حوار مع مسؤول في لجنة الاعلام وعضو التنسيقية المحلية للأساتذة/آت المتدربين ببني ملال
تتابع جريدة المناضل–ة–معركتكم عن كثب وتحث القوى المناضلة على مساندة كل الاشكال النضالية للعديد من الحركات الاجتماعية والحركة العمالية.
اولا نحييكم على صمودكم/ن .
اهلا ومرحبا بكم، واسمح لي بداية أن أتقدم بالشكر والتقدير، باسم لجنة الإعلام وباسم التنسيقية المحلية للأساتذة المتدربين بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين– بني ملال، إلى منبر جريدة “المناضل–ة” على اتاحتهم الفرصة لنا من أجل ايصال صوتنا لأوسع الجماهير الشعبية، وعلى دعمهم المستمر لمعركتنا البطولية منذ انطلاقتها في 29 اكتوبر 2015.
* مع اقتراب موعد مسيرة يوم 17 دجنبر التي دعت لها التنسيقية الوطنية للأساتذة/آت المتدربين اشتدت حملة الدولة للتشويش على معركتكم وتضليل الراي العام حول أهدافها… فيما تتلخص هذه الحملة الإعلامية المسمومة؟ وما الذي تقومون به للرد عليها؟
الواقع أن الحملة الإعلامية المسمومة ضد حركة الأساتذة المتدربين، تعود فعليا إلى 13 نونبر الماضي؛ تاريخ المسيرة الوطنية الأولى بالرباط، حيث انتقلت الدولة من وضع اللامبالاة والتجاهل إلى الهجوم الشرس على معركة الأساتذة المتدربين. فبالموازاة مع القمع المادي المباشر الذي تعرّضت له مجموعة من المراكز الجهوية والفرعية بمدن طنجة، آسفي، العيون، الرشيدية، القنيطرة، تازة،…، مارست الدولة حربا دعائية على المستوى الإيديولوجي لتسميم وعي الجماهير وتشويه سمعة الأساتذة المتدربين في أذهانهم. وهو ما تمثل عمليا في تسخير بعض وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي لتضليل الرأي العام وتزييف طبيعة مطالبنا، بحيث يبدو وكأننا نطالب بالتوظيف المباشر دون مباراة، وبالرفع من قيمة المنحة الشهرية في عز الأزمة الاقتصادية بما يصب أخيرا في التشكيك بـ “وطنيتنا” ! والحقيقة التي تحاول هذه الأبواق المأجورة حجبها هاهنا هي كوننا اجتزنا بنجاح مباراة الولوج للمراكز الجهوية بمراحلها الثلاث (الإنتقاء الأولي، الإمتحان الكتابي والمقابلة الشفوية) ولم يتبق أمامنا سوى امتحان التخرج فالتعيين بأحد أسلاك التعليم العمومي، بيد أننا نتفاجأ بإصدار الدولة لمرسومين طبقيين؛ أحدهما 2.15.588 يفصل التكوين عن التوظيف، والآخر 2.15.589 يجهز على المنحة ويقزمها لأقل من النصف (1200 درهم بدل 2450)، أي أننا لا نناضل إلا لتحصين مكسب تم الزحف عليه.
إضافة لما سلف، تم بعث رسائل تهديدية إلى مقر سكنى كل أستاذ/ة متدرب/ة تشدد عليه الالتحاق بالمركز لاستئناف التكوين داخل أجل لا يتعدى 7 دجنبر الجاري، تحت طائلة “اتخاذ الإجراءات المناسبة طبقا للقوانين الجاري بها العمل“، كما تم استخدام سلاح الإشاعة بقوة كالقول بأن هناك مراكز معينة تتابع دراستها سواء العدة النظرية أو التداريب العملية، وأن المرسومين لا يسريان على بعض الشُعب والأسلاك التي سيتم توظيفها بالكامل لسد الخصاص المهول فيها. ولا ننسى أخيرا تجريدنا من صفتنا كأساتذة متدربين والزعم بأننا “مجرد طلبة“… وهو ما تصدينا له بنهج خطوات نضالية تمثلت في تنظيم سلسلة ندوات فكرية وصحفية، مفتوحة وداخلية، محلية ووطنية، من أجل شرح طبيعة مطالبنا، سياق وآفاق معركتنا، فضلا عن توزيع آلاف المنشورات في الأحياء الشعبية كنوع من الدعاية المضادة، وتنظيم وقفات ومسيرات احتجاجية بالساحات العمومية، وإشراك عائلاتنا وأهالينا بتخصيص أيام تواصلية وتعبوية معهم، ونقل معركتنا إلى الجامعات والمؤسسات التعليمية، مع الانفتاح على حركات المعطلين و “20 فبراير” ونساء ورجال التعليم وكل من لهم مصلحة في الدفاع عن مجانية التعليم والحق في الوظيفة العمومية. مما يؤشر على التحام حركة الأساتذة المتدربين بالحركة الجماهيرية وأنها ليست منعزلة وبالتالي فمن الصعب هزمها.
