نضالُ عمال فنادق موكادور ضد الطرد الجماعي: معركة كل عمال المغرب
تنتشر مجموعة فنادق موكادور التابعة ليينا هولدينغ، في عدة مدن بالمغرب. تضم سلسلة الفنادق التي أنشأت عام 1999، 12 فندقًا في خمس مدن (مراكش، الدار البيضاء، الصويرة، طنجة وأكادير، ومركز مؤتمرات يتسع لـ 5000 مقعد. وتُعتبر من بين أكبر المجموعات الفندقية بالمغرب. يعمل لدى المجموعة آلاف العمال- ات بين مرسمين- ات ومؤقتين- ات، ففي مراكش لوحدها التي تضم 5 فنادق، يصل عدد العاملين- ات المرسمين-ات إلى حوالي 700 عامل-ة.
توسُّع الاستثمارِ في القطاع السياحي متواصلٌ، بفضل الدعم العمومي المستمر الذي يستفيد منه الرأسماليون: إعفاءات ضريبية وقروض ميسرة ويد عاملة مؤهلة وبخسة الأجور. يضخم الرأسماليون أرصدتهم البنكية ويحملون العمال-ات وأسرهم- هن تبعات تراجع الأرباح خلال الأزمات أو بسبب خلافات فيما بينهم، فيقلصون الأجور أو يغلقون أماكن العمل ويسرحون العمال-ات جماعيا.
كباقي أرباب العمل يستغل مالكُو فنادق موكادور ظروف الجائحة، والظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها البلد، وأزمة القطاع السياحي على الخصوص، للتخلص من العمال-ات المرسمين-ات والنيل من مكتسباتهم-هن، وتشغيل عمال-ات جدد بدون أدنى الحقوق وبأجور البؤس.
استثمار ظروف الجائحة لاستغلال العمال-ات
استفاد أرباب العمل من الدعم بملايير الدراهم، واستغلوا ظروف الجائحة، لتحميل العمال-ات كلفة الأزمة، عبرالتخلص من العمال-ات المرسمين-ات، ومن الحقوق المتراكمة لعقود، وتشغيلهم-هن دون تكلفة، مقابل الاستفادة من تعويضات صندوق كورونا عبر صندوق الضمان الاجتماعي فقط، مع حرمانهم-هن من أبسط الحقوق.
قامت مجموعة فنادق موكادور بمراكش منذ بداية الجائحة بتوقيف العمل. استفاد العمال-ات الرسميين- ات من التعويضات المقدمة من طرف صندوق كورونا عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في حين سرحت عشرات العمال-آت المؤقتين-ات، دون أدنى تعويض.
جرى استدعاء حوالي 40 عامل-ة، أثناء فترة الحجر الصحي، في وحدة موكادور منزه (عبارة عن شقق فندقية)، لاستئناف العمل دون مستحقات، باستثناء تعويض صندوق كورونا: 2000 درهم، ورفض بعض العمال-ات الاشتغال في هذه الشروط، مع حرمانهم-هن من استراحة الغذاء ومن التغذية التي كان يوفرها لهم الفندق قبل الجائحة.
يتراوح الأجر الأساسي لعمال-ات سلسلة فنادق موكادور بين الحد الأدنى للأجور و6000 درهم. أما بالنسبة للأقدمية فتختلف من عامل-ة لآخر وتصل إلى حوالي 22 سنة عند بعض العمال- ات.
بمجرد توقف صرف تعويضات صندوق كورونا، توقفت استفادة العمال-ات من التعويضات العائلية والتغطية الصحية الإجبارية، بسبب تملص رب العمل من أداء التحملات الاجتماعية لدى صندوق الضمان الاجتماعي رغم تصريحه باستمرار العلاقة الشغلية.
في الوقت الذي جرى فيه توقيف فنادق مراكش وفندق أكادير عن العمل، وقبلهم بسنوات فندق الصويرة، لا زالت بعض فنادق المجموعة مستمرة في العمل من بينها فندق بطنجة (خمس نجوم)، وفندقين (5 و4 نجوم) بالدار البيضاء.
طرد مئات العمال والعاملات
قرر العمال-ات استئناف العمل، بمجرد توقف تعويضات الصندوق، وتوجهوا للفنادق بتاريخ فاتح يوليوز 2021 ليصطدموا بتغيير عمال الحراسة القدامى للفنادق بآخرين جدد تابعون لشركة المناولة “أثينا”، وإغلاق الأبواب في وجه العمال-ات ومنعهم-هن من ولوج الفنادق. كما تم طرد النزلاء وتوقيف العمال-ات من الوحدة المشتغلة “موكادور منزه”. أمام هذه الوضعية قام العمال-ات باستقدام مفوض قضائي لتحرير محضر يوثق المنع من الدخول لمقرات العمل.
بادر العمال-ات بمحاولات للتواصل مع المسؤولين (على مستوى إدارة الفندق وعلى مستوى الولاية)، رُفضت محاولات اللقاء بمسؤول بدعوى عدم توفرهم- هن على تمثيلية قانونية.
قام العمال-ات المطرودون-ات لأربع وحدات فندقية بتأسيس مكاتب نقابية، حيث التحقوا بنقابة الاتحاد المغربي للشغل، التي كان عمال-ات فندق موكادور بلاص أكدال ينتظمون تحت لواءها.
وحوارات وتماطل لكسب الوقت
في جولات الحوار التي تجري منذ شهور، بين ممثلي العمال-ات، وممثلي الفندق، بحضور ممثلي نقابة الاتحاد المغربي للشغل، وممثلي السلطة وممثلي مفتشية الشغل، يظهر أن المسؤولين عن فنادق رياض موكادور، يحاولون كسب الوقت، لزرع اليأس والشك في نفوس العمال-ات. فالمقترحات تبين أن المسؤولين عن سلسلة الفنادق، لا تهمهم الأوضاع الاجتماعية للعمال-ات الموقوفين-ات عن العمل لما يزيد عن السنة، ولا يكترثون للسنوات التي أفناها العمال-ات في العمل، ليراكم مالكو مجموعة موكادور الأرباح والثروات.
تقوم الإدارة من خلال مصلحة الموارد البشرية، بالاتصال فرديا بالعمال-ات، مُحاولةً إقناع كل عامل-ة بالاستقالة مقابل الاستفادة من تعويضات هزيلة تقدر بـ %25 من مستحقاته-ا (تعتمد الإدارة في احتساب التعويض على الأجر الأساسي- غالبا الحد الأدنى للأجور- دون أخذ بالاعتبار الحوافز والعلاوات والتعويضات)، يُشاع بين العمال-ات أن حوالي 60 عامل-ة قبلوا بهذا الحل، في حين تروج الإدارة أن عدد المستقيلين-ات تجاوز المائة عامل-ة.
كما أكدت الإدارة في جلسة حوار أثناء انعقاد اللجنة الإقليمية للبحث والمصالحة يوم 27 شتنبر 2021، أن العلاقة الشُّغلية بين الفنادق والعمال-ات لا زالت قائمة، وأن العمل سيُستأنف بعد شهر رمضان 2022، لكن بدون أجور أو تعويضات، ما يطرح علامات الاستفهام، على الكيفية والوسائل التي سيعيش بها العمال-ات وأسرهم إلى ذلك الحين.
الرد العمالي
منذ بداية شهر يوليوز قام العمال-ات بتأسيس فروع نقابية، تابعة للإتحاد المغربي للشغل، من أجل التصدي لطردهم- هن من العمل، كما قاموا بالعديد من الأشكال الاحتجاجية المختلفة: جرى تثبيت معتصم أمام فندق رياض موكادور منارة، وتنظيم دوريات لحضور المعتصم والأشكال الاحتجاجية، كما يتم تنظيم وقفات كل يوم تقريبا، أمام الفندق أو أمام فروع أخرى كأسواق السلام التابعة ليينا هولدينغ. كما قام العمال-ات بالتنقل من مراكش، وبالتنسيق مع عمال-ات رياض موكادور بأكادير المطرودين- ات من العمل، لتنظيم وقفة احتجاجية أمام المقر المركزي للفنادق بالدار البيضاء يوم الخميس 23 شتنبر 2021. ولا يزال الاعتصام المفتوح بمراكش والاحتجاجات مستمرة إلى غاية تحقيق المطالب المشروعة.
ليس ما جرى من توقيف لعمال-ات مجموعة فنادق رياض موكادور استثناء فطرد العمال من العمل، طال أيضا عمال-ات وحدات فندقية أخرى بمراكش، كفندق كنزي منارة بلاص، الذي قام رب عمله بطرد وتشريد حوالي 30 عامل-ة بما فيه جميع أعضاء-ات المكتب النقابي، ومنتجع البهجة النخيل الذي سرّح حوالي 80 من العمال-ات. وبدون أدنى شك فالوضع يشمل عشرات الفنادق ودور الضيافة، والمعامل والأوراش…وهذا ليس إلا صورة عما ينتظر عمال-ات باقي القطاعات، إن لم يمنع الرد العمالي الموحد ذلك.
لهذا يجب التعاون بين أنصار الطبقة العاملة والقواعد العمالية، بغض النظر عن انتمائهم النقابي وتنوع مهنهم، لتجسيد التضامن مع العمال-ات الذين يرمي بهم-هن أرباب العمل نحو البطالة القسرية، بغية كسر شوكة التنظيم النقابي بالقطاع السياحي على غرار باقي القطاعات.
بالتضامن العمالي وتوحيد الصفوف وتوسيع حملة التعبئة والنضال المستمر سنتمكن من رد عدوان أرباب العمل وحكومتهم على حقوق الطبقة العاملة وتحصين مكتسباتها.
بقلم: المراسل
اقرأ أيضا