قانون التعويض عن فقدان الشغل: قانون الحد من حصول العمال/ت على التعويض
باشر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تطبيق البند الخاص بالتعويض عن فقدان الشغل، وفق القانون رقم 14 – 03 المحدد بموجبه التعويض عن فقدان الشغل خلال شهر شتنبر4 201، المنصوص عليه في مدونة الشغل، في الباب الرابع الخاص بالفصل عن العمل، حيث أشارت المادة 53 إلى إمكانية حصول العامل ـ ة ـ على تعويض عن الفصل بالإضافة إلى تعويض عن فقدان الشغل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية. للأسف، لم يقم صندوق العمال بين ليلة وضحاها، بالبدء في تقديم الإعانات المادية للعمال، حبا في سواد منخرطيه ومنخرطاته، ولا وليد نضال خاضته الطبقة العاملة المغربية (النقابات) بل ثمرة تنازل بسيط فقط من الدولة وأرباب العمل للنقابات من أجل قبول تمرير مدونة الشغل، مدونة إضفاء الهشاشة والمرونة على سوق الشغل بالمغرب.
التعويض عن فقدان الشغل في مقابل مدونة الهشاشة من أجل القبول بمدونة شغل جديدة تضفي طابع الهشاشة و تجهز على استقرار الشغل الخاص بالطبقة العاملة بالمغرب، استقرار يضمن العيش الكريم لقاء جهدها المبذول في المقاولات والمعامل والضيعات، قامت الدولة وأرباب العمل بتقديم مشروع للتعويض عن فقدان الشغل بهدف الحصول على موافقة النقابات على مدونة المرونة، كل هذا وفقا لتوجيهات المؤسسات الإمبريالية التابعة للشركات متعددة الجنسية. هذا ما حصل منذ اتفاق ابريل 2003 : موافقة مبدئية.
دون الحديث عن الطريقة التي يُظهر بها الإعلام البورجوازي طيلة سنوات المفاوضات حول مشاريع القانون المقدمة والتعديلات التي تطرأ عليها والأخذ والرد حول مبلغ التعويض ومدته، فمجرد ملاحظة بسيطة إلى القانون المتفق عليه من حيث نسبة التعويض وشروط الحصول عليه والمستفيدين/ت منه، يبدو جليا أن الأمر لا يعدو أن يكون فتاتا في مقابل قانون المرونة والهشاشة وتدمير استقرار الشغل والإجهاز على حقوق الشغيلة: مدونة الشغل البورجوازية.
قانون التعويض الهزيل
يقر القانون بمساهمة من العمال بثلث يبلغ 0,19% من الأجر وثلثان ب 0,38% من طرف رب العمل ما مجموعه 0,57% من الأجر الشهري. يسرق أرباب العمل الرأسماليين العمال خلال مدة عملهم عبر أجور ضئيلة. فمثلا يتقاضى 40 في المائة من الأجراء المصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي متوسط أجور شهرية يقل عن 2565 درهماً (الحد الأدنى للأجور)، كما يحصل نصف المؤمَّن لهم على أجرة تقل عن 2897 درهمأً. في القطاع الفلاحي مثلا، بلغ متوسط الأجرة الشهرية المصرَّح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 2360 درهماً في سنة 2016، علماً أن 50 في المائة من المؤمَّن لهم تم التصريح بهم بأجرة شهرية تقل عن 1215 درهماً.
في حين يحدد قانون التعويض عن فقدان الشغل نسبة التعويض المستحقة في 70 في المائة من الأجر المرجعي يحصل العامل المطرود من عمله على تعويض يبلغ 1641 درهم عن أجر مرجعي 2344 درهم و 1153 درهم عن أجر مرجعي يبلغ 1647.
إنه تعويض هزيل وغير كافٍ، كان على البيروقراطيات النقابية رفضه و لو فقط حفاظا على ما تبقى لديها من حس الدفاع عن مصالح العمال.
قانون الحد من حصول العمال على تعويض فقدان الشغل للحصول على تعويض عن فقدان الشغل وفق الصيغة القانونية المعتمدة، يتحتم على العاملـ ة ـ الذي فقد عمله أن يتوفر على تأمين (بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) لا يقل عن 780 يوما خلال 36 شهرا السابقة لفقدانه العمل، منها 260 يوما خلال 12 شهرا السابقة لتاريخ فقدان العمل، كما ينبغي البرهان على أن فقدان العمل كان لظروف خارجة عن إرادته، بالإضافة إلى تقديم طلب التعويض في أجل لا يتجاوز شهرين بدءا من تاريخ فقدان العمل. واقع الأمر الحقيقي يثبت أن مالكي المعامل والمقاولات لا يصرحون بالعمال والعاملات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (33 ألف عامل يتوفر على شرط مدة 780 يوما من الاشتراك، في حين يبلغ متوسط عدد الأيام المصرح بها 212 يوما فقط من مجموع مصرح به بالغ مليونان و نصف، حسب دراسة للصندوق.).
