طالبات الطب: للنساء مكانة في النضال
أغلب النضالات والاحتجاجات ضد سياسة الدولة الطبقية وحكوماتها المتعاقبة على تزيين واجهتها وتنفيذ مخططاتها الجهنمية، تكون النساء المناضلات دائما في مقدمتها.
خرجت طالبات مهن الطب يد في يد وخطوة بخطوة إلي الميادين بجانب زملائهن الطلبة الذكور، إنهن طالبات شجاعات ومقدامات وصامدات في وجه السياسات الرأسمالية، وأمامهن معارك طويلة أيضا ضد الذكورية والرجعية.
في بداية سنة 2014 كانت تلميذات المؤسسات الثانوية متزعمات الحركة التلاميذية ضد برنامج “مسار”الذي يعد من مخططات الدولة الرأسمالية في التعليم ” الميثاق الوطنية للتربية والتكوين” واليوم أظهرت الطالبات مستوى متقدم ورفيع من جميع النواحي وبكل الصفات: الحضور والانضباط والالتزام بالقرارات المتخذة بشكل جماعي وديمقراطي، والعمل على تنفيذها وتجسيدها على ارض الميدان .
النساء في مقدمة الصفوف دائما وابدأ.
الإناث المناضلات، يدافعن عن مهنة الطب، مهنة الحياة والإنسانية بشراسة وإقدام، وقد رفعن رأس المرأة المغربية المكافحة وعبرن على تجسيد المساواة بين الجنسين ميدانيا في الساحات وفي مواجهة أجهزة الدولة القمعية وكذلك في النقاشات والاجتماعات وتقديم المقترحات بقوة وعزيمة لا تلين.
التحاقهن بهذه المعاهد العليا والمراكز والكليات جاء نتيجة عملهن واجتهادهن من اجل بناء مغرب يلف الكادحين إناث وذكور، مغرب بدون تقسيم جنساني للأدوار، ولا يميز بين أبنائه على أسس طبقية.
لقد عبرت طالبات مهن الطب عن احتجاجهن ضد سياسة الدولة في الإجهاز على حقوقهن المهنية، وسبق لهن أن خضن معارك ضارية ضد تفويت القطاع إلى الرأسماليين.
إن المرأة المغربية المناضلة أمامها مشوار طويل من النضال والكفاح لانتزاع حقوقها من سيطرة وتشريعات دولة الرأسماليين والرجعيين والهيمنة الذكوري.
النساء مسيرة نضال ضد الدونية
من يستطيع أن يقف أمام نضال النساء من أجل المساواة والحرية ؟ إن معركة طالبات مهن الطب اليوم تتبث إصرارهن على المضي قدما في معركتهن ضد الإجهاز على حقهن في توظيف يحترم كرامتهن الإنسانية، إنهن يرفضن بصوت عال قيود المجتمع الذكوري التي تريد الطبقة الحاكمة المحافظة عليه وفق مصالحها المادية، ومنها تبعية النساء ماليا واقتصاديا للرجال، واستغلال النساء في مناصب شغل هشة، والحفاظ على عملهن المنزلي بالمجان وتشريع قوانين تتعارض مع طموحات ومطالب النساء.
إن الدولة تقوم عبر مؤسساتها بإرساء قواعد وبنيات تقيد حرية النساء وتخلق ظروف مناسبة للتيارات الدينية المتشددة والمغالية والتي تخشى من النساء القويات المتعلمات والمتحررات من أدوار اجتماعية تقوم على أساس التمييز، النساء اللواتي يطمحن إلى تحقيق دواتهن في جميع الميادين والقطاعات سواء كانت علمية أو أدبية أو فنية أو ثقافية أو رياضية أو مهنية ..الخ.
يبين ما حققته طالبات مهن الطب والصيدلة اليوم من خلال ولوجهن إلى هذه الكليات عن جدارة واستحقاق والدفاع على شرف وكرامة وحق مهنة الحياة ببسالة وشجاعة، عن مكانة النساء ودورهن في الدفاع عن المكاسب الاجتماعية، وتوقهن لبناء مجتمع خال من الهيمنة الذكورية والاستغلال الرأسمالي البشع للحاجيات الإنسانية النبيلة.
إن مقولة “الاستثناء المغربي” وسياسة ثوابت الأمة وتقاليدها وعادتها “المقدسة” لا تستطيع كبح مسيرة كفاح بنات فقراء المغرب في بناء بلدهن بسواعدهن وعقولهن وأفكارهن المنفتحة على الكون وما وصلت إليه البشرية، والطامحة إلى حياة الحرية والمساواة.
