المناضل حميد مجدي في حوار مع جريدة المناضل(ة)

سياسة10 مارس، 2025

تقديم جريدة المناضل-ة:

في غياب قوى سياسية مناضلة متدخلة في أماكن العمل، وفي بيئة حياة الشغيلة وسائر المقهورين- ات، تنظم كفاحات جماهيرية، تبقى المؤسسات «الديمقراطية» الحلبة السياسية حيث تتجه أنظار عامة الناس، وحيث يتدخل قسم منهم. ذلك بالمشاركة في الانتخابات بالنسبة لمعظمه ممن تجاوز اللامبالاة السياسية، وبمتابعة ما يجري في تلك المؤسسات بالنسبة لقلة قليلة مهتمة. غالبية الشعب غير مسيسة بفعل ضغط إكراهات المعيشة ومجمل مصاعب الحياة وسياسة التجهيل في ظل نظام القهر الرأسمالي، لا بل تخشى السياسةَ بفعل عقود القمع المستمرة. أقرب مجالات انشغال العامة بالسياسة هي المجالس المحلية «المنتخَبة». فعلى هذا الصعيد يجري «تدبير» عدد من أمور الحياة اليومية، وبمقدمتها عدد من الخدمات العامة.
تمثل الحملات الانتخابية لحظة سياسية بامتياز يتعين استثمارها لممارسة تنوير سياسي لضحايا التخبيل البرجوازي، من شغيلة ومضطهدين- ات، وكذلك مجريات تدبير الشأن العام في المجالس المحلية، حيث تُطرح مسائل تعني مباشرة حياة العامة.
اختصارا، إن كان النضال خارج المؤسسات هو مركز الثقل في المنظور العمالي، فإن الحياة السياسية المحلية مجالٌ لتدخُّل قوى النضال، لا يستهين به غير من يدعي امتلاك إستراتيجية وتعوزه تكتيكاتها.
للاقتراب من واقع المجالس الجماعية، بعد زهاء 50 سنة من انطلاق «المسلسل الديمقراطي»، واستجلاءً للمتاح من إمكانات التسييس العمالي والشعبي، حاورت جريدة المناضل-ة الرفيق مجدي حميد، عضو المجلس الجماعي لمدينة قلعة السراغنة، باسم الحزب الاشتراكي الموحد ، معزَّزا بتجربة سابقة ضمن «لائحة الأمل المستقلة من أجل ورزازات» (انتخابات يونيو 2009). مجدي حميد لا يحتاج تعريفا، مساره النضالي الغني، على جبهات عدة، يُعرِّف به، وقسم منه معروض في كتابه «المخاض النقابي والسياسي العسير، ورزازات تتحدث بـ»لسان حالها» عن المغرب». (للتحميل https://www.almounadila.info/archives/18402). وإذ تشكر جريدة المناضل-ة الرفيق مجدي على تفاعله الإيجابي، تحيي صموده المزدوَج، سواء بوجه قمع صادر عن الخصم الطبقي، أو عسف صادر من داخل منظمات النضال، نقابية وسياسية.

معطيات عن جماعة قلعة السراغنة: عدد السكان، خصائص اقتصادية واجتماعية، (أنشطة اقتصادية رئيسية، السكان النشيطين: اغلبية أجراء او مالكين صغار …)؟

 

جماعة قلعة السراغنة، أرض هضبية، مناخها قاري وشبه جاف. تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 80 كلم شمالا. وهي أكبر تجمع بشري بالإقليم (إقليم قلعة السراغنة)، الذي تأسس بتاريخ 13 غشت 1973، وينتمي لجهة مراكش ـ أسفي.
يبلغ عدد سكان المدينة القانونيون بحسب الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024: 106.418 نسمة.
أما السكان البلديون فعددهم هو: 105.194 نسمة، بفارق 1224 من المحسوبين على حدة. 50.330 ذكور (يعني 47.8 ٪ من مجموع السكان)، و54.864 إناث (يعني 52٫2 ٪ من مجموع السكان). وهو ما يمثل أيضا 18٫8 ٪ من عدد سكان الإقليم، و60 ٪ من مجموع الساكنة الحضرية بالإقليم.
بحسب المندوبية السامية للإحصاء، فإن:
السكان القانونيون، يتكونون من السكان البلديون والسكان المحسوبون على حدة.
السكان البلديون، هم الأشخاص الذين يقيمون بمسكن بصفة اعتيادية والأشخاص الرحل والأشخاص بدون مأوى.
والسكان المحسوبون على حدة، هم الأشخاص المضطرون للعيش جماعيا، نظرا لظروف العمل أو لأسباب اجتماعية أو صحية: الجنود ورجال الدرك والقوات المساعدة القاطنون بالثكنات أو المعسكرات، والعمال الذين يتم إيواؤهم في أوراش الأشغال العمومية، والمعتقلون في السجون، ونزلاء دور البر والإحسان والملاجئ ومراكز حماية الطفولة والزوايا، والأشخاص المعالَجون داخل المؤسسات الاستشفائية لمدة 6 أشهر على الأقل.
تشكل نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة من مجموع السكان البلديين في مدينة قلعة السراغنة: 27.40٪ (29.50 ذكور و25.50 إناث). وهي فئة مهمة للغاية ومحددة، وتحتاج قصد إعدادها واستثمارها للمستقبل إلى، اهتمام خاص ومبدع، وظروف اجتماعية واقتصادية مناسبة، وعناية صحية، وعمل بيداغوجي وعلمي وثقافي يستلهم القيم الإنسانية الكبرى. يعني توفير ما يؤهلها ويؤهل البلد للقادم من السنوات. والحال أن وضعها حاليا مع كامل الأسف، صعب للغاية على المستويات كافة. ما يعطينا صورة سيئة جدا عن المستقبل.
أما السكان الذين يفوق عمرهم 15 سنة، فإن عددهم بقلعة السراغنة هو: 76.363 نسمة، أي ما يمثل 72٫6 ٪ من مجموع السكان.
