الصّين/مُؤتمر الحزب الشيوعي الصيني: أزمةُ نظام مُجمدة
بقلم: بيار روسيه
تبدأ أشغال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني العشرين يوم 16 تشرين الأول/ أكتوبر. سيعاد انتخاب شي جين بينغ رئيسا ظافراً لولاية ثالثة. لن تطرح حصيلته للنقاش في حين أن البلد يعاني من أزمة نظام كامنة.
استفادت بكين من ظروف مواتية إلى أبعد حد لسياستها التوسعية في العالم. بات البلد اليوم ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وجنة المنشآت العابرة للأوطان، في قلب السوق الرأسمالية. وعلى الرغم من انحدار الولايات المتحدة الأمريكية انحدارا نسبياً، فإن مرتبتها لا تزال الأولى في جميع المجالات (تقريبا)، ولكنها كانت حتى وقت قريب بلداً عاجزاً عن التحرك استراتيجيا في آسيا. أصبحت الصين قوة عالمية (أول شريك تجاري في أمريكا اللاتينية!) بجيش ذي طابع حديث، وممركز حول الطيران البحري. انتهى هذا العصر الذهبي بقيادة شي جين بينغ مع صدمة جائحة كوفيد-19، ونهاية دينامية عولمة السوق، وإعادة تركيز واشنطن برئاسة جو بايدن على آسيا والمحيط الهادئ بنجاح، وبروز الاضطرابات المالية حالياً وتفاقم مخاطر الأزمة الاقتصادية.
ديكتاتورية زمرة وحيدة
يتعين على القيادة الصينية في مثل هذه الوضع ابداء قدر كبير من قابلية التكيف، بما في ذلك في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولو في محاولة تجنب ركود عالمي. لكن هل يسمح النظام السياسي الذي أنشأه شي جين بينغ (من خلال عمليات تطهير) بذلك؟ يمكن الشك في ذلك بقدر ما ان النظام ملتف حول رجل وزمرته.
ما من أحد كان بوسعه تولى منصب رئاسة الحزب لأكثر من فترتين متتاليتين: فرض شي جين بينغ تعديلا دستوريا يزيل كل القيود المفروضة. كانت نواة القيادة مرغمة على ضمان حد أدنى من روح تدبير جماعي بين فصائل واعداد جيل جديد للخلافة؛ هذا الأمر انتهى الآن. بات الحزب حصريا تقريباً متكفلا بتدبير حكم البلد، على حساب الجيش والإدارات الحكومية أو الإقليمية. يتلخص مشروع شي جين بينغ في إبدال ديكتاتورية الحزب الوحيد بدكتاتورية الزمرة الوحيدة. يأمل في تكريس هذا الطموح، من خلال إعادة انتخابه لولاية ثالثة على رأس الحزب الشيوعي واللجنة العسكرية في اللجنة المركزية، وكذلك رئيس جمهورية الصين الشعبية في الاجتماع المقبل لمجلس الشعب الصيني، وعن طريق رفع «فكره» إلى درجة أعلى من مستوى فكر ماو.
الصعوبات قائمة
مع ذلك، هل يمكن أن تؤدي جملة متتالية من ضغوطات دائمة إلى إخضاع حزب من 90 مليون عضو في بلد-قارة؟ هذا مرجح بقدر استمرار دينامية النمو والتوسع. لكن إعادة انتخاب شي جين بينغ لن تحل أيا من المشاكل التي تواجهها الصين اليوم. احتل القطاع العقاري مكانة كبيرة في النمو المحلي وفي الحلم الصيني (أن يصبح الصيني مالك بيت). يعاني هذا القطاع اليوم من ركود عميق (أزمة رأسمالية للغاية من فيض الإنتاج) وتحول الحلم إلى كابوس يقض مضجع أناس كثر فقدوا مدخراتهم المستثمرة في شقق (وحتى مدن) لن تشيد بأي وجه. من المؤكد أن الدولة متحكمة في الديون العقارية (لسنا في الولايات المتحدة الأمريكية)، لكن هذه الأزمة ستكون مؤلمة، كما كان مؤلما تدبير جائحة كوفيد 19 تدبيرا صارما إلى أبعد حد، بإشراف مميز من شي جين بينغ كما يعتقد، ما يثير ردود فعل ناجمة عن رفض شعبي عنيف.
قضايا جيوستراتيجية
تظل الصين، على الرغم مما حققت من تطورات تكنولوجية عديدة، عاجزة على تدارك تأخرها في إنتاج أشباه الموصلات راقية الجودة، في حين أن جو بايدن نهج سياسة عدوانية لتعزيز هيمنة الولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال (تُنتج أشباه الموصلات عالية الجودة في تايوان وكوريا الجنوبية، ولكن براءات اختراعها بيد شركات أمريكية).
تتمتع بكين جيوسياسياً بمجال مناورة واسع في بلدان الجنوب، لكن مجالها في أوربا بات ضيقاً في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، إذ أصبح بوتين، هذا الحليف الاضطراري، كابوس شي جين بينغ أيضا. لم تكن قيادة الحزب الشيوعي الصيني على الأرجح توقعت مدى الهجوم المضاد الأمريكي، بمجرد تنفيذ واشنطن عملية إعادة التركيز على آسيا. ليست الحرب الصينية الأمريكية ذات طابع راهني (نأمل ذلك)، وتظل درجة ترابط هذين البلدين في مستوى رفيع، ولكن من المتوقع غداة المؤتمر العشرين، اشتداد النزاع حول تايوان وتوسيع مجاله بسبب المنافسة العالمية.
ترجمة المناضل-ة
المصدر: أسبوعية لونتي كابيتاليست L’Anticapitaliste عدد 632 بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2022
اقرأ أيضا