ألمانيا: حركة إضرابية واعدة بوجه تحديات جدية
27 مارس: “إضراب عام” في قطاع النقل في ألمانيا
السبت 1 أبريل 2023،
بقلم هيلموت بورن
تخوض نقابة اتحاد الخدمات فيردي (ver.di) جولات مفاوضات جماعية عديدة في القطاعات التي تنظمها. الأولى كانت جولة المفاوضة الجماعية فيPost / DHL، والتي انتهت في 14 مارس باتفاق متواضع، رغم أن صاحب العمل، دويتشه بوست جروب، حقق أرباحًا غير مسبوقة.
جرى، منذ بداية القرن الجديد، توقيع اتفاقيات جماعية عدة في القطاع العام. هناك اتفاقيات جماعية للقطاعات المختلفة بالإضافة إلى اتفاقية جماعية للولايات الفيدرالية. هذا نتاج نزع الضبط، ولكن أيضًا بسبب سياسة التقشف في الثلاثين عامًا الماضية.
جولة المفاوضات الجماعية للفيدرالية والبلديات هي الجولة حيث كانت نقابة فيردي قادرة على تحقيق مطالبها بشكل أفضل. في البلديات، إذ أن أقسام فيردي المنظمة بقوة هي التي استطاعت تنظيم الضغط اللازم أثناء جولات التفاوض السابقة. يتعلق الأمر بأجراء وسائل النقل العمومي المحلية، والمطارات، وجمع النفايات، والمرافق العمومية، ولكن أيضًا عمال المستشفيات أو الحضانات.
تطالب فيردي بزيادة الأجور بنسبة 10.5٪، أي على الأقل 500 يورو شهريًا. ربما كان واضحا للجميع أن الأمر لن يكون سهلاً، خاصة وأن النقابتين الكبيرتين في الصناعة IG Metall (IGM) و IG Bergbau Chemie Energie (IG BCE) قد توصلتا إلى اتفاقات متواضعة للغاية العام الماضي دون الكثير من النشاط النضالي.
مفاوضات بدون نتائج
لم تكن هناك عروض جادة من الحكومات الفيدرالية والمحلية أتناء جولتي المفاوضات اللتين جرت حتى الآن في نهاية يناير وفبراير. ونتيجة لذلك، كثفت فيردي من أنشطتها النضالية بحيث قامت بخوض إضراب تحذيري أو أكثر في كل يوم من شهر مارس بمناطق مختلفة. [1] وهكذا، حظيت جولة المفاوضات الجماعية بتغطية إعلامية كبيرة وحصلت على دعم واسع بين السكان، رغم بقاء عربات الترام والحافلات في المستودعات لمدة تصل إلى 10 أيام وظلت حضانات عديدة مغلقة.
وفي فبراير، قدم اتحاد عمال السكك الحديدية والنقل (EVG) مطالبه الأجرية السنوية: زيادة 12٪ في الأجور، أي على الأقل 650 يورو شهريًا. انتهت جولة المفاوضات الأولى بعد بضع ساعات، وأعلنت قيادة EVG إنها ستنظم إضرابات لتعزيز موقفها. وهذا أمر غير معتاد بالنسبة لهذه النقابة، حيث إنها تعتبر داخل طيف النقابات الفردية المنضوية في DGB (TUC) مروضة إلى حد ما ومقربة من مجلس إدارة السكك الحديدية الألمانية.
وابتداء من منتصف مارس/آذار، انتشرت فكرة تنظيم يوم إضراب مشترك في قطاع النقل في بداية جولة المفاوضات الثالثة في القطاع العام يوم 27 مارس/آذار. قوبلت هذه الفكرة بداية بقدر كبير من الشك، حيث إنه ليس معتادا في ألمانيا أن تناضل النقابات العمالية المختلفة معًا.
أفسح هذا الشك المجال أكثر فأكثر للاستعدادات الملموسة، وفي 23 مارس أعلن قادة النقابات العمالية EVG وverdi في مؤتمر صحفي عن مشروعهما بشأن يوم عمل نضالي مشترك. كان جليا أن يوم الإثنين، 27 مارس، سيشهد إضرابا في مناطق عدة، على مستوى وطني تقريبًا، في المطارات والسكك الحديدية والموانئ والممرات المائية ووسائل النقل العمومية المحلية. ولاحقا، تكثفت النقاشات العامة، وبدأت بعض وسائل الإعلام في تحريض هائل ضد هذا الإضراب. ومع ذلك، لم يجد ذلك نفعا، لأن الرأي العام أيده إلى حد كبير.
