كفاحات شغيلة الجماعات الترابية والتدبير المفوض
بقلم ، م. أ. الجباري
يعيش قطاع الجماعات الترابية نضالات ومعارك من أجل نفس المطالب، ولنفس الأسباب والدواعي خلال نفس الموسم؛ لكنها متعاقبة ومشتتة حتى لو كانت متزامنة؛ لم تسر نحو توحيد وتنسيق الخطوات إلا ببطء شديد بعد إضاعة الجهد والوقت وطاقة النضال، للأسف…نعرض فيما يلي لجوانب مما يجري بساحة النضال هاته في جزأين.
الجزء الأول: جانب أول من كفاحات شغيلة الجماعات الترابية والتدبير المفوض في إطار جامعة الاتحاد المغربي للشغل.
الجزء الثاني: جانب ثان في إطار المكونات النقابية الأخرى…
جزء 1: جانب من كفاحات شغيلة الجماعات الترابية: جامعة الاتحاد المغربي للشغل
يشهد قطاع الجماعات الترابية نضالات متتالية بوتيرة متصاعدة، لا سيما منذ بداية “الدخول الاجتماعي” الحالي. كان سمتها الانقسام، مع تكتل قسم من مكونات الحركة النقابية بنحو مواز للجامعة الوطنية المنضوية في الاتحاد المغربي للشغل في تنسيق ثلاثي. ولا شك أن الصدى القوى لوحدة نضالات شغيلة التعليم سائر إلى إقناع الفاعلين النقابيين الرئيسيين بوجوب توحيد النضالات بوجه إصرار وزارة الداخلية على عدم التفاوض، وأيضا على اقتطاع أجور أيام الإضراب. إذ يفيد بلاغ صادر يوم 23 يناير 2024 بتعزز التنسيق بانضمام جامعة الاتحاد المغربي للشغل للتنسيق الثلاثي. وقد سبق للمجلس الجامعي لهذه الجامعة أن وجه في بيانه ليوم 7 ديسمبر 2023 نداء إلى كل النقابات العاملة بالقطاع لتوحيد الصف”من أجل خلق تنسيق ميداني لانتزاع الحقوق المسلوبة ومواجهة المخططات التي تحاك ضد الشغيلة الجماعية، وذلك لما تمليه ضرورات المرحلة و تغليبا لمصلحة الشغيلة و اعتبارا لوحدة المعاناة و وحدة المصير”.
وقد قرر التنسيق الرباعي الجديد:
- تكييف الأشكال النضالية المعلن عنها سابقا، وخوض إضراب وطني في مختلف الجماعات الترابية لمدة 48 ساعة يومي 7 و8 فبراير 2024، مع تجسيد وقفة احتجاجية مركزية امام مقر المديرية العامة للجماعات الترابية بالرباط يوم 7 فبراير 2024 على الساعة 11h صباحا.
- عقد اجتماع التنسيق النقابي الرباعي بتاريخ 7 فبراير 2024 لتسطير برنامج نضالي نوعي وتصعيدي بما فيه خوض مسيرة احتجاجية مركزية.
إنها خطوة ايجابية تتطلب توطيدا في القاعدة بتشكيل لجان مشتركة بين فروع النقابات الأربع لتنظيم تنفيذ الإضراب، وتوسيع النقاش بما يعزز الوحدة العمالية. كما تتطلب انضمام باقي المكونات النقابية لتحقيق وحدة تامة من شأنها إقناع جماهير الشغيلة بتنفيذ برامج النضال، فما تمثل النقابات مجتمعة، بمقياس الانتخابات المهنية، يصل إلى 63%فقط. وفوق هذا كله تتطلب خطوة إحداث التنسيق الرباعي التوجه صوب أقسام أخرى من شغيلة الدولة، تقاسي نفس المصائب، لتشكيل تحالف عريض للتصدي لمخططات الدولة المدمرة لمكاسب الشغيلة ولانتزاع الحقوق.
نتناول في هذه المتابعة سيرورة النضال، وما ترتكز عليه من مطالب، بادئين بالجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض- الاتحاد المغربي للشغل.
بالعودة إلى نصف سنة الأخير تكون جردة نضالات الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض- الاتحاد المغربي للشغل، التي تتصدر التمثيلية باللجن الثنائية بنسبة تقارب 30%، كما يلي:
– إضراب وطني إنذاري يومي 14 و15 يونيو 2023، وتنظيم اعتصامات جزئية للمكاتب الجهوية والاقليمية وأعضاء اللجنة الإدارية الوطنية بكل جهة أمام مقرات العمالات والاقاليم والولايات يوم 14 يونيو 2023،
– إضراب وطني يومي 13 و14 شتنبر 2023 مع اعتصامات إقليمية للمكاتب الإقليمية وأعضاء وعضوات اللجنة الإدارية الوطنية في كل إقليم، وذلك في إطار برنامج نضالي على امتداد ثلاثة أشهر، سيمتد إلى غاية شهر دجنبر.
