20 فبراير: استلهام الدروس لمستقبل النضال العمالي-الشعبي
بقلم: أزلماض فبرايري
منذ انطلاقها في فبراير 2011 حتى فرض صيغة جديدة من دستور الاستبداد المقنع في يوليوز العام ذاته، عاشت حركة 20 فبراير الفترة الذروة في كفاحها السياسي. بعدها شهدت خفوتا تدريجيا إلى أن باتت مجرد دعوات دورية إلى التظاهر لا تجند سوى عشرات المناضلين/ات بمواقع قليلة.
إنها دعوات للتظاهر باسم حركة لم تعد موجودة، فشباب الحركة النشيط عاد للحياة العادية مند فترة طويلة، وقلة منهم منصرف لعمل فني وإبداعي… نداءات للتظاهر دون تعبئة ميدانية، حتى من جانب مناضلي اليسار الجذري، محصورة في شبكات التواصل الاجتماعي فيما كان ناشطو الحركة في عزها يجوبون الأحياء الشعبية للتواصل المباشر مع الكادحين. هذا ما يجعل الدعوات إلى التظاهر، بإصرار يغض النظر عن حجم التجاوب الضئيل، تحركا استعراضيا تقوم به أقلية في انقطاع تام عن أي قاعدة شعبية، أي مجرد تمسك عاطفي بأمجاد وليس خطوات نضالية مندرجة في رؤية سياسية مراعية للواقع: واقع الوعي الشعبي والاستعداد الفعلي للنضال من اجل مطالب سياسية.
لقد خاضت الجماهير الكادحة الأفضل وعيا نضالا سياسيا طيلة شهور، لكنه لم يبلغ أهدافه، فتراجعت موجة الكفاح. الجماهير التي تحركت تستوعب ما جرى، ولن تعاود التحرك إلا في سياق مغاير. وليس لدى الحركة اليوم أي تقييم، ناتج عن نقاش جماعي حقيقي، لمسارها ولما حققت.
هذا النص لا يدعي الإحاطة بحصيلة الحركة ودروسها، وهو إسهام في النقاش لإبقاء دروس الحركة الأساسية حية، وأبعد من ذلك التركيز على مهام النضال الملحة والضرورية لتحضير موجات نضال قادمة باستلهام تقاليد الحركة ودروسها وتخطي عثراتها ونواقصها.
20 فبراير تحول نوعي
طيلة عقود تمكنت الملكية من إلغاء إي نضال سياسي جماهيري بعد اجتثاث راديكاليي الحركة الوطنية وأجنة اليسار الماركسي، واحتواء الليبراليين في مؤسسات الديمقراطية الزائفة. فيما لم يجر قط تدخل الجماهير الكادحة في شكل تعبئات سياسية واعية، بل في تفجيرات شعبية للغضب بموازاة الإضرابين العماليين العامين في 1981 و1990، وفي عصيانات مارس 1965 ويناير 1984 ببعض المدن. وظل التعبير السياسي الجماهيري في الشارع مقتصرا على صيغ التضامن مع الشعوب المضطهدة (فلسطين، العراق،…)، فيما بقيت تظاهرات سياسية، من قبيل الدفاع عن الحريات أو عن ضحايا القمع، من فعل ناشطي الحركات المعنية (حركة حقوق الإنسان، …) بلا قاعدة شعبية جماهيرية.
أما المواسم السياسية، مثل الانتخابات واستفتاءات الدستور، فقد أدى غياب حزب يستعملها لتنظيم حملات تنوير وتحريض سياسيين إلى استثمار «المعارضة» الطيعة لها لممارسة تأثير وهيمنة على قسم من الكادحين (الاتحاد الاشتراكي حتى منتصف العقد التاسع من القرن الماضي) بمنظور سياسي مستبعد لأي فعل سياسي خارج المؤسسات.
وحتى الاستياء الشعبي المتنامي إزاء الانتخابات المزيفة والمؤسسات الزائفة، والمعبر عنه بنسب مقاطعة عالية، لاسيما منذ 2007، لم يتجسد في فعل سياسي ميداني منظم بالنظر إلى غياب قوة سياسية سائرة في هذا الاتجاه.
