ملاحظات لشبكة تقاطع للدفاع عن الحقوق الشغلية  بصدد الوظيفة الاجتماعية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي

جاء الرأي الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في موضوع:

“آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية) الموارد المائية والمقالع)”

والذي صادق عليهبالإجماع أعضاء جمعيته العامة في 31 غشت 2023، ليؤكد المنحى العام الذي يسير عليه هذا المجلس، منحى إهمال الجانب الاجتماعي، وبوجه خاص أوضاع الطبقة العاملة. وهذا رغم المقاربة التشاركية المزعومة والصفة الاجتماعية التي يحملها اسمه.

درج هذا المجلس على التطرق لقضايا تدخل في اختصاصه الثلاثي، لكن بمنظور لا يولي أوضاع الشغيلة الاهتمام الواجب. هذا مجلس يُمول من المال العام لكنه يحمل ويُفعِّل رؤية يطغى فيها انشغالٌ بمصلحةأصحاب الثروات وسبل تحسين مراكمتها بيد الأقلية.  فمجمل القضايا التي تطرق لها، ذات الصلة بالطبقة العاملة، منذ إحداثه قبل 13 سنة، هي مجردآراء في مشاريع قوانين تخص عالم الشغل، ولا صلة لها بالواقع اليومي للأجراء والأجيرات، واقع مكابدة فرط الاستغلال وشظف العيش. لم يبادر المجلس قط إلى إنتاج تقرير عن أوضاع الشغيلة، سواء في أماكن العمل، أو مناحي حياتهم الأخرى، علما أنه أصدر تقارير ذات صبغة اجتماعية تخص الشباب و المعاقين، على سبيل المثال.

وفي المثال الذي أشرنا إليه في البداية: الرأي حول تراخيصالموارد المائية والمقالع ومراقبتها، لا وجود لأي اهتمام جدي بأوضاع شغيلة المقالع، لا من حيث حجم اليد العاملة،أوظروف عملها، أوالمخاطر المهنية المحدقة بها. والحال أن العمل في المقالع مشهور بكثرة المخاطر وجسامتها،سواءالأمراض المهنية، لا سيما الرئوية الناتجة عن الغبار،أوتلك الناتجة عن ضجيج الآلات، أو الحوادث الخطيرة والقاتلة: ففي شهر مايو 2024 وحده ، توفي أربعة عمال في حوادث شغل بالمقالع [واحد بمقلع أحجار بجماعة ايت بلقاسم دائرة تيفلت إقليم الخميسات، يوم الاثنين 6 مايو 2024، واثنان بمقلع «لشقريش» للحجارة بجماعة خميس أنجرة ، إقليم الفحص أنجرة يوم 09 مايو 2024،ورابع بمقلعٍ رمال بمنطقة بوعسيلة بجماعة بني زرنتل، نواحي أبي الجعد، إقليم خريبكة يوم28 مايو 2024..]

يهدف رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي – حسب زعمه – إلى تقييم مدى فعالية منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد المائية والمقالع، في ضوء قدرتها على ضمان استخدام الموارد بشكل مستدام وناجع ومنصف ،وكذلك على مكافحة الاستغلال المفرط والاستغلال غير المشروع.

إنه يركز اهتمامه على استغلال المقالع لصالح من يجنون الأرباح ولا شيء ذو شأن عن الاستغلال المفرط للبشر. ويخلص إلى التدهور المتزايد للموارد الطبيعية الحيوية أو الاستراتيجية لبلادنا، مثل المياه والمقالع بفعل عوامل متعددة، منها الاستغلال المفرط والاستغلال غير المشروع، لكن دون اكتراث جدي بالبشر ” أي العمال” وأسرهم التي تكسب قوتها من تشغيل آلة استغلال المقالع. وكل ما تفضل به المجلس بصددهم في تقريره لا يتعدى جملاقصيرة وضعيفة وفضفاضة ومنتزعة من سياقها العملي..

جاء فيالفقرة الأخيرة من الصفحة 26 ما يلي:

“ضعف امتثال ظروف العمل في المقالع للنصوص التنظيمية والمعايير الفضلى في مجال المسؤوليةالاجتماعية للمقاولات. ويتجلى هذا عادة في علاقات عمل غير منظمة بالشكل الكافي، و أجورمتدنية، وعدم التصريح الكامل أو التصريح الجزئي بالعاملين، بالإضافة إلى ارتفاع مخاطر حوادثالشغل والأمراض المهنية، وما إلى ذلك”.

وفي الصفحة 33 ضمن التوصيات ورد ما يلي:

“الحرص على احترام المعايير الاجتماعية والبيئية في استغلال المقالع وفقا للمقتضيات القانونيةالجاري بها العمل، وذلك من خلال ضمان حقوق اليد العاملة والحرص على تهيئة ظروفعمل ملائمة، من خلال بناء علاقات شغل شفافة، والتصريح بالعاملين، وتحسين مستويات الأجور،وضمان شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل”.

هذه عموميات لذر الرماد في العيون..فلا معطيات و لا أرقام و لا حقائق ملموسة و لا بحث ميداني . فليس ضمن من اتصل بهم المجلس بصدد ما يسميه “الاستشارة المواطنة” جهة عمالية، فقط أرباب العمل، من يجنون الأرباح من المقالع وليس من يكدحون ويموتون فيها: الجامعة الوطنية للبناء والاشغال العمومية وجامعة صناعات مواد البناء.

 والكلام عن انتهاك قوانين الشغل والسلامة باستعمال تعبير “بعض المقالع” ما هو الا سعي الى طمس الواقع المرير والاجرامي لما يجري في المقالع، سعي الى إظهار ان ثمة بعض الاستثناءات فقط خارجة عن القانون. لماذا لم ينصت المجلس لمفتشي الشغل، وللأطباء مفتشي الشغل، وللنقابيين، وللعمال مباشرة؟ لماذا لم يتناول المجلس بالدرس عينة من شغيلة المقالع تبرز أهوال ما يتعرضون له؟

 المجلس فيه تمثيلية نقابية، فلماذا لا ينعكس ذلك في العناية بالبعد العمالي لواقع المقالع؟

باختصار زاوية نظر المجلس رأسمالية منصبة على استغلال المواد الأولية وغير مكترثة بالبشر العامل.

29/06/2024

شبكة تقاطع

شارك المقالة

اقرأ أيضا