هذه الفئة التي يطلق عليها عادة السكان النشيطون، هي التي تشكل اليد العاملة المتوفرة لإنتاج السلع والخدمات والثروة وتضم من جهة، الأشخاص الذين يتوفرون على شغل أو النشيطين المشتغلين، ومن جهة أخرى، الأشخاص النشيطين الذين هم في حالة بطالة.
ولكي يكون هؤلاء السكان منتجين فعلا ويؤدون مهامهم المفيدة، فيجب إعدادهم لذلك جيدا، وإعداد سوق شغل مناسب، يوفر لهم ظروفا صحية وظروفا مواتية للعمل، وتكافؤا حقيقيا للفرص.
لا يتجاوز عدد الفئة النشيطة بجماعة قلعة السراغنة، (يعني التي تشتغل ولو لمدة ساعة واحدة خلال أسبوع): 28.439 نسمة (وهو ما يمثل 37.24 ٪ من مجموع السكان النشيطون فقط)
أما الفئة غير النشيطة (غير المنتجة) فعددها هو: 47.901 نسمة (أي ما يمثل 62.73 ٪ من مجموع السكان النشيطون) وهو رقم كبير.
لذلك فإن معدل النشاط (الذي يدل على نسبة الأشخاص الذين يساهمون أو يبحثون من أجل المساهمة في إنتاج السلع والخدمات) هو: 37,3 ٪ (62.30 ذكور و15.50 إناث) فقط. وهو رقم ضعيف، وضعيف أكثر عند النساء.
معدل البطالة بجماعة قلعة السراغنة، الذي يتكون من السكان النشيطون المعطلين: يعني البالغين من العمر 15 سنة فما فوق ولا يتوفرون على نشاط مهني، وهم بصدد البحث عن شغل، فيرتفع بحسب آخر إحصاء إلى: 23 ٪ (22.60 ذكور و24.40 إناث). وهو معدل يتجاوز المعدل الوطني الذي يبلغ 21.3 ٪.
ضعف معدل النشاط، وارتفاع معدل البطالة، يعكس واقع التهميش الذي تعرفه منطقة قلعة السراغنة: غياب المشاريع الاستثمارية وضعف التأهيل والتكوين وارتفاع معدل الأمية وانحدار المستوى الدراسي عند غالبية السكان والشغل الناقص والصعب وغير اللائق والشغل غير المؤدى عنه وناس يشتغلون، ولكن لا يحصلون على أجر كاف وغياب مناصب الشغل وقانون الشغل لا يسري إطلاقا على أي من القطاعات في قلعة السراغنة. ألخ.
وأيضا لمعرفة هشاشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالنسبة لسكان القلعة، يكفي أن نلقي نظرة عن الحالة المهنية للنشيطين المشتغلين البالغين من العمر 15 سنة أو أكثر. حيث تشكل فئة المُشَغِّلِين نسبة لا تتجاوز: 2.50 ٪ (2،80 ذكور و1.50 إناث). فيما يبلغ عدد المستقلين الذين يعملون لحسابهم الخاص، ولا يشغلون أي مستأجر: 31.40 ٪ (الذكور 35.90 والإناث 15.40). أما الأجراء فيبلغون أعلى نسبة بجماعة قلعة السراغنة بمعدل 54.80 ٪ (الذكور 48،80 والإناث 76.20).
يمكن ملاحظة أن الإناث من الأجيرات في قلعة السراغنة أكثر بكثير من الذكور. وهذه الأرقام والنسب الرسمية كلها، تظهر الهشاشة والضعف والفقر. أما نسبة السكان البالغين من العمر 60 سنة أو أكثر فهو 13.50 ٪ (14.10 ٪ ذكور و13 ٪ إناث).
وكما يفترض، فإن هذه الفئة من السكان، تحتاج إلى اهتمام ورعاية صحية وراحة وتقدير جميل على ما قدموه من جهد وعمل وتربية وبناء وتضحيات، وتعويض طيب على ما كابدوه من معاناة… إلخ. وهو للأسف ما لا يحضون به في هذه المدينة.
بالنسبة لمعدل الأمية للبالغين من العمر 10 سنوات أو أكثر، والذين يبلغ عددهم 87.489 نسمة، فهو: 21.60 ٪ (الذكور 13.40 والنساء 28.90). أما معدل الأمية للبالغين من العمر 15 سنة أو أكثر الذي يبلغ عددهم: 76.363، فيرتفع إلى: 24٫6 ٪.
بالنسبة لإقليم قلعة السراغنة ككل، فإن معدل الأمية عند البالغين من العمر 10 سنوات أو أكثر فيصل إلى: 33.30 ٪ (الذكور: 24.90 ٪، والإناث: 41.50٪)، 26.3 ٪ في الوسط الحضري، و44.6 في الوسط القروي. ويرتفع هذا المعدل عند سكان إقليم قلعة السراغنة البالغين من العمر 15 سنة أو أكثر إلى 38.6 ٪.
بالنسبة لسكان جماعة قلعة السراغنة البالغين من العمر 10 سنوات وأكثر، والذين لا يتوفرون على أي مستوى دراسي فتبلغ نسبتهم: 28.40 ٪ (ذكور 22.30 % وإناث 34 ٪). وهذا رقم كبير ومؤثر خصوصا لدى النساء:
السكان الذين ارتادوا التعليم الأولي لا يتجاوز عددهم 1.60 ٪ فقط؛
السكان الذين ارتادوا التعليم الابتدائي، 26،60 ٪ فقط (الذكور 28٫60 ٪، والإناث 24٫70 ٪)؛
السكان الذين تمكنوا من الوصول إلى مستوى التعليم الثانوي الإعدادي: 18.40 ٪ فقط (20٫90 ٪ ذكور، و16٫20 إناث)؛
السكان الذين استطاعوا الوصول إلى التعليم الثانوي التأهيلي: 13 ٪ فقط (14.10 ٪ من الذكور، و12 ٪ من الإناث)؛
السكان الذين وصلوا للتعليم العالي، لا يتجاوز عددهم: 12 ٪ (12.20 ٪ ذكور، و11.80 ٪ إناث)؛
هذه الأرقام مخيفة وتعكس ضعفا هائلا، وهشاشة كبيرة في المستوى الكيفيل عيش الغالبية القصوى من سكان قلعة السراغنة، في علاقاتهم بالشغل الذي لا يمكن إلا أن يكون سيئا وناقصا، وبضعف الاستفادة من مختلف الخدمات، وفي ارتباطاتهم الاجتماعية التي يحكمها التوتر والعنف والحاجة… إلخ. محكوم عليهم بحكم وضعهم الثقافي والتعليمي والاقتصادي، أن يظلوا على الهامش يعانون، ويبقوا من الفئات الفقيرة والهشة من المجتمع… لا مستقبل واعد، وهم على هذه الحال، ينتظرهم أو أبناؤهم.
