اليسار اليوناني المناهض للرأسمالية(أنتارسيا) وتحديات الاستراتيجية الثورية*
بقلم: كوستاس سكوردوليس
مقدمة:
كل نقاش حول اليونان إلا ويبدأ بالتعليق أن اليونان هي مختبر للهندسة الاجتماعية حيث تم اختبار قوة مقاومة الطبقة العاملة لسياسات التقشف.
أود ان أضيف على هذا أن اليونان هي مختبر كذلك لليسار حيث يتم اختبار أفكار واستراتيجيات جديدة.
إننا نسير على أرض غامضة المعالم حيث وضعت مجددا النظريات التقليدية التي تم اثباتها تاريخيا تحت الاختبار الكلي لمعيار الممارسة. تحديات وأسئلة جديدة تظهر وإجابات جديدة منشودة.
النقاش حول الاستراتيجية الثورية اليوم سيكون منطقيا فقط، من وجهة نظر الماركسية، إذا أجاب المرء بالإيجاب على هذين السؤالين:
– هل هنالك أزمة بنيوية تاريخية للنظام الرأسمالي العالمي؟
– هل تملك الطبقة العاملة قدرة ثورية؟
سأضيف أنه على الشخص أن يجيب كذلك بالإيجاب على السؤال: هل إشكالية إصلاح أم ثورة؟ لازالت راهنية.
بالتأكيد نعلم جميعا أن ما يميز الثوريين عن الاصلاحيين هو النظرية الماركسية في الدولة.
اسمحوا لي أن أذكركم بتصريح لينين أن ما ميز الثوري عن الاصلاحي كان في الحقيقة هو أن الثوري يستمر في الدعاية الثورية حتى لو لم يكن الوضع ثوريا أو ما قبل ثوري. يجعل التحريض الاشتراكي الثوري المستمر الطبقة العاملة على استعداد للدخول في انفجارات حتمية لسخطها من النظام، مع الادراك المتزايد للحاجة إلى تحدي النظام ككل…
لكن هناك أكثر من ذلك… وهذا ما ستحاول أن توصله هذه الورقة.
السياق التاريخي:
تعتبر اليونان من بين البلدان القلة التي نجحت فيها قوى اليسار الجذري، بالرغم من تشتته لمدة طويلة، في تشكيل جبهة للتعاون، جبهة يسارية مناهضة للرأسمالية (أنتارسيا).
كانت لجهود بناء جبهة مناهضة للرأسمالية في اليونان تاريخ مديد. ففي سنة 1989، شكل الشيوعيون الثوريون-سبارطاكوس(الفرع اليوناني للأممية الرابعة) بمعية مجموعات أخرى من اليسار الجذري، الائتلاف المناهض للرأسمالية البديل (EAS).
وفي منتصف أواسط التسعينات، تشكلت MERA(جبهة اليسار الجذري) تقريبا من (تيار اليسار الجديد-NAR) اليسار المنشق عن الحزب الشيوعي. غادر(NAR) الحزب الشيوعي(KKE) بعد مشاركة هذا الأخير مرتين متتاليتين في حكومات التعاون الطبقي مع حزب الديمقراطية الجديدة اليميني سنة 1989، وبعد ذلك في حكومة أخرى مع نفس الحزب والحزب الاشتراكي(PASOK)
فضلا عن (NAR)، شارك حزب العمال الثوري (EEK) التروتسكي والمجموعة الماوية (EKKE) ومجموعة البيئيين الراديكاليين في جبهة اليسار الجذريMERA.
بالرغم من أن MERA تجمع بين قوى مهمة من اليسار الجذري اليوناني، إلا أنها لم تقدر أن تكسب أي انغراس اجتماعي مهم.
كانت الفترة المنطلقة في أواسط 2000 بمثابة نقطة تحول.
بعد حركة طلاب الجامعة 2006 و2007 (البند 16) وإضراب أساتذة الابتدائي خريف 2006، وأخذا بعين الاعتبار الدور الأساسي الذي لعبته MERA ونشطاء آخرين من أقصى اليسار والدور السلبي نسبيا لسيريزا والحزب الشيوعي اليوناني، أصبح واضحا أن هنالك فراغ سياسي خلفه اليسار الإصلاحي.
في انتخابات 2007 انتهى الأمر بوجود جبهتين مختلفتين لمناهضة الرأسمالية، جبهة MERA السابقة وجبهة اليسار الموحد المناهض للرأسمالية (ENANTIA) المؤسسة حديثا، هذه الأخيرة تضم OKDE-Spartakos و حزب العمال الاشتراكي (SEK) (فرع IST) ومجموعتين يساريتين راديكاليتين ماوية-أوروشيوعية سابقة (ARAN و ARAS). أحرزت كلا الجبهتين على ما لا يقل عن 0.1% في الانتخابات الوطنية.
