صورة من مغرب الصمود: شغيلة الصيانة والأمن الخاص في  الطرق السيارة يستكملون عاما من الاحتجاج في عزلة شبه تامة

بعد أقل من أسبوعين ، سيستكمل صمود عشرات من أجراء الطرق السيارة بالمغرب عاما كاملا. إنهم عمال الحراسة والصيانة الذين بدؤوا الاحتجاج  والمطالبة بإرجاع أربعة مطرودين. وجرى المألوف من تفاوض  ووعود غير ملتزم بها من قبل شركة المناولة، وتنكر كلي من قبل شركة الطرق السيارة بالمغرب، ثم تسريح جميع المعتصمين، يليه نقل المعركة الى الرباط، وما يزال عدد من العمال في اعتصام بمقر الاتحاد الجهوي للاتحاد المغربي للشغل. [انظر استجواب كاتب النقابة  بالرابط التالي : https://www.almounadila.info/archives/10107

رغم كل أساليب القمع، من تهديد مباشر في الشارع، الى دعاوى بالمحاكم، استمر العمال في الاعتصام في ظروف بالغة الصعوبة، فكيف لهم ان يتدبروا مقومات مواصلة الاحتجاج، وإعالة الأسر؟ هذا كله في ظروف نقص التضامن وتجاهل معظم الإعلام.

الحقيقة أن طول مدة هذا الاحتجاج لا يعود حصرا الى رفض الشركة المشغلة ارجاع المطرودين، بل بسبب نقص قوة الضغط عليها. فهي قامت بتشغيل عمال مكان المطرودين، وحلت بذلك مشكلتها. ولم يبق لضحاياها تأثير على سير العمل من شأنه اجبارها على التفاوض معهم.

في مثل هذه الحالة ليس ممكنا زيادة الضغط على الشركة الظالمة سوى بتضامن جماعات أخرى من الأجراء، وأولهم أجراء قطاع الطرق السيارة، وكذا قطاعات من المركزية النقابية التي ينتمي اليه العمال المظلومون.

وهنا مع الاسف الشديد، تم ترك عمال الحراسة والصيانة بالطرق السيارة  لمصيرهم الكارثي. فقد واصل باقي اجراء القطاع العمل غير مهتمين بمصير رفاقهم في الكدح. وظلت المركزية النقابية دون الحد الأدنى من حشد التضامن مع شغيلة الطرق السيارة المعرضين للتشريد.

وبوسع المتتبع أن يتوقع هذا الموقف بالنظر لضعف الوعي النقابي الحقيقي في القطاع رغم وجود نقابات لمختلف فئات الأجراء، ولما يسود المركزية النقابية من ضعف تقاليد المآزرة، بل حتى سعي الى التخلص من القطاعات المتخبطة في مشاكل.

ومن العلامات المنذرة بما حصل من غياب للتضامن في القطاع أنه تأسس في ابريل العام 2017 تنسيق بين نقابات القطاع التالية :

  • النقابة الوطنية لمستخدمي مراكز الاستغلال للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل
  • الجامعة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب
  • المنظمة الديمقراطية للطرق السيارة بالمغرب، تحت لواء المنظمة الديمقراطية للشغل.

فكان ان وجهت النقابة الوطنية لعمال الصيانة والأمن الخاص بالطرق السيارة بالمغرب رسالة مفتوحة الى هذا  التنسيق يوم 15 ابريل 2017، للتعبير عن استعدادها  التام للانخراط في كل الخطوات النضالية المقبلة والمساهمة بكل قوة في انجاحها.

لم تجد الرسالة المفتوحة أي أذن صاغية من قبل  الجهات الموجهة اليها. و تأكد التنكر لمبدأ التضامن النقابي لما وجهت نقابة أجراء الصيانة والامن الخاص نداء بتاريخ 10 مايو 2017 الى الفاعلين النقابيين في قطاع الطرق السيارة، لقيت نفس مصير الرسالة المفتوحة.

وقد جاء في النداء:” لا شك أن حجم المعركة سيكبر بالنظر لتعنت الإدارة، ما يستوجب رص الصفوف وتقوية القدرة على النضال بتوحيد خطواته. لذا نجدد استعدادنا للتعاون والنضال المشترك ونأمل موقفا موحدا من كافة الفاعلين النقابيين. إنها مسؤولية تاريخية تقع على كاهلنا جميعا في هذه اللحظة ، فلنكن أهلا بها.

أ وفعلا كما جاء في النداء كبر حجم المعركة ، وبات زهاء الف من اجراء مراكز استغلال الطرق السيارة [محطات الاداء] يواجهون مصيرا مجهولا، لم تسعفهم اكذوبة “الميثاق الاجتماعي” الذي اشرفت على توقيعه بينهم وبين  شركة الطرق السيارة وزارة الداخلية.

“الميثاق الاجتماعي” أخبر  به بلاغ نقابة  جراء مراكز الاستغلال يوم 21 مارس 2018.

وبدل نشره للمعنيين و للرأي العام العمالي، اكتفى البلاغ  بوصفه” بأنه ” يأخذ بعين الاعتبار حقوق ومطالب الأجراء ومصالح شركة الطرق السيارة”. وختم بدعوة المناضلين والمناضلات إلى وقف كل أشكال الاحتجاج والتعبئة لتحسين جودة الخدمات وبناء مستقبل الشركة.

وكان الكاتب الوطني لنقابة أجراء  مراكز الاستغلال قد صرح لجريدة العمق آنذاك أن “الميثاق أنهى جميع مشاكل القطاع بعد أربع سنوات من التفاوض” و”أننا فتحنا صفحة جديدة ونسينا الماضي” .

بعد أزيد من ثلاث سنوات من توقيع “الميثاق الاجتماعي”، تأكد أن الإدارة ناورت وربحت وقتا ثمينا،  وأوقفت نضال الأجراء بوعود لم تنفذ.

وها هو، بعد كل هذه المدة  من توقيع الميثاق الأكذوبة  بيان نقابات اجراء القطاع الثلاثة المنضوية في الاتحاد المغربي للشغل [مراكز الاستغلال+ الاداريون والتقنيون+ الاطر] ]سجل يوم 8 يوليوز 2021 “عدم وفاء الادارة بما التزمت به وتكتمها حول مصير العديد من الاجراء”.

يدفع عمال الصيانة والأمن الخاص ثمن ضعف التضامن العمالي داخل القطاع، ومن خارجه، وكل المؤشرات دالة أن الضربة ستنزل تباعا على باقي أجراء الطرق السيارة بكل فئاتهم. فانعدام الوحدة النضالية، و الركض وراء الاوهام التي تنشرها الادارة ووعودها الكاذبة، بإشراف وزارة الداخلية، وتجميد الاداة النقابية بدعوى  “طي الصفحة ونسيان الماضي”، كلها عناصر مقدمة لهزيمة مضمونة، تتحمل مسؤوليتها القيادات النقابية وسلبية قسم مهم من القاعدة العمالية نفسها.

إن لعمال الصيانة والامن الخاص بالطرق السيارة شرف خوض المعركة بكل صمود ومقاومة عنيدة، في عزلة شبه تامة، ومهما كانت نتيجة معركتهم، يجب ان تكون درسا لكافة الاجراء، وبالدرجة الاولى للمناضلين النقابيين.

إن مهمة تكريس تقاليد تضامن عمالي حقيقية مهمة لا تزال امامنا.

المراسل

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا