تمتين التحالف بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي وواجبات مناهضيه
تحل الذكرى الثانية لتوقيع الاتفاق بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي تحت رعاية الإمبريالية الأمريكية يوم 22 ديسمبر 2020. منذئذ تسارعت وتيرة تمتين العلاقات بينهما شاملة الاقتصاد والتعاون الأمني والاستخباري والمجالات الثقافية والجامعية والرياضية… إلخ.
مؤخرا صادق مجلس النواب المغربي على مرسومين، الأول بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري الموقع اتفاقه في 21 فبراير 2022، والثاني حول الخدمات الجوية بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الكيان الصهيوني الموقع اتفاقه في 11 غشت 2021.
لا يتعلق الأمر بتطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي، فهذه قديمة قدم نشوء الكيان الصهيوني وقيام دولة الاستقلال الشكلي، رغم أنه غير معلن في معظم الأوقات. وإن اضطر، تحت ضغط موجة التضامن الشعبي مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية سنة 2000 إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، فقد عاد ليستأنفه بسفور ابتداء من ديسمبر 2021.
يتعلق الأمر بتحالف استراتيجي بين النظامين مندرج في استراتيجية كبرى لإمبريالية الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل ضمان نفوذها في منطقة مهمة هي الشرق الأوسط، وغزو قارة واعدة بفرص النهب والاستثمار في إفريقيا، والوقوف بوجه منافسين إمبرياليين آخرين وعلى رأسهم الصين في المرتبة الأولى، وروسيا في المرتبة الثانية.
أثناء تقوية هذا التحالف شهدت أراضي 1948 بفلسطين انتفاضة انطلقت من حي الشيخ جراح بالقدس في ماي 2021، ورغم محاولة النظام المغربي تسويق نفسه كداعم للحق الفلسطيني حتى وهو يقوي التحالف مع الكيان الصهيوني، فقد استمر في التأكيد على تلك العلاقات مع كيان يقتل شعبا منتفضا ودولة تدعي مناصرة حقوق نفس الشعب. فبعد شهرين من اندلاع تلك الانتفاضة حل رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، في زيارة عمل للرباط، التقى إبانها كبار المسؤولين العسكريين المغاربة ناقشت تعزيز التعاون الثنائي في مجال الدفاع بين وزارتي الدفاع الصهيونية والمغربية.
لم يعد التطبيع رسميا وحسب، بل يجري لغرسه شعبيا وجعله مقبولا، بوجه التطلعات الشعبية المناصرة لنضال الشعب الفلسطيني، استعمال وسائل الإعلام وأشكال التبادل الثقافي والعلاقات بين الجامعات وتشجيع السياحة، وتصوير العلاقات بين النظامين على أنها تخدم مصالح “الأمة”.
رغم قمع وخنق أي رأي مناهض للاتجاه الرسمي للدولة المغربية وتسويق التطبيع بمثابة نفع للبلد بخصوص قضية الصحراء بفتح الولايات المتحدة قنصلية لها في مدينة الداخلة إشارة إلى اعترافها بمغربيها، رغم كل هذا تظهر إلى السطح مشاعر التضامن مع فلسطين وشعبها. وقد كان رفع الراية الفلسطينية من طرف لاعبي المنتخب المغربي أثناء كأس العالم بقطر 2022، ونشاط واحتجاجات الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، دلائل استمرار مناهضة الصهيونية، رغم كل مجهودات الدعاية الرسمية الجبارة.
ستتكشف هذه الأوهام تحت محك الجرائم المشينة التي يقترفها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، وما تستثيره من انتفاضات شعبية، خصوصا بعد تشكيل حكومة جديدة فاشية صهيونية، قد تعطي للاستيطان أبعادا خطيرة، وما يوازيها من تهجير الفلسطينيين والاغتيالات الميدانية وهدم البيوت، إلخ. آنذاك ستنكسر ازدواجية النظام المغربي، بين تحالفه الاستراتيجي مع الكيان المُغتصِب وادعاء مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني ويرتمي إلى جهة بعينها.
إن القضية الفلسطينية قضية تصفية استعمار استيطاني يواجهه الشعب وعموم جماهير المنطقة بمقاومة وطنية تلقى دعم كل المناضلين- ات الأمميين. واجبنا جميعا، أن نبقي تلك المشاعر متقدة، وأن نسير ضد التيار الجارف الجاري لتقوية التحالف بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي. مع الحرص على ربط النضال ضد “التطبيع” بالنضال ضد الامبريالية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الساعية إلى إبقاء الشرق الأوسط ضمن نفوذها وغزو القارة الإفريقية اقتصاديا ونهب ثرواتها ومواردها.
المناضل-ة
اقرأ أيضا