أوقفوا الحرب فورا: تظاهرات عارمة تضامنا مع الشعب الفلسطيني
بقلم: أ. انور
يرتكب الجيش الصهيوني جرائم بشعة بقطاع غزة المحاصر. تنقل القنوات التلفزية العالمية مباشرة مشاهد دمار منازل المدنيين، والمستشفيات ومساجد وكنائس تاريخية. مظاهر انتشال الموتى وأجساد الأطفال الملطخة بالدماء والجثث المشوهة.. الخ. دون الحديث عن الحصار الكامل ومنع دخول الغذاء والأدوية والمياه وإجلاء المرضى. إسرائيل تنفذ سياسة قتل مرعب لدفع سكان غزة للنزوح إلى سيناء وتكرار نكبة أخرى.
سارعت القوى الامبريالية لإعطاء الغطاء للاحتلال الصهيوني لارتكاب جرائمه باسم حقه في الدفاع عن النفس، اعتقادا منهم أن الدعاية الإعلامية وخداع الشعوب بتصوير إسرائيل في دور الضحية ستنجح طويلا في تضليل الجمهور، متجاهلين أنها تحتل أرض شعب وتمارس جميع أشكال الاضطهاد مند 1948.
عبرت شعوب العالم عن إدانتها للجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني مطالبة بوقف الحرب فورا، ومعلنة أن مقاومة الاحتلال حق مشروع، ورافضة الدعاية الامبريالية وتبريراتها للسياسات الصهيونية الاستعمارية. ورغم القمع والتهديدات وطمس الحقائق امتلأت شوارع بلدان عديدة بالتظاهرات المتضامنة مع حق الشعب الفلسطيني في النضال حتى تحقيق أهدافه في العودة وتقرير المصير.
فرنسا: أبدت حكومة ماكرون حماسا كبير في دعمها المطلق لإسرائيل للانتقام وحذرت كل متضامن بالمتابعة بتهمة الإشادة بالإرهاب، وأنها ستُرحل أي أجنبي متضامن. وأطلق اليمين حملة شرسة ضد جون ميلونشون(مؤسس حزب فرنسا الأبية) الداعم لحق الشعب الفلسطيني في النضال لأجل استقلاله، كما طالب نواب من حزب ماكرون بحل قانوني للحزب الجديد المناهض للرأسمالية الذي رفع شعار ضد الحرب الاسرائيلية وأن للفلسطينيين الحق في المقاومة ولهم وحدهم يرجع تحديد صيغ تلك المقاومة. قررت الحكومة منع الاحتجاج التضامني مع فلسطين لكن بسبب الغليان الشعبي وتنظيم احتجاجات تعرضت للقمع وتحرك الشبيبة، قرر القضاء الفرنسي رفع المنع القانوني، نظمت بباريس مسيرة شارك فيها 30000 متظاهر-ة.
بريطانيا: سيرا على خطى الرئيس الأمريكي بايدن حج رئيس الوزراء البريطاني إلى إسرائيل تعبيرا منه عن دعمه لإسرائيل وتضامنه المطلق معها، معربا أن لها كامل الحق في التصرف وتأديب من تجرأ للمس بأمنها. تتحمل بريطانيا الامبريالية مسؤولية تاريخية في غرس إسرائيل بفلسطين باعتبارها دولة انتداب حينها من خلال “وعود بلفور”. يعرف ريتشي سوناك أن الجيش الصهيوني وعصابات المستوطنين يرتكبون جرائم يومية بشعة، ويقتلون بدم بارد الفلسطينيين ويستولون على أراضيهم ويخربون مزارعهم ويعلنون أنهم سيخيرون الفلسطينيون بين الإذعان أو النزوح خارجيا.
تعرف بريطانيا حركة قاعدية للتضامن مع الشعب الفلسطيني بعدة مدن، وتشهد الجامعات موجة مقاطعة للكيان الصهيوني والتضامن مع القضية الفلسطينية، رفعت لافتات كتب عليها شعارات بينها “الحرية لفلسطين” و”أوقفوا المجزرة” و”العقوبات لإسرائيل”. شارك في المسيرة 100000 متظاهر-ة.
أمريكا: انتقل جو بايدن وقبله وزير الخارجية والدفاع وسبقته حاملتا طائرات وفرقطات وإعلان عن الشروع في تدقيق الحاجيات العسكرية لمساعدة الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عدوانه، أول مرة يزور رئيس امريكي إسرائيل في حالة حرب تعبيرا عن دعم مطلق. اندفاع جو بايدن السافر هدفه أولا رفع معنويات الكيان الصهيوني الذي تعرض لضربة مباغتة في عز أزمة سياسية عميقة تعصف به منذ مدة، وحرصا منه على ردع محور إيران المناوئ لها من استغلال الوضع بالتدخل في الصراع الحالي. وأخيرا لكبح القيادة الصهيونية من اقتراف أخطاء بضغط من الرغبة الجامحة في الانتقام دون تروي ما قد يرتد بخسائر غير قابلة للإصلاح على الاستراتيجية الامبريالية بمنطقة حيوية لها.
