المملكة المتحدة: أبطال الطبقة العاملة
في ديسمبر/ كانون الأول 2020، طارق علي في مقابلة له مع غيرهارد ديلغر Gerhard Dilger.
كان طارق علي صديقًا مقربًا ورفيقًا لجون لينون John Lennon ويوكو أونو Yoko Ono، وقد أجرى مقابلة معهما في مجلة «الخلد الأحمر» التروتسكية في العام 1971. تمثل هذه المقابلة أفضل ما كُتب عن راديكالية جون ويوكو في أواخر سنوات الستينيات وأوائل السبعينيات. وهنا، يتذكر علي بعض الحلقات من «سنوات نضال الشوارع».
طارق، أخبرنا عن علاقتك بجون لينون…
حسنًا، انتقدنا في صحيفة «الخلد الأحمر»، التي كانت صحيفتنا اليسارية، أغنيتي البيتلز «ثورة 1» و»ثورة 9»، وقلنا إنهما أغنيتان ضعيفتان ورمزيتان جدًا، إلخ. لدهشتنا وصلتنا رسالة من جون لينون، رسالة إلى رئيس التحرير، التي قمنا بنشرها، وطلبت من ناقدنا الموسيقي الرد، ورد لينون على الرسالة ثم اتصل بي. قال: «مرحباً طارق، هل تعلم؟ إذا كنا سنستمر في النقاش على صفحات الرسائل في صحيفتك، لماذا لا تأتي لرؤيتي ولنتحدث». فذهبنا وتحادثنا وكان الأمر مثيراً، وأجرى زميلي روبن بلاكبيرن Robin Blackburn مقابلة معه قمنا بتحريرها بشكل جيد وقرأها وقال: «يا إلهي، لقد جعلتني أبدو ذكيًا جدًا. هل أنت متأكد من أنه يجب أن يُنشر عني هذا في المجلة لأنها جادة جداً، ولا أريد أن أُفقدها أي هيبة، وقلت له لا تكن سخيفاً، هذا لن يزيد بيع غير بضع نسخ إضافية».
أتذكر أنه اتصل بي ذات مرة بعد المقابلة وقال لي: «ماذا تفعل؟ هل أنت في العمل؟». فقال: «لقد ألهمَتني مقابلتنا لدرجة أنني كتبت أغنية للحركة، هل يمكنني أن أغنيها لك؟». فقلت له: «نعم، غنيها!». كانت «السلطة للشعب». قال: «أريد أن يغنيها الناس». قلت: «لا تقلق، سنغنيها». فجعلها أغنية منفردة وقمنا بنشرها كأغنية للحركة.
ذات يوم اتصل بي وقال: «هل تريد المجيء إلى منزلي؟ لأنني انتهيت للتو من ألبوم جديد وأريدك أن تسمع الأغاني». فذهبنا إلى منزله وكان قد كتب للتو أغنية «تخيل Imagine». كنت قد ذهبت مع زميلي روبن بلاكبيرن وكان ريجيس ديبراي Régis Debray جالسًا في مكتبنا، وكان قد أطلق سراحه للتو من أحد السجون البوليفية. فقلنا: «يا ريجيس، هذه فرصة كبيرة». لذا قلت لجون، «هل يمكنني إحضار ريجيس ديبراي معنا»، فقال لي: «من هو؟». قلت له: «إنه مثقف فرنسي أُطلق سراحه للتو من السجن». لذا عندما قلنا لـديبراي: «هل تريد مقابلة جون لينون؟». قال: «من هو؟» فقلنا … هذا هو، فقال روبن: «لقد كنت في السجن يا ريجيس، لكنني اعتقدت أنه كان من الممكن أن يكون هناك مجموعة تسمى البيتلز والتي أصبحت الآن أكثر شعبية من يسوع».
لذا أخذْنا ريجيس معنا وقال جون حينها «حسناً، سأغنيها لك». فغنى «تخيل» ثم نظر إليّ. فقلت له: «دعني أفكر»، أجريت بعض المشاورات الوهمية مع روبن وريجيس وقلت له: «نعم جون، المكتب السياسي موافق، يمكنك أن تخرج الأغنية». ولكن في ما بعد، قلت له عندما كنا بمفردنا، أنني أحب أغنية «تخيّل» وأنها قد تمس الناس ولكنها حلوة بعض الشيء وأنني أفضل أغنية «بطل الطبقة العاملة»، وهي أغنية رائعة للغاية، فقال: «وأنا كذلك، أنا أفضلها أيضاً». لكن بالطبع أغنية «تخيل» انتشرت في كل مكان.
ولكن بعد ذلك ذهب إلى نيويورك…
قلت له أن لا ينتقل إلى الولايات المتحدة. قال: لماذا؟ يوكو تكره هذا المكان والصحافة البريطانية عنصرية لأن الهجمات عليها كانت بغيضة. قلت، نحن معتادون عليها. فقال، لماذا لا أذهب إلى الولايات المتحدة؟ قلت، هناك الكثير من الناس المجانين هناك. فقال، حتى في مانهاتن؟ فقلت لا، ربما في بقية البلاد، ولكنني لا أحب ذلك. قلت، غريزتي ضد ذلك.
لذا كما تعلم، كان محطماً وبقيت على اتصال مع يوكو بشكل واضح طوال هذه السنوات، ودعنا نقول إنه كان موتًا غير ضروري. كنا بحاجة ماسة إليه. خلال حرب العراق، من أجل فلسطين. كان جيداً للغاية في أيرلندا. كتب ميك جاغر Mick Jagger بعض الأغاني الجيدة عن حرب العراق أيضاً بعد أن مر بمرحلة المحافظين. لكن جون لم يكن ليذهب في هذا الاتجاه على أي حال.