لذا، مثلت حركة 20 فبراير حالة نضال استثنائي، نشأت بحفز من الإندفاعة الثورية بالمنطقة المغاربية والعربية التواقة للحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. كانت تكملة نوعية لاحتجاج شعبي وعمالي طيلة عقدين على الأقل على رأسه نضال بطولي لحركة المعطلين بالخصوص، ونضال التنسيقيات المناهضة للغلاء، ونضال السكان بمناطق عانت تهميشا تاريخيا مند الاستقلال الشكلي (إفني وطاطا وصفرو…)، ورافقها نضال اجتماعي من أجل الشغل والسكن وحاجات أولية متنوعة (معطلو هضبة الفوسفاط ونضال سكان تازة…). ناضلت الحركة نحو سنة من خلال مسيرات جماهيرية لإسقاط الفساد والاستبداد، ومن أجل سيادة الشعب عبر دستور ديمقراطي. ونادت بحل البرلمان وبحكومة تستجيب لتطلعات الشعب للانعتاق والحرية، وطرد رموز الفساد خارج الحياة السياسية والاقتصادية، والتوزيع العادل للثروة…
كان نضال الحركة «سلميا» لم يشهد أي فوضى أو تخريب مع أن احتجاجها شمل أزيد من 50 مدينة يوم انطلاقها، ورغم أنها عانت تضييقا وحصارا رسميين، وتشهيرا بالداعين للاحتجاج(مرتزقة وانفصاليون ومن الشواذ والملحدين و منتهكي رمضان ومدفوعون من جهات أجنبية وغيرها من النعوت)، وقرصنة لصفحات شبكات التواصل الاجتماعي الداعمة له وإغلاقها، وحتى إعلانا عبر وسائل الإعلام أن الدعوة للتظاهر يوم 20 فبراير قد ألغيت.
حملت الحركة مطالب سياسية ودستورية واجتماعية واقتصادية وثقافية ولغوية(انخراط قسم من الحركة الثقافية الأمازيغية في النضال)، كما برزت المطالب النسائية خلال مسيرة نضال الحركة، وأنعشت النضال الشعبي عبر مسيرات «عفوية» تحمل مطالب اجتماعية مثل الشغل والسكن والصحة و ضد الغلاء… إن هذه المطالب بالإضافة إلى أخرى تعني سعيا فعليا للتغيير. هذا ما يكشف عنه تحول الاحتجاج عن أسلوب استجداء مطالب «خبزية» ذات الطبيعة الاجتماعية، كما غيرها من مطالب سياسية واقتصادية، وانطلاق الحركة في نضال ميداني مباشر على مطالب اجتماعية وسياسية… ظهر أن لا مجال لانتزاعها سوى بنضال حازم من أجل القوت اليومي يفرض نضالا أشد حزما ضد الاستغلال والاستبداد، وكلها مطالب تجتمع على أمر واحد هو مطلب التغيير الجدري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
لم تكن الحركة حزبا سياسيا، ولم تسعى لتكونه، وظلت بلا قيادة رسمية ومفتقدة لأشكال تنسيق منظم ولو بدائية، وكانت قاعدتها الاجتماعية الفعلية والكامنة تواقة للعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والحرية والقضاء على الفساد والاستبداد… لقد تظاهر آلاف المغاربة من خلالها ضد الحكم الفردي مطالبين بملكية برلمانية أو بمجلس تأسيسي يطرح مسالة السلطة والثروة من جذرها.
ظل سقف الحركة السياسي مفتوحا برغم تضارب أرضياتها بين سقف الملكية البرلمانية وسقف دستور ديمقراطي تضعه هيئة تأسيسية منتخبة، وكان من شأن تطورها وتطور ما وازاها من نضال أن يحدث نقلا نوعيا في مطالبها وأشكال نضالها… لم تصل الحركة إلى حدود التغيير المنشود، لغياب المقومات الضرورية لذلك، مع ذلك فهذا الاحتجاج بالغ الأهمية. لقد أقامت الحركة فرزا واضحا في المشهد السياسي، وساهمت في خلخلة السلبية التي طبعت أغلبية المجتمع، وأخرجت الحركة الشعب من الانتظارية إلى الفعل النضالي المباشر.