في 27 مارس، توقفت وسائل النقل العمومي في جميع أنحاء ألمانيا. واضطرت المطارات إلى إلغاء جميع الرحلات الجوية تقريبًا، وحرص مراقبو إشارات السكك الحديدية على ألا تجري أي حركة للقطارات، وأوقف العمال حركة الشحن على الأرصفة، وغاب الترام أو الميترو عن المدن، وفقط حافلات الشركات الخاصة هي من واصلت العمل. لم تتحقق الفوضى المخيفة على الطرق السريعة وفي المدن الكبرى، لأن مستخدمين عديدون أخذوا إجازات أو، حيثما أمكن، عملوا من المنزل. وبالتالي، تم الإبلاغ عن عدد أقل بكثير من الاختناقات المرورية في ذلك اليوم مقارنة بأيام الإثنين العادية. فشل تماما تحريض بعض الصحف – أولاً وقبل كل شيء جريدة BILD – وكان يوم الإضراب هذا نجاحًا باهرا لـ Verdi و EVG.
وفقًا لفرانك ويرنيك، رئيس فيردي، انضم 70 ألف عضو جديد إلى النقابة أتناء الإضرابات التحذيرية في قطاع البريد وفي القطاع العمومي. يمكن للمناضلين النقابيين أن يحاججوا بمصداقية: حين يناضل الناس، تصبح الحركة النقابية أقوى مجددا.
ملاحظة: في ليلة 29-30 آذار/ مارس، أعلنت النقابات فشل الجولة الثالثة من المفاوضات بين “أرباب العمل” من جهة وفيردي وفدرالية الوظيفة العمومية الألمانية من جهة أخرى. ونتيجة لذلك، أعلنت وزيرة الداخلية نانسي فيسر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) أن “أصحاب العمل” سيطالبون بالتحكيم.
ترجمة المناضل-ة
رابط النص الأصلي
—
الحواشي
[1] في السنوات الأخيرة، جرى تطور في تنفيذ المطالب عبر “الإضرابات التحذيرية”. يتعلق الأمر بالنسبة لفيرديverdi، عادة بإضرابات طوال اليوم يجري خوضها في قطاعات مختلفة. فقط عندما يُعتقد أنه يستحيل الوصول إلى نتيجة يجري الإعلان عن فشل المفاوضات وبالتالي يجب إجراء اقتراع الأعضاء المنخرطين. اغلبية من 75٪ مطلوبة، وهكذا يمكن خوض إضرابات لا محدودة. تصرف النقابات، في كل من الإضرابات التحذيرية والإضرابات لأجل غير مسمى، “منح إضراب”، ولكن ليس لجميع المضربين، بل فقط لأعضائها المنخرطين.الحفاظ على الأجر الحقيقي: نضال جرى إفساده (نسفه أو تخريبه) في ألمانيا
جاكوب شيفر
اسبوعية انتي كبيتاليست – 654 (23/03/2023)
إن زيادات الأسعار في ألمانيا مرتفعة بصورة خاصة، إذ يتجاوز المعدل 8٪ منذ عدة أشهر. وفقا لمعهد البحوث الاقتصادية WSI، المقرب من النقابات العمالية، انخفضت الأجور الحقيقية بالفعل بشكل حاد خلال السنوات الثلاث الماضية والزيادة في تكلفة المعيشة (خاصة بالنسبة للغذاء والطاقة)، التي تسارعت بصورة كبيرة، تؤثر خاصة على الأجراء الأقل أجرا (الممرضون وسائقو الحافلات، إلخ).
في هذا السياق، ليس مستغربا أن تزداد مطالب التعريفات على نحو حاد في الأشهر الأخيرة، وإن كان ذلك ضد إرادة القيادات النقابية. وبالتالي، تطالب نقابة الخدمات العمومية فيردي Ver.di، بزيادة قدرها 10.5٪، أي ما لا يقل عن 500 يورو، لأجراء الخدمات الفيدرالية والبلديات؛ وطالبت ب 15٪ لعمال البريد كما تطالب نقابة EVG (أكبر نقابتي السكك الحديدية) ب 12٪، أي 650 يورو على الأقل. وستكون مدة كل اتفاق 12 شهرا.
