالجماعات الترابية ،من ضمهم حمــــــــــــلة شهادة الإجازة في السلم الخامس ابتداء من فاتح يناير 2013، عوض فاتح يناير 2011 ،دون إشارة إلى إدماجهم في السلم العاشر (منشــــــــــور رقم 53 الصادر بتاريخ 27 شتنبر 2012).
لذا وأمام تماطل وزارة الداخلية ،واصلت التنسيقية أشكالها النضالية رافعة شعار التسوية الشاملة لجميع المجازين، داخل قطاع الجماعات الترابية .
ويبقى المد النضالي في قطاع التعليم ،خير نموذج: فحسب نتائج الحوار الاجتماعي القطاعي ماي 2011 استفاد من الترقية بالشهادة حوالي 7000 من حاملي الإجازة بالإضافة إلى فئات أخرى.
كما أرغمت تنسيقية وزارة العدل بنضالها الجهات المسئولة على حل الملف عبر مباراة داخلية والتي تم رفضها من طرف التنسيقية أنذاك رغم أن هناك من الموظفين والموظفات من قام باجتيازها .
وقد صدر مرسوم جديد رقم2.18.392 الصادر في 17 ربيع الثاني 1440(25 دجنبر2018 )بتتميم المرسوم رقم 2.11.473بتاريخ 15شوال1432(14شتنبر2011)بشان النظام الأساسي الخاص بهيئة كتابة الضبط،حيت جاء في المادة الثالثة من المرسوم يمكن إدماج موظفي وزارة العدل بشرط توفر على اقدمية لا تقل عن ثلاث سنوات من الخدمة ودلك عبر ثلاث اشطر : الثلث الأول سنة 2019 و الثلث الثاني عن سنة 2020 والباقي عن سنة 2021
أما الموظف الجماعي المقصي دوما ،والذي يقوم بعمله الإداري ،ويسهر كذلك على كل العمليات الانتخابية ويتحول إلى عطار يجوب الأسواق صحبة أعوان السلطة، بغية تسجيل المواطنين في اللوائح الانتخابية، ويتجرع كل المتاعب مقابل دراهم معدودة ، في الوقت الذي يحصل فيه رجال السلطة على تعويضات مادية مهمة. يقوده حظه العاثر إلى تنكر كل هذه المؤسسات ،التي ساهم في إخراجها إلى حيز الوجود، بدءا بالمجالس الجماعية ،والإقليمية والجهوية والبرلمان ،بل إن بعضها يصوت على قوانين ومراسيم تراجعية، ضد الموظف الجماعي ولا يعترف له بحقوقه الأساسية في تسوية وضعيته بواسطة الشهادة ،التي أفنى زهرة عمره للحصول عليها ،فلا يعقل أن تسوي الحكومات وضعية آلاف من موظفي القطاع العام وبغلاف مالي كبير ،وتتماطل في تسوية وضعية موظفي الجماعات الترابية المجازين، إنه للأسف قمة سياسة الكيل بمكيالين واستهتار بحقوق الموظف الجماعي، والدوس على كرامته علما بأنهم يعملون في نفس الإدارة، وفي نفس البلد ويحملون نفس الشهادات ،التي حصل عليها زملائهم بنفس التكوين وسنوات الدراسة وتخرج من جامعات واحدة.
إن ضرب حق هذه الفئة في الترقية، لا يمثل إلا جزء من سياسة ممنهجة، متكاملة الأركان قوامها تعبيد الأرضية لسن التعاقد ،بهذا القطاع المتهالك فمنذ حوالي السنتين ،تم إيقاف مباريات التوظيف بالجماعات الترابية .كما إن معالم توجه الجهات المعنية في هذا الصدد، بدأت تتضح في الآونة الأخيرة بحذف المناصب الشاغرة من ميزانيات الجماعات المعنية، رغم الخصاص المهول في الأطر(متصرفون،مهندسون….). بحيث إن التماطل في إدماج هده الفئة، والتقشف أكثر في كل ما يحمل صبغة التوظيف ،و الوصاية على هذا القطاع ساهمت بشكل كبير في المعضلة التي تعيشها هذه الفئة ،في ظل دولة لا تحمل هم استقرار وتسوية موظفي هدا القطاع إلا للتابعين لها،وفي هذا الصدد نسوق كمثال الحالات، التي سويت بطرق مشبوهة ،كما وقع بمجلسي الرباط بعد تدخل حزب الاتحاد الاشتراكي ،في شخص الفيدرالية الديمقراطية للشغل .ومجلس مراكش بتدخل حزب العدالة والتنمية لبعض منخرطيه،وكذلك الأمر بالنسبة لمجلس تازة .