بالحديث عن جاغر، أنت «رجل الشارع المقاتل street fighting man « في أغنية رولينج ستونز the Rolling Stones التي تحمل نفس العنوان، كيف حدث ذلك؟
اعتاد ميك جاغر أن يأتي إلى مظاهراتنا، كان ذكيًا جدًا، كما تعلم، وكان يساريًا للغاية، كان سيحبه أفراد RAF، أنا متأكد من أنهم أحبوه. وهو، ذات مرة في حديث خاص في إحدى المظاهرات، كان متشددًا للغاية. قلت له: اهدأ، إنهم يهاجموننا بالفعل بسبب قتالنا للشرطة خارج السفارة الأمريكية. فكتب الأغنية وسجلها، وبالطبع رفضت هيئة الإذاعة البريطانية تشغيلها فأرسل لي الأشرطة، النسخة المكتوبة بخط اليد من الأغنية.
وقال: تفضل يا عزيزي، أنت تعرف أن البي بي سي لن تذيعها، هل يمكن أن تضعها في العدد القادم من مجلة «القزم الأسود Black Dwarf»، فقلت له: حسناً. كان ذلك العدد الذي سبق مظاهرة ضخمة ضد حرب فيتنام، فوضعناها على الغلاف لأنه كان لدينا مقال من إنجلز أيضًا. لذا وضعنا: «إنجلز وجاغر في نضالات الشارع»، وقد أعجبه ذلك حقًا. لقد أحبها. لذا أصبحت الأغنية جزءاً من التراث الشعبي…
هل تعتقد أن بوب ديلان Bob Dylan يستحق جائزة نوبل؟
من يدري، أنا أحبه بالطبع. لقد كان مهمًا جدًا لجيلي، ومسألة ما إذا كان يستحق الجائزة… (يضحك) لأن الكثير من أغانيه مأخوذة صراحة من مصادر أخرى، مثل وودي غوثري Woody Guthrie على سبيل المثال. غالبًا ما غنى جوان بايز Joan Baez وديلان معًا. أنا لا ألومه، كنت سأكون سعيدًا لو رفض الجائزة وكتب أغنية يشرح فيها السبب… لكن جملته «لا تحتاج إلى رجل طقس لتعرف في أي اتجاه تهب الرياح» أدت إلى ظهور مجموعة سياسية كاملة، رجال الطقس المشؤومين، الذين انخرطوا في أعمال إرهابية مثلهم مثل RAF في ألمانيا. أعرف أن العديد منهم لا يزالون موجودين حتى اليوم. ويقولون إن ذلك كان خطأ سياسيًا فادحًا.
كنت أيضا في برلين، في عام 1967، 68…
نعم، كنت في برلين في العام 68 في المسيرة الكبيرة المناهضة لحرب فيتنام، التي أصبحت الآن أسطورية، حاملين صور ماركس ولينين ولوكسمبورغ وتشي جيفارا وساروا إلى جدار برلين، حيث كان جنود ألمانيا الشرقية يقولون ما الذي يحدث بحق الجحيم، بشأن هذا النوع من الصور التي نحمل نحن (يضحك). وكان يمكنك أن ترى الدهشة على وجوههم وهم يقولون انظروا ما هذا.
لكن في إحدى الأمسيات بعد ذلك كنا في النادي الجمهوري في برلين، الذي كان مكان اجتماع شهير جدا. وفجأة دخلت في جدال كبير مع أولريك ماينهوف Ulrike Meinhof ولن أنسى أبدًا كيف كانت تصرخ في وجهي: أنت لا تعرف ما هو شعور الجلوس على مائدة الإفطار مع شخص يتظاهر الآن بأنه طبيعي ولكنه كان ضابطًا في قوات الأمن الخاصة. بحيث لم يُظهر الكثير منهم أي ندم على الإطلاق. وقالت أنا لا أتحدث عن نفسي، أنا أتحدث عن جيلنا. فقلت: حسناً أنا أتفهم ذلك ولكن لا يمكنك محوهم جميعاً. قالت لا ولكن اليوم الكثير منهم يدعمون حرب فيتنام، والتي تعتبر بالنسبة لنا جريمة حرب.
لذا يمكنك أن ترى أنها كانت طريقة تفكير ملتوية بعض الشيء، ولأول مرة أدركت أن هذه مشكلة لم أواجهها من قبل. وأن هذا الجيل من الألمان الذي وُلد في هذا الوضع، كان الأمر صعبًا بالنسبة لهم. الأمر الآخر هو أن الكثير من الألمان كانوا يؤيدون فلسطين بقوة، والمثير أن ذلك أصبح صعباً جداً الآن. لكن بعد عام 67 تطور في ألمانيا دعم كبير للفلسطينيين، وجرى التعبير عنه بشكل علني. لم تكن تشعر الوفود الذاهبة إلى فلسطين بالذنب، لم يعتبروا أنهم كانوا مسؤولين عن الوضع أو أن جرائم الطبقة الحاكمة الألمانية هي جرائمهم. كانت هناك ثقة…
غيرهارد ديلغر Gerhard Dilger
رابط المقال الأصلي : https://www.europe-solidaire.org/spip.php?article56097
اقرأ أيضا