ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
افتتاحية موقع contretemps، 24 أبريل 2024
في السياسة، كما في التاريخ، هناك لحظات من التسارع والتغيير. للأفضل، ولكن أيضًا للأسوأ. وهذه واحدة من تلك اللحظات المحفوفة بالمخاوف والتهديدات لحقوقنا وحرياتنا.
اتسمت فترتا حكم إيمانويل ماكرون بمستويات غير مسبوقة من الاستبداد والقمع. من قائمة طويلة جدًا، سنكتفي بذكر تسلسلات حركة “السترات الصفر”، أو التعبئة في سانت سولين أو التمرد في الأحياء في الصيف الماضي. إن فورة عنف الدولة هذه ملازمة ضرورية لسياسة معادية للمجتمع في غاية الوحشية وعلامة على العزلة المتزايدة للسلطة.
ومع ذلك، فقد تم الوصول إلى مرحلة جديدة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، مع السعي الحثيث لتجريم التعبير عن دعم الشعب الفلسطيني. حظرٌ تام للمظاهرات لعدة أسابيع، وإلغاء العديد من الاجتماعات والمؤتمرات، وطرد سياسي فلسطيني، وملاحقة منظمات ونشطاء الحركات السياسية والاجتماعية، والخلط المنهجي بين التنديد بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل ومعاداة السامية، والضغط والتهديد بفرض عقوبات على الجامعات والمؤسسات البحثية- لقد ساد مناخ من القمع في البلاد، بتواطؤ نشط من وسائل الإعلام وقطاع كبير من الطيف السياسي.
كان أحد آثاره الأولى هو تبييض صفحة اليمين المتطرف، الذي يعتبر الآن جزءًا كاملًا مما يسمى “القوس الجمهوري”، في الوقت الذي تم فيه استبعاد التشكيل السياسي الرائد لليسار. وهكذا، مكّن الدفاع المتحمس عن إسرائيل ورثة الحزب الذي أسسته عناصر سابقة من قوات الفافن- إس إس (Waffen-SS) وميليشيات التعاون وجلادي الحروب الاستعمارية من المشاركة في مظاهرات يُفترض أنها تندد بمعاداة السامية.
لذلك يحق للتجمع الوطني أن يتباهى بأنه حقق “انتصارًا أيديولوجيًا” بالتصويت في الجمعية الوطنية على “قانون الهجرة” الذي يمهد الطريق لإدخال “الأفضلية الوطنية”، موضوعه المفضل. لقد عرفنا منذ فترة طويلة أن حسابات ماكرون السياسية تستند إلى مواجهته الانتخابية مع اليمين المتطرف. والآن نفهم أن سياسته تهدف صراحةً إلى ترسيخه كبديل شرعي لأغلبيته المتعثرة.
للحظة، ربما ظن المرء أن مطاردة الساحرات ضد الأصوات المعارضة قد وصلت إلى الحضيض. وأن التأييد الرسمي، وإن كان متأخرًا وخجولًا، لوقف إطلاق النار في غزة، ولإيصال المساعدات الإنسانية، وحتى “حل الدولتين” كان بمثابة تغيير في المسار. وأن اعتراف محكمة العدل الدولية “بإحتمال” ارتكاب إبادة الجماعية في غزة سيكون له تأثير على رأس الدولة. ولكن لم يحدث ذلك. ففي نهاية كانون الثاني/يناير، كانت وزارة العدل قد أحصت بالفعل 626 دعوى قضائية ضد “الترويج لأعمال لإرهايةب” فيما يتعلق بالحرب في غزة، وتم الشروع في إجراءات ضد 80 شخصًا.
شهدت الأسابيع القليلة الماضية مزيدًا من التصعيد في القمع الذي استهدف الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين اليساريين والنشطاء الاجتماعيين والصحفيين والمثقفين. فقد حُكم على جان بول ديليسكو، سكرتير نقابةCGT في مقاطعة الشمال، بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب منشور نقابي؛ كما حُكم على محمد مكني، عضو المجلس البلدي الاشتراكي في إيشيرول، بالسجن لمدة 4 أشهر مع وقف التنفيذ بسبب نقله رسائل على شبكات التواصل الاجتماعي، كما استدعت الشرطة القضائية ريما حسن، وهي ناشطة فرنسية من أصول فلسطينية ومرشحة على قائمة حزب فرنسا الأبية في الانتخابات الأوروبية، وماتيلد بانو، رئيسة مجموعة نفس الحزب في الجمعية الوطنية الفرنسية، على خلفية التحقيق في قضية “الترويج لأعمال إرهابية”، وكذلك أناس كازيب، النقابي في SUD-Rail والمتحدث باسم حركة الثورة الدائمة، وناشطون- ات من قسم التضامن الطلابي في المدرسة العليا للإدارة EHESS، والصحفي سيهام أصباغ وعشرات آخرين؛ كما أُلغي مؤتمر لجان لوك ميلينشون وريما حسن في ليل في مناسبتين- هذه مجرد أمثلة قليلة على الحملة الحالية.
هناك حاجة ملحة للرد. ومن الضروري إدانة أعمال القمع والتعبير عن التضامن مع المستهدفين. ولكن هذا لا يكفي. هناك حاجة إلى عمل ملموس وواسع النطاق وموحد لهزيمة سياسة الترهيب والخوف هذه. وتتحمل منظمات اليسار السياسي والنقابي والحركة الاجتماعية والشبكات الأممية والمقاومة الفكرية مسؤولية خاصة في هذا الصدد.
وكما سبق أن اقترحت شخصيات بارزة في اليسار الاجتماعي والسياسي، فإننا نعتقد أنه من الضروري بناء أوسع جبهة ممكنة للدفاع عن الحريات الديمقراطية والحق في التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني. سيلعب contretemps دوره الكامل في هذا الجهد الاحتشادي، وهو أمر ضروري إذا أردنا وقف السباق نحو الكارثة وإعادة الأمل إلى معسكر التحرر.
الرابط الاصلي: هنا
اقرأ أيضا