الولايات المتحدة: ما هي آفاق الحركة الطلابية المتضامنة مع فلسطين؟

بلا حدود23 مايو، 2024

بقلم؛ دان لا بوتز Dan La Botz

مثلت حركة الطلاب المتضامنة مع فلسطين مصدر إلهام حقيقي. فعلى مدى ثلاثة أسابيع، نظّم الطلاب في الجامعات الأمريكية مظاهرات سلمية دعماً لفلسطين، منظمين معتصمات ومحتلين المباني في أكبر حركة من نوعها منذ عقود.
كانت الحركة وطنية في نطاقها: في 45 ولاية من أصل 50 ولاية أمريكية، وشملت 140 حرمًا جامعيًا وأسفرت عن اعتقال أكثر من 2000 شخص. كان الدافع وراء هذه الحركة اللاعنفية الواسعة والمتنوعة واللامركزية هو ارتعاب الشباب من حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة. وجلي أنها حركة إنسانية تعبر عن التضامن مع الفلسطينيين وتدعو إلى إنهاء الحرب ووقف تزويد الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل بالأسلحة وتطالب الجامعات بوقف الاستثمار في صناعة الأسلحة الإسرائيلية.
إيثار الطلاب
لقد كذب العديد من إداريي الجامعات والسياسيين ووسائل الإعلام – بضغط من اللوبي الصهيوني – بشأن الطلاب وأنشطتهم، واصفين إياهم بالموالين لحركة حماس ومعاداة السامية، بل وحتى الإرهابيين، من أجل تبرير تدخلات الشرطة العنيفة التي أدت إلى إصابة الطلاب والأساتذة بجروح، وفي بعض الحالات إلى دخولهم المستشفيات. لم نشهد منذ مذبحتي الحرس الوطني في ولاية كينت (4 قتلى) ومقتل الشرطة في ولاية جاكسون (قتيلان)، وكلاهما في عام 1970، مثل هذا العنف ضد الطلاب المتظاهرين.
يا له من نكران للذات! لقد عرّض بعض الطلاب تعليمهم الجامعي وشهادتهم وتأشيرة دراستهم إذا كانوا مهاجرين، وخاطروا بصحتهم وسلامتهم في مواجهة الهجمات العنيفة من قبل الصهاينة والمنظمات اليمينية والشرطة. كانت المظاهرات الطلابية، التي قادتها أحيانًا منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين (JSP) ومنظمة الصوت اليهودي من أجل السلام (JVP)، معارضةً بحماس للحرب الإسرائيلية، ولكنها لم تكن معادية للسامية.
كان كل معتصم طلابي مختلفًا عن الآخر. فبعضها كان يدار وينظم بطريقة من أعلى إلى أسفل من قبل مجموعات صغيرة من القادة الذين عينوا أنفسهم بأنفسهم، بينما كان البعض الآخر مفتوحًا وديمقراطيًا، حيث كانت لجان كبيرة أو معتصمات بأكملها تتخذ القرارات. استغرق بناء المخيمات وصيانتها، وشراء الخيام، وتوفير الطعام، وتنظيم مجموعات الدراسة ووضع قواعد المخيمات الكثير من الوقت، ولكنه خلق أيضًا شعورًا بالانتماء إلى جماعة.
كانت هذه هي المرة الأولى التي ينخرط فيها معظم الطلاب المشاركين في حركة اجتماعية وسياسية من هذا النوع. في بعض الجامعات، شارك الطلاب في أعمال يساروية اثارت تدخل الشرطة، على الرغم من أن الشرطة هاجمت أيضًا المجموعات الأكثر سلمية. وفي أماكن أخرى، بدأ الطلاب مفاوضات مع مديري الجامعات. وقدم بعض هؤلاء الإداريين وعودًا، رمزية أكثر منها ذات مغزى، لتهدئة الطلاب ووضع حد للمظاهرات.
كان الشباب الاشتراكيون الديمقراطيون في أمريكا (YDSA) وعدد قليل من الناشطين الاشتراكيين الآخرين نشطين إلى جانب JSP وJVP، لكن اليسار لم يلعب دورًا مهيمنًا. لم يكن لدى معظم الحركات الوقت الكافي لمناقشة القضايا السياسية المركزية بعمق. ولم تتخذ المجموعات موقفًا من طبيعة الصهيونية، وسياسة المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، ومسألة علاقة الحركة بالسياسة الأمريكية والانتخابات القادمة. كما لم تضع الحركة أي خطط واضحة للصيف، وبالأحرى للمدى البعيد.
وقد دعت حركة الشبيبة الفلسطينية، التي تربطها صلات بحزب الاشتراكية والتحرير (منظمة ذات نزعة اصطفافية)، إلى عقد مؤتمر شعبي من أجل فلسطين في ديترويت في الفترة من 24 إلى 26 أيار/مايو 2024. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا المؤتمر سيكون مؤتمرًا ديمقراطيًا قادرًا على تمثيل التنوع الاجتماعي والثقافي والسياسي للحركة. سيكون لهذه الحركة الطلابية، كغيرها من الحركات الطلابية في الماضي، تأثير كبير على حياة المشاركين فيها وعلى المنظمات المعنية وعلى مستقبل اليسار الأمريكي.

المصدر: Hebdo L’Anticapitaliste – 708 (16/05/2024)

شارك المقالة

اقرأ أيضا