أبانت أحداث دجنبر 2008 وأحداث السخط ضد قمع الدولة وعصيان البروليتاريا المدينية، عن الحاجة لتشكيل سياسي متماسك عن اليسار الاصلاحي. استنكر الحزب الشيوعي الحركة وبقي بعيدا، وقدمت سيريزا دعمها النموذجي لكن لعبت دورا هامشيا في المسار الفعلي للأحداث، أما المجموعات الفوضوية فهي غير قادرة ولا هي على استعداد لتقديم منظور سياسي للحركة الجماهيرية.
لعب اليسار الجذري دورا ملحوظا في المظاهرات والتجمعات والاجتماعات المنظمة في الجامعات المحتلة وفي أحياء مختلفة. حاول أن يقدم منظورا سياسيا للحركة الجماهيرية لكن الاتفاق على مرجعية مركزية والتنسيق كانا مفقودين.
إنه ليس من الصدفة، لهذا السبب، أنه بعد غضب دجنبر بالضبط وخلال الأشهر الأولى، تشكلت أنتارسيا (ائتلاف اليسار المناهض للرأسمالية) مع مشاركة أهم المجموعات المنتمية سابقا ل MERA وENTANIA. طُرِح المشروع الجديد خلال عدة تجمعات محلية لمناهضة الرأسمالية وفي اجتماع وطني كبير في ملعب لكرة السلة ممتلئ.
لماذا أقدم هذا الوصف التاريخي؟؟
أريد أن أبين أن تشكيل أنتارسيا لم يكن عملية من القمة إلى الأسفل… أنتارسيا ليست حصيلة خطة ذهنية متصورة في عقول قياديي اليسار الجذري. كان تشكيل أنتارسيا ضرورة بسبب سياسات سيريزا والحزب الشيوعي في الفترة السابقة.
خلال النضالات ضد سياسات التقشف وضد المذكرات التي فرضتها حكومات حزب الديمقراطية الجديدة (ND) وPASOK على العاملات-العمال، لعبت أنتارسيا دورا هاما جدا بل وقياديا أحيانا.
أنتارسيا لها جذور اجتماعية وتلعب دورا هاما جدا-التعبئة والتنظيم- في الحركات الاجتماعية والجامعات وفي أماكن العمل(الطلاب-EAAK، أساتذة الابتدائي والثانوي، عمال البلديات، عمال النقل/ميترو أثينا، نقابة الموظفين العموميين/القطاع العام…إلخ).
إشكاليات الإستراتيجية الثورية:
على مر السنوات الثلاث الماضية، يتعايش داخل أنتارسيا مشروعان سياسيان مختلفان في توتر خلاق: واحد يعتبر أنتارسيا كمكون سياسي انتقالي نحو جبهة يسارية جذرية واسعة معادية للاتحاد الاوروبي، يمثله بشكل أساسي كل من ARAN وARAS. وواحد آخر يرى أنتارسيا باعتبارها جبهة مناهضة للرأسمالية قائمة والتي يلزمها المزيد من الانغراس في أماكن العمل وفي الحركات الاجتماعية مع امكانية أن تتحول مستقبلا إلى كتلة حقيقية لحزب الطبقة العاملة الثوري. هذا الأخير تدعمه منظمه الشيوعيون الأمميون (OKDE-Spartakos) وحزب العمال الاشتراكي (SEK) بدرجات متفاوتة. وأنا أقول بدرجات متفاوتة لأن (SEK) غادر فعلا، وبالتالي يرى أنتارسيا كجبهة مناهضة للرأسمالية يشتغل داخلها الحزب الثوري.
الحالة المثيرة للاهتمام هي أن التيار اليساري الجديد (NAR)- وهو الى حد بعيد أكبر منظمة مكونة لأنتارسيا- يتأرجح باستمرار بين هذين المشروعين، موقفه النهائي يحدده توازن وجهات النظر داخله.
المشاريع المختلفة في أنتارسيا هي انعكاس مشوه للنقاش الدائر عالميا حول “استراتيجية الأحزاب العريضة”.
يرتبط المشروع الأول لأنتارسيا بشكل إيجابي جدا مع تشكيل الوحدة الشعبية ويسعى نوعا ما للتحالف الانتخابي معها أو حتى الاندماج معها على أساس النقاش الدائر إلى حد ما بين الوحدة الشعبية وأنتارسيا.