يوجد بمدينة قلعة السراغنة سوق أسبوعي واحد، يحتضن العديد من الفئات الشعبية. أما المؤسسات الخدماتية والتجارية الربحية (النشيطة) في المدينة ككل فيبلغ عددها: 4986 مؤسسة. وهي تشغل 10.613 شخصا فقط (3٫61 ٪ من مجموع المؤسسات الهادفة للربح بالجهة، و40 ٪ من الإقليم)
يعد قطاع التجارة الذي يبلغ عدد مؤسساته 2692 مؤسسة، أول موفر لمناصب الشغل في مدينة قلعة السراغنة. يليه قطاع الخدمات بـ 1446 مؤسسة. ثم قطاع الصناعة بـ 696 مؤسسة. فقطاع البناء بـ 152 مؤسسة.
مناصب الشغل فيها ضعيفة للغاية، حيث نجد أن:
2515 مؤسسة، تضم مشتغل واحد؛
2035 مؤسسة، تضم من 2 إلى 3 مشتغلين؛
375 مؤسسة، تضممن 4 إلى 9 مشتغلين؛
55 مؤسسة، تضم من 10 إلى 49 مشتغل؛
6 مؤسسات فقط، تتوفر على 50 مشتغل فما فوق.
لا يوجد بالجماعة ولا بالإقليم، استثمارات مهمة، أو شركات، أو مؤسسات صناعية، أو تجارية كبيرة، يشتغل فيها المئات أو الآلاف من الشباب.
هذه الإحصائيات والمعطيات الرسمية، تظهر مدى الهشاشة والإقصاء والتفقير الذي يعيشه سكان قلعة السراغنة، والأفق المسدود للمستقبل، أمام الطبقة العاملة وجموع الكادحين على العموم.


ماهي المشاكل الكبرى لمدينة قلعة السراغنة؟
أعتقد أن المشاكل الكبرى تعكسها بالأساس، المعطيات الإحصائية التي قدمتها في البداية. ارتفاع معدلات الفقر ومعدلات الأمية، والمستوى الثقافي والتعليمي المنعدم أو الضعيف، وارتفاع معدل البطالة والشغل الناقص، مما يضطر الشابات والشبان على الخصوص، إلى البحث عن ملاذ آخر ومكان آمن للعيش الكريم، وبالتالي الهجرة إلى المدن الكبرى وإلى خارج البلد بطريقة قانونية أو «سرية» (قوارب الموت). وهناك ضحايا كُثر، ومآسي متعددة على هذا المستوى، في مدينة ومنطقة السراغنة.
لعبت الجالية السرغينية بالخارج، بالفعل دورا كبيرا ولا تزال، في خلق بعض الاستقرار الاجتماعي، من خلال دعم العائلات، وتشييد عدد من الاستثمارات (مقاهي على الخصوص وبنايات تجارية أو منازل للكراء…).
وطبعا الضعف الشديد الذي تعرفه الخدمات والبنية التحتية للمجال القروي بإقليم قلعة السراغنة، والجفاف الذي تعاني منه المنطقة، وأثر بشكل سلبي كبير على القطاع الفلاحي الذي يستوعب 70 ٪ تقريبا من الساكنة النشيطة بالإقليم، دفع بعدد من السكان القرويين إلى الهجرة إلى المدينة.
وعلى كل، وبعيدا عن العموميات، يمكن الإشارة إلى بعض الإشكالات الكبرى للمدينة بشكل أكثر تحديدا، في ما يلي:
* التخبط في برمجة المشاريع والتخطيط لها وتنفيذها:
تجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن برنامج عمل الجماعة، الذي كان من المفترض أن يحدد الأعمال التنموية المقرر إنجازها أو المساهمة فيها بتراب الجماعة خلال مدة ست سنوات، لا يتضمن تشخيصا جادا وحقيقيا لحاجيات وإمكانيات الجماعة، وتحديدا لأولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية. وهو مليء بالأخطاء والمغالطات، ولا علاقة له بالواقع وجرى فرضه على المجلس، خارج الضوابط القانونية. حيث لم يعرض على المجلس الجماعي لدراسته والتصويت عليه إلا في دورة ماي 2024، وهو ما يعارض تماما، المادة 78 من القانون التنظيمي للجماعات، الذي يقول بالحرف: «يتم إعداد برنامج عمل الجماعة في السنة الأولى من مدة انتداب المجلس على أبعد تقدير». كما أنه لم يعرض على اللجان الدائمة لدراسته، 30 يوما على الأقل، قبل تاريخ عقد اجتماع المجلس المخصص للمصادقة عليه، وفقا للمادة 8 من المرسوم رقم 2.16.301، المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده.
هذا التأخير غير المعقول وغير القانوني أفقده أهميته وصدقيته، ولم يعد بالإمكان تحيينه وتقييمه ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ، كما جاء في المادة 80 من القانون التنظيمي للجماعات.
هذا التخبط تعكسه أيضا، حالة المدينة المتردية، وحالة المشاريع الاستثمارية التي جرى التخطيط لها سواء من قبل الجماعة أو العمالة أو المصالح الخارجية أو بشكل مشترك بينها، وتم الاتفاق رسميا على إنجازها، ورُصدت لها أموال طائلة، ولكنها فشلت أو تحولت بعد ذلك، إلى خرائب وأوكار للأزبال والحيوانات الضالة وتناول المخدرات، ومن بين ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
توقف توسعة مستشفى السلامة الإقليمي، التي رُصد لها غلاف مالي كبير، من قبل وزارة الصحة والبنك الأوروبي للاستثمار، وانطلقت تهيئة أشغالها منذ سنة 2011 على الأقل، وكان من المفترض أن تنتهي في صيف 2014!
