20 سبتمبر 2024: يوم نضالي حافل ببني تجيت 

الحركة الاجتماعية22 سبتمبر، 2024

بقلم؛ أوعبو المنابهي

شهدت بلدة بني تجيت يوما نضاليا حافلا ضم العمال المنجميين والصناع المنجيين التقليديين وصغار التجار المتضررين من توقيف رخص الاتجار بالمعدن المستخرَج من المناجم ومصادرته المنتوج من طرف فرق الدرك الملكي.

هذا هو اليوم الرابع من الاحتجاجات في البلدة وجاء بعد تفاوض بين التجار الصغار والعمال المنجميين من جهة والسلطات المحلية يوم 19 سبتمبر 2024، وكانت خلاصاته: الاتفاق حول المتفجرات والتزام السلطة بإحضارها يوم غد الاثنين (23 سبتمبر)، وبالنسبة للتسويق طالبت السلطة بتوقفه إلى حين إيجاد حلول لهذا الوضع الذي يعيشه القطاع، وهذا ما أدى إلى استمرار الاحتجاج.

أطلق شباب البلدة المناضلين دعوةً للالتحاق بالاحتجاج هذا نصها: “إلى جميع المتضررين مما آل إليه القطاع المنجمي ببني تجيت… تعلمون أن القطاع المنجمي يشكل عصب الحياة ببلدة بني تجيت، وتأزيمه يعني تضييق العيش على أغلبية السكان والحكم عليها بالبطالة والتشريد. لذلك، واستمرارا في أشكالهم الاحتجاجية، قرر المنجميون بشكل ديمقراطي جعل يوم غد الجمعة يوم غضب ونضال ببني تجيت، فضربوا موعدا مع الجماهير غدا على الساعة العاشرة صباحا أمام مركزية كاديطاف لخوض تظاهرة احتجاجية يليها اعتصام مفتوم حتى تحرير السوق وتحقيق بقية مطالب المنجميين عامة”.

أطوار اليوم الاحتجاجي

انطلقت المسيرة من أمام كاديطاف من معتصم المنجميين إلى ساحة عمومية قبالة سوق الخضر، حيث تواصل المنجميون مع السكان في وقفة تخللت المسيرة وعرفت تفاعلا كبيرا من مختلف الشرائح. بعد ذلك اتجهت المسيرة نحو دائرة بني تجيت حيث جسدت وقفة أمامها ونددت بالوضع الكارثي الذي أصبح يعيشه القطاع، بعدها عادت المسيرة إلى حيث انطلقت ليفتح الاعتصام من جديد أمام كاديطاف.

بلغ عدد المشاركين في الاحتجاج أكثر من 200 منجمي ومتضامن. وأغلب المشاركين لهم صلة مباشرة بالقطاع المنجمي بينما كان حضور الفئات الأخرى ضئيلا. أما الإطارات الحزبية والحقوقية فقد فوتت هذا العرس النضالي، في حين لم تشارك النساء رغم كثرتهن بالمنجمين المحتلين.

أما نقابة الصناع والعمال المنجميين (التابعة للاتحاد المغربي للشغل) فقد انسحبت بعد عرض نتائج الحوار، مشترِطة انخراط العمال المنجميين فيها لاستمرارها في الاحتجاج!!

كان هناك حضور قمعي رافق المسيرة دون أن يتدخل.

تلمُّس طريق ديمقراطية عمالية مفتقَدة في الحركة النقابية المغربية

جرى انتداب لجنة التفاوض في اعتصام المنجميين بتطوع بعض العمال وبعض النقابيين، ولم يعترض على هذه اللجنة أحد، وعُرضت نتائج التفاوض في المعتصم أمام مقر “مركزية الشراء والتنمية للمنطقة المنجمية لتافيلالت- فݣيݣ (كاديطاف)”.

بهذا يلقن العمال المنجميون درسا بليغا في تقاليد الحركة العمالية، للقيادات النقابية التي تستأثر دوما بصلاحية التفاوض ولا تكلف نفسها عرض نتائجه على القاعدة العمالية. فلنتعلم من عمال مناجم بني تجيت.

تحديات أمام نضال المنجميين

كأي نضال يواجه احتجاج منجميي بني تجيت تحديات مرتبطة بخصوصية أوضاع اشتغال القطاع في البلدة. فالمعنيون بالموضوع فئات كثيرة وهي الصناع المنجميون التقليديون والعمال المنجميون بمختلف فئاتهم والعمال المشتغلون ببطاقة المتفجرات والتجار الذين يعيشون من بيع وشراء المنتوج والسائقون ومالكو وسائل النقل.

أغلب المشاركين في احتجاج 21 سبتمبر من عمال المناجم الأخرى وبعض العمال من المنجَمين المحتلين. أما بعض العمال المشتغلين ببطاقة المتفجرات، فانسحبوا بعد الحوار باعتبار أن قضيتهم قد حلت فصار تواجدهم باهتا.

بالنسبة لأغلبية عمال المنجَمين المحتلين، باستثناء القلة، ففضلوا الرد على إيقاف التسويق بطريقتهم المعتادة باحتلال منجم ثالث واشتغلوا فيه ليلة كاملة بعد طرد أصحابه، بينما يرفضون النضال أمام كاديطاف خوفا من مباغتة الدولة لهم واعتقال بعضهم. وطلبوا من المنجميِّين الالتحاق بهم والنضال بالجبل من أمام المنجَمَين… لكن هذه الفكرة لم تحقق- لحدود اللحظة- إجماعا.

كما أن الفساد المعشعش منذ عقود قد جعل من اللوبي المستفيد منه أخطبوطا ذي نفوذ قوي، وهو يسعى ساعة بعد ساعة إلى عزل أكبر عدد من المنجميين عن الأشكال النضالية وهو ناجح في ذلك لحدود الساعة… ولكن إلى متى؟

إنها تحديات عادية ومألوفة في أي احتجاج، والرد عليها رهين بالنقاش الديمقراطي والجماعي بين مكونات الحركة القائمة ببني تجيت، وفي نفس الوقت مع الحركات الاحتجاجية بالمنطقة بمجملها.

من أجل تشبيك احتجاجات المنطقة

تقع بني تجيت في منطقة احتجاج شبه دائم. فحراك فݣيݣ من أجل الحق في الماء لا يزال متواصلا، وجرادة عرفت سابقا (سنة 2017) حراكا كبيرا على خلفية استشهاد عمال السندريات، حيث استُشهد عامل في يونيو 2024.

من شأن تشبيك النضالات بين بؤر الاحتجاج هاته أن يساعد في تجاوز إحدى أكبر عقبات النضال الشعبي: العزلة والطابع المحلي وجزئية المطالب. وهذه مهامنا الآنية.

مقالين سابقين حول نفس الموضوع:

https://www.almounadila.info/archives/24179

https://www.almounadila.info/archives/24179

شارك المقالة

اقرأ أيضا