تحية عالية لنضالية الأساتذة والأستاذات المفروض عليهم/هن التعاقد، انتصار شغيلة التعليم رهين بوحدتهم النضالية
بكفاحية عالية، تواصل حركة الأساتذة المظلومين بالتعاقد معركة إسقاط الظلم وانتزاع الترسيم في الوظيفة العمومية. فرغم كل ما أقدمت عليه الدولة من شتى صنوف التنكيل، ومختلف محاولات الترهيب بالعقوبات الإدارية، والتهديد بالفصل من العمل، والابتزاز الخسيس والمنافق بمصلحة التلاميذ، قرر المجلس الوطني للحركة تمديد الإضراب أسبوعا، متزامنا مع إضراب وطني دعت إليه نقابات المدرِّسين المرسّمين في الوظيفة العمومية أيام 26 و27 و28 مارس الجاري.
لقد رد الأساتذة المفروض عليهم التعاقد على خدع الدولة وأعمالها الترهيبية بالمسيرتين بالعاصمة وبالاعتصام أمام البرلمان، في نهاية الأسبوع المنصرم، مبطلين إياها ومبينين عن آيات من العزم النضالي قل نظيرها منذ عقود. فطول نفس المعركة، في خضم مناورات الدولة وحملتها التضليلية، ونقص تطور التضامن بالسرعة والحجم المطلوبين، إنما يؤكد حجم طاقات النضال الكامنة في مقهوري/ات المغرب، وينتزع انتزاعا، من الخصوم قبل الأصدقاء، تحيات الإكبار والتقدير للأساتذة والأستاذات المفروض عليهم/هن التعاقد.
كما أسهم في إفشال خطط الدولة الرامية إلى تدمير الحركة النضالية موقفُ الأساتذة الذين رفضوا دور كاسري الإضراب، ونضالات التلاميذ ضد ما يتعرض له أساتذتهم وضد محاولات إبطال مفعول الإضراب بحلول ترقيعية لا تخدم مصلحة المتمدرسين. إن هاذين الموقفين الداعمين للأساتذة المفروض عليم التعاقد يستوجبان التطوير بوقفات في المؤسسات وإصدار البيانات والعرائض وتعبئة الأسر لدعم نضالات المضربين.
إن تعبئة الأجراء الشباب الكثيفة هاته تؤكد أنه لولا آفات الحركة النقابية لاكتسى الغضب العمالي والشعبي أحجاما أكبر من معركة المتعاقدين. كما تبرهن على أن ملايين الشباب المفروض عليهم وضع أسوأ، من الهشاشة والبطالة بالقطاعين الخاص والعام، قوة كفاح راكدة بفعل غياب أدوات النضال وقمع الدولة الممنهج لأجنته.
لو تحركت قوة الكادحين والكادحات المعطلة بالنحو الذي تحرك به الأساتذة ضحايا ظلم التعاقد، لتوقفت هجمات الدولة البرجوازية، وتحسنت الأوضاع المعيشية وحالة الحريات وممكنات النضال من أجل القضاء على الاستبداد والقهر الطبقي. وهذا ما أعطت عنه حالة أشقائنا بالجزائر مثالا جليا، حيث فرضت إرادة الجماهير الشعبية المعبر عنها في الشارع أمورا غير واردة سابقا على ديكتاتور عمّر 20 سنة على سدة الحكم.
كما يُسجّـل لحركة المفروض عليهم التعاقد فضلُ إبطال جزء مهم من الضغط الذي يمارسه النظام بواسطة فزاعة المأساة السورية التي يريد أن يحد بها من الحراكات الاجتماعية المتنامية. كما فضح الأساتذة/ ات المكافحون/اتزيف آليات “الحوار الاجتماعي” وخرافة “الشراكة الاجتماعية”، إذ أجبروا الدولة على إماطة اللثام عن وجهها الحقيقي بما هي لجنة لخدمة مصالح البرجوازية بأداتي القمع والتضليل.
إن الطور الذي بلغته معركة الأساتذة المفروض عليهم التعاقد يضع على كاهل الحركة النقابية مسؤولية الانخراط التام في المعركة، لا الاقتصار على إبداء مشاعر التضامن ولا حتى على خطوات تضامنية خجولة. فعلى القيادات النقابية المنتسبة إلى أحزاب اليسار تقع مسؤولية تاريخية في التعامل مع معركة المظلومين بالتعاقد بما هي فرصة لتوحيد الجهود والخطوات النضالية سيرا نحو إضراب عام حقيقي، بدلا عن الاكتفاء بمبادرات دون مستوى اللحظة النضالية، إذ هي دفع للحرج أكثر مما هي دعم فعلي للمعركة الجارية.