حركة 20 فبراير بادرة نضال، أي مقدمة لبروز موجات نضال أخرى، قد تكون أكثر قوة وأكبر حجماً مما شهدته البلاد حتى الآن، خاصة وأن الدولة لم تفعل سوى الالتفاف على المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي خرج المحتجون إلى الشارع من أجل انتزاعها. وبالنظر إلى استمرار الوضع القائم مع الحكومة الجديدة، واستفراد الاستبداد بالحكم، وبقاء الفساد الفعلي على حاله كونه واحدة من الركائز الرئيسية للاستبداد، وتعمق الأزمة الاجتماعية سواء البطالة الجماهيرية أو الوضع الصحي المتردي والتعليم الرديء وأزمة السكن… عدا الأزمة الاقتصادية العالمية وأثرها المدمر على الاقتصاد المحلي، فكل شيء يشير إلى أن الفعل النضالي المباشر العمالي والشعبي الضروري لم يظهر بعد بكامل قوته وجبروته. هناك كمون نضالي حقيقي على الأرجح أن التخلف السياسي من جهة والانتظارية التي تغذيها أوهام التغيير من فوق من جهة أخرى تعيق بروزه. هذا فضلا عن غياب البديل السياسي التاريخي الضروري ودرجة من التنظيم العمالي والشعبي ومن الكفاحية اللازمة لزعزعة فعلية للأوضاع.
دروس أساسية:
ولدت الحركة وهي تحمل طابعا يساريا ديمقراطيا من حيث الجوهر، وهي مرتكزة على توق شعبي فعلي للتغيير والحرية والعدالة والكرامة، وخلق كل ذلك مناخا يساريا ظاهرا، فالعلمانية كانت حاضرة نسبيا، ولم يحد من ذلك إلا مشاركة جماعات سياسية دينية رجعية.
رغم الحضور القوي لهذه الأخيرة كان رفع شعاراتها الخاصة محدودا جدا، ما تركت المجال رحبا للشعارات التي حملها اليسار والجمعيات المناضلة. شعارات رددها المحتجون بحماس. ونفس الشيء بالنسبة للمطالبة بالديمقراطية الحقيقية، من خلال المناداة بتعديل الدستور والانتقال من «دستور للعبيد إلى دستور ديمقراطي.» وإلى إقامة دولة المؤسسات الديمقراطية، حيت تربط المسؤولية بالمحاسبة.
ومن أبرز دروس الحركة:
– أنها مثلت حالة نضال سياسي مفتقد لحزب ثوري منغرس عماليا وشعبيا، مصحوب بنضال اجتماعي ظل المحرك الأساسي للجماهير المحتجة
– نجاح مناورات النظام السياسية بفعل غياب منظمات طبقية مستقلة ومنغرسة وكفاحية، وأيضا بفعل تواطؤ القائم أصلا من منظمات سياسية وجسم واسع من منظمات وجمعيات تنموية وزوايا لعبت كلها دورا مهما في مساعدة الاستبداد على الدوام
– أن ما يقع بالعالم وبالمحيط الإقليمي محفز وكابح في نفس الوقت: صعود الحركة عند بدء السيرورة وإحباط تلا جرائم نظام الأسد بوجه الانتفاضة السورية، ومجريات الحرب بليبيا، وضعف ما حققت السيرورة الثورية باليمن ومصر وتونس.
– أن افتقاد الحركة لحدود دنيا من التنظيم عامل ضعف رئيسي: غياب بنيات تنظيمية بالأحياء الشعبية وبأماكن العمل، وانعدام هياكل قيادية وفرط الطابع اللا ممركز…
– أن استمرار الأسباب الداخلية المؤدية إلى بروز حركة 20 فبراير(الاستبداد، الفساد، الظلم الاجتماعي…) ليس عاملا كافيا لانبعاث الحركة.