والمشروع الثاني يبقى بعيدا بالرغم من أن حزب العمال الاشتراكي (SEK) يشارك في النقاشات مع الوحدة الشعبية بينما منظمة الشيوعيون الأمميون (OKDE-Spartakos) لا تشارك فيها.
كما أشرت سابقا، هنالك إلى حد ما نقاش بين الوحدة الشعبية وأنتارسيا. لست في وضع يسمح لي بمعرفة ما الذي نوقش لأن OKDE-Spartakos لم تشارك في النقاش.
عقد اجتماع المجلس الوطني لأنتارسيا قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات للتقرير بشأن التكتيكات الانتخابية. صوت 15 عضوا من -بين 85 عضو حاضر-من أجل قائمة انتخابية مشتركة مع الوحدة أو لكي نكون أكثر دقة، من أجل الالتحاق بالوحدة الشعبية، لأن الوحدة الشعبية لا تقبل أبدا بالقائمة الانتخابية المشتركة، لكن تفضل انضمام المجموعات والأعضاء الأفراد المكونين لأنتارسيا إلى هياكل الوحدة الشعبية الموجودة سابقا وقبول برنامجها.
هؤلاء الأعضاء 15 للمجلس الوطني هم منتدبو ARAN وARAS، المجموعتين التي سأدعوهما بوصف “الماوية الأوربية”. غادرت هاتان المجموعتان أنتارسيا وانضمتا الى الوحدة الشعبية. لست في وضع يسمح لي بمعرفة الشروط الدقيقة لاتفاقهما مع الوحدة الشعبية وأعتقد أنه لا يشكل أية إضافة مهمة في مسار الأحداث التي أعقبت ذلك. ومع ذلك، ومن أجل مؤرخ المستقبل، يجب أن أشير أن أقلية من ARAN قررت البقاء في أنتارسيا ولم تتبع الأغلبية التي التحقت بالوحدة الشعبية.
شكلت أنتارسيا بعد ذلك تحالفا انتخابيا مع حزب العمال الثوري (EEK)، وهو حزب شقيق لحزب العمال الأرجنتيني(PO).
خاض أعضاء أنتارسيا خلال هذه الانتخابات معركة بطولية. النتيجة الانتخابية لأنتارسيا كانت عند مستوى التصويت اليساري إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التمعن في الأشهر الأخيرة حيث وصلت النقاشات حول العلاقة مع قائمة اليسار إلى ذروتها، فهي نتيجة جيدة مُرضية.
زادت أصوات أنتارسيا بأرقام ونسب معقولة في كلا المناطق الحضرية والريفية. مع ذلك يبقى المعدل الوطني (0.86%) غير متماثل مع الإمكانات والديناميات التي تبديها أنتارسيا في الشوارع وفي أماكن العمل والجامعات والأحياء. السؤال حول كيفية تحويل التأثير في الحركة الجماهيرية إلى دعم انتخابي هو سؤال مركزي يتناول الإستراتيجية الثورية على كافة الجوانب.
سأحاول صياغة الجواب مع الاشارة إلى إرنست ماندل: “ليس هنالك تناقض أبدا في القول بأن الأغلبية الساحقة من الجماهير يمكن أن تصوت في نفس الوقت لصالح الأحزاب الاصلاحية وأن تقطع معها جزئيا في الممارسة”.(الماركسية الثورية اليوم، الفصل الأول: الإستراتيجية الاشتراكية في أوروبا-1978).
هذا نتيجة لتحليل يفترض وجود التطور المتفاوت للوعي الطبقي- وهي فكرة يجدها الإصلاحيين صعبة الاستيعاب. وفي نفس الوقت، فنقاش يعتمد على البرنامج حصرا وليس على تطور الوعي هو غير مثمر.
قد تعتقد الجماهير أن الطريقة الوحيدة والمفيدة للتصويت في الانتخابات البرلمانية هي لصالح الأحزاب الاشتراكية والشيوعية وفي نفس الوقت قد تعتقد أن النضال ضد الرجعية في الكليات وأماكن العمل يمكن فقط ان يكون ناجحا إذا تصرفت بشكل مستقل عن هذه الأحزاب.
يمكن أن تختلف نتيجة الانتخابات وفق ما إذا أجريت في أكشاك منعزلة أو في التجمعات الجماهيرية، بشكل فردي أو جماعي. فمثلا، نتيجة الدعوة لإضراب ستكون مختلفة في لقاء جماهيري عن التصويت عبر البريد.
أدناه، سأناقش باختصار جانبين من الاستراتيجية الثورية.
