لا لتغلغل الرأسماليين تحت غطاء المنتزه الطبيعي: من أجل نضال على صعيد وطني لصد العدوان

أصدرت الدولة قرارا بإجراء بحث علني من أجل إحداث المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي على مساحة تقدَّر بـ 111.130 هكتارا موزَّعة على الجماعات التابعة لأقاليم تارودانت وتيزنيت واشتوكة- آيت بها، والآتي ذكرها: أملن وتنالت وسيدي مزال وتيغمي وأربعاء آيت أحمد وأنزي وأوكنز واثنين أداي وسيدي أحمد أو موسى وتيزي نتاكوشت وتاركا نتوشكا وسيدي عبد الله البوشواري وإدا وكنظيف.
يرفض القرويون- ات سكانُ هذه المناطق القرار باعتباره مواصلة للعمل بالتشريعات الاستعمارية في موضوع الأرض وهجوما على قوتهم اليومي ووسيلة لتوفير احتياجات الرأسمالي المحلي للعقار من أجل استنزافه وتشريد وطرد صغار المنتجين- ات وعائلاتهم- هن. [تنسيقية أكال أكادير للدفاع عن حق الساكنة في الأرض والثروة].
لمدة عقود عملت الدولة على تعبئة العقار لتسهيل الولوج إليه من طرف الرأسماليين. شنت حملة واسعة في العقدين السابقين تحت مسمى “تحديد الملك الغابوي”، التي كانت حربا طبقية من جانب واحد لنزع مِلكية صغار المالكين- ات، ولم يرشح منها إلا القليل من الأخبار إلى الصحافة. أعلنت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، عن نتائج هذا التحديد، والتي انتقلتْ من 24 ألف هكتارٍ سنويا، ما بين 1995 و2004، إلى 300 ألف هكتارٍ سنويا، خلال العُشْريّة الممتدّة ما بيْن 2005 و2014… بلغ مجموع المِلك الغابوي 9 ملايين هكتار، صُودقَ على تحديد 7،15 مليون هكتار منها، أيْ ما يُمثّل نسبة %71.
بتاريخ 14 يوليو 2021، حولت الدولة المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، إلى وكالة تحت مسمى “الوكالة الوطنية للمياه والغابات”. ويُظهر القانون 52.20 المحدِث لها، اندراجها في نفس المنطق الذي يجعل من المؤسسات العمومية بوابة لخدمة القطاع الخاص، إذ تنص مادته السابعة على أن من صلاحية هذه الوكالة إبرام اتفاقيات لتفويض إنجاز بعض الأنشطة التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وكذلك التفويض الكلي أو الجزئي للمناطق المحمية، لا سيما المنتزهات الوطنية، وكذا حدائق الحيوان.
لا يقتصر الأمر على هذه الوكالة، فالقانون رقم 22.07 المتعلق بالمناطق المحمية، يتضمن نفس الشيء. تنص مادته 25 على إمكان تفويت تدبير المنطقة المحمية، كليا أو جزئيا، لكل شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص، ومادته 26 على تفويض تدبير المنطقة المحمية بعد إعلان منافسة.
من حق السكان إذن رفض مشروع إحداث منتزه طبيعي لأن من سيقطف ثمارها هو القطاع الخاص الرأسماليين. وليس ذاك رفضا للحفاظ على الموروث الطبيعي والإحيائي والثقافي. فقد حافظ السكان على ذاك الموروث لقرون، وعاشوا في توازن مع محيطهم الطبيعي، حتى قدِم الاستعمار بقوانينه لنزع أراضي القبائل، وهي نفس القوانين التي اعتمدتها دولة الاستقلال الشكلي للاستمرار في نزع تلك الأراضي.
