لماذا تعتقل الدولة مناضلي الحسيمة؟
قامت أجهزة القمع باعتقال قرابة 28 مناضلا من مدينة الحسيمة، مباشرة بعد صدور أمر وكيل الملك باعتقال المناضل الزفزافي بدعوى عرقلته لصلاة الجمعة يوم 26 ماي 2017.
استعمال الدولة لمنابر المساجد لتمرير خطابها وتجريم النضال الاجتماعي والسياسي، وهو ما ليس جديدا في التاريخ السياسي للاستبداد الملكي بالمغرب، كما ليس جديدا استعمال الملكية للإسلام في مواجهة الأحزاب المعارضة [حل الحزب الشيوعي بمبرر تناقض أيديولوجيته مع الإسلام، تهديد البرلمانيين الاتحاديين المنسحبين من البرلمان الممددة سنوات ولايته نهاية السبعينات].
ماذا تريد الدولة من هذه الاعتقالات؟
سواء جرت واقعة عرقلة خطيب الجمعة أو لم تقع، فإن الدولة كانت مستعدة لشن حملة الاعتقالات، وبلوائح معدة سلفا بأسماء الذين سيجري اعتقالهم، ولو لم تقع هذه الحادثة لبحثت الدولة عن مبررات أخرى لشن حملة الاعتقالات.
تسعى الدولة بهذه الاعتقالات إلى تحقيق جملة غايات ستسهل لها مأمورية القضاء على الاحتجاج بالريف، مع إضفاء الشرعية على هذا القمع وجعله مقبولا لدى القاعدة العريضة التي تبدي لحدود الآن تضامنا- وإن كان غير فعال- مع النضال بالريف.
هذه الغايات هي:
= حرمان الاحتجاج بالريف من طلائعه المسيسة والمجربة، سيجعل الجماهير دون قيادة، وستتشتت نضالاتها في ردود فعل غير محسوبة، سرعان ما ستتبخر.
= بث الرعب في شرائح الجماهير التي لم تلتحق بعد بالنضال، ومنعها من ذلك. فالجماهير لا تلتحق دفعة واحدة بالاحتجاج والنضال، هناك دائما شرائح أكثر تخلفا ولا تلتحق بمعمعان القتال إلى إذا تأكدت من إمكانية النصر، والعسكرة والتهديد والاعتقالات موجهة لمنع هذه الشرائح من النضال أو على الأقل تحييدها.
= استفزاز الجماهير من خلال اعتقال طلائع النضال، وذلك قصد دفعها للإقدام على ردود فعل عنيفة ضد أجهزة القمع، واستغلال ذلك لمزيد من القمع والاعتقال بمبرر الحفاظ على الأمن العام ومواجهة تخريب الممتلكات العامة [سيارات الشرطة!!].
كم مرة تبددت طاقات النضال لدى الشباب في مواجهات عقيمة مع قوات القمع، و”حرب شوارع” تصنع أبطالا سرعان ما تخبو بطولتهم، لأنها لم تمتزج بفعل جماهيري جبار وضخم يهزم جهاز الدولة على التواري، كما يقع دائما حينما تنزل الجماهير بالآلاف إلى ساحة النضال، فتفضل قوات القمع التواري، في انتظار فرصة أخرى.
يكمن شرط الحفاظ على نضال كادحي وكادحات الريف في المزيد من تقوية تنظيمات النضال وحفز تحركات السكان القاعدية من أسفل، والحرص على عدم التورط في لعبة الدولة من جر نحو العنف تجاه رجال القمع.
ليس اعتقال مناضلي الريف الثماني والعشرين إلا بداية قمع أشمل وأوسع، وسيكون أقسى. فكلما كان النضال جماهيريا وكان تحديه للاستبداد أقوى كان رد فعل هذا الأخير أكثر شراسة.
لا ضمانة لاستمرار نضال كادحي الريف، ولا ضمانة للسلامة الشخصية لطلائع النضال هناك، إلا بالمزيد من توسيع مشاركة الجماهير، وانتقال النضال إلى باقي مناطق المغرب، ليس تضامنا فقط، ولكن نضالا وطنيا ضد جهاز الدولة البرجوازي؛ من أجل حرية الاحتجاج ومن أجل المطالب الاقتصادية والاجتماعية.
الحرية لمعتقلي الريف وكل معتقلي النضال الاجتماعي والسياسي بالمغرب.
اقرأ أيضا