التحالفات/الجبهة الموحدة:
هذه مسألة مستعجلة. سأكرر أنه ضمن إطار الجبهة الموحدة سنتعاون مع مناضلي الوحدة الشعبية في أماكن العمل وفي الحركات الاجتماعية، إنما مسألة الدخول معهم في نقاشات برنامجية حول احتمالية الانضمام إلى “حزب يساري واسع” هي مسألة مختلفة تماما.
اسمحوا لي أن أوضح…أن خطة الجبهة الموحدة لها بعدا مزدوجا: استراتيجي وتكتيكي.
تجيب الجبهة الموحدة على الهدف الاستراتيجي التالي: توحيد الطبقة العاملة في مسار عملية ثورية. لتحفيز هذا التطور، يجب أن تهيأ هذه الحركة ظروف “الاستقلال الطبقي” للعمال فيما يتعلق بالبرجوازية، وأن تهدف إلى التحرر الذاتي والتنظيم الذاتي للطبقات الشعبية.
وبالتالي، أثناء التوضيح عند كل مرحلة من الصراع الطبقي، مضمونه وأشكاله، يعتبر السعي بجهد لوحدة العمال ومنظماتهم عنصرا دائما في سياسة الثوريين.
لكن سياسة الجبهة الموحدة هي تكتيك سياسي أيضا، والتي تعتمد على الأهداف العامة للسياسة الثورية.
بالفعل، كما فسر دانييل بنسعيد: “للجبهة الموحدة دائما جانب تكتيكي. المنظمات الاصلاحية ليست إصلاحية بسبب ارتباك أو تناقض ذاتي أو لافتقارها للإرادة، إنها تعبر عن تبلورات اجتماعية ومادية… هكذا يمكن أن تكون القيادات الاصلاحية حليفة سياسية تكتيكية للمساهمة في توحيد الطبقة. لكنهم يبقون استراتيجيا أعداءً كامنين. وبالتالي الجبهة الموحدة تهدف إلى خلق الظروف التي تجعل من الممكن قطع الطبقة مع هذه القيادات، في لحظة الخيارات الحاسمة، مع أفضل علاقات قوة ممكنة، وفصل أوسع ما أمكن من الجماهير عنها.” (الأزمة والإستراتيجية 1986).
بالنسبة للماركسيين، الجبهة الموحدة ليست سوى أسلوب من أساليب الصراع الطبقي. في الظروف الحالية، فإن هذا الأسلوب غير صالح تماما: “سيكون من الغباء الرغبة في عقد اتفاق مع الإصلاحيين لإنجاز الثورة الاشتراكية”.(تروتسكي كيف نهزم الفاشية؟).
على أي حال، ولأني أرى الآن تحليلات جديدة في صحافة اليسار العالمي تمجِّد دور الوحدة الشعبية في إعادة رصف صفوف اليسار اليوناني مستقبلا، أود أن أصرح مع أقوى توكيد ممكن أن “استراتيجية الحزب الواسع”، حيث تتنازل مناهضة الرأسمالية لبرنامج الإصلاحية، أثبتت أنها فاشلة في كلا شكلي سيريزا أو الوحدة الشعبية. وكلما سارعنا في فهم هذا، كان ذلك أفضل للطبقة العاملة.
لقد حاججتOKDE-Spartakos بشكل مستمر بالاستقلال السياسي الطبقي، والتعبير السياسي المستقل للطبقة العاملة والحركات الاجتماعية والذي يعكسه في الفترة الحالية باليونان الحضور المستقل لأنتارسيا. لقد بررنا فعلا في سلسلة من الوثائق خلافنا مع “استراتيجية الحزب العريض” والأسباب التي عارضنا بها مشروع سيريزا مبنية على تحليل ماركسي ثوري وعلى أفضل التقاليد للأممية الرابعة. وقد تم التحقق من تحليلنا بشكل مأساوي. استغرق الأمر حتى المذكرة الثالثة المفروضة على العمال اليونانيين كي تظهر الطبيعة الطبقية لليسار الإصلاحي. اليوم تريد الوحدة الشعبية تكرار نفس التجربة الفاشلة. انهم يريدون إعادة تأسيس “سيريزا 2012 الجيدة” مع نفس البرنامج.