إن ميزان القوى المائل لغير صالح هذه الفئة ،سواء من حيث عددها الذي يقارب 6000 بتمثيلية وازنة للعنصر النسوي ،ولكن بحضور محتشم في الأشكال النضالية الممركزة،احتفالات فاتح ماي، في إطار تنسيقيات محلية أو جهوية. وكذا من جانب الوصاية على هدا القطاع الأمر، الذي يجعل مايتم التطبيل له تحت مسمى»التدبير الحر»مجرد أحلام، تدفع ضريبتها بشكل كبير هذه الفئة والتي قاربت نسبة كبيرة من الذين اقتربوا من سن التقاعد قابعة في السلم السادس .
كما إن الجهات المعنية ،وجدت في القطاع العام التربة الخصبة لتنفيذ املاءات مؤسسات المال العالمية بالحد من التوظيف والرفع من نسبة الاقتطاعات وتبقى هذه الفئة هي من يلعب دور المنقذ بأقل تكلفة.
الأحزاب السياسية ،لايبرز دورها على مستوى الاحتجاجات، إلا بناء على مدى قدرة تأثيرها ،في الرأي العام كما هو الشأن في نضال الأساتذة المفروض عليهم التعاقد. غالبا مايكون تحت يافطة الاستغلال ،كورقة انتخابية نصيب فئة موظفي الجماعات الترابية غير المدمجين مند سنة 2011، في ظل حكومة العدالة والتنمية كان واضحا على شكل: أسئلة برلمانية محتشمة ،وجواب صريح وواضح يضرب عرض الحائط كل المبادئ –أسوة بباقي القطاعات-من طرف مسؤوليها في شخص وزير الداخلية: الترقية بالمباراة هي الحل لتسوية هدا المشكل.
أما بالنسبة للنقابات فباستثناء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل واصطفافها الملموس في جل أشكال المطالب الشعبية ،وكذلك بالنسبة للتوجه الديمقراطي ،لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، فالواضح هو غياب مطالب هده الفئة، من أجندة اغلبها .
والخلاصة هي رص صفوف هذه الفئة ،رغم ما يعتري ذلك من صعوبات على رأسها تشتت مكوناتها وعدم وعيها، بحقها و الذي مرده بالأساس: العلاقة غير المتكافئة بين الجماعات الترابية ،والإدارة المركزية ،وبالتالي هيمنة وصاية الوزارة المعنية حيث النتيجة هي الإضرار والمس بمبدأ التدبير الحر، نتيجة ضعف الاستقلال الإداري والمالي للجماعات الترابية، وبالتالي استغلال هذه الفئة لربح تنمية مزعومة بأقل تكلفة.
كما أن توجه الدولة في ميدان التشغيل، وفي هذا القطاع اتضحت معالمه مند سنتين، بوقف كل مباريات التوظيف، بمختلف درجاتها.والتي من المفروض أن تشكل حلا لمعاناة هذه الفئة ،بل وإجهاض محاولات بعض رؤساء الجماعات الترابية في هذا المجال ،بعد محاولة إجراء هذه المباريات، بفعل الحاجة الماسة للأطر، توجه برزت معالمه بشكل واضح مع مطلع هده السنة من خلال حذف المناصب الشاغرة من ميزانيات الجماعات الترابية ،تمهيدا لشرعنة التعاقد ،وتمزيق أوصال هدا القطاع المتهالك .
فلنعمل على تلاحم هذه الفئة ،وانفتاحها في نضالاتها على باقي التنسيقيات و النضالات الجارية دفاعا عن حقنا في الوظيفة العمومية .واجب القواعد العمالية في النقابات أن تدفع بمبدأ التضامن الفعلي الميداني في الأرض حقيقة لا أن يبقى مجرد كلام في البيانات .
بقلم، مناضل من التنسيقية
اقرأ أيضا