الأرض في المغرب، نهب وخوصصة
بقلم، أكوليز
نظمت تنسيقية أكال فرع أكادير ندوة حول مسألة الأرض يوم 12 يناير2025. تمثل الافكار الواردة أسفله مساهمة في النقاش الجاري اليوم حول الأرض، خاصة مع استفحال هجوم الدولة على حق الفلاحين الصغار عبر انتزاع اراضيهم من أجل الاستثمارات الكبرى ومن أجل توجيه موارد البلد إلى التصدير.
يوجد المغرب في النطاق المتصحر على مشارف الصحراء الكبرى الواقعة في جهته الجنوبيّة الشرقيّة وتُعتبَر هذه الصحراء ثاني أكبر صحراء على مستوى العالَم؛ وهي أكبر الصحاري الحارة على المستوى العالمي بمساحة تفوق الـ9 ملايين كم مربعا، وثاني أكبر صحراء في العالم بعد صحراء القارة القطبية الجنوبية.أصبحت أراضي الصحراء يتهددها شبح التصحر. إن هذا الموقع الجغرافي للمغرب يجعل من مساحة الأراضي الصالحة للزراعة قليلة جدا بنسبة 12% فقط من المساحة الإجمالية للبلاد (710,850 كم²). وتنحصر في سهول في أشرطة ساحلية ضيقة في الشمال المطل على الأبيض المتوسط، وأخرى أكثر اتساعا في منطقة الغرب المطلة على المحيط الأطلسي.
الأرض، أرضية صراع اجتماعي
شكلت ندرة المياه والأرض في المغرب في منذ قرون مضت أرضية صراع داخل المجتمع. كانت المِلْكية، منذ نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين (أي قبل بدء الاستعمار المباشر)، تتركز في يد كبار الملاكين العقاريين والأسر «المخزنية» والأسرة الملكية الحاكمة. وهو الأمر الذي بلغ مستوى أثار صراعات عديدة.
سارع الاستعمار الاستحواذ على الأرض وواصله وكلائه المحليين
شهد الصراع على الأرض مع قدوم الاستعمار تسارعا كبيرا. باشر الاستعمار فعليا الاستيلاء على الأراضي عبر الطرد الممنهج للفلاحين من أراضيهم ثم إجراءات الاستحواذ على الأراضي عبر إضفاء الطابع القنوني على هذا الاستحواذ من خلال إصدار ظهائر سلطانية: ظهير 1 يوليوز 1914 الذي ينص على تحديد أراضي المخزن، وظهير 15 يوليوز الخاص بمنع الأملاك الجماعية ووضعها تحت وصاية الدولة، وظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بالأراضي الجماعية. استندت السلطات الفرنسية على قواد القبائل الذين تحولوا بدورهم إلى ملاك أراضي كبار. بلغت مساحة الأراضي الزراعية الاستعمارية، في العام 1956سنة حصول المغرب على «الاستقلال السياسي»، مليون و 20 ألف هكتار: 728ألف هكتار للمعمرين الخواص؛ و292 ألف هكتار للاستعمار الرسمي. استمرت حساسية مسألة الأرض بعد « الاستقلال» بفعل محدودية الإصلاح الزراعي الذي طرحه يسار الحركة الوطنية (تجميع الأراضي أثناء فترة الحرث)، لأن الأسرة الحاكمة كانت أكبر ملاك عقاري بالبلد، وأي إصلاح زراعي جذري يعني نزع ملكيتها. بلغت الأراضي التي استرجعتها الدولة في العام 1973، 657 ألف هكتار. وقام الرأسماليين الكبار بمد أياديهم على ا على 499 ألف هكتار في حين احتفظت الدولة بـ 492 هكتار، وضعتها تحت إشراف شركتين عموميتين، شركة التنمية الفلاحية (صوديا) وشركة تسيير الأراضي الفلاحية (صوجيطا).
الخوصصة وتعميق سياسة الاستحواذ
شكلت توجيهات المؤسسات المالية الدولية بـ»الحد من تدخل الدولة في الاقتصاد» بما في ذلك قطاع الفلاحة، «استعمارا جديدا». التزمت الدولة برفع يدها عن هذا القطاع بشكل تدريجي فاتحة الباب للخواص على مصاريعه من اجل الاستحواذ على أفضل الأراضي، بينما تُرك المنتجين الصغار والمتوسطين عرضة لتغيرات المناخ( ندرة الأمطار)، فكانت وجهتهم المدن اضطرارا.