عكس ما تدعيه الدولة من إشراك السكان المحليين، فإن المسار القانوني لإحداث المحميات الطبيعية (وضمنها المنتزهات الطبيعية) مسار استبدادي. فإعداد مشروع إحداث هذه المناطق، بموجب المادة 9 من قانونها، تقوم به الإدارة المختصة، و”يُعرض ذاك المشروع على نظر الإدارات والجماعات المحلية المعنية من أجل إبداء رأيها، إذا لم تُبد الإدارات والجماعات المحلية رأيها داخل هذا الأجل، فإن سكوتها يُعتبر كما لو أن ليس لديها أي اعتراض في هذا الموضوع”. أما السكان المحليون، فيُخبرون في مرحلة البحث العلني ومدته ثلاثة أشهر، وخصهم القانون بمجرد “التعرف على مشروع إحداث المنطقة المحمية وتقديم ما قد يكون لهم من آراء ومقترحات تُضمَّن في سجل تفتحه الإدارة لهذا الغرض”.
يؤكد هذا القانون تخوفات السكان من كون إحداث المحميات الطبيعية هجوما على قوتهم اليومي. إذ يُمنع السكان طوال مرحلة البحث من “القيام بجميع الأعمال التي من شأنها تغيير طبيعة المجالات الموجودة في المنطقة المحمية المُزمع إقامتها”، وبعد الإنشاء حُدَّت “حقوق الانتفاع”، بعقوبات مالية ضد أفعال مثل: “التجول في المناطق التي يُمنع على العموم ولوجها”؛ “القطف أو الجمع”؛ “ترك حيوانات أليفة تتيه خارج الأماكن المرخَّص لها”. ويتعدى الأمر المناطق المحمية، إذ تنص المادة 3 من هذا القانون على إمكان”إدراج منطقة محيطية خارج المنطقة المحمية المذكورة لتكون حزاما للحماية من الأضرار الخارجية”.
من حق السكان رفض مبررات الدولة المتعلقة بالحفاظ على البيئة، فكل ما تَضمَّنه قانون إنشاء المحميات الطبيعية (مثل “قنص وصيد الوحيش”؛ “جلب لأنواع حيوانية أو نباتية غريبة أو محلية”…)؛ هي أفعال أتتها الدولة من قبلبمنح حقوق القنص لأغنياء الخليج، وجلب أنواع حيوانية (الخنزير البري) ونباتية (أركان الفلاحي، والصبار بعد كارثة الحشرة القرمزية). وفتحت الدولة الأطلس الصغير لنشاط كثيف لشركات التعدين، المحلية والأجنبية.
سيهُب قرويو- ات الأطلس الصغير الغربي للاحتجاج طيلة شهر غشت (17 غشت أمام مقر المجلس الإقليمي بشتومة آيت بها ببيوكرى، 24 غشت 2024 بتزنيت أمام المقر المجلس الإقليمي، 31 غشت 2024 أمام مقر الولاية بأكادير)، من أجل حقهم- هن في الأرض وخيراتها.
لا يتعلق الأمر بالأطلس الصغير الغربي فقط. فإحداث المنتزهات الطبيعية يشمل كل تراب البلد: بني يزناسن (إقليمي بركان ووجدة أنكاد)، بوهاشم (أقاليم تطوان والعرائش وشفشاون)، تامكة (إقليم أزيلال)، جبل كروز (إقليم فكيك)، شخار (إقليم جرادة)، الهضبة الوسطى (إقليم الخميسات)، درعة واركزيز لبطانة (إقليم آسا الزاك)، المحمية الطبيعية لأرخبيل الصويرة، محمية بيولوجية لسيدي بوغابة (إقليم القنيطرة).
علينا تنظيم الاحتجاج ليتعدى البعد المحلي ويتخذ طابعه الوطني، وفي نفس الوقت إرساء البنيات الديمقراطية لذلك النضال، عبر لجان القرى والدواوير وليس فقط عبر تنسيقيات تؤسسها إطارات. على أن تتولى لجان القرى والدواوير (المُشرِكة للنساء) أمر التقرير في خطوات النضال وتنفيذها.
ما في الرهان هو حق الكادحين- ات (صغار المنتجين- ات بالقرى) في الأرض، التي تُعتبر وسيلة عيشهم الوحيدة، في ظروف جفاف قاسٍ، وتحويل تلك الأراضي إلى وسيلة لاغتناء حفنة من الرأسماليين. ويطرح هذا ضرورة اندراج نضال كادحي- ات القرى في نضال شغيلة البلد وأجرائه وأجيراته من أجل نظام اقتصادي واجتماعي يخدم مصلحة أغلبية الشعب، وليس كمشة من الرأسماليين.

من أجل إلغاء كل القوانين الاستعمارية والجديدة التي تنظم عملية نزع ملكية صغار المالكين- ات.
من أجل حق السكان في الأرض وسياسة عمومية داعمة للفلاح- ة الصغير- ة.
من أجل خدمات عمومية مجانية وبنية تحتية تفك العزلة عن العالم القروي.

المناضل-ة، 14 غشت 2024

شارك المقالة

اقرأ أيضا