– إضراب وطني إنذاري يومي الاربعاء والخميس 8 و9 نونبر 2023، مع اعتصام المكتب الجامعي أمام مقر المديرية العامة يوم 8 نونبر 2023، كما أعلنت عن احتجاجات إقليمية وجهوية.
– إضراب وطني إنذاري يومي الاربعاء والخميس 6 و7 دجنبر2023، مع اعتصام اللجنة الإدارية الوطنية أمام مقر المديرية العامة للجماعات الترابية، يوم الاربعاء 6 دجنبر 2023.
– إضراب وطني لثلاثة ايام 26 و27 و28 دجنبر 2023، مع وقفات احتجاج جهوية موحدة في الزمن أمام مقرات ولايات الجهات يوم 26 دجنبر2023.
– إضراب وطني أيام 16 و17 و18 يناير 2024، مع الحضور لمقرات العمل ثم المغادرة (النقابة تلجأ إلى «الإضراب الحضوري» لمواجهة الاقتطاع)، وتنفيذ خطوات احتجاجية أُسنِدت صلاحية تدبيرها للمكاتب الإقليمية،
فيما دعت إلى:
– تنفيذ إضراب وطني أيام 30 و31 يناير وفاتح (01) فبراير 2024، مع تنظيم وقفة احتجاج مركزية أمام مقر البرلمان يوم 31 يناير 2024.
غير أنه، وطبقا لبلاغ التنسيق الرباعي، تم تكييف الخطوة النضالية الأخيرة المعلن عنها سابقا، وخوض إضراب وطني في مختلف الجماعات الترابية لمدة 48 ساعة يومي 7 و8 فبراير 2024، مع تجسيد وقفة احتجاجية مركزية امام مقر المديرية العامة للجماعات الترابية بالرباط يوم 7 فبراير 2024 على الساعة 11h صباحا.
دواعي الاحتجاج الأساسية:
تندرج السيرورة النضالية في سياق مطبوع باستمرار المعاناة، وتراكم المشاكل، وتدهور القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار الصاروخي، وتجميد الأجور [رواتب القطاع تعتبر أقل الرواتب في ترتيب القطاعات العمومية]، وإثقال كاهل الشغيلة بالمهام دون تحفيز.
هذا مع تعثر التفاوض القطاعي، المتوقف منذ مارس 2023، وغياب أي تعاطي جاد مع جميع المراسلات المتعلقة باستئنافه، واستمرار تردي أوضاع شغيلة القطاع…
وتطالب جامعة إ مش بالقطاع بما يلي (نقدم فقط بعص أهم المطالب):
– الزيادة العامة في الأجور وحل الملفات العالقة؛
– نظام أساسي على غرار الأنظمة الأساسية لسائر لقطاعات، ذلك أن القانون المنظم لأوضاع موظفي الجماعات يعود إلى زهاء نصف قرن (1977)، ومعظم موظفي الجماعات الترابية هم هيئات مشتركة بين الوزارات يحكمهم النظام الأساسي للهيئات المشتركة الصادر سنة 2010. وتطالب النقابة بإصداره بمرسوم، وليس بقانون، لما تتيحه هذه الطريقة من تمكين النقابات من التفاوض حول مختلف مقتضياته، …بدل القانون الذي يعبر من مجلسي النواب والمستشارين بنحو قد يغيره كليا.