-أنها طرحت لأول مرة وبالملموس على طاولة النقاش العلاقة بين اليسار الجدري وقوى الرجعية الدينية. هكذا، شكلت الحركة فضاء جمع قوى متناقضة المشاريع المجتمعية، القاسم المشترك بينها من منطلقات متباينة تماما هو مناهضة الاستبداد. ولأول مرة يواجه شعار استقلال راية اليسار المناضل محكا حقيقيا، أمام قوة رجعية معادية للديمقراطية ولحقوق إنسانية أولية مثل المساواة وغيرها، تفوقه انغراسا وتنظيما وانضباطا، فكان أن زاد انقسام اليسار المناضل الضعيف أصلا على نفسه، قسم عادى الحركة بمبرر وجود الرجعيين داخلها، وقسم شارك في الحركة ودعمها، اجتهد في تبرير اعتبار ذلك تحالفا لأن اللحظة تقتضي حسبه وحدة مناهضي «المخزن»، وقسم آخر مشارك وداعم للحركة اعتبر ذلك تلاقيا داخل نضال شعبي جار لا يرقى لمستوى تحالف وفق مبادئ التحالف اللينينية المشهورة، التي يلخصها الضرب معا والسير على حدة، وحتى الآن يظل التحدي أمام اليسار المناضل ماثلا، وسينبعث مع الصعود القادم لا محالة للنضال العمالي والشعبي من أجل الانعتاق الشامل والعميق.
ما سبيل خوض نضال سياسي ضد الاستبداد؟
إن من قواعد عمل الثوريين الأساسية قول ما هو كائن. حركة 20 فبراير انتفت. وما مثلت من نضال سياسي لن يتجدد بنفس الشكل، فالتاريخ لا يعيد نفسه.
حركة 20 فبراير تحرك سياسي لقسم من ضحايا الاستبداد والظلم الاجتماعي. والسؤال هو كيف تعود الجماهير الشعبية إلى تحرك سياسي؟ ما هي سبل عمل الأقلية الواعية اليوم لإطلاق نضال سياسي؟
لا جواب عن هذا السؤال إلا باعتبار الحالة الراهنة لنضالية الجماهير. المطلب السياسي- مسألة من يحكم؟- انتفى من الساحة. تحركات أقسام من الجماهير الشعبية نضال اجتماعي: منه النقابي، وكفاح الشباب من اجل التشغيل، وسكان الأحياء الشعبية ضد غلاء استهلاك الماء والكهرباء، وصبوات شباب الجامعة ضد تخريب التعليم العمومي…
السؤال هو كيف نسير من هذا المستوى إلى نضال سياسي؟ كل مطلب نقابي أو اجتماعي مطلب سياسي بالقوة. والانتقال من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل متوقف على تجاوز الطابع المحلي للنضالات، وتنامي طابعها الجماهيري، وارتقائها إلى مستوى الاستناد على بنيات تنظيم ذاتي، من قبيل لجان الأحياء، أو جموع عامة أو تنسيقيات،… فالتطلع إلى تحقيق مطلب اجتماعي على صعيد وطني يضع الحركة المناضلة في مواجهة الدولة. ويؤدي رفض تحقيق المطلب إلى تطور التعبئة الشعبية صوب الطعن في الجهة الموجه إليها المطلب والرافضة لتلبيته، أي في طور أول حكومة الواجهة. سيتجه تطور التعبئة الشعبية نحو تغيير حكومة الواجهة. وعند تغيير هذه مرة أو مرات، واستمرار التعبئة الشعبية وتجدرها يزداد تسيس المطالب.
لذا يتعين الانتباه لنبض القاعدة الشعبية: ما هي مطالب الناس وكيف يتحركون من أجلها، وكيف ترد السلطة؟ وواجب الطليعة تخصيب الكفاحات على صعيد بلورة المطالب ذات القدرة على التوحيد، وفضح مناورات العدو، وحفز التنظيم وتطويره. على هذا النحو يمكن مد جسور من النضال اليومي المطلبي نحو نضال سياسي جذري.
هذا متوقف طبعا على فعل الخميرة الثورية، التي تنقل إلى التعبئة الشعبية دروس النضالات العمالية والشعبية، ما يستوجب انخراط الراديكاليين في النضالات اليومية بروح ديمقراطية، روح تسيير النضالات الذاتي.
