مدن المهن والكفاءات: مشتل يد عاملة لخدمة المقاولات (حوار)
تقديم موقع جريدة المناضل- ة
في سنة 2020، أطلقت عملية إنشاء “مدن المهن والكفاءات”. بدأت العملية بإنشاء 9 مدن وفق الجدول التالي:
- سوس- ماسة : بداية شهر فبراير2020؛
- الرباط- سلا- القنيطرة والشرق : قبل نهاية شهر مارس 2020؛
- العيون- الساقية الحمراء : قبل نهاية شهر أبريل 2020؛
- طنجة- تطوان- الحسيمة وبني ملال- خنيفرة قبل نهاية شهر يونيو 2020؛
- فاس- مكناس وكلميم- واد نون والدار البيضاء- سطات قبل نهاية شهر دجنبر 2020.
بالنسبة للمدن الثلاث الأخيرة، والمتعلقة بجهة مراكش- آسفي وجهة درعة –تافيلالت وجهة الداخلة- وادي الذهب، ستنطلق أشغال البناء الخاصة بها خلال الفصل الأول من عام 2021.
يندرج إنشاء هذه المدن ضمن ما يُسمّى “خارطة الطريق الجديدة الخاصة بتطوير قطاع التكوين المهني، إلى إحداث جيل جديد من المؤسسات التكوينية، يمكن من تعزيز قابلية تشغيل الشباب، ويرفع من تنافسية المقاولات، ويحفز خلق القيمة على المستوى المحلي”[1].
لكن الغاية الأساسية وراء هذه العبارات هي مواكبة تعزُّز القطاع الخاص/ الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي، عبر توفير يد عاملة مؤهَّلة. إذ من بين الانتقادات التي يتقدم بها القطاع الخاص ومؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، هو تخلُّف التكوين مقارنة بمتطلبات سوق الشغل، لذلك يطالب كل هؤلاء بإعادة هيكلة التكوين ليكون قادرا على تلك المهمة. وهو ما أورده موقع مكتب التكوين المهني على الانترنت: “نظراً لاحتياجات سوق العمل، واستجابة لمتطلبات القطاعات الاقتصادية المختلفة، يركز المكتب إجراءاته وموارده حول: 1) تعزيز قابلية تشغيل الشباب عبر اعتماد مسارات ملائمة استجابة لحاجيات القطاعات الاقتصادية من الموارد البشرية المؤهلة، ومن ثم المساهمة في تحسين تنافسيتها؛ 2) تقوية الكفاءات ودعم نمو المقاولات عبر تطوير النظام وتوفير عرض تكويني مستمر”. أي أن الهدف ذا الأولوية هنا هو خدمة المقاولات، وليس الباحثين- ات عن الشغل[2].
وفي سياق إعادة الهيكلة هذه، جاءت مهن المدن والكفاءات، فهذه الأخيرة سيجري تدبيرها بمنطق القطاع الخاص ذاته، إذ أن تدبيرها لا يجري من طرف مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، بل من طرف “شركات مجهولة الاسم “ستساهم في خلق تقارب وتفاعل أكبر بين مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والمقاولة وكذا الجهة، وسيمنح مدن المهن والكفاءات مرونة وسلاسة في التسيير، تمكنها من التكيف بشكل فعال ومتواصل مع حاجيات سوق الشغل”. المرونة والسلاسة هنا تعني منح تلك المدن القدرة على تغيير البرامج والمناهج والشعب والأقطاب كلما تغيرت حاجة المقاولات، ما سيجبر المتدربين- ات على تغيير التوجهات كلما تغيرت حاجات المقاولات.
كما أن العرض التكويني المقدَّم داخل هذه المهن يُحدَّد بين القطاعات الوزارية (6 وزارات) والجهات، وبين ممثلي القطاع الخاص (الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الفيدراليات والجمعيات المهنية، شركات كبرى).
وتُعتبر مدن المهن والكفاءات هاته، مختبَرا لما يجري إعداده منذ سنوات للتعليم:
* إشراك القطاع الخاص/ الشركات في إعداد مناهج ومضامين برامج التكوين؛
* عزل التكوين التقني- المهني عن التكوين العام (الآداب والعلوم والفلسفة… إلخ). حسب موقع مدن المهن والكفاءات على النت، “الطرق البيداغوجية” هذه المدن تعتمد على “التعلم من خلال الممارسة” كونُه “يعزز تكوينا ذكيا يقوم أساسا على مقاربة تطبيقية ومواقف مهنية حقيقية… تعمل على تقريب المتدربين من العالم المهني… إلخ”[3].