* المبررات التي ترددها الوزارة هي الحاجة لأعداد كبيرة من الأساتذة للاشتغال بالقطاعين العام والخاص، وأن لا أحد عارض المرسومين حين صدورهما، وأن الأساتذة المتدربين الحاليين قبلوا ذلك عند ولوجهم مراكز التكوين… ما حقيقة كل هذه الأمور؟
مشروع المرسومين صدر في 22 يوليوز 2015 وصودق عليهما في المجلس الحكومي يوم 10 غشت 2015، أما المذكرة المنظمة لمباراة الولوج للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين فكان صدورها يوم 3 غشت من السنة نفسها. أي أن الإعلان عن المباراة سبق المصادقة على المرسومين بسبعة ايام هذا من جهة، وجهة أخرى: المرسومين لم ينشرا في الجريدة الرسمية إلا في الثامن أكتوبر 2015، أي بعد نجاحنا النهائي في المباراة بثلاثة ايام، وكما نعلم فإن القوانين لا تكون سارية المفعول إلا بعد صدورها في الجريدة الرسمية. فثمة إذن ثغرة قانونية كبيرة كان بإمكان الأساتذة المتدربين استثمارها في صالحهم من أجل تجميد وتعطيل المرسومين لهذا الموسم، لكننا لم نسلك هذا المنحى القانوني لتطويق المدلول السياسي للمرسومين، والمرتبط بالصراع الطبقي في المجتمع، ناهيك عن فقداننا الثقة في استقلالية القضاء كجهاز تابع بيد الدولة.
ونتساءل بدورنا: بأي صفة كان من الممكن ان نناضل ضد المرسومين قبل ولوجنا للمراكز الجهوية؟ هل بصفتنا طلبة أم معطلين أم ماذا؟ وهل يجب في هذه الحالة مساءلتنا كأفراد أم كتنظيمات؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن مشروع المرسومين صدرا صيفا في وقت عطلة. ورغم ذلك فقد عم السخط حينها شبكات التواصل الاجتماعي وفتح نقاش واسع في الموضوع تطور إلى محاولات للنزول الى الشارع بصرف النظر عن حجمها ودرجة اشعاعها، وهذه هي طبيعة الحركات الاحتجاجية أنها تمر من أطوار جنينية لا تسترعي الانتباه وتأخذ في النمو حتى “تفاجأ” العالم. وإلى الآن لا نشعر أن المعركة جاءت متأخرة وأن قد فات أوانها، فالاحتجاج ليس موقّت بوقت معين أو بمكان محدد. ولو صح ذلك فإنه لا يحق للعمال في المصانع النضال من أجل الزيادة في أجورهم أو تحسين وضعيتهم وظروف عملهم، لأنهم قبل الولوج الى المعمل كانوا على علم مسبق بشروط العمل المزرية ! ولا يحق للطلبة النضال ضد بنود التخريب الجامعي والميثاق اللاوطني للتبضيع والتركيع وما تلاه من نسخ أكثر تشوها (المخطط الارتجالي، المخطط الرباعي، الرؤية الاستراتيجية…) لأنهم قبل التسجيل بالجامعة كانوا يعلمون بوجود هذه المخططات الطبقية ! وكذلك شأن الشغيلة التعليمية وكل المنتجين بأيديهم وأذمغتهم… إن النتيجة التي يقود إليها، في التحليل الأخير، هذا المنطق المقلوب هي لا جدوى النضال.