– عدم التضييق على الحريات النقابية وارجاع كافة المفصولين/المطرودين لأسباب نقابية
– تمكين الفروع من وصولات الإيداع؛
– وقف الاستفسارات والاقتطاعات المرتبطة بممارسة حق الإضراب،
– الالتزام بالنصوص القانونية التي تنص على مبدأ النقابات الأكثر تمثيلية والتي افرزتها صناديق الاقتراع خلال يونيو 2021 كما يجري في الحوار المركزي وفي كل القطاعات الوزارية؛
– تمكين الموظفات والموظفين من تكوين حقيقي مؤدى عنه لمواكبة عمليات الرقمنة؛
– حل ملف الامتحانات والمباريات المهنية؛
– حل ملف خريجي مراكز التكوين الإداري، ورفع الحيف الذي طالهم لسنوات بأثر رجعي إداري ومالي، وكذا ملف الكتاب الاداريون سابقا الذين كانت تتم ترقيتهم الى درجة محرر ومتصرف؛
– حل ملف ضحايا مراسيم 29-10-2010 من مساعدين إداريين وتقنيين (خريجي مراكز تكوين التقنيين من رسامين وواضعي المشاريع ومتتبعي الاوراش …)، والمتضررين من حذف السلالم الدنيا وحذف السلم السابع في المسار المهني؛
– حل ملف التقنيين والمحررين وفي مقدمتها الدرجة الاستثنائية والحق في تحمل مناصب المسؤولية بالإدارة الجماعية؛
– الاستجابة لمطالب المتصرفين وخصوصا العدالة الاجرية،
– تلبية مطالب المهندسين والمتمثلة في تعديل النظام الأساسي،
– حل ملف الاعوان العموميين خارج الصنف سابقا (حاملي شهادة بكالوريا تقنية وشهادة مساعد تقني قبل 1985)،
– تسوية ملف الممرضين بالقطاع إسوة بزملائهم بقطاع الصحة،
– وقف معاناة العديد من الموظفات والموظفين بمجموعة من الجماعات الترابية فيما يتعلق بمستحقاتهم المتأخرة والتي تتراكم سنة بعد أخرى وتنذر بتفاقم الوضع مستقبلا،
– فتح باب التوظيف بالجماعات الترابية لمواجهة الخصاص المهول بالقطاع نتيجة إحالة عدد كبير من الموظفات والموظفين على التقاعد وعدم تعويضهم بتوظيفات جديدة،
– إدماج كافة حاملي الشهادات العليا والديبلومات غير المدمجين في السلالم المناسبة بالقطاع، بأثر رجعي إداري ومالي،
– وتفعيل اللجان الإقليمية الخاصة بالنزاعات المتعلقة بالموارد البشرية بالجماعات الترابية واشراك النقابات الأكثر تمثيلية فيها،
– إحداث وتفعيل اللجان الإقليمية الخاصة بالنزاعات المتعلقة بالموارد البشرية بالجماعات الترابية،وإشراك النقابات الأكثر تمثيلية فيها، وحل ملف خريجي مراكز التكوين الإداري ورفع الحيف الذي طالهم لسنوات بأثر رجعي إداري ومالي،
– حل ملف الكتاب الإداريين سابقا الذين كانت تتم ترقيتهم إلى درجة محرر، ومتصرف،
– التأمين عن حوادث الشغل،
– وإصلاح مقرات العمل، وتوفير المكيفات وتجهيزات العمل، وكل شروط الصحة والسلامة والعمل اللائق.
– تحويل مساهمات الموظفات والموظفين قبل الترسيم من النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد RCAR الى الصندوق المغربي للتقاعد CMR والتي توقفت منذ 2006. ووقف الإجهاز على ما تبقى من حقوق مكتسبة بأنظمة التقاعد.
-حل ملف عمال وعاملات الإنعاش الوطني من خلال الاستماع لمطالبهم عبر فتح أبواب الحوار مع مكتبهم الوطني.
– الاستجابة لمطالب أجراء التدبير المفوض واشراكهم في إعداد كناش التحملات وإخراج نظام أساسي خاص بالتدبير المفوض.
– وقف تدخل المستشارين في شؤون تسيير الموظفين ضدا على القانون الجاري به العمل.
– وضع التدابير اللازمة للحماية من مختلف اشكال العنف و التحرش في فضاءات العمل.
– وقف مسلسل خوصصة الخدمات العمومية بالجماعات الترابية وإعادة المرافق المفوتة نظرا للفشل الذريع الذي ابانت عنه تجربة التدبير المفوض.
– فتح باب التوظيف بالجماعات الترابية لمواجهة الخصاص المهول بالقطاع نتيجة إحالة عدد كبير من الموظفات والموظفين على التقاعد وعدم تعويضهم بتوظيفات جديدة.
وحدة في التعرض للاستغلال… وحدة في النضال
إلى جانب شغيلة الجماعات الترابية النظاميين، الذين سيشملهم النظام الأساسي، يعمل بالقطاع آلاف الأجراء، رجالا ونساء بدون وضعية، أهمهم شغيلة ما يسمى “الانعاش الوطني”. وهم عرضة لأبشع استغلال (راجع عدد المناضل-ة لأسبوع 27 ديسمبر 2023)، ولتجاهل تام. لا بل تسعى الوزارة/الدولة لاستعمالهم لكسر اضرابات شغيلة القطاع. هؤلاء يجب ان يندمجوا كليا في النضال بألا يقتصر التضامن معهم على التعاطف، بل يمتد إلى برامج نضالية موحدة، وتعاون وثيق على كل الأصعدة، لتأمين تماسك جسم الشغيلة وتذويب الفروق المصطنعة التي تنتج تمايزا نقابيا ونضاليا.
اقرأ أيضا