رغم المنحى اليميني المتزايد في الولايات المتحدة الامريكية وصعود تيارات المسيحية الصهيونية الأشد دعما للطروحات الأشد رجعية في تصفية الشعب الفلسطيني، في المقابل يتوسع التضامن مع القضية الفلسطينية ويجد له قاعدة دعم وإسناد في تعارض تام مع السياسية الرسمية للحكومة الامريكية أكبر داعم مالي وعسكري وديبلوماسي للكيان الصهيوني، أهم التغيرات المعبرة حصلت في صفوف اليهود الأمريكيين المعارضين للسياسة الصهيونية الجارفة للحقوق الفلسطينية وبروز اليهودية المناهضة لإسرائيل ودورها في كسر إضفاء الطابع الديني على القضية الفلسطينية وطمس كونه صراع ضد احتلال تهجيري استيطاني.
ألمانيا: تبدي دولة ألمانيا الاتحادية معارضة شديدة لكل تضامن مع القضية الفلسطينية، وتمارس دعما مفتوحا لإسرائيل. تعاني المانيا من التاريخ الأليم للجرائم النازية ضد اليهود ومن تبعات المحرقة المشؤومة وتريد التكفير عن ذنب تاريخي بالتغاضي عن فضائع يرتكبها من كان بالأمس ضحية وتحول الان إلى جلاد. صرح أكثر من مسؤول أن الدولة لن تتساهل مع التضامن مع الإرهابيين وأنهم لن يسمحوا للدعاية الإرهابية بالتأثير. رغم التحذير والتهديد والخلط المتعمد لنزع الشرعية الأخلاقية عن المقاومة ضد المحتل، ومنع التظاهر بمبرر مناهضة العداء للسامية، عرفت برلين تظاهرات كبيرة انتصارا للقضية الفلسطينية وضد العدوان الإسرائيلي.
اليونان: عبر الشعب اليوناني عن إدانته للجرائم الإسرائيلية التي تحصد أرواح مدنيين أبرياء وطالبوا بالحرية لفلسطين. شهدت العاصمة أثينا أحد أضخم مسيرات التضامن الأممي.
اسبانيا: عرفت مدن مدريد وبرشلونة وإقليم الباسك تظاهرات شعبية كبيرة ومشاركة جمعيات ونقابات عمالية تعكس تقاليد قديمة من تاريخ الدعم لنضال الشعب الفلسطيني لأجل استقلاله.
التضامن الأممي أوسع بكثير
تكسرت الأكاذيب الصهيونية التي يروجها الإعلام الامبريالي، وانفضحت أضاليل المسؤولين الإمبرياليين الناكرين للحقائق الواقعية بسبب التقارير الإعلامية المباشرة التي هزت الشعوب. اسرائيل ليست حملا وديعا بل استعمار استيطاني قائم على جريمة كبرى هي سرقة أرض شعب آخر وإقامة دولة مستوطنين لا يمكنها ان تستمر في الوجود الا بارتكاب مزيد الجرائم لمواجهة أصحاب الحق وهم الفلسطينيون. يدفع واقع الاحتلال الشعب الفلسطيني لخوض جولات نضال تحرري لانتزاع استقلاله حقوقه الوطنية. ويدفع هذا الوضع الجميع للاختيار بين التضامن مع حق الشعب الفلسطيني لمقاومة المحتل أو دعم الكيان الصهيوني الغاصب كما حال الامبريالية والأنظمة الحاكمة بمنطقتنا.
التضامن مع النضال الفلسطيني لا يستدعي بالضرورة التطابق مع منظورات قيادة ذاك النضال وأساليبه. فالمقاومة الفلسطينية ليست وليدة اليوم بل هي ضاربة في القدم، قدم الاحتلال، وشهدت توالي قيادات متنوعة، وجربت أشكال نضال عديدة، ومرت بمنعطفات خطيرة. لكن الثابت دوما العزيمة المستمرة على النضال ضد المستعمر الغاصب رغم قوته والدعم السخي من القوي الامبريالية.
خيار النضال التحرري هو ما يحظى بالدعم من أنصار تحرر الشعوب ومناهضي الاستعمار في العالم وهو الصخرة التي ستحطم المؤامرات المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضا