لا القتل بالرصاص ولا الخنق، سيوقف نضال شعب يريد تقرير مصيره
أطلقت القوات البحرية الملكية النار على قارب يحمل مهاجرين يأملون الوصول إلى القارة الأوربية. قتل رصاص البحرية الطالبة الجامعية (حياة بلقاسم) 22 سنة. جرح آخرون واعتقل الباقون وتمت إحالتهم على القضاء. كما قامت قوات البوليس والدرك والقوات المساعدة بحملة ترحيل جماعي لمئات المهاجرين المتحدرين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء من المناطق الشمالية مكرهين إلى مدن الجنوب.
تستخدم الدولة قضية الهجرة، وهي في صلب نقاش دول الاتحاد الأوربي وتهدد بتفجيره في سياق صعود يمين فاشي جديد، كاره للأجانب، ومصاب برهاب الإسلام… كي تظهر من جهة حرصها على لعب دور شرطي حدود أوروبا، ومن جهة أخرى لاستدرار “المساعدة” المالية الأوروبية.
تندرج جريمة قتل حياة، والترحيل المذل للمهاجرين الأفارقة، في سياق عالمي تنامت فيه الأخطار التي يواجهها اللاجئون والمهاجرون، في أكبر موجة شهدتها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية: “أطفال مفصولون عن عائلاتهم وموضوعون بأقفاص في الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل ترامب، وآلاف الغرقى أثناء عبور البحر الأبيض المتوسط، ومنع زوارق نقل مهاجرين من حق الرسو في إيطاليا وفرنسا، وإعلان أوربان في المجر أن مساعدة اللاجئين جريمة، و370 ألف من الروهينغا الفارين إلى بنغلاديش بعد غارة عسكرية أخرى، ومجازر من قبل حكومة ميانمار، وعشرات الآلاف من اللاجئين الاقتصاديين من هايتي وفنزويلا في جميع أنحاء دول أمريكا الجنوبية، وأكثر من خمسة ملايين لاجئ سوري خارج البلاد، وأكثر منهم مشردون داخليا…”. [“لنوقف السياسات اللاإنسانية ضد المهاجرين! بيان الأممية الرابعة”، بيان مكتب الأممية الرابعة].
يريد النظام المغربي إفهام أوربا أنه يتحمل عبئا ثقيلا ليحميها من تدفق موجات الهجرة، وعليها تحمل الأكلاف المادية لدوره كدركي حدودها الجنوبية؛ ماليا (منح مالية، قروض ميسرة، اتفاقيات تجارية) وسياسيا (دعم موقفه حول قضية الصحراء). هذا ما يفسر التصاعد الفجائي لموجة الهجرة الكثيفة للشباب المغربي.
تتحدث بعض المصادر عن 1300 قاربا مند بداية السنة أي بمعدل حوالي 30 مهاجرا في كل قارب، ومنهم اعداد من النساء والقاصرين. ويستحيل ذلك دون تغاظي أجهزة الدولة التي تراقب بشدة الشريط الساحلي والماسكة بخريطة شبكات التهجير وسجلات مالكي القوارب والأشخاص العارفين بالمسالك البحرية. في المقابل أقفلت الباب على مهاجرين من جنوب إفريقيا وخنقت محاولاتهم. كل هذا قصد إعطاء الدليل لأوروبا بأنها ماسكة حركة الهجرة بدقة: إن شاءت أقفلت المنافذ وإن انزعجت تركت الأبواب مشرعة.
يستعد النظام لاحتضان مؤتمر الأمم المتحدة حول الهجرة ويهمه كثيرا أن يكون في موقع المتضرر من تيار الهجرة الدولية، وأن يعتمد كمرجع لتطبيق ما ستتمخض عنه من مسكنات ستدر عليه أموالا من مانحين دوليين.
سيجد الطامحون لتقرير مصيرهم الفردي والمغامرون لأجل حياة أفضل السبل لبلوغ مراميهم، مهما جندت الأنظمة سواء في أوربا أو المتنافسون على لعب دور حراس حدودها من دول الضفة الجنوبية للمتوسط، طالما أن الأفاق المستقبلية للشباب مجهولة، ومادامت أمراض الفقر الجماهيري والفساد المريع تحرصه دول ديكتاتورية ساحقة للحريات ولكرامة الأفراد.
أن القتل بدم بارد لشباب مغربي بالرصاص الحي في عرض البحر جريمة شنيعة ودليل احتقار لكرامة الشعب المغربي. وليس غريبا أن تتزامن جريمة قتل الشابة حياة مع وفاة امرأة حامل جراء الخنق في اعتصام دفاعا عن أرض سلالية.
سواء تشبثت بالأرض أو أردت الهجرة عنها، يترصدك الموت خنقا أو سحقا أو رميا بالرصاص. ولا خيار أمام شعبنا إلا مواجهة نظام الفساد والاستبداد بالنضال العمالي والشعبي من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية.
إننا، إذ نستنكر هذه الجريمة الشنعاء، ندعو للنضال من أجل:
- الحق في الهجرة والتنقل والإقامة، فما معنى أن يتنقل الرأسمال الأوروبي إلى المغرب وينهب ثرواته ويدمر نسيجه الاقتصادي ويمنع ضحاياه من الهجرة هربا من الأهوال الاجتماعية الناتجة عنه،
- محاسبة قتلة المهاجرة “حياة بلقاسم” رميا بالرصاص، والمدافعة عن أرض سلالية “فضيلة اوعكي” خنقا،
- تمتيع المهاجرين الأفارقة بتأشيرات الإقامة بالمغرب، وضمان حق تنقلهم إلى أي مكان يريدون،
- النضال ضد أهوال الرأسمالية التابعة التي دفعت حياة وغيرها للهجرة.
تيار المناضل-ة، 01-10-2018
اقرأ أيضا