لا لفرض “جواز التلقيح” وضد استعماله لقمع الحريات الديمقراطية والهجوم على الحق في العمل، نعم للتدابير الوقائية ولضمان الحق في اللقاح
كشفت جائحة كورونا- 19 الوضع الكارثي للصحة العمومية وعجزها البيّن، إبّان دُروة انتشار الفيروس، وأبانت عن ضعف كبير كلف خسائر في أرواح عديدة، بسبب نفاذ الاوكسجين الطبي، وتأخر التدخل الطبي العاجل. لا يمكن إخفاء الحقائق بدعاية استعراضية لا تُغير من حقيقة الواقع. إن تقوية الصحة العمومية يتطلب رفع الميزانية المخصصة لها، وزيادة أعداد أطرها الطبية والتمريضية والتقنية، وتحسين ظروف عملهم ودخلهم.
لم تختلف سياسة الدولة في قطاع الصحة أثناء الحجر الصحي وبعد رفعه جزئيا، عن مجمل سياستها النيوليبرالية لعقود خلت: تسليع الخدمات العلاجية، وتشجيع القطاع الخاص مع استهداف لغير القادرين- ات على الأداء، وهو استهداف أبان عن عجزه تمتيعَ ملايين الكادحين- ات بخدمات صحية جيدة.
منذ امتداد الجائحة اعتادت الدولة سياسة الهروب من الحلول الحقيقية، وفرضت حجرا صحيا في غياب شروط نجاعته: تشغيل واسع للأطباء والممرضين-ات، بناء المستشفيات، مجانية العلاجات والاختبارات، فهذا يتناقض تماما مع المنظور التقشفي الذي يُعتبَر من الثوابت الدستورية للدولة. لذلك نهجت الدولة الاستبدادية نهج الضبط القمعي/ الأمني: تضييق حرية التنقل باستحداث إجازات لذلك وغرامات على المخالفين- ات، وها هي تستكمل هذا النهج بفرض جواز التلقيح.
أصدرت الحكومة قرارا يوم 18 أكتوبر2021 بموجبه يفرض إجباريا الإدلاء بجواز التلقيح شرطا للولوج لفضاءات ومرافق عامة ومقرات العمل العمومية والخاصة والتنقل بين المدن ولاستعمال وسائل النقل.
يندرج هذا القرار بمضمونه وبطريقة اتخاده في نفس منهجية تدبير الدولة للجائحة منذ مارس 2020، المرتكز على تشديد القوانين والإجراءات القمعية لخنق الأنفاس، وانتشار مظاهر احتقار المواطنين باستعمال العنف الجسدي واللفظي في الشارع العام، كما انتشرت مظاهر عسكرة المدن، وهيمنة جهات غير طبية على مختلف مسارات عملية التلقيح. لقد استُغلت جائحة كوفيد19 لتعزيز استبدادية الدولة وقمع الحريات الديمقراطية الزهيدة أصلا.
فرض جواز التنقل ضمن تحايل من الدولة وتواطؤها مع شركات اللقاح التي ترفض كليا تحمل أدنى مسؤولية عن تبعات الأعراض الجانبية لهذه اللقاحات (تعويضا ومسؤولية معنوية). لم تُصدر الدولة مرسوما حول إجبارية اللقاح واعتبرته اختياريا ولكنها فتحت باب فرضه عبر التضييق عن حريات التنقل والولوج إلى الفضاءات العمومية: جوازات التنقل والغرامات المصاحبة لها، والآن عبر “جواز التلقيح”. هكذا يتحمل المواطنون- ات مسؤولية تلقي جرعات اللقاح الاختياري، عبر إجراءات قسرية غير مباشرة.
اندفاع الدولة لفرض قرارات وإجراءات قمعية، تمس بالحقوق الخاصة والحريات العامة بذريعة الوقاية الجماعية، يصب في أحكام الطوق الاستبدادي الدي تعرض للتشقق تحت ضربات السيرورة الثورية بمنطقتنا سنة 2011.
إننا في تيار المناضل-ة:
- نرفض المس بالحريات الفردية وبالحريات الديمقراطية باختلاق ذرائع لا مبرر لها وباستغلال المخاوف الجماعية من مخاطر جائحة كوفيد19.
- ندين الهجوم على الحق في العمل، ومتابعة الدراسة، والتنقل، والحق في الاحتجاج باشتراط جواز التلقيح.
- نؤكد أن النضال لأجل صحة عمومية جيدة ومجانية وبتحسين نوعي لظروف حياة المغاربة أفضل أسلحة للحرب على الجوائح المرضية القادمة. وهي مهمة الحركة النقابية بالدرجة الأولى إلى جانب الحركة الحقوقية وكل هيئات النضال الشعبي.
تيار المناضل-ة
23 أكتوبر2021
اقرأ أيضا