مخاطر العمل في المقالع
يتضمن استغلال المقالع نوعين مختلفين من النشاط: الاستخراج وتفتيت/ سحق المواد المستخرجة. ينطوي كلا هاذين الطورين على مخاطر خاصة تهدد العمال، لكن بوجه عام، العمل في المقالع هو الأشق، لا سيما بفعل الظروف المحيطة التي يجري فيها: تقلبات الجو، الضجيج، الغبار … كما أنه عمل خطير بسبب الآليات والمعدات المستعملة: متفجرات آليات السحق…
الاستخراج
المستخدمون المكلفون بالحفر معرضون لتقلبات الجو وللضجيج وللغبار ولمخاطر الحوادث الناتجة عن التساقطات والانهيارات أثناء الأشغال في السفح. يمكن خفض مستويات الضجيج التي قد تبلغ 102 ديبيسيل باستعمال حفارات خاصة. لكن رغم نظام خفض الضجيج هذا يظل استعمال خوذة مضادة للضجيج ضروريا. إنه طبعا إكراه عمل إضافي لا سيما عند ارتفاع درجة الحرارة حيث تصبح الخوذة مزعجة وصعبة التحمل. ومن جهة أخرى يمثل غياب التواصل مع المحيط، علاوة عن العزلة الناتجة عنه، عائقا امام التوصل بالإشارات الصوتية المنبهة إلى خطر محتمل. يمكن تجيز لآليات الحفر بلاقط غبار. هذا الإجراء الآخر للوقاية في المنبع طبعا استعمال وسائل وقاية فردية( أقنعة ذات خرطوشة، إلخ). يجب إسناد تخزين المتفجرات واستعمالها إلى مستخدمين ذوي تكوين خاص وشهادة مهنية في الميدان. ويتم شحن ونقل المواد المستخرجة بآليات قوة شديدة يتعين تجهيزها ببنية وقاية ضد الارتداد وضد التساقطات.
لكن الأمان وشروط العمل لا تقوم فقط على وسائل حماية فردية أو جماعية، وعلى التكوين والإرشادات. يجب أن يخضع استغلال المقلع لبعض القواعد المدمجة في العمل ذاته ومن شأنها ضمان سلامة المستخدمين. هكذا يندرج علو واجهة الأشغال وعرض المقعد الحجري ومساحات الدوران في مجال دراية مستغل المقلع، ويتعين أن تستجيب من خلال خصائصها لشروط السلامة. كما أن خفض مستوى الاهتزازات والارتجاجات داخل الآليات يستوجب أن تكون الطرق في الأوراش مستوية ومدكوكة، ويجب، بقصد الحد من خطر الحوادث، أن تحتوي على طريقين وألا يتجاوز مستوى انحدارها 10%، وأن تكون الحافة الواقعة جنب الفراغ مزودة بمعدات وقاية.
التفتيت/ السحق
كما هو شأن طور الاستخراج، نجد هنا مشاكل ظروف العمل المرتبطة بالغبار والضجيج وكذا مخاطر مميزة خاصة بهذا النشاط: مخاطر ميكانيكية خاصة بالألات والأجهزة، الكسارات/ السحاقات والمخلاطات، وأحزمة النقل، والرافعات، لولب أرخميدس، ومخاطر الانزلاق في الأهراء silos و القواديس tremis.
فيما يخص المخاطر الميكانيكية، تتيح أنماط عديدة من حلول السلامة الحد منها. أكثرها مباشرة تستند على أجهزة وقاية. هكذا يجب أن تكون كل أدوات النقل في الأجهزة مغطاة داخل كارتيرات، ويجب أن يكون الولوج إلى الأجزاء الخطيرة ممنوعا بإجراءات سلامة. ويجب تجهيز أحزمة النقل بآلية وقف في حالة الاستعجال. وفي أمكنة السحق، تكثر الممرات، والأدراج والسطيحات، وتستلزم مخاطر السقوط أرضيات وممرات مانعة للانزلاق ( معدن مخدد، شبكات أرضية معدنية). ولتأمين فعاليتها، يتعين تنظيفها بانتظام وإنارتها على نحو جيد.