إنه نفاق ما بعده نفاق مع سبق الإصرار على إفراغ القانون من محتواه، فأرباب العمل الممثلين بالمجلس الإداري للصندوق والمشرفين على تسييره على علم مسبق بعدد المصرحين. ما يعني ضآلة عدد المصرحين بهم الذين يتوفرون على شرط الحصول على التعويض وأيضا لا يؤدي أرباب العمل مساهمتهم بتاتا للصندوق رغم تسجيلهم للعمال به.
هكذا يتم إقصاء غالبية فاقدي الشغل من الاستفادة من التعويض لأن شرط الحصول على 260 يوما خلال 12 شهرا السابقة لتاريخ فقدان العمل غير قائمة. ففي سنة 2016 مثلا، صرح أرباب عمل القطاع الخاص غير الفلاحي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شغيلتهم بكثافة تشغيل تبلغ 212 يوماً في السنة) عدد الأيام المصرَّح بها سنوياً لكل أجير(موزعة على 9,1 أشهر. أما في القطاع الفلاحي، فقد تم التصريح بهم بمعدل كثافة تشغيل تصل إلى 144 يوماً على مدى 6,9 شهر. يتضح جليا أن عدد الأيام المشروطة في الستة الأشهر الأخيرة في القانون غير متوفر.
يحصل العامل أو العاملة حسب القانون على تعويض لمدة ستة أشهر فقط. هذه مدة غير كافية فواقع البطالة في المغرب يؤكد أن العامل أو العاملة لن يجد عملا بعد ستة أشهر و لو راح يبحث عنه طيلة تلك المدة ليل نهار. فطوابير الباحثين عن العمل كثر، بل هناك أفواج من الشباب من الحاصلين على الدبلومات المهنية والشهادات تنتظر منذ سنوات فرصة الحصول عليه، بعد أن أقفلت الدولة في وجوههم أبواب الوظيفة العمومية. فما بالك بالذين شاخوا وتقدم بهم السن بفعل السنوات الطويلة في الكد.ألن يجدوا صعوبة في إيجاد عمل وفق شروط «التنافسية» و «المردودية» المعتمدة من طرف أرباب العمل. إن متوسط مدة التعويض عن فقدان العمل يجب أن تمتد من سنة إلى ثلاثة سنوات، حسب مدة الأقدمية في الشغل، كما هو معمول به في بعض البلدان الأوروبية.
يقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره السنوي لسنة 2018 محدودية القانون وغيرملائمته بالقدر الكافي للقضاء على البطالة. فعدد الملفات المرفوضة من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هو 14515 ملف سنة 2017 بنسبة 53% من الملفات المطالبة بالتعويض بحسب الصندوق نفسه. ملفات مرفوضة لعدم استيفاء شروط الحصول على التعويض المحددة في القانون (شرط عدد الأيام المصرح بها و شرط أجل 60 يوم …). فحسب المجلس 800 ألف أجير لا يصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي و50 بالمئة منهم من القطاع الفلاحي والأنشطة غير المستقرة.
فلماذا يا ترى لا تقوم الدولة بمتابعة أرباب العمل لرفضهم المساهمة في الضمان الاجتماعي؟ (في فرنسا، حيث حدة هجوم أرباب العمل على مصالح العمال تختلف عما يجري بالمغرب، تشكل ممارسة كل نشاط غير مصرَّح به لدى المصالح المهنية أو الهيئات الاجتماعية أو عدم احترام التزامات التصريح بالمساهمات، جريمةً للعمل غير المصرَّح به، يُعاقَبُ عليها بالحبس لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 000 45 أورو). إن قوانين الدولة تخدم البورجوازية، لأن لا قدرة للطبقة العاملة ببلدنا بعد على وضع قوانينها الخاصة التي تخدم مصالحها.
قبلت البيروقراطية النقابية تطبيق هذا القانون فارغ المحتوى دون طرحه للنقاش مع القواعد العمالية. كان على مسييري النقابات الدفاع على مصالح العمال الفعلية المتمثلة في: حماية اجتماعية حقيقية تشملهم خلال سنين عملهم (تغطية صحية، حوادث الشغل. تقاعدـ فقدان العملـ بطالة… )، ضريبة تصاعدية على الثروات لتمويل بطالة كل أفراد المجتمع. التأكيد على هذا لا يعفينا من التأكيد أيضا على أن هذا عمل يومي منوط بالنقابيين الحقيقيين المدافعين وحدهم عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة في الجموعات العامة و أثناء الإضرابات وخلال المظاهرات الاحتجاجية.
بقلم، عامل
اقرأ أيضا