لتوضيح الظروف الملموسة التي يدرس فيها المتدربون- ات في هذه المدن، أجرت جريدة المناضل-ة هذا الحوار مع متدربة في مدينة المهن والكفاءات بأكدير. هذا نصه:
***********************************
* أين تقع مدينة المهن والكفاءات بأكادير؟
تقع مدينة المهن والكفاءات لجهة سوس-ماسة بجماعة الدراركة بمدينة أكادير، قبل مدخل الطريق السريع المؤدي إلى مراكش، أٌنشئت على مساحة تبلغ 15 هكتارا.
* متى تأسست؟
وُضع الحجر الأساس للمدينة بتاريخ 07 فراير 2020، واستقبلت فوجها الأول بتاريخ 04 أكتوبر 2022. وبلغ عدد متدربي هذا الفوج 1600.
* من أين يأتي المتدربون- ات إلى مدينة المهن والكفاءات؟ هل يشكل بُعد مدينة المهن والكفاءات عن أماكن الإقامة مشاكل للمتدربين- ات؟
المناطق التي يأتي منها المتدربون- ات مختلفة، فهناك القادمون- ات من مدن بعيدة مثل طنجة أو مراكش وغيرها، ما يخلق بالنسبة لهم- هن مشاكل مع الدراسة بسبب النسب القليلة التي يجري قبولها في القسم الداخلي (الداخلية).
* كيف تتنقلون من وإلى مدينة المهن والكفاءات؟
بالنسبة للانتقال من وإلى المؤسسة، هناك حافلة تنطلق من إنزكان أو حي السلام مباشرة إلى المؤسسة المتواجدة في بداية الطريق السريع المؤدي إلى مراكش. تنطلق الحافلة في وقت محدد، ومجرد تأخر، حتى بخمس دقائق، يفوت الطالب-ة الحافلة، ويكون مجبَرا على البحث عن وسيلة أخرى للوصول، خاصة auto stop، وفيها مخاطر عديدة بالنسبة للمتدربين- ات.
كم هي تكلفة هذا النقل؟ هل هذه الكلفة ملائمة وفي متناول جميع المتدربين- ات؟ وهل يتوفر هذا النقل طيلة أيام الدراسة؟
كلفة التنقل هي 90 درهما شهريا، مع العلم أن القادمين- ات من بعيد يؤدون 80 درهما فقط. وبالنسبة لي فإن هذه الكلفة في المتناول بالنسبة للجميع. والحافلات متوفرة طيلة أيام الأسبوع (من الاثنين حتى السبت).
لكن هناك مشكل أن نقطة الانطلاق توجد فقط في إنزكان وحي السلام. وبالتالي بالنسبة للمتدربين غير القاطنين مثلا في انزكان وحي السلام، فهم يضطرون إلى إضافة كلفة إضافية للتنقل من أحيائهم إلى نقطة انطلاق الحافلة.
مثلا حي أنزا يبعد عن مدينة المهن والكفاءات بـ 25 كلم، ويضطر القاطن بها إلى الركوب إما إلى إنزكان أو حي السلام، كي يتمكن من ركوب الحافلة.
* ما هي ظروف وسائل النقل العمومية هذه: هل توفر الشركة الأسطول الكافي للتنقل؟ هل هناك اكتظاظ داخل الحافلات؟ هل تُسجَّل حالات تحرش تجاه الطالبات داخل الحافلات
هناك حافلتين فقط، وهي قليلة مقارنة بعدد المتدربين- ات الذي يرتفع كل سنة. وهذا يسبب اكتظاظا داخل الحافلات. أما التحرش فهو منعدم لأن الحافلة مخصصة حصر لنقل المتدربين- ات.
* هل هناك داخلية؟
نعم. وأغلبية القاطنين فيها آتون من بعيد. ولكن أحيانا هناك استثناءات قد تجد متدربين قادمين من هوارة أو حي أزرو، في حين متدرب قادم من مراكش مرفوض.
أما بالنسبة لمعايير القبول في الداخلية، فمرتبطة بالحالة المادية والاجتماعية وحتى العائلية (في حالة طلاق الأب والأم).
بالنسبة للطاقة الاستيعابية، في العام الفارط كانت- على ما أظن- 400 سرير، تُقتسَم مناصفة بين الإناث والذكور. وكل غرفة بأربعة أَسِرَّة.