تستوجب مبادئ سلامة أخرى إجراءات عمل منطوية على الوقاية. هكذا يجب أن يكون كل تدخل في آلة، من أجل إصلاح مثلا، مسبوقا بتسجيلها، وفصل مصادر الطاقة بشكل واضح، وأن تكون أجهزة القطع مسدودة. ويجري دمج الأجهزة الأشد فعالية، والأقل إكراها في الغالب، في اشتغال الآلة ذاتها. كما أن تركيب قاطعات الكتل في الكسارات يجنب من التفرقع، وأيضا وبخاصة من ولوج أشخاص إلى السحاقات أثناء الانسدادات. وأخيرا ثمة أشغال بالغة الخطورة تستدعي جملة تقنيات سلامة.
إن الحوادث التي تقع أثناء تدخلات في الأهراء والقواديس ومخازن المواد تكون دائمة خطيرة: انزلاقات، اندفاعات وسقوط. الشروط المطلوبة للنزول في خزان مواد تتطلب وقف أجهزة الإمداد والتفريغ، والحضور الفعلي للمسؤول عن العملية، وإمكان ولوج من فوق إلى الخزان، والتزود بتجهيزات حماية من السقوط. في حالة الاشتغال العادي يجب أن تكون بوابات الأهراء مسدودة والقواديس مغطاة، ومجهزة بحماية أفقية( شبكة، مثلا) أو دهليز مرور محمي.
السيليكوز: مشكلة كبيرة
يبقى مرض السيليكوز، علاوة على المخاطر الميكانيكية، الخطر الأساسي في نشاط استغلال المقالع. ( يمثل ربع حالات الإصابة بمرض مهني في فرنسا). قد يضم الصخر المستخرج نسبة 90% من الكوارتز بالنسبة للحث الصواني أو 20 إلى 60 % بالنسبة للصلصال الرملي أو الغرانيت. والغبار المسمى قابلا للاستنشاق ( 1 إلى 5 ميكرون) هو الأشد خطرا، لكن يجب ألا ننسى أنه غير مرئي: يمكن إذن ألا يرى العامل غبارا ويكون مع ذلك مهددا بالخطر. ويجب الحد من الغبار بقدر ما تكون نسبة الكوارتز مرتفعة ومدة التعرض طويلة. نقاط انبعاث الغبار عديدة: الحفر، الكسارات الأولية، أمكنة تفريخ الأحزمة الناقلة، الغرابيل، السحاقات، نقاط التسليم. تقنيات الوقاية هي الامتصاص في نقاط الانبعاث، الرش بالماء، عزل الأجراء في حجرات مكيفة الضغط ومجهزة بمصفاة هواء, ويجب تخصيص الوقاية الفردية بالأقنعة لتدخلات محدودة ولا يمكن أن تعوض تقنيات الوقاية الجماعية.
طبعا لم نعد في زمن السجناء كاسري الصخر بالمحفر. فإدخال معدات ميكانيكية خفض عبء الشغل البدني. لكن أضرارا أخرى ظهرت ويظل استغلال المقالع حيث الوقاية والأمان الذكي- ذلك المدمج في عملية الشغل والذي لا يعرقل أو يثقل على العامل- وظائف حيوية سواء لتفادي المخاطر المباشرة أو لاتقاء الأثار بعيدة المدى لظروف العمل السيئة. ويجب بذل جهود تجديد في هذا الاتجاه.
من موسوعة: مخاطر الشغل، كي لا تفقد حياتك في السعي إلى كسبها. صفحات 397 إلى 399.
LES RISQUES DU TRAVAIL : POUR NE PERDRE SA VIE A LA GAGNER . EDITIONS LA DECOUVERTE. PARIS- 1985
نُشر هذا النص لأول مرة في الكراس العمالي لتيار المناضل-ة في كلميم ( العدد الثاني في العام 2014)
اقرأ أيضا