إن قسما من القيادات لا يكف عن ترديد لازمة اشتداد الاحتقان والدعوة إلى فشه. إن ما يسمونه الاحتقان ليس سوى تعاظم كفاحية الطبقة العاملة وعامة المقهورين ومقدرتهم على الدفاع عن النفس. وبالتالي فما يتوق اليه كل مناضل/ة ضد الاستغلال والاستبداد هو تعاظم تلك الكفاحية والمقدرة وليس فشهما.
كما تعيد كفاحية الأساتذة المتعاقدين التذكير بمسؤولية المناضلين أنصار الخط الكفاحي الديمقراطي في النقابات، وبضرورة تكتلهم لبناء خط نقابي كفاحي ديمقراطي يخترق مختلف النقابات، ذودا عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة.
كمثلها من النضالات، تحيط بمعركة الأساتذة المظلومين بالتعاقد أخطار مناورات الخصم الرامية إلى تفكيك التعبئة، بمبادرات من هذه الجهة “الوسيطة” او تلك، تلوح بـ”الحوار” لكن بعد وقف أشكال النضال. وللضغط في هذا الاتجاه يتم الترويج لكذب رفض الأساتذة “الحوار”، فيما الوزارة ترفض مفاوضة تنسيقية الأساتذة المفروض عليهم التعاقد.
ختاما، ان التشغيل بالتعاقد حلقة من خطة لتدمير مكاسب شغيلة الوظيفة العمومية المنتزعة بنضالات وتضحيات جسيمة. وليست المعركة ضد ظلم التعاقد شأنا يخص ضحاياه المباشرين، بل معركة كل أجراء الوظيفة العمومية قاطبة، ومعها الجماهير الشعبية المقهورة لأن التعاقد ليس غير إحدى أوجه تخريب المدرسة العمومية لصالح قطاع تجارة التعليم.
لذا يجب أن تكون هذه المعركة منطلقا لانضمام باقي شغيلة التعليم، بكافة فئاتها، بناء على ملف مطلبي واحد في إطار برنامج نضالي تصاعدي، تشكل له لجان إضراب في المؤسسات بقيادة وطنية موحدة، تحت شعار “شغيلة واحدة، معركة واحدة حتى تحقيق المطالب”. وهدا يفرض تعليقا تاما لجلسات “الحوار” عديمة المعني وتوجيه كل الجهود نحو تعبئة شاملة لاستنهاض قوة الشغيلة ورص صفوفها في معركة حاسمة.
إن لكفاحات شغيلة التعليم، بفعل مكانتها في المجتمع وحجمها، دور فعال في حفز قطاعات عمالية، ما سيخلق ظروفا ملائمة لاندفاع القطاعات العمالية سواء في القطاع العام او القطاع الخاص. وإن التدهور الحاصل في وضع الطبقة العاملة، بالقطاعين العام والخاص، بفعل تجميد الأجور والحرب على الحريات النقابية والتراجع عن مكاسب تاريخية، يستوجب إطلاق الحركة النقابية دينامية نضال من الأسفل لدفع الأجهزة القيادية إلى رفع الكوابح على قوة الطبقة الهائلة التي يكبلها توسل المفاوضات بدون قوة واضاليل “الشراكة الاجتماعية” التي ليست سوى حرب طبقية تطحن حياة العمال/ات.
المطلوب توحيد النضالات وتتويجها بإضراب عام ممتد إلى أن تلبى المطالب: إلغاء التعاقد والمناولة – سحب المشروع التخريبي للوظيفة العمومية، التراجع عن تفكيك أنظمة التقاعد، سحب مشروع تكبيل حق الإضراب- الغاء قوانين محاربة العمل النقابي… من أجل: حق الشغل للجميع، وخدمات عمومية مجانية وجيدة، وحماية اجتماعية فعلية وزيادة عامة في الأجور…
لا للقمع، ولا لتجريم النضال الاجتماعي
النصر لكفاح الأساتذة المفروض عليهم التعاقد
لأجل اضراب عام تصاعدي لشغيلة التعليم حتى انتزاع مطالبها كاملة
مزيدا من الجهود لتحقيق تضافر النضالات، نحو إضراب عمالي شعبي عام وشامل
تيار المناضل-ة، 26 مارس 2019
اقرأ أيضا