*كيف يجري تنظيم معاركم المحلية والجهوية والوطنية؟ وهل هناك فعلا ميل لمعركة وطنية مفتوحة بالعاصمة؟ وماذا بخصوص أشكال خوضها وتمويلها… أخذا بعين الاعتبار تجربة الأساتذة المجازين والحاصلين على الماستر المطالبين بالترقية التي خاضت معركة مفتوحة لأزيد من 100 يوم…
في كل مركز جهوي أو فرعي ينعقد، بشكل دوري، جمع عام بحضور جميع الاساتذة المتدربين لوضع مشروع مقترحات برنامج نضالي نصف شهري، ويتم نقل هذه المقترحات من مختلف المراكز –البالغ عددها 41 مركز– إلى المجلس الوطني لتنسيقيتنا بالرباط، حيث تتم، بناءً على تلك المقترحات، صياغة برنامج نضالي وطني موحد ودور التنسيقيات المحلية هو تنزيل خلاصاته وتوصياته محليا وجهويا وملاءمتها مع خصوصيات كل موقع على حدة. وفي هذا الإطار تندرج المسيرات الأسبوعية نحو أكاديميات التربية والتكوين ونيابات التعليم، المتحدة زمانا والمتفرقة مكانا، أو المسيرات الجهوية المشتركة التي تم تنظيمها بخمسة أقطاب نضالية (مراكش، اكادير، الرباط، وجدة، الحسيمة) وساهمت فيها جميع المواقع. أو تبادل الزيارات واللقاءات وتنسيق الخطوات بين المراكز المتقاربة جغرافيا. ليتم تتويج هذه التراكمات النضالية المتصاعدة بتنظيم المسيرة الوطنية الاولى بالرباط يوم 12 نونبر 2015، والتي أذهلت الرأي العام بمستوى تنظيمها العالي، وإن كنا نعتبرها مجرد صورة مصغرة لما ستكون عليه مسيرة يوم غد الخميس 17 دجنبر 2015 الذي ستعرف مشاركة واسعة لعائلاتنا وأهالينا ومناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والمعطلين وكل ابناء الشعب المغربي الكادحين.
أما مسألة خوض معركة وطنية مفتوحة بالعاصمة، فتظل مجرد مقترح من بين مقترحات أخرى بديلة، الذي سيحسم فيها في النهاية هو المجلس الوطني الرابع الذي ينعقد بحر هذا الاسبوع. فقط للإشارة أن قد تم الدفع بهذه الخطوة منذ الاسبوع الاول للمعركة، وهو ما اعتبرناه، آنئذ، يتصادم مع السيرورة الطبيعية لحركتنا في تراكمها الكمي وتصاعدها النوعي، وتعترضه معيقات مالية وتنظيمية ستستنزف جيوب الاساتذة المتدربين وتنهك قواهم في افق تبديد ما حققوه من ملاحم المقاومة والصمود. لذا تم التراجع عنه باعتماد مبدأي الإقناع والإقتناع، والنقد والنقد الذاتي مع اعتبار مجرد الاستمرار في شل مفاصل المراكز الجهوية هو بحد ذاته الورقة الرابحة في معركتنا، لأن لذلك تكلفته المادية والمعنوية على الدولة.
في بني ملال، قمتم بحملة تواصل رائعة في الأحياء، وفي الجامعة، وخضتم أشكال نضال متنوعة، كيف تنوون استثمار ذلك؟ وما رسالتكم لباقي مراكز التكوين؟
إذا كان هدفنا العام يتلخص في اسقاط المرسومين الطبقيين، فإننا لن ندخر جهدا أو وسيلة لبلوغه. وسنسعى لتوسيع مروحة حلفائنا الميدانيين في المؤسسات التعليمية، والجامعة، وجمعية المعطلين، ونقابات التعليم، وداخل أسرنا وفي الأحياء الشعبية… وندفع بالمعركة قدما إلى الأمام، وإلى حيث لن يجدي القمع ولا الاعتقالات السياسية ولا الملاحقات والمضايقات البوليسية في وقف زحف ربيع الأساتيذ المتدربين. وإذا كانت الدولة تهددنا بسنة بيضاء وإجراء مباراة مبكرة نستثنى منها، فإننا من جهتنا نؤكد أن هذه الأساليب والمناورات لن تفت في عضدنا، وسنمضي بعزم شديد في معركتنا مع انتهاج خطوات تصعيدية غير مسبوقة قادرة على ارباك اجهزة الدولة وبعثرة كل حساباتها. ومن هذا المنبر نتوجه بنداء الى كل مواقع الصمود من أجل تنظيم صفوفهم وتوحيد رؤاهم للمعركة، وتجسيد كل ما يصدر عن المجلس الوطني من خلاصات مع ضرورة عدم الاقتصار في نضالها على الخطوات الميدانية، بقدر ما ينبغي خوض النضال في جبهات الفن والثقافة بتشكيل لجان ثقافية تسهر على تنظيم ايام للنقاش النظري والسياسي حول واقع وآفاق المعركة وحول سياسة التعليم بالمغرب في ظل النظام القائم، وكذا عرض ونقد اسهامات الاساتذة المتدربين في مجال الفن من مسرح وشعر وغناء ملتزم بالتعبير عن قضايا الجماهير في التحرر الوطني والانعتاق الطبقي. المعركة طويلة وتحتاج نفسا أطول… لنصلّب قاماتنا كالرماح ولنشحذ جميع اسلحتنا لخوضها.
أجريت المقابلة الصحفية مع سعيد أحنصال
اقرأ أيضا