وفي حالة عدم الحصول على سرير في الداخلية، يضطر المتدرب المرفوض إلى كراء الشقق، ويصطدم مع مشكل الغلاء، خصوصا في مدينة مثل أكادير.
* هل لدى المتردبين- ات منحة؟ ما مبلغ هذه المنحة؟ هل تُمنح للجميع أم أن هناك معايير لاستحقاقها؟ ما هي هذه المعايير؟ هل مبلغ المنحة كافٍ لتغطية مصاريف المتدربين- ات؟
ليس لدي الكثير من المعلومات حول المنحة. ولكن ما أعرفه، أن المتدرب الذي ولج المؤسسة حاملا شهادة الباك (تقني متخصص) عكس من لم يتحصل على الشهادة (تقني).
مبلغ المنحة هو 1900 درهم بالنسبة لغير القاطنين بالمدينة، و950 درهم بالنسبة للقاطنين، وتُصرف مرة كل 3 أو 4 أشهر حسب العمالة التي ينتمي إلى المتدرب. وهو مبلغ غير كافٍ خصوصا إذا كان المتدرب مضطرا إلى كراء شقة للسكن.
في موقع مدن المهن والكفاءات هناك حديث عن 13 قطب مهني وقطاعات تكوينية جديدة. ما هي هذه الأقطاب والقطاعات التكوينية؟
قطب للصناعة مع مصنع بيداغوجي، وقطب للسياحة مع فندق ومطعم بيداغوجي، وقطب للتسيير والتجارة مع مقاولة افتراضية وقطب الفلاحة مع مزرعة بيداغوجية وقطب للصحة مع وحدة للعلاج، وقطبا للبناء والأشغال العمومية، وقطب للفنون وصناعة الطباعة، وقطب رقميا وللذكاء الاصطناعي، وقطب للصناعة التقليدية، وقطب للصيد البحري، وقطب للصناعة الغذائية.
بالنسبة للتكوينات، هل تقتصر على الأساتذة، أم هناك من يقوم بها: مثلا زائرون خارج المؤسسة، مثل خبراء في التسويق أو رجال أعمال أو مهنيين؟
بالنسبة للتكوين يتكلف به أساتدة- ات ذوو خبرة في الميدان، أي سبق لهم الاشتغال في قطاع من القطاعات التي نتلقى فيها التكوين، خصوصا في مجال التواصل. ويجتاز المكوِّنون اختبارا قبل قبولهم في المؤسسة.
ما هي الشعبة أو القطب الأكثر استقطابا للمتدربين والمتدربات في مدينة المدن والكفاءات بأكادير؟ بكم تقدِّرين عدد الخريجين والخريجات من مدينة المدن والكفاءات بأكادير؟
بالنسبة للشعبة الاكثر استقطابا للمتدربين هاد السنة هي الـ comptabilité et gestion. اما عدد الخريجين ربما يصل 2000 متدرب فالسنة.
بالنسبة للتداريب: هل تقتصر على التداريب داخل مدينة المدن والكفاءات، أم هناك تداريب خارجها؟ هل تكون هذه التداريب خارج المؤسسة طيلة سنتي التكوين؟ أم تكون في آخر مدة التكوين؟ هل تلك التداريب مؤدى عنها، أي أنه عندما تتدربين (ستاج) عند مؤسسة هل تتلقين مقابلا ماليا، أم أن الأعمال التي تؤدينها أثناء التدريب مجانية؟
أغلب التداريب يجري خارج المؤسسة. ومدتها تختلف حسب التخصص، وقد تكون في أثناء التكوين، أو في نهاية السنة الدراسية.
لا نتلقى أي تعويض مقابل هذه التداريب. المكوِّنون هم من يلقون ذلك التعويض. وإذا كان التكوين داخل مدينة أكادير فنحن كمتدربين لا نؤدي أي شيء، ولكن إذا كان خارج أكادير نؤدي مبلغ التأمين.
آخر سؤال: هل يجد جميع المتدربين فرص شغل بمجرد تخرجهم؟ أم أن هناك صعوبات في ذلك؟
بعد التخرج، يضطر المتدرب إلى اجتياز فترة تدريب أخرى قبل الحصول على فرصة شغل. وهناك حالات تتوسط فيها مؤسسة مدن المهن والكفاءات في الحصول على شغل.
[1]– https://tinyurl.com/yc3hmn3p.
اقرأ أيضا
