تارودانت: 5 عمال يفارقون الحياة تحت الأنقاض، ضحايا الأرباح في كل مكان

بقلم، النادي العمالي للتوعية والتضامن، 30 يناير 2025
ها هو الموت يأخذ مرة أخرى رفاقاً لنا في أماكن العمل.
توفي في 26 يناير2025، تحت الأنقاض، 5 عمال حوصروا داخل نفق بسد المختار السوسي الكائن بجماعة “أهل تفنوت” بإقليم تارودانت. تأتي حادثة الشغل المميتة هذه لتعري واقع صحة وسلامة العمال/ات، غير الحاضر في اهتمامات أرباب العمل الباحثين عن أقصى الأرباح، وليوضح بجلاء عدم اكتراث أجهزة الدولة المسؤولة عن مراقبة ظروف العمل وتطبيق قانون الشغل لسلامة العمال وحياتهم. عدم اهتمام منها لا يعبر سوى عن اصطفاف إلى جانب أرباب العمل واستباحة تشغيل العمال على حساب حيواتهم وسلامتهم.
يعمل العمال والعاملات في أماكن العمل في ظروف تختلف حسب قوتهم التنظيمية. ويمثل بَحْثُ أرباب العمل عن أقصى الأرباح ضغطاً على الأجور وعلى ظروف عملٍ تتدهور شيئا فشيئا. إن تظافر كل من البطالة وهشاشة الشغل وغلاء المعيشة اليوم المترافق مع الحرب على التنظيم النقابي، وتشديد الاستغلال، وهزالة الأجور، وانعدام الحماية الاجتماعية، تفسر قبول العمال والعاملات العمل في ظروف عمل مأساوية. وإن القبول بالعمل في هكذا ظروف، يعني شيوع الحوادث والأمراض المهنية.
لا يعود واقع تدهور ظروف العمل فقط لشدة هجوم أرباب العمل على حقوق العمال والعاملات بل هو مسؤولية القيادات النقابية. قيادات خذلت القاعدة العمالية العريضة في عدم إتيان برامج نضالية ميدانية، تفرض تطبيق الحد الأدنى مما هو موجود في مدونة الشغل من مواد تتعلق بالسلامة والصحة، بدل الجري نحو “شراكة “مزعومة. إن أرباب العمل الذين تجالسهم القيادات النقابية في المحافل والندوات، هم أنفسهم المسؤولين عن قتل العمال/ات في أماكن العمل. ولنا في بعض حالات وفيات حوادث انهيار الأتربة أسفله خلال السنوات الأخيرة، المثال الفاضح لهول وتدهور ظروف العمل المنتشرة:
– في 17 يناير 2025 لقي عامل بناء حتفه إثر انهيار قبو في ورشة بناء بإحدى البنايات قيد الإنشاء بمدينة الرحمة، التابعة لإقليم النواصر ضواحي الدار البيضاء.
– في شهر دجنبر في العام 2024 في طنجة، توفي عامل داخل ورش بناء بعد انهيار جزئي بداخله. قتيل على الأقل ومصابون في انهيار ورش بناء بالرحمة ضواحي البيضاء.
– في بداية شهر يوليوز في سنة 2024 لقي عامل (42 سنة) مصرعه وأصيب ثان (43 سنة) إثر انهيار جزئي لمقلع للأحجار بجماعة غياثة الغربية بإقليم تازة.
– في نهاية فبراير 2024 توفي عاملان إثر انهيار نفق داخل منجم تابع لشركة متخصصة في استخراج المعادن بالجماعة القروية لالة عزيزة التابعة لإقليم شيشاوة.
– يوم الثلاثاء 28 مايو 2024، توفي عامل انهالت عليه الأتربة والرمال بمقلعٍ رمال بمنطقة بوعسيلة بجماعة بني زرنتل، نواحي أبي الجعد، إقليم خريبكة.
– في يونيو 2022 في مدينة طنجة أدى انهيار أتربة داخل مشروع حفر الأنابيب إلى وفاة عاملين بطنجة.
– في 25 أبريل 2023 لقي عاملان مصرعهما، جراء انهيار مقلع للرخام بجماعة سيدي لامين بإقليم خنيفرة. الأول شاب يبلغ من العمر حوالي 20 سنة، والثاني أربعيني متزوج وله طفلان. الضحيتان يتحدران من مركز كهف النسور.
– في 9 يوليوز 2021 في مدينة أزيلال توفي عامل ثلاثيني في محطة لتزويد الماء بمنطقة أفورار إثر انهيار كومة من الأتربة عليه.
– في شهر نونبر من سنة 2018 قضى ثلاثة عمال مناجم بمنطقة جرادة، في حين جرى إنقاذ ثلاثة آخرين أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة، جراء انهيار ركام من الصخور والأتربة. وقع هذا الحادث في أعقاب حادثتين خلال أسبوع من قبل أسفرا عن مقتل عامل بعد انهيار بئر مهجورة للفحم، وعن مقتل آخر جراء انهيار صخري بينما كان يجمع بقايا فحم.
وإذ نتوجه بالتعزية لعائلات رفاقنا، نؤكد استعدادنا للعمل مع كل أنصار الطبقة العاملة من أجل وقف نزيف حوادث الشغل. وهذا يتطلب النضال من أجل:
– جهاز تفتيش شغل بصلاحيات حقيقية والرفع من أعداد العاملين به.
– أدوار حقيقية للنقابات ومؤسسة مندوبي الاجراء ولجان الصحة والسلامة، ومندوبي السلامة في اتقاء الأخطار المهنية بأماكن العمل.
– تفعيل دور المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية، وتمكينه من وسائل النهوض بمهمته.
– جعل مجلس طب الشغل مؤسسة مستقلة، تتجاوز الطابع الاستشاري إلى هيئة ذات صلاحيات فعالة.
– تطوير صلاحيات المصلحة الطبية للشغل، وضمان استقلال طبيب الشغل عن رب العمل. وتخريج العدد المناسب من أطباء الشغل وتعيين العدد الكافي من الأطباء مفتشي الشغل.
– توسيع جداول الأمراض المهنية لتواكب التطورات الحاصلة في أماكن العمل.
– المنع الفوري والنهائي لمادة الأميانت المسرطنة.
– اصدار القانون الإطار للصحة والسلامة في العمل بالقطاعين العام والخاص.
– إلغاء قانون التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وإسناد المهمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
– مصادقة المغرب على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 161(خدمات الصحة المهنية) والاتفاقية 155(السلامة والصحة المهنيتين وبيئة العمل).
أخيرا إن سبب الموت في أماكن العمل معروف. موت في سبيل الأرباح، أرباح أرباب العمل.
شارك المقالة

اقرأ أيضا