انقطاع هذه الأشغال بمستشفى السلامة الإقليمي، أحدث أضرارا بالغة في البنايات التي تهرأ وتتهالك يوما بعد يوم، وفي هيكل المستشفى ذاته، وحرمت السكان من أهم الخدمات الاجتماعية على الإطلاق (الصحة العمومية).
تجدر الإشارة أن مدينة قلعة السراغنة تتوفر على مستشفى إقليمي واحد ووحيد، شُيد منذ عشرات السنين. مرافقه ضيقة ومتهالكة، ويفتقر لأهم التجهيزات، وبه خصاص هائل في الموارد البشرية والأطر الطبية. علما أن المستشفى يستفيد من خدماته ما يزيد عن 600.000 نسمة من سكان الإقليم والأقاليم المجاورة. وهم مضطرون اليوم إلى ارتياد مستشفيات بعيدة بمراكش وغيرها من المدن الأخرى، أو الولوج مكرهين إلى مستشفيات القطاع الخاص الباهضة الثمن، بالرغم من أن منطقة السراغنة، تعد من أفقر الجهات في بلادنا.
توقف أشغال المطرح الإقليمي لطمر وتثمين النفايات المنزلية والمماثلة لها وتدبير مراكز التحويل. تمت المصادقة على مشروع دراسة الجدوى المتعلقة بإنجاز المطرح وتدبيره في دورة ماي 2021، من قبل مجموعة الجماعات الترابية «التضامن» التي يترأسها رئيس جماعة قلعة السراغنة. وتم تحويل أزيد من 10 مليار سنتيم قصد إنجازه، من قبل وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وجماعة قلعة السراغنة والجماعات الأخرى المساهمة. ومع ذلك، تم تعليق أشغاله، وبقيت التجمعات السكنية في قلعة السراغنة، عرضة لأضرار هائلة من المطرح العمومي المتواجد حاليا في قلب المدينة، بسبب الأوساخ والحشرات وانبعاث الروائح الكريهة، والأدخنة والغازات الصادرة عن حرق الأزبال… إلخ.
توقف الاستفادة من الأسواق «النموذجية» وإغلاقها. ويتعلق الأمر بـ: سوق جنان بكار، سوق جنان الشعيبي، سوق الهنا، سوق المرس، والمركز التجاري مولاي إسماعيل. هذه الأسواق كلف بناؤها مئات الملايين من الدراهم. وكان من المفروض أن تؤوي منذ عدة سنوات المئات من الباعة الجائلين، ولكنها وإلى اليوم مهجورة ومهمَلة وتتعرض للتلف. أصبحت وكرا للكلاب الضالة، ومليئة بالأزبال والمتلاشيات، وروائحها كريهة، وتحولت إلى معضلة بيئية. مما يعني هدرا ماليا، وهدر الجهد والوقت، وهدر فرصة استفادة تجار الخضر والفواكه والمواد الغذائية والفراشة والباعة الجائلين والسكان على حد سواء، من خدمات وتنظيم هذه الأسواق.
لابد أن أشير في هذا الصدد، إلى أن الاقتصاد غير المهيكل في قلعة السراغنة، والذي يدخل نشاط الباعة الجائلون في إطاره، يعتبر الأكثر وزنا من غيره، لاسيما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، ويعد أكبر القطاعات الشغلية بالمدينة، ويخفي من ورائه بؤسا شديدا. وقد عانت هذه الفئة كثيرا أثناء فترة الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19.
توقف أشغال مشروع القرية الصناعية، الذي كان من المفروض أن يشمل 600 وحدة صناعية على الأقل. بحسب الوثائق المتوفرة لدينا، فقد تم إبرام العقد بخصوصه منذ ما يزيد عن 7 سنوات، ورصدت له ميزانية إجمالية قدرها 106.503.591.00 درهم، بالشراكة بين وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، ومجلس جهة مراكش -أسفي، والمجلس الإقليمي لقلعة السراغنة، وغرفة التجارة والصناعة والخدمات، ووكالة الحوض المائي لأم الربيع، وشركة العمران. ولكن لم يعرف طريقه للإنجاز بعد.
توقف أشغال إنجاز مشروع نواة جامعية بقلعة السراغنة، تابعة لجامعة القاضي عياض، على بقعة أرضية تبلغ مساحتها الإجمالية 40 هكتار، كانت في ملكية الجماعة السلالية أهل الغابة زنادة، وهي اليوم في ملكية جامعة القاضي عياض.
اتخذ القرار بشأن هذه النواة الجامعية منذ سنة 2018، بين أطراف الاتفاق المشكِّلة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الاقتصاد والمالية، وجامعة القاضي عياض بمراكش، ومجلس جهة مراكش أسفي، والمجلس الإقليمي لقلعة السراغنة، وعمالة إقليم قلعة السراغنة، وجماعة قلعة السراغنة. وخصص لها كبداية غلاف مالي قدره 50 مليون درهم. وكان مقررا حسب الاتفاق الموقع، أن ينجز هذا المشروع الهام في غضون 24 شهرا. تجدر الإشارة إلى أن المشروع متوقف، وأصحاب الأرض الأصليون، لا يزالون لحد الآن يطالبون بمستحقاتهم المالية دون أن يحصلوا عليها!
توقف منذ سنوات عديدة، أشغال بناء السوق الأسبوعي الجديد، وسوق الجملة لبيع الخضر والفواكه، والمجزرة البلدية. تقدمت الأشغال بصددها بأكثر من 40٪ تقريبا، ثم توقفت!
توقف بناء المركب الثقافي والديني بمدينة قلعة السراغنة، الذي رصد له مبلغ يصل إلى 80 مليون درهم على الأقل. وقد تم تعليق أشغال هذا المشروع الذي انطلق منذ ما يزيد عن 5 سنوات، رغم أن مرافقه وبناياته الأساسية وصلت إلى نهايتها تقريبا.
توقف مشروع إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء بالمدينة، والتي رصد لها كبداية مبلغ 18 مليون درهم.
* ضعف البنية التحية للمدينة:
بالنسبة للبنية التحتية والطرقية للمدينة أيضا فهي ضعيفة. الشوارع والطرق الرئيسة وممرات الراجلين بالمدينة محفرة ومتردية، ولم تعد في غالبيتها القصوى قابلة للاستعمال. الإنارة العمومية شاحبة، وشبكة الصرف الصحي تتلاشى وتختنق بمجرد تساقط كمية ولو ضئيلة من الأمطار، أما الحدائق العمومية والمناطق الخضراء فقد تآكلت واضمحلت.
بالإضافة إلى الطرق والأزقة والشوارع المحفرة، هناك احتلال الملك العمومي الذي لم يعد يتحمله السكان، وفوضوية عارمة لشبكة السير والجولان داخل المدينة التي يضيق الناس بها.
* عدم تسوية الممتلكات الجماعية:
جماعة قلعة السراغنة تستغل دون ملكية تامة ولا سند قانوني، كل «ممتلكاتها» العقارية العامة والخاصة بالمدينة. هذه العقارات، إما أنها تنتمي للخواص أو لأملاك الدولة (الأملاك المخزنية) أو أراضي الجموع.
بعض هذه العقارات تأوي عددا من التجهيزات والمؤسسات العمومية، والبعض الآخر يأوي مشاريع ذات صبغة اجتماعية واقتصادية. العقار الذي يأوي مقر الجماعة نفسه محتل من قبل الجماعة والمحطة الطرقية وعدد من الحدائق العمومية وسوق الجملة لبيع الخضر والفواكه وبعض منازل السكن المكتراة من قبل الجماعة والمجزرة الجماعية والعقار الذي يحتضن السوق الأسبوعي والعقار الذي يأوي مقهى ومطعم المنزه ودار الضيافة والمستودع أو المحجز البلدي والسوق اليومي الجوطية… إلخ. وبالتالي فإن الجماعة تستخلص من هذه الممتلكات، رسوم وضرائب غير مستحقة في الحقيقة.
إن عدم تسوية الأراضي الجماعية وفق التشريعات والمساطر القانونية ذات الصلة، له العديد من الأضرار التي تمس بشكل مباشر أو غير مباشر، الجماعة ذاتها، والمواطنين المستلبة أراضيهم بشكل غير قانوني. ويؤثر ذلك أيضا وبشكل سلبي وكبير على عملية الاستثمار والتنمية في المدينة. فالمركب الاقتصادي والاجتماعي للمدينة على سبيل المثال لا الحصر، والذي أنجزته الجماعة وجرى بيعه لمجموعة من المواطنين الذين حصلوا على تراخيص ببنائه وعلى تراخيص السكن، لا يتوفرون منذ عدة سنوات وإلى اليوم، على شواهد الملكية لعدم توفر الجماعة على الوثائق الضرورية المطلوبة لتأسيس الرسوم العقارية الخاصة!
إن الخرق السافر للقوانين من قبل الجماعة يؤدي ثمنها غاليا المواطنون والمدينة على السواء.
* مشكل الأحكام القضائية ضد الجماعة:
بسبب إدمانها على خرق القوانين والتشريعات الوطنية، فإن الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد جماعة قلعة السراغنة تفوق مائة دعوة قضائية، وهو ما ترتب عنه من التزامات مالية من ميزانيتها، تُعَد بمئات الملايين من الدراهم. يتعلق الأمر بمصاريف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدها، وصائر المسطرة والدعاوي، وإرجاع الحقوق والرسوم والواجبات المحصلة بغير حق.
إن خرق القانون، تسبب بمصاريف ما كان لها أن تكون لو كان أعضاء المكتب المسير، يؤمنون بالقانون ويطبقونه في تدبير شؤون الجماعة. وكان مفروضا لذلك في الحقيقة، أن يتحمل رئيس المجلس وأعضاء مكتبه مسؤولية تجاوزاتهم، ويؤدون هم، من جيوبهم الخاصة، مبالغ الأحكام كلها، وليس من ميزانية الجماعة الضعيفة أصلا. لذلك فإننا نجدهم يواصلون بكل أريحية، وأمام أعين السلطات الإقليمية، التجاوزات القانونية الواحدة تلو الأخرى، ولا يهتمون…
* عدم تنفيذ الأحكام القضائية:
على الرغم من أن المادة 181 من القانون التنظيمي رقم 14/113 المتعلق بالجماعات المحلية، يعتبر النفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات والأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعة، إجبارية بالنسبة للجماعة، وأن الدستور المغربي قد أكد في الفصل 126 على أن «الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع»، فإن الرئيس وأعضاء مكتبه المسير يمتنعون عن تنفيذ الأحكام النهائية الصادرة ضد جماعة قلعة السراغنة، والتي يعود تاريخ إصدار بعضها لعدة سنوات خلت (2011 و2012 و2013 و2014 و2015 و2016 و2017 و2018 و2020 و2021…). وهذا شطط كبير في استعمال السلطة. عدم تنفيذ الأحكام القضائية أو تأخير التنفيذ، يلحق ضررا جسيما بالمحكوم لصالحهم، ويؤثر سلبا على مصداقية وقوة الأحكام القضائية.
* مشكل عدم استخلاص المداخيل
من ضمن الإشكاليات التي تتخبط فيها الجماعة، هو عدم استخلاصها للواجبات والضرائب والرسوم المالية المستحقة، وفقا للقانون وعلى قدم المساواة والعدل بين السكان… فبيان المداخيل على سبيل المثال، التي لم يتم استخلاصها عن سنة 2023، يبلغ: 80.200.092،76 درهم. وهو رقم كبير جدا، وكان بالإمكان، لو استخلص كما يجب أن يكون، توظيفه في مشاريع استثمارية في المدينة، وخلق مناصب الشغل، أو سداد العجز والخصاص المالي الذي تعاني منه الجماعة!


تشكيلة المجلس الجماعي سياسيا: أي أغلبية تسير المجلس؟ وما المعارضة؟
كما هو الشأن في المغرب كله، فإن الانتخابات الجماعية والإقليمية والجهوية والبرلمانية بإقليم قلعة السراغنة، فاقدة للشرعية السياسية. فقد شابتها العديد من التجاوزات القانونية، وكانت مغشوشة إلى حد كبير، واستعملت فيها أموال كثيرة… وبالتالي لا يمكن للذي ولج إلى العملية الانتخابية بهذا الشكل، إلا أن ينتج الفساد، ويستغل مقعده الانتخابي، ويعمل على حماية مصالحه، واسترداد أمواله أضعافا مضاعفة.
كانت عمليات شراء الذمم وتوزيع الأموال كبيرة، ويعلم بها الجميع في قلعة السراغنة، وتمر أمام أنظار السلطات المحلية والإقليمية وبمباركتها. لذلك فإن أساس الفساد وسوء التدبير والاختلاسات في الجماعات الترابية في المدينة والإقليم، نابع من كون الانتخابات، لم تكن على الإطلاق حرة ونزيهة، والغالبية القصوى من المرشحين لها، تبحث عن مصالحها وموقع قدم لها في الكعكة فحسب… وقد أصدرنا بالمناسبة بيانات عبرنا فيها كحزب عن موقفنا السياسي والحقوقي في هذا الاتجاه.
ومنذ انتخاب المجلس الجماعي لقلعة السراغنة بذلك الشكل المعيب وغير الشرعي، تناسلت وتواصلت التجاوزات القانونية والسياسية، والبحث عن المصالح الخاصة للمنتخبين فحسب.
يتشكل المجلس الجماعي لقلعة السراغنة من: 31 عضوة وعضو كما يلي:
5 مقاعد للاتحاد الاشتراكي
5 مقاعد لحزب الاستقلال
3 مقاعد لحزب الأصالة والمعاصرة
3 مقاعد لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية
3 مقاعد لحزب التجمع الوطني للأحرار
2 مقاعد عن اللائحة المستقلة «الكرسي» (ينتمون في الأصل لحزب الاستقلال)
2 مقاعد عن حزب الاتحاد الدستوري
2 مقاعد عن اللائحة المستقلة «العداء» (ينتمون في الأصل لحزب الاستقلال)
2 مقاعد عن حزب العدالة والتنمية
1 مقعد عن حزب التقدم والاشتراكية
1 مقعد عن حزب الحركة الشعبية
1 مقعد عن تحالف فيدرالية اليسار
1 مقعد عن الحزب الاشتراكي الموحد
الأحزاب المعارضة التي عبرت عن ذلك رسميا وعمليا هي: العدالة والتنمية وتحالف فدرالية اليسار والاشتراكي الموحد، وما تبقى فقد أعلن نفسه رسميا أيضا مع الأغلبية، وجميع أعضائها موالون بشكل شبه مطلق لرئيس المجلس.
أشير فقط، إلى أن رئيس المجلس الجماعي الحالي استمر في منصبه كرئيس لجماعة قلعة السراغنة، منذ الانتخابات الجماعية 2009، وهو أيضا عضو في مجلس النواب، ومهنته محامي مقيم بمراكش، ويتنقل من حزب «يميني» لآخر. كان في حزب الأصالة والمعاصرة. كما هو الشأن لغالبية باقي أعضاء الأغلبية، الذين لا يربطهم بالعمل السياسي، وبالأحزاب «اليمينية» التي ينتمون إليها، إلا المصالح الخاصة المتبادلة.
المكتب الذي يقود ويسير المجلس الجماعي لقلعة السراغنة يتكون من: حزب الاتحاد الاشتراكي، وحزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الدستوري، ولائحة العداء «المستقلة»، ولائحة الكرسي «المستقلة».
التجاوزات القانونية الفاضحة للرئيس ونوابه في تدبير شؤون المجلس، بدأت منذ تشكيل المكتب المسير، ولم تتوقف عند حد وتتكرر باستمرار إلى حدود اليوم. ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
عدم ترشيح أي من النساء المستشارات لمنصب نواب الرئيس. فعلى الرغم من أن التحالف الذي يقود المجلس، يضم ثمانية مستشارات نساء، فإن جميع نواب الرئيس الستة هم ذكور. مما يعد خرقا سافرا للمادة 17 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية، الذي يقول نصه حرفيا:
«يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس». كما يعد خرقا للمقتضيات الدستورية (الفصل 19) وللمواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب، وخاصة المادة الثالثة من الاتفاقية المتعلقة بمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة!
خرق مقتضيات المادة 27 من القانون التنظيمي للجماعات 13 -114، التي تخصص رئاسة إحدى اللجان الدائمة للمعارضة. جرى حرمان المعارضة تماما من هذا الحق، واستفادت الأحزاب التي شكلت المكتب المسير للمجلس والتحالف، من كل رئاسات اللجان دون استثناء.
خرق مقتضيات المادة 40 من القانون التنظيمي للجماعات 13 – 114، الذي يجيز لأعضاء المجلس إدراج نقط مقترحة في جدول أعمال دورات المجلس أو رفضها مع إبلاغ مقدم الطلب بذلك، وإحاطة المجلس بها وتدوينها وجوبا بمحضر الجلسة. وهو ما لا يحدث في العديد من المرات.
خرق للمادة 57 من النظام الداخلي التي تقول: «تودع تقارير اللجان لدى رئاسة المجلس قبل 15 يوما من تاريخ انعقاد كل دورة.». وهذا الآجال لا تُحترم.
خرق الفقرة الثانية من المادة 57 من النظام الداخلي التي تقول بالحرف: «يسهر رئيس المجلس الجماعي على إرفاق تقارير اللجان، بجدول الأعمال الموجه للأعضاء لحضور الدورة». وهو ما لا يتم في العديد من المرات.
خرق المادة 28 من القانون التنظيمي للجماعات المحلية، الذي يؤكد على ضرورة أن تعرض النقط المدرجة في جدول أعمال المجلس لزوما على اللجان الدائمة المختصة لدراستها، مع تزويدها بالوثائق الضرورية بصددها. وهذا ما لا يتم في الغالب.
خرق مقتضيات المادة 78 من القانون التنظيمي رقم 14 -113 المتعلق بالجماعات، والمرسوم التطبيقي رقم 301. 16. 2 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده.