على جميع المناضلين-آت الديمقراطيين-آت الجذريين-آت والماركسيين-آت الثوريين-آت أن يساندوا ويدعموا بدون شرط معركة طلبة مهن الطب والصحة وفي مقدمتهم الطالبات، لأنها معركتنا جميعا، ضد هضم الحقوق وضد القوى التي تريد للنساء البقاء في البيوت والاعتناء بالأطفال والمسنين ودوي الحاجات الخاصة، والطبخ والتنظيف والأوساخ ورمي النفايات. وجل أمهاتنا يحملن في بطاقة تعريفهن الوطنية مهنة “ربة بيت” وهي لا تملك في هذا البيت أي شيء! أو”بدون” ومعناه ليس لها أي شيء تقوم به، أي بدون مهنة!
تريد الدولة الرأسمالية أن يكون لهن “ولي أمر” من أجل إخراسهن وقطع ألسنتهن كي لا يتكلمن ولا يرفعن صوتهن في وجه الذكور، تريد أن يتزوج البورجوازي منهن أربعة… وتريد أن تمنعهن من الإرث بالتساوي مع شقيقها الذكر. إنها معركتنا ضد الطبقة البورجوازية التي تدعي أنها “حداثية” والتي تريد من بنات الفقراء أن يشتغلن خادمات بيوت ومسائل أخرى عديدة حقيرة مرتبطة بقيم ومصالح البورجوازيين.
تبعث الطبقة الرأسمالية الحاكمة بناتها وأبنائها إلى مدارس ومعاهد عواصم الدول الغنية الكبرى (الو.م. أ وأوربا) من اجل الدراسة بالإضافة إلى الأموال والعقارات والأملاك والشركات التي يرثونها من أسرهم، أما أبناء وبنات الفقراء فمحكوم عليهم وعليهن بمساعدة الآباء والأمهات والأشقاء والشقيقات من خلال الشغل في منصب أو وظيفة عمومية إن حالفهم الحظ في بلد باعه الحكام للرأسماليين المحليين والأجانب. إن معركة طالبات وطلبة مهن الطب أبناء الفقراء هي معركة من اجل الخبز والحرية والكرامة، ولهذا يجب على منظمات النضال الجماهيرية أن تدعم وتساند نضالات الطلبة.
دفاعا عن الطلبة الأطباء …دفاعا عن صحة الكادحين
جميع المعارك النضالية الناجحة لطلبة وطالبات كليات الطب بالمغرب كانت دائما لخدمة المصالح المباشرة لفائدة المغاربة الفقراء أي الأغلبية الساحقة المستفيدة من قطاع الصحة العمومية.
في منتصف سنة 2011 خضن إلى جانب زملائهن الذكور معارك من اجل حقوقهم وحقوقهن ونظموا أشكال نضالية في العاصمة الرباط ومن اجل خدمات صحية جيدة ومجانية. وفي أواخر سنة 2013 تزعم الخريجون والخريجات والطلبة والطالبات معركة ضد سياسة الدولة التي تريد تفويت القطاع للرأسماليين وفتح المجال لرجال الأعمال الكبار لبناء معاهد ومراكز خاصة للتكوين في مهن الطب.
لقد طالبت جمعياتهم/هن وتحالفاتهم/هن بتوفير الشروط الضرورية للصحة وحياة الناس، وتخصيص ميزانية معقولة للقطاع وبناء مصحات ومستشفيات ومستوصفات في جميع المناطق والجهات وتغطية جغرافية المغرب وانجاز خريطة صحية في المستوى المطلوب وإبعاد التجار والرأسماليين عن القطاع، هؤلاء الأثرياء الذين همهم الربح والمزيد منه على حساب صحة وأرواح البشر.
هذه هي مقترحات ومطالب الأطباء والطبيبات المغاربة، ونضالات اليوم جاءت بعد تراكم ودروس معارك سابقة. إن النساء قوة مناضلة ومكافحة من أجل بناء مغرب متحرر من سيطرة ثقافة ذكورية وسطوة أقلية رأسمالية محلية وأجنبية نهابة على ثرواته.
سنين كثيرة أعطت فيها النساء المغربيات ثمنا غاليا من اجل حريتهن ومساواتهن، ولن ننس أبدا أمهات وشقيقات وزوجات ورفيقات المعتقلين السياسيين سنوات ما أطلق عليه سنين الجمر والرصاص في عهد الحسن الثاني. تقود بنات المغرب اليوم معارك ضخمة وناجحة في العاصمة الرباط وباقي المدن، وحتى في القرى النائية، وهن في المعطف الأبيض طبيبات المستقبل ومناضلات المغرب الممكن مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
حان أوان تغيير الأقوال الرائجة من قبيل “كن راجل” و”كلمة ديال رجال” التي يراد من خلالها التعبير عن الجدية والصدق، إلى قولة: “كن إنسانا” وناضل من أجل غذ مشرق تتساوى فيه النساء والرجال، ويفتح أفق تحرر كلي من جميع صنوف الاستغلال والاضطهاد.
طه محمد فاضل، 25 اكتوبر2015
===================
تلميذات المغرب في مقدمة موجة الغضب
اقرأ أيضا