الأجور محمية بصورة سيئة على المدى الطويل
لطالما انتقد المناضلون النقابيون اليساريون حقيقة أنه يجري، على المدى الطويل، إخفاء الخسائر الحقيقية في الأجور. هذا ما حدث في الخريف في الصناعة الكيميائية، ثم في المعادن والإلكترونيات. وفي الآونة الأخيرة، أبرمت نقابة Ver.diفيردي اتفاقية جماعية لصالح عمال البريد التي ستؤدي، بسبب امتدادها على سنتين، إلى خسارة في الأجور الحقيقية (اعتمادا على الراتب الشهري) بين 5 و7.5٪ (ما سيكون أعلى إذا تجاوز معدل التضخم 8٪).
يجري تسهيل مناورة الخداع بشكل أكبر عبر “السم الحلو للمدفوعات الفريدة”. كانت الحكومة قد قررت بالفعل في الخريف إعفاء قسط تعويض التضخم الذي يمكن أن يصل إلى 3000 يورو من المساهمات الاجتماعية والضرائب. وهكذا تشتري النقابات اتفاقا تقدمه على نحو إيجابي لأعضائها، ولكن لا تؤخذ الدفعة الفريدة بالاعتبار في شبكة الأجور وبالتالي لا تساهم على المدى الطويل في حماية الأجور الحقيقية.
إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في البريد مؤسف على نحو خاص لسببين: من ناحية، خاض الأجراء إضرابات تحذيرية (إضرابات استمرت بضع ساعات ومظاهرات) بمشاركة عالية ثم صوتوا بنسبة 86٪ لإضراب شامل خلال تصويت أعضاء نقابة فيردي في قطاع البريد. كان الأعضاء متحمسين ومستعدين للكفاح. ثانيا، حققت هذه المجموعة أرباحا تشغيلية تزيد عن 8 مليارات يورو أتناء العامين الماضيين.
بيروقراطية عالية
لا تعود حقيقة كون البيروقراطية النقابية تبطئ النضال فقط إلى الخوف من الصراع الذي يمكن تفسيره سياسيا (البيروقراطية مدمجة جدا أيديولوجيا في النظام). إن أحد أسباب ذلك مادي. من ناحية، يتعلق الأمر بالامتياز المادي الذي تتمتع به في ألمانيا الرتب العليا من الجهاز النقابي، الممول من مساهمات العضوية. ومن ناحية أخرى، فإن البيروقراطيين رفيعي المستوى – ولاسيما في نقابات الوظيفة العمومية – فاسدون ماديا في الوقت نفسه في خدمات الدولة (على سبيل المثال في مجالس الإشراف على الشركات العمومية).
لا يزال تصويت أعضاء نقابة فيردي في قطاع البريد بشأن نتيجة المفاوضات جاريا، ولكن سيكون مستحيلا إلى حد ما الحصول على 75٪ من الأصوات السلبية، وهو أمر ضروري لرفض الاتفاقية.
الأمر المدمر هو أن نتائج المفاوضات في قطاع البريد سوف تخلف تأثيرا سياسيا كارثيا على المفاوضات الجماعية في القطاع العام (الذي يفترض أنه “لا يحقق أرباحا”). ستجري المفاوضات الحاسمة في هذا القطاع نهاية مارس ويخشى اليسار النقابي مثل هذه النتيجة السيئة. يدعو المناضلون النقابيون اليساريون إلى رفض الاتفاقية في قطاع البريد ويأملون أن يدرك نقابيو الوظيفة العمومية والسكك الحديدية استحالة الاستمرار على هذا النحو. إننا بحاجة إلى سياسة أجور مختلفة، ونحتاج قيادة نقابية أخرى، وفي الأساس نحتاج إلى منظمات نقابية مختلفة تماما. وهذا هو سبب مراقبتنا للوضع في فرنسا أيضا، لأننا نرى هناك أمورا: من يقاتل قد يخسر، ومن لا يقاتل فقد خسر
ترجمة المناضل-ة
رابط النص الأصلي
اقرأ أيضا