هذا، وستعيد اللحظة الانتخابية المقبلة طرح المسألة السياسية على اهتمام الجماهير. وجلي أن السؤال الرئيس هو حول الحصيلة، لا سيما بعد إشراف ولاية»حكومة» تقودها قوة سياسية تمتحن لأول مرة على الانتهاء. هذا يتطلب وجود قوة سياسية ثورية تستعمل الانتخابات، ومؤسساتها، حلبة لعمل سياسي واسع النطاق: تشهيرا وتحريضا وتنويرا. وبوجه عام يستدعي الوضع السياسي، والمستوى الأولي للصراع الطبقي، عمل تربية سياسية صوب الطبقة العاملة، وعامة المضطهدين، عمل تشهير بطبيعة النظام الاستبدادية، وبطبيعة القوى السياسية، وبلورة شعارات النضال انطلاقا من الراهن من أجل تطوير الوعي والروح المطلبية لدى الشعب.
وسيؤثر تطور السيرورة الثورية بالمنطقة على نحو ايجابي حين ُيستأنف انخراط الجماهير في معارك كبيرة تغير من جديد الواقع السياسي ببلد أو بلدان. ويتوقف عمق هذا التأثير الايجابي المحتمل، في مدى زمني يستحيل التنبؤ به، على عمل الثوريين اليوم التحضيري، لاسيما صوب الطبقة العاملة، القوة المحركة الرئيسة لكل تغيير جوهري لنظام الاستبداد والاستغلال. بيد أن الواقع الراهن للسيرورة هو هجوم الثورة المضادة، أنظمة متحالفة مع الامبريالية وحركات مغرقة في الرجعية.
لقد أصبحنا في وضع حيت لا معارضة للنظام سوى الاحتجاج العمالي والشعبي العفوي، فأحزاب النظام المتنوعة اختارت خندقها وتدافع على استمرار الوضع القائم، والقوى السياسية التي اصطفت إلى جانب الحركة قسمها الأهم تنظيميا وقدرة على الفعل اختار الانسحاب من الحركة والعودة لانتظاريته المعهودة، وقسمها اليساري الديمقراطي كما الجذري والثوري متواضع القوى والقدرة على التأثير السياسي الفعلي، فضلا عن إرث سياسي ثقيل يعيق حتى الآن توحيد جهوده لتلطيف العقبات أمام بروز يسار مناضل منغرس يسهم في رفع وعي وتنظيم وقتالية النضال الشعبي والعمالي.
لن تندرج كل النضالات القادمة في إطار 20 فبراير، وهدا ما تؤكده فعلا حركة النضال التي رافقتها، وحالة النضال الماثلة أمامنا اليوم: نضال سكان طنجة ضد غلاء أسعار الماء والكهرباء، ونضال طلاب الطب ضد ما سمي خدمة إجبارية، ونضال الاساتذة/آت المتدربين ضد فصل التوظيف عن التكوين وخفض المنحة المالية للنصف… المهمة العاجلة نضاليا هي دعم كل النضالات ونسج روابط التضامن بينها(عاطلين–عمال أغلقت مؤسساتهم- سكان الأرياف– خرق لحقوق الإنسان- ضحايا الهدم…الخ).
من هنا على اليسار المناضل أن ينخرط بالكامل وفقا لرايته الخاصة، بلا تردد ولا استعجال، في عمل فعلي لاستنهاض قوى النضال وبناء أدواته الضرورية والملائمة، وأولى مهامه سعيا لذلك، العمل على إبقاء حصيلة ودروس حركة 20 فبراير حية، لأنها أصبحت رصيدا شعبيا ذا مصداقية حقيقية.
يحتاج التغيير المنشود اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا لقوة جبارة، والقوة الاجتماعية القادرة على دلك هي الطبقة العاملة المستندة لمضطهدي القرى والمدن، وتلك هي القوة الرئيسية التي على اليسار المناضل استنهاضها ورفع درجة وعيها وتنظيمها وكفاحيتها من أجل القضاء على نظام الاستغلال والاستبداد.
20 فبراير 2016
——————-
نشر هذا النص ضمن مواد العدد 63 من جريدة المناضل-ة لشهري فبراير/مارس 2016.
اقرأ أيضا