بدأت خصخصة الشركتين العموميتين اللتين كانتا تشرفان على القسم الأكبر من الأراضي المسترجعة، في العام 2003. فأصبحت %90 من من الأراضي في ملكية رجالات الدولة من الأمن والجيش بالإضافة طبعا إلى كبار المستثمرين.
تعمق مسار الانضباط لتوصيات المؤسسات المالية الدولية بتوجيه وتخصيص الفلاحة المغربية نحو التصدير وهو نموذج ما أطلق عليه “مخطط المغرب الأخضر” الذي يشجع الزراعات الرأسمالية الكبرى. كما شكلت سياسة السدود، لفائدة أصحاب الاستغلاليات الكبرى، خطوة أخرى لنزع الأراضي من أصحابها فمثلا، من أجل إقامة سد تودغى السياحي، جرى الاستيلاء على 96 هكتار من أراضي الجماعة السلالية تمتتوشت. كما أن الدفع بخوصصة الطاقة الشمسية كما جرى من خلال استيلاء الدولة على الأراضي في المنطقة الشرقية ( ورزازات) من أجل إنشاء المركب الضخم لإنتاج الطاقة الشمسية بورزازات ( محطات نور 1، 2، 3) و الاستيلاء على 3000 هكتار من أراضي صغار فلاحي- الجماعات السلالية. وأيضا الاستيلاء 4500 هكتار من أراضي الجماعة السلالية سيدي عياد من أجل إنشاء محطة نور 4 بميدلت. سرع الربح المنتظر من مشاريع الطاقات الريحية عبر مختلف مناطق المغرب بالاستيلاء على عشرات آلاف الهكتارات التي ستقام فيها ألواح الطاقة الريحية المولدة للهيدروجين الأخضر.
نضالات ضد الاستحواذ على الأرض
تقوم بين الفينة والأخرى احتجاجات مسلوبي الأرض دفاعا عن أراضيهم. نظمت نساء الجماعة السلالية أولاد بوبكر- مدينة بني ملال في العام 2000، حيث نظمن وقفات احتجاجية أمام مقر العمالة. وجرى في 2010 تأسيس تنسيقية الجماعة السلالية للنضال والتفاوض التي نظمت أزيد من 20 وقفة احتجاجية وفي نونبر من العام 2014، نظمت اعتصام الكرامة على الطريق الوطنية. وتعرضت في غشت 2015 لقمع شديد من طرف الدرك الملكي. شهدت منقطة الغرب أيضا احتجاجات في العام 2007 بتنظيم وقفات ومسيرات احتجاجية للمتضررين من نزع الأرض، وفي 2010 نظمت النساء وقفة احتجاجية بالعاصمة شارك فيها أزيد من 1000 امرأة. ناضل قرويي الجماعة السلالية سيدي عبد ضد مشروع محطة نور 4 بميدلت، من أجل استعادة حقوقهم التاريخية، واجهتها الدولة بالقمع واعتقال أوبا ميمون سعيد لمرتين على التوالي: أبريل 2018 مع حكم بـ 4 أشهر سجنا، وأبريل 2019 وحكم بـ 10 أشهر سجنا. ووقف قرويي تنغير ضد سد تودغى السياحي باحتجاجات واعتصام طيلة 57 يوم، تعرضوا فيه للقمع في فبراير 2018، واعتقال نشطائهم وسجنهم، وعلى رأسهم الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين، زيد تقريوت (سنة سجن نافذة).
خاتمة
تشكل المطالب التالية المقترحة نبراسا لكل نضال من أجل الارض:
إلغاء الظهائر الاستعمارية، وقانون الرعي، وقانون الساحل.
رفض كل الترسانة القانونية التي تضع “الوعاء العقاري” لصالح الاستثمارات الزراعية الكبرى.
وضع قانون تنظيمي يمكن المنتجين-ات الصغار-ات من الأرض بالموازاة مع سن سياسة عمومية لحمايتهم- هن من تقلبات السوق والمناخ.
وقف أداء الديون وإلغاء الديون العمومية ووقف كل الاتفاقيات التجارية مع الدول والشركاء الاقتصاديين القاضية بتوجيه موارد البلد للتصدير.
دمج مطالب الدفاع عن الأرض بتلك الخاصة بوقف تسليع المياه لصالح الخواص.
*************
- https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89#%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7
- مقال «محطة ورزازات للطاقة الشمسية في المغرب: تفوق الرأسمالية “الخضراء” و خوصصة الطبيعة» بقلم حمزة حموشان. https://www.almounadila.info/archives/3838
اقرأ أيضا