الأساتذة المتدربون: القمع والمناورة لن يمنعانا من تحقيق النصر.
راهنت الدولة المغربية على الزمن لإنهاك الأساتذة/ آت المتدربين/آت ليقبلوا صاغرين قراراتها الظالمة فكدبتها الوقائع. لقد أطلقت حملة إعلامية واسعة قسمت أدوارها بعناية بين المريدين الحزبيين في مواقع التواصل الاجتماعي وتصريحات زعماء حزبيين عيونهم على الانتخابات القادمة، وكذا صحافة مستقلة عن قضايا الشعب وفي خندق كل من يتولى التحكم في صنبور الدعم والإشهار، فحصدت الفشل. وأقدمت الدولة على منع المناضلين من السفر بالضغط على أرباب الحافلات ولاحقا بإصدار مذكرات رسمية، وبطشت بمسيرات وحركت مذكرات اعتقال وفضت بالقوة اعتصامات، وهددت أنها لن تدخر جهدا في البطش بما رأته تهديدا لسلمها الاجتماعي، كل دلك لم يسهم إلا في تعزيز قوة المعركة ومتعها بتعاطف شعبي واسع.
الدولة المغربية في مأزق: البحث عن مخرج؟
تحول مركز الضغط إلى خندق الدولة المرتبكة في وجه حركة نضالية ميدانية لا علامات عن خفوتها ومواعيد هامة في الأفق منها تأمين موسم دراسي ومحطة انتخابية حاسمين، ولاحقا تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ ومتابعة جديد قضية الصحراء.
لم تعد الدولة تطيق مواصلة تحمل ضغوط نضال الأساتذة/آت المتدربين/آت فقد وقعت في الفخ ولا خيار إلا إيجاد مخرج فوري من المأزق. لذا ليست التهديدات الصريحة والخطيرة التي تضمنها بلاغ الوزير الأول سوى دليل عن درجة التوتر الحاد النابع من حجم الضغوط المنهالة على رأس الحكومة التي ورطها الوزير الأول نفسه بتصريحاته المتعجرفة. إن التهديد والقمع الأخيرين هما تكملة لعديد من مبادرات الوسطاء غايته وضع السلم أمام الدولة لتنزل من الشجرة.
لا تريد الدولة أن تفقد هيبتها، بلغة أخرى تريد أن لا تتلقف حركات نضال أخرى الدرس وتسعى لإجبار الدولة على التراجع، لكن وقائع الصراع أكبر من ما يدور في مخيلة خدام الدولة المتعددة مواقعهم، فالأمر يتعلق بتلبية مطالب ملموسة كان بإمكان الدولة تحقيقها فرفضت والآن ستخضع بفعل النضال .
توقيع اتفاق أولى: انتصار جزئي في حاجة إلى تحصين
كشفت معركة الأساتذة/آت المتدربين/آت حقيقة ميزان القوى الفعلي، فقدت مرت خمسة أشهر على انطلاقها بهدف مركزي إسقاط المرسومين المشؤومين الدين يمسان بالمدرسة العمومية ومكاسب الوظيفة العمومية في ربط التكوين بالتوظيف وتلك مطالب في صلب مهام التنظيمات النقابية والشباب الجامعي وحركة النضال ضد البطالة. إلا أن واقع الحال أن الأساتذة/آت المتدربين/آت ظلوا وحيدين باستثناء تضامن جزئي لأفراد وليس نابع من إنزال تلك الحركات بثقلها في المعركة. الانتصار التام ممكن لكنه مشروط بتعديل ميزان القوى بانخراط حركات نضال أخرى معنية بإسقاط المرسومين وهو ما لم يتحقق لكون قسم منها فضل أن يكون وسيطا بهدف الوصول لحل وإنهاء حركة نضال تشكل إحراجا له في وجه قاعدته والباقي تعوزه القدرة لوضعه الذاتي المتآكل.
إن رفض الإدماج عبر دفعتين وفرض تشغيل الأساتذة/آت المتدربين/آت دفعة واحدة يلقى إجماعا واسعا في صفوف الأساتذة/آت المتدربين/آت، وهو نصر أولي انتزع بتضحيات نضالية كبيرة.
لم تسقط معركة الأساتذة/آت المرسومين الكارثيين لكنها أرغمت الحكومة على التنازل في إطار مساومة نضالية أملاها ميزان القوى الإجمالي، وللقاعدة المنخرطة في النضال كامل الحق والسيادة في اتخاذ القرار الملائم بكل حرية وليس لأي مناضل سوى مساندتها في دلك، لكن أهم شيء هو ضرورة اليقظة والحذر من فخاخ وألاعيب الدولة، فلن تغفر أبدا للأساتذة المتدربين جرأتهم وشجاعتهم في تحديها، وستعمل جاهدة على إفراغ الاتفاق من أي مضمون، فالأوراق الموقعة والتصريحات العلنية وحتى الأحكام القضائية ليست حجة على دولة تنتهك في كل لحظة ما تسنه من قوانين والتزامات وعهود. الضمانة الوحيدة بقاء حركة النضال موحدة متأهبة لمواصلة معركتها حين ما تلوح علامات الخديعة.
إن تدبير اللحظة الحالية من عمر المعركة حاسم بشكل جلي، وعلى المناضلين فتح نقاش ديمقراطي واسع وتمكين كل المنخرطين من المعلومة وفسح المجال أمام الجميع لطرح ما يراه ملائما لتحقيق مكاسب للحركة النضالية وعلى التنسيقية الوطنية بسط منظورها لتدبير التفاوض في ارتباط مع تعزيز قوة المعركة وتعميمها والإنصات بكل أريحية ورفاقية للآراء ووجهات النظر المختلفة، ويكون موجهها مصلحة الحركة في تحقيق الانتصار.
على الحركة المناضلة أن لا تبدى أي علامة ضعف بالسعي للتوصل إلى اتفاق كيفما كان، وعليها إدراك أن الدولة في حاجة إلى حل يخرجها من المأزق، وفي نفس الآن عدم الاكتراث، وعدم الخوف من المزايدة العنترية ممن تواروا كل هده الشهور مترقبين اللحظة المناسبة للتخوين والضرب في الحركة المناضلة بمبرر أنها استسلمت ويطالبها باجترار المعجزات محلقا بعيدا عن تناول المعطيات الموضوعية إرضاء لهواجسه الذاتية الخاصة…
ما لا يأتي بالنضال يأتي بمزيد من النضال.
أيوب المدرس
اقرأ أيضا