المجلس الجماعي أبرم صفقات منذ 2013 وإلى الآن، بشكل غير قانوني تماما، مع شركتي التدبير المفوض لقطاع التطهير الصلب كازاتيكنيك وأوزون.
منع الصحافة والمواطنين من تصوير وتسجيل أشغال دورات المجلس الجماعي: حيث تمنع المادة 43 من النظام الداخلي للمجلس الجماعي «منعا كليا على العموم تصوير وتسجيل أشغال الجلسات بأية وسيلة من الوسائل».
وهذه المادة التي تم تمريرها بالنظام الداخلي للمجلس، تؤكد رغبة رئيس الجماعة ومكتبه وأغلبيته التي صوتت لصالحها، الاشتغال في الظل وبعيدا عن أعين الصحافة وأنظار السكان والمتتبعين! وهو ما يشكل خرقا للأعراف والمقتضيات الدستورية والقانونية ذات الصلة وخاصة الفصل 27 من الدستور الذي يمنع «تقييد الحد في المعلومة إلا بمقتضى قانون» والفصل 28 الذي يضمن حرية الصحافة والتي «لا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية».
ما وزن المستشارين المنتسبين إلى اليسار؟
حضور اليسار في المجلس الجماعي لقلعة السراغنة ضعيف للغاية، ولا يتجاوز فردين فقط، ينتميان إلى حزبين مختلفين (فدرالية اليسار الديمقراطي، والحزب الاشتراكي الموحد). قاعدتهما الشعبية ضعيفة في الشارع السرغيني، بغض النظر عن تزوير الانتخابات من عدمها.
ما الامكانات التي يتيحها وجود مناضلي اليسار في المجالس الجماعية لإنماء الوعي الشعبي وحفز النقاش السياسي بين الجماهير؟
أعرف أن الانتخابات التي تنظم في الدول الرأسمالية وفي المغرب أيضا التابع لها، ليس لديها دور كبير في التغيير، وهي مغشوشة من أولها إلى آخرها، ووسيلة لخداع الناس وادعاء الديمقراطية الشعبية. كما لا ينتج عن هذه الانتخابات بحكم طبيعتها وبحكم طبيعة النظام الحاكم، مؤسسات منتخبة، مستقلة ونزيهة وذات هامش ديمقراطي مناسب.
الانتخابات في المغرب لعبة فاسدة فعلا، ولكنها قائمة شئنا ذلك أم أبينا، ولا يتعين لهذا السبب، أن نغلق أعيننا عنها وندير ظهورنا لها، وكأنها لا تحدث ولا تؤثر، ونترك المجال كله حرا ومفتوحا للنخب والأحزاب ذات الفكر البورجوازي والتقليدي والشمولي، تهدر المال العام، وتفعل في الساكنة ما تشاء. ما تريده فعلا هو أن تعيث فسادا دون حد أدنى من الرقابة السياسية على الأقل، والفضح والمواجهة الطبقية المباشرة.
لذلك ومن وجهة نظري، على اليسار أن يقتحم غمار هذه اللعبة، ويمارس من داخلها وليس من خارجها فقط، النضال المباشر واليومي، ويفضح الفساد بأشكاله المتنوعة، ويعرقل مساره على الأقل، ويحد منه ما أمكن، ويخلخل من خلالها، الوعي الشعبي، الذي تمنحه إياه هذه الإمكانية والواجهة ضمن واجهات أخرى من الصراع السياسي الطبقي.
الممارسة الانتخابية الجماعية، تُمَكِّنُ اليسار من الاحتكاك القريب مع الناس، والوقوف على حاجاتهم ومصالحهم الحيوية التي لا غنى لهم عنها، وتوفر له معلومات واقعية أكثر وتفصيلية، يحتاج إليها، ولن يحصل عليها أو يعلم بها، إلا إذا انخرط في اللعبة، بوعي نقدي واستراتيجية سياسية هادفة وتنظيم محكم.
ناهيك عن أن هناك إمكانية لدى اليسارين الذين يتوفرون على قاعدة شعبية في أماكن سكناهم، أو أماكن عملهم، أن يحققوا، بالرغم من الفساد الانتخابي وعمليات التزوير وشراء الذمم، أكبر قدر ممكن من الأصوات ومن المصالح الضرورية للناس، وإنجاز تراكمات إيجابية تدفع باتجاه تسريع التغيير التراكمي والجذري.
فنحن أمام مجالس جماعية رُصِدت لها أموال مهمة، وأُنيطت بها اختصاصات قانونية، ذاتية أو بشراكة مع مؤسسات الدولة، تَعُدُّ بموجبها برامج عمل تنموية، وتقدم من خلالها خدمات القرب الضرورية للمواطنات والمواطنين، وهي حاجات لا تنتظر، ولا يمكن التغاضي عنها لأي سبب كان.
أعتقد أن أسهل القرارات في نظري التي يمكن لليساريين اتخاذها، هي مقاطعة الانتخابات وتركها تمر كيفما اتفق، وينتج عنها بالتالي، مؤسسات انتخابية تهلك الناس وتزيد من تقويض حالهم، دون صراع، ومواجهة مباشرة، وحقيقية. وهذا ما حدث في المغرب للأسف في مختلف الاستحقاقات.
تمر الانتخابات، يقاطعها اليساريون، يَترتب عنها في النهاية مؤسسات انتخابية تشتغل، تُهْدر فيها أموال طائلة، وتَتَحكم ثقافيا واقتصاديا في السكان، ويتم كل ذلك بهدوء تام، ودون صراع ورد فعل متناسب مع حجم الأضرار التي يتجرعها المواطنون، في عزلة تامة عن اليساريين، مما يجعلهم يفقدون الثقة في كل الأحزاب، ويفقد اليسار قاعدته الأساسية.
هل يوجد تعاون بينكما؟
لا يوجد أي تنسيق أو تعاون بين حزبينا بصدد قضايا الجماعة. ويشتغل كل واحد منا انطلاقا من مجهوده الذاتي وبقناعته الخاصة وبمعزل تام عن الآخر، اللهم بعض المشاورات اللحظية وتبادل بعض المعلومات الطفيفة فيما بيننا. وهذا يعطينا صورة يستفاد منها من وجهة نظري، عن حالنا وحال اليسار ككل، المنكفئ على ذاته، وضعفه التنظيمي والفكري في بلادنا.