النداء من أجل تحالف انتخابي (جبهة انتخابية) مع الإصلاحيين على حساب برنامج مناهضة الرأسمالية ليس سوى نداءا للإبقاء على الوضع الراهن.نحن نؤيد “الجبهة الموحدة” التي يتم تشكيلها حول قضايا محددة والتي لا تتطلب اتفاقا برنامجيا بين المنظمات المعنية. على هذا الأساس، أعتقد أننا ينبغي أن ننفتح للتعاون مع المنظمات اليسارية الأخرى بما في ذلك الوحدة الشعبية على مناهضة الفاشية والعمل على مناهضة العنصرية وعلى قضايا أخرى مصيرية تشكل أولوية للحركات الاجتماعية وتدخلها والتي تمثل أساسا لتلاقينا.
مسألة الرقابة العمالية:
إننا ندخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الاجتماعي، مرحلة جديدة من النضالات. في هذه المرحلة الجديدة سيناضل كل من منظمة الشيوعيون الأمميون-سبارطاكوس وأنتارسيا في ميدانهم المتميِّز، وفي أماكن العمل والحركة الجماهيرية.
ستكون مهمتنا الأولى هي خلق “لجن العمل” في أماكن العمل تجمع معا بين مناضلي أنتارسيا والوحدة الشعبية والحزب الشيوعي وباقي اليسار. هذه اللجن هي أساسية في تنسيق العمل نظرا أن الاتحاد الوطني للنقابات (GSSE) في قبضة البيروقراطيين الذين يدعمون المذكرة. لذلك فأي تعبئة يجب أن تكون من مهمة “لجن العمل”.
فضلا عن ذلك، ستقوم منظمة الشيوعيون الأمميون-سبارطاكوس بحملة تحت شعار “احتلوا وشغِّلوا المصانع المغلقة”. لقد تم التخلي عن مئات المنشآت الصناعية من طرف الرأسماليين وتم تسريح العمال. نريد أن نقلد نموذج VIOME (وحدة صناعية مسيَّرة ذاتيا في شمال اليونان) الذي بقي معزولا خلال السنوات الخمس الماضية وأعاد مرة أخرى التسيير الذاتي للعمال وتحكمهم في الاقتصاد إلى جدول الأعمال. نرى كذلك هذا كإجابة ضرورية لحركة العمال نفسها لمشكل البطالة التي أصبحت نسبتها 25%. يجب على العمال والمعطلين عن العمل أن لا يعتمدوا على رحمة الدولة الرأسمالية في البقاء على قيد الحياة. بإمكانهم أن يظهروا في المشهد كفاعلين نشطين.
هذا ليس بالمهمة السهلة ومكامن الضعف تم نقاشها مرارا وتكرارا، لكن في مثل الظروف الحالية، هي السبيل الوحيد لحل المشاكل الفورية للعيش وعلى المدى البعيد استرجاع الثقة في وعي الطبقة العاملة.
استراتيجية الرقابة العمالية لها عدة منزلقات. كل محاولة من طرف العمال لتسيير فعلي لبعض المصانع المعزولة عن بقية الاقتصاد فهي محكومة بالفشل، لأنهم سيضطرون للدخول في المنافسة مع الشركات الرأسمالية وسيُخضعون لالتزامات لا مفر منها لتلك المنافسة.
لكن الاشتراكيين الثوريين، ما داموا يدركون هذه المنزلقات والمخاطر، لن يثبط عزمهم إلى حد الامتناع عن محاولات توسيع الصراع الطبقي من خلال هذه التحديات لسلطة الرأسمالية. ليس هنالك سبيل آخر لتطوير الوعي المناهض للرأسمالية وسط مئات الآلاف والملايين من العمال إلا عبر هذا الطريق. يمكن للدعاية من خلال الكلمة المكتوبة والمنطوقة أن تقنع الأفراد بالمئات، وفي أحسن الأحوال، بالآلاف. بالعمل فقط سيقتنع الملايين.
للبدء وتوسيع وتعميم هذه التجارب، نحن في حاجة إلى منظمة ثورية. من دون منظمة مثيلة، ستظل التجارب المعزولة أو مبادرات المجموعات العمالية كما هي: تجارب معزولة. دور مركزة الوعي وتعميم التجربة والنقل المستمر للمعرفة، في مقابل الطابع المتقطع حتما للنضالات الجماهيرية، دور لن تلعبه سوى منظمة ثورية.
*- هذا المقال عبارة عن مداخلة ألقاها الرفيق كوستاس سكوردوليس أحد الأعضاء القياديين في OKDE-Spartakos-الفرع اليوناني للأممية الرابعة- في المؤتمر السنوي 12 للمادية التاريخية المنظم في لندن بين 5 و8 نونبر 2015 بمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) في جامعة لندن.
المقال بالانجليزية على الرابط التالي: http://skordoulis.blogspot.com/2015/11/the-greek-anticapitalist-left-and.html
تعريب المناضل-ة
اقرأ أيضا