مؤتمر المناخ السابع والعشرون: انتصار لرأس المال الأحفوري
بقلم : دانيال تانورو Daniel Tanuro
مُنيت السياسة المناخية للرأسمالية الخضراء، بأبعادها الثلاثة (التخفيف، والتكيف، والتمويل)، بالفشل في قمة شرم الشيخ (6-18 نوفمبر 2022). كاد الاتحاد الأوروبي، بطل الرأسمالية الخضراء، ينسحب. ومن ناحية أخرى، انتهى المؤتمر بانتصار رأس المال الأحفوري1.
يعد هذا الانتصار في المقام الأول نتاج السياق الجيوسياسي لما بعد الخروج (؟) من الجائحة وزادت من حدته الحرب العدوانية الروسية على الشعب الأوكراني. دخلنا بالفعل ظرفية تنافس إمبريالي متنام وإعادة تسلح شامل. إن الحروب، إذا جاز التعبير، لا تزال محلية، ولم يجر إعلانها جميعا بعد، لكن احتمال نشوب حريق يقض مضجع جميع القادة الرأسماليين. وحتى لو كانوا لا يريدونها، فإنهم يستعدون لها، وهذا التحضير يستتبع، على نحو مفارق، تسريع تطوير الطاقات المتجددة وزيادة استخدام الوقود الأحفوري، وبالتالي توسعا كبيرا في إمكانيات الربح للمجموعات الرأسمالية الكبيرة المنتجة للفحم والنفط والغاز … ولرأس المال المالي الماثل خلفها.
الرعاية الرأسمالية
ثانيا، إنه نتيجة لطبيعة سيرورة مؤتمر الأطراف ذاتها. منذ باريس، تصعدت الرعاية الرأسمالية لهذه القمم. وفي شرم الشيخ، يبدو أن الكم قد تحولت إلى نوع. فمن بين الشركات العشرين الراعية للحدث، ثمة شركتان فقط لا صلة لهما، مباشرة أو مداورة، بصناعة الوقود الأحفوري. لقد أرسلت جماعات الضغط المعنية بصناعة الفحم والنفط والغاز أكثر من 600 مندوب إلى المؤتمر. ويجب أن يضاف إليهم “المتسترون الأحفوريون” في وفود العديد من الدول (بما في ذلك ممثلو الأوليغارشية الروسية الخاضعة للعقوبات!)، ناهيك عن الوفود الرسمية التي تتألف فقط من هؤلاء “المتسترين”، ولاسيما تلك الخاصة بممالك النفط في الشرق الأوسط.
يبدو أن كل هذه الحثالة الأحفورية قد غيرت التكتيك، إذ عوض إنكار تغير المناخ، أو أصله “بشري المنشأ”، أو دور ثاني أوكسيد الكربون CO2، ينصب التركيز الآن على “الأحفورات النظيفة” وتقنيات إزالة الكربون. نظم وفد الإمارات (ألف مندوب!) حدثا على هامش البرنامج الرسمي لجذب الشركاء للتعاون في مشروع “نفط أخضر” ضخم يتكون (بغباء، لأن التكنولوجيا معروفة) من حقن CO2 في حقول النفط، للحصول على المزيد من النفط… الذي سينتج عن احتراقه المزيد من CO2.
من المسؤول؟
ويأتي دور عامل ثالث، أي دور الرئاسة المصرية. أثناء الجلسة العامة الختامية، شكرها ممثل المملكة العربية السعودية باسم بلده وجامعة الدول العربية. لقد حققت ديكتاتورية الجنرال السيسي بالفعل أداء مزدوجا: ترسيخ نفسها كبلد يمكن زيارته على الرغم من القمع الشرس لأي معارضة، من ناحية؛ والتظاهر بأنها الناطق الرسمي باسم الشعوب المتعطشة إلى العدالة المناخية، وخاصة بأفقر قارة في العالم… على الرغم من أنه كان يتصرف في الواقع بالتواطؤ مع أكثر المستغلين الأحفوريين عنادا، الأثرياء لدرجة أنهم لم يعودوا يعرفون ماذا يفعلون بثروتهم.
وأضاف الممثل السعودي في كلمته الختامية ما يلي: “نود أن نصر على أن الاتفاقية [اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ] يجب أن تتعامل مع الانبعاثات، وليس أصل الانبعاثات”. وبعبارة أخرى: دعونا نستغل ونحرق الوقود الأحفوري، ولا حاجة لإزالة مصدر الطاقة هذا، وما علينا سوى التركيز على كيفية إزالة CO2 من الغلاف الجوي، عن طريق “تعويض” الانبعاثات (احتجاز الكربون وتخزينه، ومزارع الأشجار، وشراء “حقوق التلوث”، إلخ).
تذمر الأوروبيون وتجرعوا الاهانة: “إن إمكانية البقاء دون الـ 1.5 درجة مئوية أصبحت منخفضة للغاية وتكاد تزول”، هذا ما يقولون في جوهر الأمر. إنها الحقيقة، ولكن من هو المسؤول؟ سيكون سهلا للغاية إلقاء المسؤولية على الآخرين. وفي الواقع، أبطال الرأسمالية الخضراء هؤلاء عالقون في منطقهم النيوليبرالي: إنهم لا يؤمنون سوى بالسوق؟ حسنا إذن، لقد هيمنت الأحفورات، التي تهيمن على السوق، على مؤتمر المناخ…
لم يجرؤ أحد، هذه المرة، على القول، كالعادة، إن مؤتمر الأطراف هذا، “وإن كان مخيبا للآمال”، إلا أنه كان “خطوة إلى الأمام”. وفي الواقع، هناك أمران واضحان وضوح الشمس الآن:
– لن تكون هناك “خطوات” حقيقية “إلى الأمام” بدون تدابير جذرية مناهضة للرأسمالية ومناهضة للإنتاجوية؛
– لن تنبثق تلك التدابير من مؤتمر المناخ، بل من النضالات وتضافره.
- مقتطفات من “النصر الأحفوري في شرم الشيخ : لم يبق سوى النضال”، الإنترنت على الرابط التالي
المصدر:
Hebdo L’Anticapitaliste – 639 (01/12/2022)
ترجمة المناضل-ة
اقرأ أيضا