كيف ينظر حزبكم إلى العملية الانتخابية انطلاقا من النتائج المحصل عليها؟
بالنسبة لي فإن طريقة تعامل حزبنا مع الاستحقاقات الانتخابية كانت خاطئة منذ البداية، والنتائج المحصل عليها تعكس حال التنظيم وشعبيته التي تراجعت كثيرا، بغض النظر عن طبيعة سير العملية الانتخابية غير النزيهة في بلادنا.
من بين الأسباب التي أضعفت الحزب طيلة مساره النضالي، في نظري، هو أنه راهن على الانتخابات، واهتم بها أكثر مما يجب منذ تأسيسه سنة 2002، في مقابل إهماله لتقوية التنظيم والتأطير الفكري والإيديولوجي للمناضلين.
وبالنتيجة كانت أركان الحزب تهتز في كل مناسبة انتخابية، وتنسحب منه فروع بأكملها، وأعضاء لهم قيمتهم الاعتبارية والنضالية. لقد كانت في نظري قراءة حزبنا، بصدد الانتخابات وطريقة تدبيرها، غير موفقة إطلاقا.
هل يواكب الحزب وطنيا، أشغالكم في الجماعة ويؤطرها؟
لا توجد مواكبة للأسف. كل العمل هو بمبادرة ذاتية ومجهود ذاتي، مع الدعم والتشجيع الذي أتلقاه من الرفاق بفرع الحزب محليا وإقليميا. علما أن الحزب بقلعة السراغنة، تأثر وتراجع أداؤه كثيرا، بسبب مجريات المؤتمر الوطني الخامس للحزب، ومقاطعة الرفاق له.
ومع ذلك، فإننا نقوم بمجهودات شكلت بعض الفارق، وأزعجت بالملموس أعضاء المكتب الجماعي، والسلطات الإقليمية التي تغض الطرف عن الفساد والتجاوزات القانونية. وهي بالمناسبة، تمتنع كليا عن لقائنا والتعامل معنا. لا تجيب ولا تتفاعل إطلاقا مع أي من شكاياتنا ومراسلاتنا المتعلقة بالشأن المحلي أو الإقليمي.
ما الذي يميز تجربتك الانتخابية بين ورزازات وقلعة السراغنة؟
هناك فرق جوهري يتجلى في أن ورزازات كانت لدينا فيها قاعدة عمالية مهمة ومؤطَّرة. وكنا نستند إليها في التعبئة للانتخابات وفي نضالنا داخل المجلس الجماعي. وإن كان تمثيلنا ضعيفا (3 أعضاء)، فقد كانت قدرتنا على تحريك الشارع مؤثرة للغاية. حتى أنه بإمكاننا إسقاط قرارات جماعية بالاحتجاج وتعبئة السكان. وهذا ما حدث على سبيل المثال عندما قررت أغلبية المجلس تفويت بقعة أرضية بموقع الراحة السياحي بورزازات لفائدة أحد الأعيان. وقد جرى التراجع عنه ومعارضته من قبل السلطات بسبب احتجاجاتنا خارج أسوار الجماعة.
ماذا عن قلعة السراغنة، والوجود النقابي فيها، وتأثيره على الجماعة؟
الحضور النقابي بشكل عام ضعيف في قلعة السراغنة، وهو شبه منعدم في القطاع الخاص، على خلاف ما كان عليه الأمر في ورزازات، ولا تأثير له في الجماعة على الإطلاق. العمال، معزولون جدا، ويعانون من طبيعة العمل الناقص بشكل كبير، ولا يجدون من يحتضنهم أو يوجههم أو يدافع عنهم.
عندما تم تنقيلي إلى قلعة السراغنة حاولت مع بعض الرفاق، العمل على تقوية الجبهة النضالية العمالية. كانت الأرضية واعدة، وقد استطعنا فعلا تعبئة عدد مهم من العمال خصوصا في قطاع الجماعات الترابية وأيضا شركة التدبير المفوض للتطهير الصلب، ولكن ذلك لم يرُق للبيروقراطية النقابية التي عانيت منها ما عانيت بورزازات، فحاصرتني ومنعتني بـ»القوة»، من مواصلة عملي النضالي مع الطبقة العاملة في قلعة السراغنة.
وكما قال لي أحد رجال السلطة بعمالة الإقليم حينها مباشرة، «إنه لا يمكن أن نتركك تستنسخ تجربة ورزازات في قلعة السراغنة.» (توجد بعض تفاصيل هذا الأمر في الفصل السابع والأخير من الكتاب الذي أصدرته تحت عنوان، المخاض السياسي والنقابي العسير)
كيف كانت الحملة الانتخابية: مضمونها وطرائقها؟ وكيف يتفاعل السكان مع الحملة؟
كما هو حال الأنشطة السياسية والجماهيرية التي ننظمها، أجرينا الانتخابات المحلية والإقليمية، بمجهودات الرفاق محليا وإقليميا، وإمكانياتهم الذاتية. قمنا بحملة انتخابية نزيهة، على شكل مسيرات وتجمعات في شوارع وأحياء المدينة، وبعض الدواوير بالإقليم، عبرنا فيها عن مواقفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واحتجاجاتنا على الوضع المزري الذي تعرفه المنطقة على المستويات كافة.
كانت المشاركة الانتخابية رمزية في الواقع، بحكم ضعف الإمكانيات المادية واللوجستية، وضعف قاعدتنا الشعبية بالإقليم، وعدم دعمنا من أي جهة، فركزنا أكثر في حملتنا على المدينة. لم نغط انتخابيا إلا عددا محسوبا على رأس اليد الواحدة من جماعات الإقليم.
ولكن قمنا بالمقابل، باستغلال جيد لوسائل التواصل الاجتماعي، ونظمنا العديد من الندوات والعروض المباشرة والتواصلية مع السكان، بصدد قضايا المدينة والإقليم، وشرحنا مواقفنا منها وبرنامجنا بصددها.

شارك المقالة

اقرأ أيضا