الجزائر: «ماكرون، اهتم بجمع الحطب، لن تحصل هذا العام على غاز التدفئة»
حسين غرنان، مناضل حزب العمال الاشتراكي في الجزائر، يجيب على أسئلتنا حول تطور تعبئة هذه الأيام الأخيرة.
أسبوعية مناهضة الرأسمالية: ما هو تقييمك لتعبئة يوم الجمعة 22 آذار/مارس؟
من حيث الأرقام، أرى انعدام فرق كبير مع يوم الجمعة من الأسبوع الماضي. لا تزال التعبئة قوية رغم أن سوء أحوال الطقس حالت دون حضور بعض المتقدمين في السن. وكما جرت العادة، انطلقت المسيرة قبل نهاية الصلاة ببضع دقائق. انضم المصلون إلى المسيرة واندمجوا كليا داخلها. وغاب أي شعار إسلامي.
في بجاية، التي سرت فيها، كان ثمة حوالي مائة ألف مشارك في المسيرة، رغم أن تقديم تقدير معين ضرب من المجازفة. كانت المسيرة تكتسى كالمعتاد جوا احتفاليا. كان حضور النساء هائلاً، تمامًا مثل الرجال، كن يغنين وينشطن تشكيلات مربعة في المسيرة. كان ثمة عائلات كثُر بأطفال. بمعنى آخر، كان هناك فرح في أجواء المسيرة. وحضر هذه التظاهرة أيضًا آلاف الأشخاص الذين كانوا يتابعونها عبر شرفات المباني وسطوحها، برفع أعلام وتحية المشاركين في المسيرة. كانت المحلات التجارية والمقاهي كلها مفتوحة.
فيما يتعلق بالشعارات، تلك التي تكرر رفعها بنسبة أكبر هي: «الشعب يريد اسقاط النظام»، «ارحلي أيتها السلطة»، «الجمعية التأسيسية»، «الجمهورية الثانية»، «السيادة للشعب». وثمة أيضا شعارات هنا وهناك: «ما أهمية التغيير إذا بقي العامل بائسا»، «نريد تغيير النظام وليس تغييرًا في النظام» «أعيدوا لنا الجزائر» «أيها اللصوص، دمرتم البلد». هناك أيضا شعارات ضد التدخل الأجنبي مثل: ««ماكرون، اهتم بجمع الحطب، لن تحصل هذا العام على غاز التدفئة» [وجد الحطب يا ماكرون هذا العام ماكاينش الغاز]. هناك أيضا شعارات أممية نظير: «ماكرون يدعم بوتفليقة، الشعب يدعم السترات الصفراء».
أسبوعية مناهضة الرأسمالية: كيف تتطور التعبئة؟
الإضراب العام الذي استمر خمسة أيام بداء من 10 آذار/مارس، حظي باستجابة واسعة النطاق. انضمت حتى المحلات التجارية التي لم تكن معنية بالدعوة إلى الإضراب. بعضها بانخراط، وبعضها الآخر رعيا لتجنب التفرد، والبعض الآخر خوفا من أشكال الانتقام.
في اليوم الثاني من الإضراب، بعد إعلان بوتفليقة تخليه عن الترشح للعهدة الخامسة وإلغاء الانتخابات الرئاسية المقبلة، أمر أرباب العمل في المنطقة الصناعية في مدينة أقبو، ورب عمل شركة سيفيتال العمال باستئناف عملهم. رفض العمال بالطبع. مكّن هذا الإضراب العمال من التخلص من الخمول السائد في أمكنة العمل.
العمال الذين كانوا يشاركون حتى ذلك الحين في مسيرات الاحتجاج كمواطنين عاديين، سيقتحمون بالفعل المشهد كفئة اجتماعية منفصلة.
هذا هو الحال، على سبيل المثال، بالنسبة لعمال شركة نفطال، وفرع شركة سوناطراك، والشركة الوطنية للكهرباء والغاز (سونلغاز)، وعمال الميناء، وقطاع المالية والصحة، وفئة المهندسين المعماريين، والتكوين المهني، ومكتب البريد، والاتصالات، والتعليم، وغرفة التجارة، ورجال الاطفاء، والفنانون، وذوو الاحتياجات الخاصة (المعوقون) …
لكن هكذا تعبئة العمال تبدو وكأنها عملية انخراط في حركة شعبية انطلقت دونهم. إنهم يرددون شعارات الحركة، ولا يُغْنونها بمطالبهم الخاصة.
أسبوعية مناهضة الرأسمالية: كيف يتقدم التنظيم الذاتي؟
السيرورة بطيئة للغاية. إن الأضرار الناجمة عن النيوليبرالية بتواطؤ النقابات هائلة في صفوف العمال. لقد قامت بتفكيك أدنى تقاليد تنظيمية، وأجبرت العمال على الاستسلام، وشجعت المنافسة وعدم الثقة بينهم. أصبحت نقاباتهم بيروقراطية، وليس في ذاكرات العمال الجماعية تجارب أخرى يمكن الاستناد إليها. من المأمول أن تمارس الحركة الشعبية ضغطًا كافيا على النقابات وتحثها على الرد.
أعربت النقابات المستقلة القائمة في الوظيفة العمومية عن دعمها الرسمي للحركة الشعبية، ولكن قياداتها منخرطة في مبادرات تقديم الخدمة للسلطة. حاليا، فإن القطاع الذي طبع بصماته على الحركة هو الجامعة حيث نُظمت مسيرات منتظمة كل يوم ثلاثاء. أخذت بداية التنظيم الذاتي تتبلور. نُظمت نقاشات، وجرى استدعاء محاضرين للمشاركة. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن بعض القرى والأحياء الشعبية تشهد بداية تنظيم. وتتخذ النساء أيضا مبادرات لتشكيل جمعيات نسائية. هذا هو حال رفيقاتنا عائشة في أوقاس، ووسام في بجاية، وأميرة في قسنطينة، وليديا ونهلة في الجزائر العاصمة وغيرهن…
لعل بطء سيرورة التنظيم الذاتي يرجع إلى الطبيعة الشعبية والسلمية للمسيرات التي لم تتعرض لأي حظر والتي تتآخى فيها قوات الأمن مع السكان.
تقدم التعبئة الجماهيرية والوطنية للحركة تأكيدا على أن السلطة ستنهار دون جهد كثمرة بالغة النضج. ربما بمجرد أن تمتص المسيرات طاقة المشاركين فيها، ستفسح المجال للنقاشات والتنظيم الذاتي، وبالتالي فإن الوظيفة ستخلق العضو.
أجرى المقابلة أنطوان لاراش، الاثنين 25 آذار/مارس 2019
ترجمة جريدة المناضل-ة
المصدر: موقع الحزب الجديد المناهض للرأسمالية-فرنسا
اقرأ أيضا