من أجل خرط النقابة في النضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين
بقلم: عماد
تعد النقابة، أحد أهم أدوات النضال العمالي. علة وجودها الرئيسية هي تنظيم النضال من أجل مصالح الطبقة العاملة الاقتصادية والدفاع عن الحق في الاحتجاج والتعبير.
سعت الملكية منذ فجر الاستقلال الشكلي إلى تحييد النقابة عن النضال السياسي، بينما حاولت أحزاب الحركة الوطنية البرجوازية استعمالها في مناوشاتها السياسية من أجل تقاسم السلطة مع الملكية.
انتهى طور من استعمال النقابة من طرف هذه الأحزاب، مع استسلامها للملكية نهاية التسعينيات. احتفظت البيروقراطيات المتسلطة للنقابة على دور ترسيخ ثقافة السلم الاجتماعي عازلة النضال العمالي عن أوجه النضال الشعبي الأخرى.
ظهر هذا جليا في تجميد طاقة النضال العمالي ومنع التحاقه بحراك 20 فبراير، بقبول تسوية أسفر عنها اجتماع البيروقراطيات مع مستشار الملك في 27 فبراير وتوقيع اتفاق أبريل 2011. تكرر السيناريو بشكل فاقع بالاستنكاف عن أي شكل من أشكال التضامن العمالي مع حراك الريف. في الوقت الذي جهد فيه النقابيون والفروع النقابية الكفاحية، للمشاركة في أشكال التضامن مع الحراك.
بعد إعلان أحكام قضاء الاستبداد في حق معتقلي الريف، اكتفت البيروقراطيات النقابية بإعلان رفض كلامي لهذه الأحكام مع الامتناع التام عن الدعوة إلى النضال من أجل إطلاق سراحهم حرصا منها على «الاستقرار السياسي».
يستثنى من هذا الاستنكاف دعوة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى المشاركة في مسيرة 8 يوليوز بالدار البيضاء التي دعت إليها إطارات سياسية وجمعوية. وهو شكل تضامن- إلى جانب ضرورة تثمينه- عادة ما يكون لرفع الحرج وامتصاص الاستعداد النضالي لدى القواعد بدل تنظيمه وحفزه لضمان استمراره.
لا يتعلق الأمر هنا بفساد البيروقراطيات النقابية فقط، ولكن بخط سياسي قوامه التعاون الطبقي مع أرباب العمل ودولتهم.
أدى هذا إلى فقدان مصداقية الانتماء النقابي وإلى جعل النقابة إلى جانب «الدكاكين السياسية»، جزء من المشكل، بدل أن تكون أداة من أدوات النضال. وهي فكرة يجب تصحيحها بتقديم صورة أخرى عن عمل نقابي ديمقراطي كفاحي. كان من الممكن للتوجه الديمقراطي النقابي أن يكون نموذجا يجتذب إلى رايته مئات النقابيين المستائين من سطوة البيروقراطيات على النقابة، لو لم يجر التضحية به بمساومة مع بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل.
خرج عن هذا الاستنكاف البيروقراطي عن التضامن مع معتقلي الحراك، فروع نقابية مكافحة ومناضلون نقابيون انخرطوا في أو دعوا لوقفات تنديد بالأحكام داعين بإطلاق سراح المعتقلين:
– التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد:
أصدرت بيانا بتاريخ 28 يونيو 2018، اعتبرت فيه مطالبها «جزءا لا يتجزأ من مطالب الشعب المغربي ككل»، وأكدت أن الأحكام «جواب صريح من الدولة ضد كل مناضل قرر الدفاع عن حقوقه». وطالبت بالسراح الفوري لكل معتقلي الحراك الشعبي (الريف، جرادة، زاكورة…).
– النقابات المحلية بمدينة زاكورة:
جسدت المكاتب الإقليمية لنقابات زاكورة (الجامعة الوطنية للتعليم، الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، إلى جانب فرعي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والجمعية الوطنية للمعطلين وقفة احتجاجية يوم 30 يونيو، تضامنا مع معتقلي الحراك الشعبي ومن أجل مطالب محلية.
– الاتحاد المحلي/ كدش تنغير:
دعا إلى جانب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لتنظيم وقفة احتجاجية يوم 4 يوليوز تنديدا بالأحكام الجائرة ضد معتقلي الحراك الشعبي بالريف.
– الاتحاد المحلي لنقابات الحسيمة: الاتحاد المغربي للشغل:
أصدر بيانا بتاري 30 يونيو يدين الأحكام ويطالب بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم المعتقلين النقابيين.
شارك مئات من النقابيين في التعبئات الجارية للتضامن مع الحراكات الشعبية والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، لكن بصفة شخصية فقط. انعدام تجميعهم في قطب ديمقراطي معارض داخل النقابات يجعل صوتهم غير مسموع كنقابيين.
تعتبر هذه المبادرات متواضعة لكنها بداية نموذجية لما يجب أن يكون عليه النضال النقابي، حين تتوفر له قيادة ديمقراطية وكفاحية: دمج النضال العمالي بالنضال الشعبي.
يتعرض العمل النقابي للقمع سواء بالقانون الجنائي أو بالتدخل القمعي لفض الاعتصامات والمسيرات العمالية، ويجري اعتقال النقابيين وسجنهم. يعتبر هذا أرضية للتقي بين النضالات الشعبية والعمالية: الدفاع عن حق التنظيم والاحتجاج.
تعي الحكومة مدى ارتباط النضالين، لذلك تناول بلاغ الأغلبية الحكومية 29 يونيو موقف الأغلبية من أحكام القضاء في حق معتقلي الريف، وفي نفس الوقت الإشارة إلى جولة أخرى من «الحوار الاجتماعي».
لا يجب أن ننتظر مبادرة البيروقراطيات لخرط النقابة في النضال من أجل إطلاق سراح معتقلي النضال الشعبي، بل يجب اعتباره ساحة للصراع ضدها من أجل إعادة اكتساب القاعدة العمالية لأداة نضالها.
اقرأ أيضا